الشرع: تجربتي في العراق علمتني ألا أخوض حرباً طائفيةً

قال في حوار مع بودكاست بريطاني: يجب على الغرب إعادة النظر في رؤيته لسوريا

حوار الرئيس أحمد الشرع في دمشق مع أليستر كامبل، المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وروري ستيورات، الوزير البريطاني المحافظ السابق (حساب البودكاست)
حوار الرئيس أحمد الشرع في دمشق مع أليستر كامبل، المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وروري ستيورات، الوزير البريطاني المحافظ السابق (حساب البودكاست)
TT

الشرع: تجربتي في العراق علمتني ألا أخوض حرباً طائفيةً

حوار الرئيس أحمد الشرع في دمشق مع أليستر كامبل، المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وروري ستيورات، الوزير البريطاني المحافظ السابق (حساب البودكاست)
حوار الرئيس أحمد الشرع في دمشق مع أليستر كامبل، المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وروري ستيورات، الوزير البريطاني المحافظ السابق (حساب البودكاست)

قال الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إنه وضع لنفسه شرطين عندما عاد إلى سوريا بعد الإفراج عنه من سجون العراق؛ أولهما عدم تكرار تجربة العراق في حرب طائفية، وأن يكون التركيز فقط على محاربة النظام.

جاء ذلك في مدوَّنة صوتية (بودكاست) مع أليستر كامبل، المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وروري ستيورات، الوزير البريطاني المحافظ السابق، اللذين التقيا الشرع مؤخراً في دمشق، وقدما للحوار بعبارة «كيف تحول أحمد الشرع من مقاتل سجين في تنظيم (القاعدة) إلى زعيم سوريا».

الشرع قال إن تنظيم «القاعدة» في العراق «فوجئ بنهجنا، حيث كانوا يريدون تكرار ما فعلوه في العراق، لكنني رفضت ذلك بشدة. وهذا أدى إلى صراع كبير بيننا قتل خلاله أكثر من 1200 من مقاتلينا، وخسرت 70 في المائة من قواتي. لكننا أعدنا تنظيم صفوفنا، وظللنا مركزين على قتال النظام، كما كان علينا التعامل مع تهديدات من أطراف أخرى مثل (داعش) والجماعات المشابهة».

وفي رد على تساؤل أنه الآن في هذا القصر الذي كان الأسد فيه. لقد كنت مقاتلاً، وسجيناً، ومحارباً، وزعيماً، والآن أنت رئيس؟ أجاب: كنتُ مقاتلاً، ليس لأنني أردت القتال. واليوم أنا رئيس، لكن ليس لأنني أردت أن أصبح رئيساً.

تجربة حرب العراق

تحدث الرئيس السوري عن غضب تملكه وهو شاب في أولى مراحل الجامعة، من قمع وحشي لمدة 60 عاماً عانى منه السوريون، إذ تم تدمير المجتمع السوري بشكل منهجي، وعندما اندلعت الحرب في العراق، شعر أن عليه الذهاب إلى هناك.

كان الشرع مقاتلاً في العراق لمدة 3 سنوات، ثم قضى 5 سنوات في السجن. يسأله البريطانيان كيف غيّره السجن، وماذا تعلم منه... وكيف تمكن من الصعود سريعاً عبر صفوف مختلف الفصائل؟

الفنانة السورية تمارا بسام أبو علوان ترسم جدارية في دمشق تحتفل بالإطاحة بالرئيس بشار الأسد (رويترز)

يقول: «كنتُ في التاسعة عشرة من عمري تقريباً عندما بدأت أدرك مدى القمع الذي كان موجوداً في سوريا. كنت أرى حالة البلاد المتدهورة، والطريقة المروعة التي كان يدير بها النظام السابق البلاد. شعرت بألمٍ عميقٍ تجاه العبء الذي كانت تحمله دمشق، وكيف كان النظام يسيء إلى المجتمع السوري، وإلى هذه المدينة العريقة».

وتابع القول: «كنت مقتنعاً بأن هذا النظام يجب أن يسقط، لكن لم تكن لدينا آنذاك الوسائل أو الخبرة الكافية لتحقيق ذلك. لذلك، قررت الذهاب إلى أي مكان يمكنني فيه اكتساب الخبرة. وفي الوقت ذلك، كان الأميركيون يستعدون لدخول العراق، وكان هناك رد فعل عربي وإسلامي قوي ضد ما كانت تفعله الولايات المتحدة».

