اقتلع أظافر الأطفال وأشعل ثورة درعا... من هو عاطف نجيب؟

صورة لعاطف نجيب انتشرت على منصة «إكس»
صورة لعاطف نجيب انتشرت على منصة «إكس»
TT

اقتلع أظافر الأطفال وأشعل ثورة درعا... من هو عاطف نجيب؟

صورة لعاطف نجيب انتشرت على منصة «إكس»
صورة لعاطف نجيب انتشرت على منصة «إكس»

ألقت مديرية الأمن العام، في محافظة اللاذقية، الجمعة، القبض على عاطف نجيب، ابن خالة الرئيس المخلوع بشار الأسد، ورئيس فرع الأمن السياسي في محافظة درعا حتى مارس (آذار) 2011، في عملية نوعية تمت بالتعاون مع القوى العسكرية، ومكّنت من إلقاء القبض على نجيب في محافظة اللاذقية.

وتم تحويل عاطف نجيب للجهات المعنية ليصار إلى محاكمته ومحاسبته على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، كما نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وأظهرت الصورة المسؤول الأشهر بعد اعتقاله في اللاذقية، اليوم الجمعة، يرتدي قبعة سوداء على رأسه، وموضوعاً بسيارة للأمن على ما يبدو.

فمن هو عاطف نجيب؟

عاطف نجيب أو عاطف حاج نجيب، من مواليد مدينة جبلة، التابعة لمحافظة اللاذقية، عام 1960.

وتربط نجيب بالأسد علاقة سلطة وقرابة، الأولى، أنه كان ضابطاً برتبة عميد في الأمن السياسي، والثانية أنه ابن خالته الوحيدة فاطمة مخلوف، شقيقة أنيسة مخلوف والدة بشار.

وتزوجت فاطمة مخلوف من نجيب حاج نجيب، صاحب محطة وقود في مدينة جبلة بمحافظة اللاذقية في الساحل السوري، وأنجبا ابنتين وثلاثة أبناء: نورما، ريم، عاطف، وعمار، فيما لم يعرف الصبي الثالث.

شرارة الثورة السورية

عاطف نجيب هو المتورط في تعذيب أطفال درعا جنوب البلاد، عام 2011، متسبباً باندلاع شرارة الثورة السورية التي استمرت 14 عاماً.

ومن الجرائم الكبيرة التي يتهم عاطف نجيب بارتكابها اقتلاع أظافر الأطفال بداية الثورة السورية، وهو ما تسبب أصلاً بتفجر الأوضاع.

ففي عام 2011، تجرأ أطفال من محافظة درعا جنوب البلاد، وكتبوا على حائط مدرستهم عبارة «إجاك الدور يا دكتور»، فاعتقلت قوات الأمن العسكري هؤلاء الأطفال، وأعطى نجيب تعليماته بتعذيبهم، فاقتلع أظافرهم وأطفأ السجائر في أجسادهم وصعقهم بالكهرباء وقتلهم، وفق شهادات نقلتها صحيفة «الإندبندنت» سابقاً.

وحين ذهب الأهالي للفرع رد عاطف نجيب بعبارته الشهيرة: «انسوا انو عندكن ولاد... أنجبوا أطفالاً جدداً... إذا نسيتم كيف تفعلون ذلك، فأحضروا زوجاتكم»، بحسب الصحيفة، وهو ما فتح باب الثورة السورية لتكون درعا مهدها مطالبة بإسقاط النظام.

«جبروت»

استخدم عاطف نجيب آنذاك عبارة «أنا الله في درعا» للتعبير عن جبروته والإشارة إلى قبضته الأمنية على حوران، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات تطالب بمحاسبته، ومن ثم ارتفع سقف المطالب آنذاك إلى إسقاط النظام، وعمت المظاهرات معظم المحافظات السورية، وفق وسائل إعلام سورية.

حمزة الخطيب

وأعاد خبر اعتقال عاطف نجيب إلى الأذهان اسم حمزة الخطيب، خصوصا بعدما ذكره الرئيس السوري أحمد الشرع وحيداً بكلمته أمس، حينما أكد أن النصر جاء بدمائه.

وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، استذكر الناشطون الجرائم التي ارتكبها نجيب على مدار سنوات حكم الأسد، وشددوا على أن نجيب هو قاتل حمزة، مستذكرين أن الطفل ذا الـ13 عاما كان قضى تحت التعذيب بفرع الأمن السياسي في درعا عام 2011.

ويعتبر الخطيب أحد أبرز أيقونات الثورة السورية، بعد أن قتل على يد النظام السوري عام 2011 بسبب خروجه بالمظاهرات، فعاد إلى أهله جثة هامدة غيرت ملامحها آثار التعذيب وفيها 3 رصاصات متفرقة في جسده.

