لماذا رفضت واشنطن توقيع بيان «مؤتمر باريس لدعم سوريا»؟

فرنسا عدّته «ناجحاً» والمؤتمرون متمسكون بآلية «سناب باك»

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو مترئساً أعمال المؤتمر (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو مترئساً أعمال المؤتمر (إ.ب.أ)
TT

لماذا رفضت واشنطن توقيع بيان «مؤتمر باريس لدعم سوريا»؟

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو مترئساً أعمال المؤتمر (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو مترئساً أعمال المؤتمر (إ.ب.أ)

تؤكد مصادر فرنسية أن مؤتمر دعم سوريا، الذي استضافته باريس، الخميس، وضم دولاً عربية وأوروبية وتركيا والولايات المتحدة الأميركية واليابان وهيئات إقليمية ودولية، جاء «ناجحاً»؛ أولاً لجهة الحضور الموسع الذي حرص عليه المنظمون، وثانياً بسبب التوافق على إعلان وقعه جميع الحاضرين باستثناء ممثل الإدارة الأميركية. ومن جهة ثالثة لأنه حصل بحضور ممثل السلطة الانتقالية في سوريا وزير الخارجية أسعد الشيباني، وكانت المرة الأولى التي يُدعى فيها لمؤتمر من هذا النوع.

وتحرص باريس على وضع المؤتمر في إطار ما تسميه «النسخة الثالثة من مؤتمر العقبة» الذي استضافه الأردن بداية، ثم المملكة السعودية بعده، في نسخته الثانية.

وبحسب باريس، فإن الأمل بصدور بيان مقبول إجماعياً باستثناء دولة مشاركة واحدة لم يكن متوقعاً، بل إن جان نويل بارو، وزير الخارجية الفرنسي، استبق الأمر ونبه الحضور في كلمته الافتتاحية إلى أن باريس تأمل بصدور بيان جماعي، وإذا تعذر ذلك فإنه سيصدر بياناً باسمه؛ لكونه رئيساً للمؤتمر.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في حديث هامس مع وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان بمناسبة مؤتمر سوريا الخميس (إ.ب.أ)

والأمر الآخر الذي تنظر إليه فرنسا على أنه مؤشر لنجاح المؤتمر يعود لكون الإعلان المطول الذي وزع ليل الخميس – الجمعة، لم يتوقف عند المبادئ العامة، بل دخل في التفاصيل، ويمكن النظر إليه على أن المؤتمرين شرحوا ما هم مستعدون للقيام به من أجل مساعدة سوريا على كل المستويات، لكنهم بالمقابل رسموا لها «خريطة طريق» يتعين على سلطاتها التقيد بها من أجل دوام المساعدة. وأفادت هذه المصادر بأن المبدأ الذي سار عليه الأوروبيون هو مبدأ «سناب باك»؛ أي القدرة على التراجع عن الإجراءات التي يقدمون عليها إذا تبين لهم أن السلطة السورية لا تتجاوب مع تطلعاتهم ومطالبهم.

تحفظ واشنطن

لا يبدو أن باريس قد تفاجأت بسب رفض رئيس مكتب الشرق الأوسط في الخارجية الأميركية التوقيع على «الإعلان» الذي وقعه جميع المشاركين. والسبب في ذلك «تحفظ» واشنطن إزاء «هيئة تحرير الشام» التي تدير سوريا راهناً، عبر رئيسها أحمد الشرع والهيئات التي تشكلت منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ووفق القراءة الفرنسية، فإن التحفظ الأميركي ليس مصدره مضمون «الإعلان» بل زمنيته. والمقصود بذلك أن الإدارة الأميركية بصدد النظر في السياسة التي تنوي السير بها إزاء النظام الجديد، وأن هذه العملية لم تنته بعد، ما يدفعها إلى الانتظار وعدم الارتباط بالتزامات لم تقرها بعد على المستوى الوطني. وأكثر من ذلك، فإن الطرف الأميركي يجد صعوبة في التعامل مع الشرع الذي فرضت عليه عقوبات، وأدرجت «هيئة تحرير الشام» التي يتزعمها على لائحة الإرهاب، وهو ما فعله الاتحاد الأوروبي أيضاً، والتي على رأسها وصل إلى دمشق، وتسلم سلطة الأمر الواقع فيها.