ويوضح الشرع لمحدثيه: «يجب أن تتذكرا أنني كنت شاباً حينها، وكانت لدي طريقة تفكير مختلفة. لذلك، ذهبت إلى العراق وعملت مع مجموعات مختلفة. ومع مرور الوقت، بدأت هذه الجماعات تتقلص تدريجياً وتندمج في تنظيم (القاعدة). وهكذا وجدت نفسي في صفوف (القاعدة)».

تصوير مسلسل لموسم رمضان القادم في دمشق القديمة بعنوان «بنات الباشا» (أ.ف.ب)

خلال هذه الرحلة على مدار 22 عاماً، قال الشرع إن الأمر الأساسي الذي تعلمه من تجربته في العراق، أن السياسات يجب أن يعاد النظر فيها باستمرار إذا كنا نريد تجنب تكرار الأخطاء نفسها. وانتقد السياسات الغربية تجاه الشرق الأوسط في ذلك الوقت «كانت خاطئة وتحتاج إلى تغيير. لا نريد أن تدفع شعوب المنطقة ثمن قرارات سيئة كل 10 سنوات».

رجل سلام!

وسُئل الشرع إن كان يريد أن يقدم نفسه للعالم رجل سلام؟ وكيف ينوي بناء علاقات مع الدول التي لا تزال شديدة الريبة تجاهه؟ أجاب: «في منطقتنا، نحن تعبنا من الحروب، خصوصاً في سوريا. الإنسانية لا يمكنها أن تعيش دون السلام والأمان، هذا ما يبحث عنه الناس، وليس الحرب. هناك أمور كثيرة يمكن أن تجمع الشعوب وتؤدي إلى حلول سلمية دون اللجوء إلى القتال. ما يوحدنا كبشر في السلام أكبر بكثير مما يفرقنا في الحرب».

القيادة السورية الجديدة تسعى لدمج الفصائل في جيش سوري موحد ديسمبر الماضي (سانا)

فصائل «هيئة تحرير الشام»

ويسـأل طرفا البودكاست عن تحدٍ عملي داخل «هيئة تحرير الشام» التي كانت تضم حركات متعددة، وبعضها أكثر تطرفاً، وربما هناك من يشعر بالغضب من جلوسك معنا هنا. كيف ستتعامل، وأنت الآن رئيس، مع كل هذه الفصائل القديمة، بما فيها الأكثر تشدداً؟

يجيب أحمد الشرع، القول بأن جلوسي معكم هنا أمر غير مسموح به هو مبالغة كبيرة. الأمر ليس بهذا السوء. لقد استخدمت الإقناع والحوار مع جميع هذه الأطراف حتى توصلنا إلى صيغة مناسبة ومقبولة تمكننا من التعايش معاً، وتحقيق أهداف الثورة دون الحاجة إلى الاقتتال فيما بيننا... الكثيرون وافقوا على هذا النهج.

طفلة تحمل علم الاستقلال السوري (معتمد حالياً) تطل من نافذة حافلة تقل نازحين سوريين عادوا من ريف حلب إلى مدينة حمص 10 فبراير (أ.ف.ب)

دستور وانتخابات

وعن «المؤتمر الوطني»، وضمان وجود دستور، وإجراء انتخابات في إطار زمني واضح؟

قال الشرع إن سوريا تمر بعدة مراحل، وكانت الأولوية لاستقرار الحكومة، ومنع انهيار مؤسسات الدولة. جهزنا حكومة إدلب لتكون مستعدة لتولي السلطة بمجرد سيطرتنا على دمشق. خصصنا مدة ثلاثة أشهر لهذه المرحلة. ثم سننتقل إلى المرحلة التالية، التي تشمل إعلاناً دستورياً، وعقد المؤتمر الوطني، وتعيين الرئاسة.

لقد قمنا بتعيين رئيس وفقاً للاتفاقيات الدولية. وبعد التشاور مع خبراء دستوريين، قامت القوات المنتصرة بتعيين الرئيس، وإلغاء الدستور السابق، وحل البرلمان القديم.