منع سفر

بعد أن كان السبب في اندلاع شرارة الثورة السورية في درعا، وعلى وقع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في البلاد، أمر بشار الأسد في أواخر مارس 2011 بتشكيل لجنة تحقيق في أحداث درعا محاولاً احتواء الاحتجاجات التي عمت البلاد، لكنه لم ينحّ ابن خالته، وإنما اكتفى بنقله إلى إدلب، وشغل منصب رئيس فرع الأمن السياسي فيها.

وفي يونيو (حزيران) 2011، أصدرت اللجنة قراراً بمنع عاطف نجيب ومحافظ درعا، آنذاك، فيصل كلثوم، من السفر.

«مصدر إزعاج» للأسد الأب

استفاد عاطف نجيب وعائلته من وصول حافظ الأسد إلى الحكم بعد انقلاب عسكري في عام 1970، وكذلك من نفوذ شقيق زوجته محمد مخلوف، الذي صار مستشاراً مالياً للأسد الأب، وبنى إمبراطورية تجارية ازدهرت بإدارة ابنه رامي، وفق وسائل إعلام سورية.

وبحسب وسائل الإعلام، حاول نجيب أن يراكم إمبراطورية مالية على خطى صهره مخلوف، لكن انتهى الأمر به في السجن لعدة أشهر، بعدما صار مصدر إزعاج للأسد الأب، بسبب افتضاح أمر فساده وفشله.

وبعد تخرج عاطف في الكلية الحربية، لازم ابن خالته باسل الأسد، الابن الأكبر لحافظ الأسد، وتشابهت الشخصيتان وهوايتهما في ركوب السيارات الرياضية الفارهة.

تولى عاطف العديد من المناصب في الأمن السياسي، إذ كان في الأمن السياسي بطرطوس في الفترة بين 2002 و2004، ومن ثم نائباً لرئيس الأمن السياسي في دمشق، وصولاً إلى منصب رئيس فرع الأمن السياسي بدرعا حتى عام 2011.

فرض إتاوات وابتزاز

في درعا، بدأ نجيب بناء إمبراطوريته المالية عبر فرض الإتاوات على رجال أعمال حوران وتجارها وعائلاتها، وبنى شبكة من القنوات المالية القائمة على إرهاب الناس والتقارير الأمنية، وتحكم في دخول وخروج البضائع، ومن هم التجار الذين يسمح لهم بالعمل، كما تحكم بمصادر المياه التي تعد شرياناً أساسياً في حوران، والتي تعتمد اعتماداً أساسياً على الزراعة.

وقد عُرف نجيب بابتزاز التجار ورجال الأعمال منذ أن كان ضابطاً صغيراً في العاصمة دمشق، أي في تسعينات القرن الماضي. في عام 1995، تشاجر مع رجل الأعمال السوري عضو مجلس الشعب السابق محمد مأمون الحمصي.

كذلك، ارتبط اسم عاطف نجيب بالكثير من أعمال الفساد والتربح غير المشروع، من قبيل بناء مصانع مخالفة، شراء أراضٍ بأسعار زهيدة بحجة استملاكها من قبل الدولة، استيراد وترخيص آلاف الحافلات، وتهريب قطع السيارات والأدوات الكهربائية، وغيرها من الأعمال.

على لائحة العقوبات

على صعيد دولي، أدرجت الولايات المتحدة عاطف نجيب على لوائح العقوبات في 29 أبريل (نيسان) 2011، وتبعها الاتحاد الأوروبي في التاسع من مايو (أيار) من العام ذاته.

وبعد الأشهر الأولى من الثورة السورية غاب نجيب عن الساحة تدريجياً حتى اختفى ذكره، ولكن تصدر اسمه مجدداً اليوم بعد انتشار خبر اعتقاله.


مقالات ذات صلة

ماراثون دراجات سوري احتفالاً بالتحرير... «قسد» تمنع «التجمعات» وغزال لإضراب عام

المشرق العربي ماراثون يقطع المحافظات السورية على خط سير معركة «ردع العدوان» التي أسقطت نظام الأسد العام الماضي (سانا)

ماراثون دراجات سوري احتفالاً بالتحرير... «قسد» تمنع «التجمعات» وغزال لإضراب عام

أصدرت محافظة دمشق توجيهات بمنع إطلاق هتافات أو شعارات طائفية، وبعدم تمجيد الأشخاص، وبرفع الأعلام الوطنية وإنشاد أغاني الثورة الجامعة لكل السوريين.

سعاد جرَوس (دمشق)
المشرق العربي نور الدين البابا المتحدث باسم وزارة الداخلية وخلفه عدد من عناصر وسيارات الشرطة (حساب المتحدث باسم الداخلية السورية عبر منصة إكس)

«الداخلية السورية»: انفجار «ذخيرة صوتية» خارج الطوق الأمني في دمشق

قالت وزارة الداخلية السورية، الأحد، إن ذخيرة انفجرت قرب جسر الحرية في العاصمة دمشق دون خسائر. 