الرئيس الفرنسي ماكرون يلقي كلمة الختام مساء الخميس في مؤتمر دعم سوريا (إ.ب.أ)

الحقيقة أن «التحفظات» الغربية يمكن تفهمها؛ إذ إنها ترى أن ما صدر عن السلطة الجديدة في دمشق مجرد وعود والتزامات شفهية، وأن المطلوب أكثر من ذلك. لكن فرنسا ترى، على المستوى الفردي، أن الأمور في سوريا تسير في الاتجاه الصحيح، وأنه بالتالي يتعين على «منتقدي» هذه السلطة أن يمنحوها المزيد من الوقت باعتبار أنها موجودة منذ شهرين لا أكثر، وأن الملفات التي عليها التعامل معها؛ إن على الصعيد الأمني أو على صعيد بناء المؤسسات بما فيها الجيش والمؤسسات الأمنية والإدارية، تتطلب الكثير من الوقت.

مواكبة سوريا الجديدة

تدفع هذه القراءة الدول المعنية بسوريا إلى الحرص على «مواكبتها» في العملية الانتقالية؛ بمعنى أن هذه المواكبة يمكن أن تشكل حافزاً للسلطة الجديدة لأن تبقى في سياق المتوقع منها. ومن هذا المنطلق، يمكن تفهم مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الداعية إلى إعطاء أهمية أكبر للمؤتمر، من خلال مشاركته الشخصية فيه، وإلقاء كلمة الختام التي ضمنها التزامات فرنسية بتوفير الدعم الأمني لسوريا في محاربة الإرهاب، ودفع الدول إلى رفع العقوبات عنها، والحث على عدم تحميل هذه السلطة أكثر مما تحتمل. وما يريده ماكرون هو بروز سوريا «متحدة، وسيدة تحترم تماماً جميع مكوناتها» الطائفية والمذهبية، فضلاً عن تمكنها من «فرض سيادتها على حدودها، والتخلص من التدخلات الخارجية التي أساءت إلى السوريين كما أساءت إلى دول الجوار، والمساهمة المباشرة في توفير استقرار المنطقة وأمن الجميع، من خلال مواصلة الحرب على الإرهاب».

الوزير بارو مستقبلاً وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قبل بداية المؤتمر (أ.ف.ب)

يريد الأوروبيون انتهاج مبدأ رفع العقوبات «القطاعية» التي فرضوها على سوريا بـ«التدرج»، رغم تيقنهم من أن إنهاض سوريا لا يمكن أن يتم من غير رفع العقوبات، ومن غير مساعدات كبيرة خارجية. والحال أن العقوبات الأوروبية التي اتفق الأوروبيون على رفعها عن قطاعي النفط والنقل لم تدخل حيز التنفيذ، وتحتاج إلى التوافق على الإجراءات القانونية والعملية لإطلاقها. وخلال المؤتمر وما سمع من السلطات الفرنسية، تبدو باريس الأكثر إسراعاً وحماسة لدعم سوريا الجديدة. وأكبر دليل على ذلك دعوة الشرع لزيارتها رسمياً، بحيث تكون أول عاصمة غربية يحط فيها، وعزمها على إعادة افتتاح سفارتها في دمشق قريباً.

مخاوف الغربيين

كان خوف الغربيين الأكبر أن تنساق سوريا إلى ما انساق إليه العراق بعد إسقاط حكم صدام حسين أولاً، وليبيا بعد انهيار نظام القذافي ومقتله، بأن تعم الفوضى وتتفتت البلاد. ورغم الاعتراف بأن هناك أموراً تحصل في سوريا، في إشارة إلى التصفيات التي جرت بعيداً عن أي محاكمة، فإن الشعور العام أن الأمور ما زالت في حدود المعقول. والخوف الأكبر اليوم عربياً وإقليمياً وغربياً عودة تنظيم «داعش» إلى الواجهة، مستفيداً من التغير السياسي الذي حصل.

من هنا، فإن باريس، ومعها الأطراف الأوروبية الأخرى، تريد من السلطات أن تركز جهودها على محاربة كافة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش»، وأن ينخرط العراق في هذه الحرب. وبالتوازي، فإن باريس تعرض خدماتها للمساهمة في هذه الحرب، علماً بأن التحالف الدولي الذي كان قائماً لمحاربة «داعش» قبل انهيار التنظيم تماماً في عام 2019 ما زال قائماً، ويمكن استخدامه لمنع التنظيم الإرهابي من التمدد. وثمة اعتبار أن أحد الأساليب لجعل الولايات المتحدة أكثر تقبلاً للسلطة الجديدة هو أن تطلب هذه الأخيرة من واشنطن المساعدة في مواجهة «داعش».