وتابع: «الآن سوف ننتقل إلى الحوار الوطني، الذي سيشمل مجموعة واسعة من الأطراف، بهدف وضع توصيات تمهد الطريق لإعلان دستور جديد. سيتم تشكيل برلمان مؤقت، وسيكون هذا البرلمان مسؤولاً عن إنشاء لجنة دستورية تتولى صياغة الدستور الجديد».

ترمب وغزة

فيما يتعلق بتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن نقل الفلسطينيين في غزة إلى مصر والأردن، قال الشرع: «أؤمن بأنه لا توجد قوة قادرة على إجبار الناس على مغادرة أرضهم. العديد من الدول حاولت القيام بذلك، لكنها جميعاً فشلت، خصوصاً خلال الحرب الأخيرة على غزة. على مدار العام ونصف العام الماضيين، تحمل الشعب الفلسطيني الألم والقتل والدمار، ومع ذلك رفض مغادرة أرضه».

وتابع أنه على مدى أكثر من 80 عاماً من هذا الصراع، فشلت جميع المحاولات لتهجير الفلسطينيين قسراً. وأولئك الذين غادروا، ندموا على قرارهم. الدرس الذي تعلمته الأجيال الفلسطينية المتعاقبة هو أهمية التمسك بأرضهم وعدم الرحيل عنها.

الرئيس الشرع يلتقي وفداً من الخبراء السوريين الأميركيين بوادي السيليكون يوم الاثنين (سانا)

نموذج اقتصادي

وسُئل الرئيس السوري أحمد الشرع عن النموذج الاقتصادي العالمي الذي يثير اهتمامه أكثر، وتسمية دولة معينة يستلهم منها فيما يتعلق بالإدارة الاقتصادية، فقال إنه راجع عدة دول شهدت نمواً اقتصادياً، مثل سنغافورة، والسعودية، والبرازيل في بعض الفترات، ورواندا التي تجاوزت تحديات كبيرة في مسار تنميتها. ولفت إلى أن لكل دولة سياقها الخاص الذي يتشكل بناءً على تحدياتها الخاصة ومرحلة تطورها. وأنه بينما يمكن استخلاص دروس قيمة من هذه الأمثلة، «لا يجب أن نكررها بشكل أعمى».

وبدلاً من ذلك، نحتاج إلى تكييف ودمج هذه الدروس لتطوير نهج يناسب الوضع الفريد في سوريا.

حلّ الجيش والشرطة

وسئل الشرع عن حل جهازي الشرطة والجيش، ما يذكر قليلاً بما حدث في العراق بعد إزالة «البعث»، وعن كيفية مواجهة هذه المشكلة، فأجاب أن هناك اختلافات كبيرة بين الوضع في سوريا وفي العراق، وأن المقارنات دائماً تظهر فروقات كبيرة. ونوه إلى أنه لم يقم بحل الجيش السوري «دون أن أكون قد جهزت بديلاً»، وهي مؤسسة قائمة وأكاديمية عسكرية تُخرج الضباط. وأن العديد من الضباط المنشقين بدأوا بالانضمام بالتدريج إلى وزارة الدفاع الحالية.

وأوضح الشرع أن جيش النظام السابق لم يكن يشبه الجيش العراقي. كان مجزءاً، مع وجود عديد من الميليشيات والتدخلات الخارجية من إيران وروسيا. الجيش كان مفككاً وسقط. وكان العديد من الشبان يهربون من سوريا لتجنب التجنيد الإجباري، لذلك لم يكن للجيش أي أهمية كبيرة بالنسبة للسوريين.

اليوم، لم أفرض التجنيد الإجباري في سوريا. بل اخترت التجنيد الطوعي. واليوم، الآلاف ينضمون إلى الجيش السوري الجديد.

عقلية الثائر لا تبني دولة

وعما إذا كان لا يزال يعتبر نفسه ثائراً، قال الشرع إن العقلية الثورية لا يمكنها بناء دولة. «أنت بحاجة إلى عقلية مختلفة عندما يتعلق الأمر ببناء دولة وإدارة مجتمع كامل. بالنسبة لي، انتهت الثورة بمعناها السابق مع إسقاط النظام».

ويوضح الشرع: «اليوم انتقلنا إلى مرحلة جديدة تتعلق بإعادة بناء البلاد، والتنمية الاقتصادية، والسعي نحو الاستقرار والأمن الإقليمي، وطمأنة الدول المجاورة، وإقامة علاقات استراتيجية بين سوريا والدول الغربية والدول الإقليمية».

سوريون يتابعون كلمة أحمد الشرع في مقهى الروضة الدمشقي الشهر الماضي (الشرق الأوسط)

وعن موقفه مما تقوله وسائل الإعلام الغربية عنه، عدَّ أحمد الشرع أن سوريا بلد حاسم بموقع استراتيجي له تأثير عالمي. في الماضي، كان النظام يهدف عمداً إلى تهجير السوريين إلى أوروبا وتجارة الكبتاغون إلى أوروبا والمنطقة. كما استخدمت دمشق قاعدة لزرع مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة بسبب الدور السلبي للغاية الذي كانت تلعبه بعض الدول داخل سوريا.

غير أنه يشدد على أن وضع سوريا تغير بشكل جذري، وأصبحت منطقة جديدة بمستقبل واعد. وسوف تلعب سوريا دوراً كبيراً في استقرار المنطقة من خلال التنمية الاقتصادية. وستكون مركزاً رئيسياً في قطاعات مثل الزراعة والصناعة والتجارة، لافتاً إلى أن سوريا تقع على طريق الحرير التاريخي، ومن المتوقع أن يزدهر التبادل التجاري بين الشرق والغرب مرة أخرى.

وأنهى حديثه بالقول إنه يجب على الغرب إعادة النظر في رؤيته لسوريا من هذه الزاوية.


مقالات ذات صلة

إدانات واسعة للهجوم الإرهابي على مسجد في حمص السورية

المشرق العربي آثار الانفجار في مسجد علي بن أبي طالب بحمص (د.ب.أ) play-circle

إدانات واسعة للهجوم الإرهابي على مسجد في حمص السورية

أدانت السعودية والعراق وتركيا والأردن ولبنان وقطر ومجلس التعاون الخليجي، الجمعة، الهجوم «الإرهابي» على مسجد في حي وادي الذهب بمدينة حمص السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

«الخارجية» السورية: المباحثات مع «قسد» لم تسفر عن نتائج ملموسة

قال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السورية، اليوم الجمعة، إن المباحثات مع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) لم تسفر بعدُ عن نتائج ملموسة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الدمار يظهر داخل مسجد في مدينة حمص بوسط سوريا جراء الانفجار (سانا) play-circle

8 قتلى بانفجار داخل مسجد في حمص بسوريا تبنته «سرايا أنصار السنّة»

قُتل ثمانية أشخاص على الأقل في أثناء صلاة الجمعة، جراء انفجار داخل مسجد بحيّ ذي غالبية علوية بوسط سوريا تبنّته مجموعة متطرفة في أعمال عنف جديدة طالت هذه الأقلية

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مركبات مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي تغلق طريقاً يؤدي إلى بلدة القنيطرة بسوريا في 5 يناير 2025 (أ.ب)

قوات الجيش الإسرائيلي تجدد اعتداءها على الأراضي السورية

جددت قوات الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، اعتداءها على الأراضي السورية، حيث أقدمت على إطلاق النار باتجاه مناطق في ريف القنيطرة.

«الشرق الأوسط» (دمشق )
المشرق العربي عنصر في العمليات العسكرية السورية أمام مدخل قاعدة حميميم الروسية في محافظة اللاذقية - 29 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تقرير: سوريا تريد تحقيق توازن بين الوجودين التركي والروسي

نقل تلفزيون «آي 24 نيوز» الإسرائيلي عن مصادر سورية، أن دمشق تريد تحقيق توازن بين الوجودين التركي والروسي على أراضيها للوصول لاتفاقية أمنية مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)
TT

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

أقرت الحكومة اللبنانية، الجمعة، مشروع قانون استرداد الودائع المالية المجمدة في المصارف منذ عام 2019، وسط انقسام بالتصويت داخل مجلس الوزراء، ما يقدم صورة مسبقة عن الصعوبات التي تحيط بإقرار القانون في البرلمان، حيث صوتت كتل سياسية أساسية تمتلك نفوذاً واسعاً في مجلس النواب، ضدّ المشروع الذي مرره تأييد وزراء «الحزب التقدمي الاشتراكي» والمحسوبون على رئيس الحكومة نواف سلام.