عبد العاطي لـ«الشرق الأوسط» : مصر والسعودية جناحا الأمة ينصلح الحال دونهما

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي لـ«الشرق الأوسط» : مصر والسعودية جناحا الأمة ينصلح الحال دونهما

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

وصف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي العلاقات المصرية - السعودية بـ«المتميزة»، وقال إن القاهرة والرياض هما جناحا الأمة، و«لن ينصلح الحال من دونهما». وتابع عبد العاطي في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «التنسيق على المستوى السياسي في أبهى وأفضل حالاته، وقريباً سيتم عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي».

وحمّل الوزير المصري إسرائيل مسؤولية تعثر الانتقال للمرحلة الثانية من «اتفاق غزة»، مضيفاً أن القاهرة تُعوّل على قيادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنفاذ الاتفاق، ومشيراً إلى اتصالات إيجابية وحوار مستمر مع واشنطن.

وأكد عبد العاطي أهمية دور «مجلس السلام العالمي» في تعبئة وحشد الموارد المالية الخاصة بتنمية غزة وإعادة إعمارها والتعافي المبكر، ومراقبة صرف أموال إعادة الإعمار


إسرائيل تدفع لإعدام 100 من عناصر «القسام»

 مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)
مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تدفع لإعدام 100 من عناصر «القسام»

 مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)
مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)

دفع مسؤولون إسرائيليون، أمس، في اتجاه إنشاء محكمة عسكرية خاصة، وتكييف الملابسات والاتهامات التي تُفضي إلى إعدام 100 من عناصر وحدة «النخبة» التابعة لـ«كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، لدورهم في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وناقش وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ووزير العدل ياريف ليفين، إمكانية إنشاء المحكمة المخصصة لمحاكمة 450 من عناصر «القسام» الذين تعتقلهم إسرائيل منذ بداية الحرب.

وتحدث مسؤولون مطلعون على الملف لوسائل إعلام عبرية بأن «أصحاب التهم الخطيرة ممن ستطلب بحقهم النيابة العسكرية أحكاماً بالإعدام هم 100 شخص».

وحضر مسؤولون كبار من الجيش الإسرائيلي ووزارة العدل النقاش، بمن فيهم المدعي العام العسكري إيتاي أوفير، وذلك لبحث إنشاء إطار قانوني خاص لمحاكمة عناصر «النخبة». وقال كاتس: «تلتزم إسرائيل بمعاقبة مرتكبي الهجوم بطريقة تجعل الأمر واضحاً لا لبس فيه، أي شخص يلحق الأذى بالمدنيين الإسرائيليين ستحاسبه بالكامل». وحسب المسؤولين الإسرائيليين فإن النيابة العسكرية ستطلب أحكاماً بالإعدام، وفي الغالب سيُنفذ الحكم بالرصاص، بعدما رفضت نقابة الأطباء قتلهم بالسم.

وقالت «القناة 14»، التي أوردت النبأ، إن «السلطات المختصة تحتجز هؤلاء في موقع عسكري خاص تحت الحراسة المشددة، وفي ظروف اعتقال تُثير حفيظة مؤسسات الحقوق الدولية».


حراك أميركي لاحتواء «خلافات الشرعية» اليمنية

السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)
السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)
TT

حراك أميركي لاحتواء «خلافات الشرعية» اليمنية

السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)
السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)

دخلت الولايات المتحدة على خط إنهاء التوتر في مناطق الشرعية اليمنية، إذ أظهرت سلسلة لقاءات واتصالات أجراها سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاغن مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني اتجاهاً أميركياً نحو تثبيت الشراكة السياسية، والأمنية مع الحكومة اليمنية، واحتواء الخلافات داخل معسكر الشرعية، والالتزام بدعم وحدة الحكومة.

وشملت هذه التحركات لقاءً جمع السفير فاغن برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، أعقبه لقاء آخر مع عضو المجلس الشيخ عثمان مجلي، إلى جانب اتصال مرئي مع عضو المجلس اللواء سلطان العرادة، في سياق مشاورات تناولت مسار العلاقات الثنائية، والتطورات السياسية، والعسكرية، والملفات ذات الأولوية، وفي مقدمهتا مكافحة الإرهاب، والتعامل مع تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق ما صدر عن هذه اللقاءات، فقد جرى التطرق إلى المستجدات في المحافظات الشرقية، وما رافقها من إجراءات أحادية، والجهود الإقليمية، التي تقودها السعودية والإمارات، لاحتواء التوتر، وإعادة تطبيع الأوضاع، بما يحافظ على التوافق داخل إطار الشرعية.