وبدا أن الحكومة رمت بكرة اللهب إلى ملعب البرلمان، حيث سيخضع مشروع القانون لدراسة معمقة في لجنة المال والموازنة واللجان المشتركة، قبل إحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب. ومهّدت الاعتراضات السياسية بعد الإعلان عن إقراره، لشكل الاعتراض عليه قانونياً في البرلمان، مما يهدد بإطالة البحث فيه، أو إخضاعه لتعديلات جوهرية قبل إقراره.

وبعد أربع جلسات حكومية، عُقدت على مدى ثلاثة أيام، وناقشت مشروع القانون المعروف باسم «قانون الفجوة المالية»، أقرت الحكومة مشروع القانون بأكثرية 13 صوتاً، مقابل اعتراض 9 وزراء. وكانت النقاشات بدأت في جلسة، الاثنين، في القصر الرئاسي، ثم استُكملت النقاشات، الثلاثاء والجمعة، في السراي الحكومي، وغاب عن الجلسة الأخيرة حاكم مصرف لبنان كريم سعيد الذي كان قدم كل الملاحظات للحكومة في الجلستين الماضيتين، وانتقد المشروع في بيان، الثلاثاء الماضي. كما غاب وزير الثقافة غسان سلامة.

مساءلة ومحاسبة

وقال سلام بعد الجلسة: «للمرة الأولى، يتضمن قانون الفجوة مساءلة ومحاسبة»، نافياً ما يُقال إنه يتضمن «إعفاء عما مضى»، وقال: «أدخلنا عليه ضرورة استكمال التدقيق الجنائي والمحاسبة». ولفت سلام إلى أن «الكلام الذي يقال يهدف للتشويش على المودعين، لا سيما صغار المودعين». وطمأن إلى أن الانتقادات «تأتي في سياق ذرّ الرماد في العيون»، ودعا لعدم مزايدة أحد عليه.

وأعلن سلام أن «قانون الفجوة الماليّة ليس مثالياً، وفيه نواقص، ولا يحقق تطلعات الجميع، لكنه خطوة واقعيّة ومنصفة على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار الذي يعاني منه البلد وإعادة العافية للقطاع المصرفي».

وأكد سلام «أن 85 في المائة من المودعين سيحصلون على أموالهم كاملة»، في إشارة إلى صغار المودعين الذين لا تتخطى قيمة ودائعهم المائة ألف دولار، معلناً أن «السندات ليست وعوداً على ورق، بل هي مدعومة بـ50 ملياراً من موجودات المصرف المركزي»، في إشارة إلى السندات السيادية التي سيحملها المودعون الذين تتخطى قيمة ودائعهم المائة ألف دولار، وتستحق على فترات تمتد إلى 15 عاماً.

وأكد سلام «أننا لا نبيع الذهب ولا نرهنه، ومنعاً لأي استغلال، حصنّا بمشروع القانون حماية الذهب». وقال: «سنستكمل التدقيق الجنائي والمحاسبة».

وأوضح سلام «أن إقرار مشروع قانون الفجوة الماليّة يفترض أن يفتح لنا باب التفاهم مع صندوق النقد ومع دول مانحة، ويساعد على جلب الاستثمارات، مع التحسن الاقتصادي الذي أراهن عليه».

رئيس الحكومة يتحدث مع وزير المال ياسين جابر ووزير الصناعة جو عيسى الخوري في جلسة الثلاثاء الماضي (رويترز)

توازنات البرلمان

وعكس التصويت في مجلس الوزراء، صورة متوقعة عن صعوبات إقرار المشروع في البرلمان، بالنظر إلى أن توازنات مجلس النواب مختلفة عن التوازنات داخل الحكومة. فقد عارض مشروع القانون معظم الوزراء المحسوبين على «حركة أمل» (ما عدا وزير المال ياسين جابر الذي أيّد المشروع)، و«حزب الله»، و«القوات اللبنانية»، والوزير المحسوب على «الكتائب اللبنانية»، والوزيرة المحسوبة على حزب «الطاشناق».

وسينضم هؤلاء إلى لائحة أحزاب أخرى تعترض على مشروع القانون في البرلمان، وهي قوى غير ممثلة في الحكومة، بينهم «التيار الوطني الحر» ومستقلّون... ويمتلك هؤلاء المعترضون أغلبية في البرلمان، مما يعني أن القانون لن يمرّ كما هو، وسيخضع لتعديلات كبيرة في اللجان النيابية قبل إحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب.

اعتراضات سياسية واقتصادية

ومهدت قوى سياسية للنقاشات المقبلة؛ إذ قال وزير العدل عادل نصار إنه صوّت ضد مشروع قانون الفجوة المالية «بسبب غياب وضوح في الأرقام، وفي القدرة على الإيفاء بالالتزامات».

وأعرب وزير الإعلام بول مرقص عن «تحفظه على مشروع قانون الفجوة المالية»، مشدداً على «ضرورة تحصيل مزيد من حقوق المودعين، والعمل على النهوض بالقطاع المصرفي، وإعادة تشغيله من جديد»، مشيراً إلى «غياب الأرقام الواضحة والكافية في المشروع».

كما أشار النائب غسان حاصباني إلى أن وزراء «‫القوات اللبنانية»، «صوتوا ضد قانون (تعميق الفجوة) الذي لا يعيد الودائع ولا يرضي صندوق النقد، ويعفي من طيّر أموال الناس عما مضى».

وإلى جانب القوى السياسية، قال الأمين العام للهيئات الاقتصاديّة نقولا شمّاس: «قانون الفجوة المالية سيّئ وسيأخذنا إلى الفوضى المالية، ولم أفهم كيف يمكن خلال 20 ساعة البتّ بأخطر قانون شهد عليه لبنان».


إدانات واسعة للهجوم الإرهابي على مسجد في حمص السورية

آثار الانفجار في مسجد علي بن أبي طالب بحمص (د.ب.أ)
آثار الانفجار في مسجد علي بن أبي طالب بحمص (د.ب.أ)
TT

إدانات واسعة للهجوم الإرهابي على مسجد في حمص السورية

آثار الانفجار في مسجد علي بن أبي طالب بحمص (د.ب.أ)
آثار الانفجار في مسجد علي بن أبي طالب بحمص (د.ب.أ)

أدانت السعودية والعراق وتركيا والأردن ولبنان وقطر ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ورابطة العالم الإسلامي، اليوم الجمعة، الهجوم «الإرهابي» على مسجد في حي وادي الذهب بمدينة حمص السورية الذي أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 18.

وتبنّت مجموعة «سرايا أنصار السنّة» المتطرفة تفجير المسجد، وفق بيان لها.

وشددت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، على رفض المملكة القاطع «للإرهاب والتطرف» واستهداف المساجد ودُور العبادة وترويع الآمنين، مؤكدة التضامن مع سوريا ودعمها جهود الحكومة السورية لإرساء الأمن والاستقرار.

وأدانت تركيا الهجوم، وشددت على وقوفها إلى جانب سوريا في مساعيها لدعم الاستقرار والأمن والوحدة «رغم كل الاستفزازات».

وعبّرت وزارة الخارجية العراقية، في بيان، عن الإدانة الشديدة «للاعتداء الإرهابي الآثم» على مسجد الإمام علي بن أبي طالب.

وشدد العراق على إدانته جميع أشكال الإرهاب والعنف والتطرف، «أياً كانت دوافعها ومصادرها التي تستهدف المدنيين ودُور العبادة وتُزعزع الاستقرار والأمن وتبث الفتنة في المجتمعات».

وأكد البيان دعم العراق الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه.

واستنكرت «الخارجية» الأردنية الهجوم الإرهابي على المسجد، وعبّرت عن دعمها الكامل لسوريا في عملية إعادة البناء على الأسس التي تضمن وحدة أراضيها وسيادتها وأمنها واستقرارها، وتخلّصها من الإرهاب، وتحفظ حقوق السوريين كافّة.

وفي بيروت، أدان الرئيس اللبناني جوزيف عون الاعتداء على المسجد في مدينة حمص السورية، مشدداً على دعم بلاده لسوريا في حربها ضد الإرهاب.

ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام عن عون تعبيره عن صادق تعازيه وأعمق مشاعر التضامن مع سوريا، مشدداً على إدانته «خطاب الكراهية وظواهر تكفير الآخر وإقصائه عن الحياة الوطنية والعامة».

واستنكرت قطر الهجوم على المسجد، وأكدت تضامنها التام مع الحكومة السورية في كل ما تتخذه من إجراءات تهدف لحفظ الأمن.

وشددت قطر، في بيان لوزارة الخارجية، على رفضها العنف والإرهاب واستهداف دُور العبادة وترويع الآمنين.

واتخذ مجلس التعاون الخليجي موقفاً مماثلاً، مؤكداً، في بيان، رفضه التام ونبذه كل أشكال العنف والإرهاب.

قوات أمن سورية داخل المسجد المتضرر من الانفجار (سانا)

وأدان الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، التفجير. وشدد، في بيان، على دعم الجامعة العربية لكافة الجهود التي تبذلها الحكومة السورية في مكافحة تنظيم «داعش» ومحاربة كافة صور وأشكال الإرهاب.

وحذر الأمين العام للجامعة العربية من كافة المحاولات الرامية إلى زعزعة أمن واستقرار سوريا «من خلال زرع الفتن ونشر الفوضى»، مشدداً على أهمية تكثيف الجهود لتجاوز التحديات الراهنة بما يحفظ وحدة وسيادة سوريا.

كذلك أدانت رابطة العالم الإسلامي التفجير. وفي بيان للأمانة العامة للرابطة، ندد الأمين العام، رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى، بـ«جريمة إرهابية تجرد مرتكبوها من كل معاني الدين والإنسانية، إذ لم يراعوا حرمة النفس البشرية، ولا قدسية الشعيرة، ولا مكان العبادة».

وجدد العيسى التأكيد على موقف الرابطة الرافض والمُدين للعنف والإرهاب بكل صوره وذرائعه. وأعرب عن «التضامن التام مع سوريا في مواجهة كل ما يهدد أمنها واستقرارها»، معرباً في الوقت نفسه عن «خالص التعازي والمواساة لذوي الضحايا والمصابين، وللشعب السوري كافة».

وعبّرت إلهام أحمد، المسؤولة البارزة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، عن الإدانة «بأشدّ العبارات» للتفجير في حمص، وألقت اللوم على «جهات مخرِّبة تستثمر في الانقسام والفوضى»، مطالِبة بحماية المدنيين ومساءلة الفاعلين.


جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
TT

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

قال الجيش الإسرائيلي إن أحد جنود ​الاحتياط دهس بسيارته فلسطينياً بينما كان يصلي على جانب طريق في الضفة الغربية المحتلة، أمس الخميس، بعد أن أطلق النار، في وقت سابق في المنطقة.

وقال الجيش، في بيان: «تلقينا مقطعاً مصوراً لشخص مسلّح يدهس فلسطينياً»، مضيفاً أن الشخص جندي ‌احتياط، وخدمته العسكرية ‌انتهت.

وأضاف الجيش أن ‌الجندي ⁠تصرّف ​في «‌مخالفة خطيرة للقواعد العسكرية»، وجرت مصادرة سلاحه.

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه محتجَز قيد الإقامة الجبرية.

ونُقل الفلسطيني إلى المستشفى؛ لإجراء الفحوصات بعد الهجوم، لكنه لم يُصَب بأذى وهو الآن ⁠في منزله.

ويظهر في المقطع المصوَّر الذي بثه التلفزيون ‌الفلسطيني، وتسنّى لـ«رويترز» التحقق من صحته، ‍رجلٌ يرتدي ملابس ‍مدنية ويحمل سلاحاً على كتفه وهو يقود ‍سيارة رباعية الدفع ليصدم رجلاً يصلي على جانب الطريق. ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، كان العام الحالي هو الأعنف من حيث الهجمات المسجلة التي ​نفّذها مدنيون إسرائيليون على الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي أسفرت عن أكثر من ⁠750 إصابة.

وذكرت «الأمم المتحدة» أن أكثر من ألف فلسطيني قُتلوا في الضفة الغربية بين السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 و17 أكتوبر 2025، معظمهم في عمليات نفّذتها قوات الأمن، وبعضهم جراء عنف المستوطنين. وفي الفترة نفسها، قُتل 57 إسرائيلياً في هجمات فلسطينية.

من ناحية أخرى، قالت الشرطة الإسرائيلية، اليوم، إن مهاجماً فلسطينياً قتل رجلاً وامرأة ‌في شمال إسرائيل.