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي صورة عامة للعاصمة دمشق (إ.ب.أ) play-circle

لجنة أممية: المرحلة الانتقالية في سوريا ما زالت «هشَّة»

اعتبر خبراء أمميون، اليوم (الأحد)، أن المرحلة الانتقالية في سوريا ما زالت «هشَّة» بعد عام من إطاحة حكم بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي جندي من وزارة الدفاع السورية خلال جولة داخل ما كانت يوماً قاعدة عسكرية إيرانية جنوب حلب (أ.ف.ب)

خفايا الانسحاب الإيراني من سوريا... أفرغوا المراكز وهربوا عبر «حميميم»

أبلغ قائد إيراني مسؤول عن ضباط وجنود سوريين يخدمون تحت إمرته أنه «بعد اليوم لن يكون هناك (حرس ثوري) إيراني في سوريا».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي بوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في منتدى الدوحة بالعاصمة القطرية (صفحة وزارة الخارجية المصرية بفيسبوك)

مصر تؤكد رفضها أي اعتداءات إسرائيلية تستهدف الأراضي السورية

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي رفض مصر القاطع لأي اعتداءات إسرائيلية تستهدف الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

خطة إعادة إعمار غزة إلى مزيد من الضغوط والغموض

TT

خطة إعادة إعمار غزة إلى مزيد من الضغوط والغموض

فلسطينيون يقفون يوم السبت أمام الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يقفون يوم السبت أمام الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ب)

عاد الغموض ليكتنف مصير خطة إعادة إعمار غزة، وسط عقبات عديدة بشأن تعثر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، مع حديث قطري على أنها «لن تمول ما دمره آخرون».

ذلك الموقف الذي لوّح به رئيس وزراء قطر وزير الخارجية، الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، في جلسة بمنتدى الدوحة الأحد، ينضم إلى إشارات أخرى، منها عدم تحديد موعد جديد لانعقاد مؤتمر إعادة الإعمار، الذي كان مقرراً أن تستضيفه القاهرة نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والإعلان عن خطط أميركية لتنفيذ جزئي للإعمار في رفح.

تلك التطورات يراها خبراء، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، خطوة لزيادة الضغوط على إسرائيل، لكنها تضفي مزيداً من الغموض بشأن مصير ذلك البند الرئيسي في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي أقرت اتفاقاً لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين «حماس» وإسرائيل، في ظل تعثر الانتقال للمرحلة الثانية حالياً.

وقال رئيس وزراء قطر، في جلسة بمنتدى الدوحة، الأحد: «إننا سنواصل دعم الشعب الفلسطيني، لكننا لن نمول إعادة إعمار ما دمره الآخرون»، مؤكداً أن بقاء القوات الإسرائيلية داخل القطاع واستمرار الانتهاكات قد يؤديان إلى تصاعد النزاع مجدداً، خاصة أن المنطقة لا يمكن أن تبقى «رهينة لأجندة المتطرفين، التي تسعى للتطهير العرقي للفلسطينيين».

مسلحون ملثمون من حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية يبحثون عن جثث في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني يوهان فاديفول: «نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

وفي 25 نوفمبر الماضي، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر «لن ينعقد في موعده (نهاية نوفمبر) وسيتأجل». وأرجع ذلك إلى التصعيد الحالي بالقطاع، وسعي القاهرة إلى توفر ظروف وأوضاع أفضل على الأرض من أجل تحقيق أهدافه.

وفي نهاية نوفمبر الماضي، أكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، لـ«الشرق الأوسط»، أن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». وقال: «تتطلع مصر لعقد المؤتمر، بما يضمن تحقيق أكبر قدرة من الفاعلية والاستفادة»، وذلك في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

واعتمدت «القمة العربية الطارئة»، التي استضافتها القاهرة في 4 مارس (آذار) الماضي، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة» التي تستهدف العمل على التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وذلك وفق مراحل محددة، وفي فترة زمنية تصل إلى 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار. ودعت القاهرة إلى عقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار في غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

محاولات لفرض الشروط

ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور، أنه مع تصاعد مساعي تنفيذ المرحلة الثانية، يحاول كل طرف أن يفرض شروطه، خاصة الجانب العربي الذي يطالب بمشاركة جادة بالإعمار، مشروطة بانسحاب إسرائيلي وألا يتكرر التدمير، مشيراً إلى أن إسرائيل تحاول أن تراوغ وتناور في تنفيذ الالتزامات التي يقرّها اتفاق غزة.

كذلك يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن «الموقف القطري محاولة لمزيد من الضغوط لفرض موقفها أمام رفض إسرائيلي يتصاعد بشأن عدم مشاركة الدوحة في قوات الاستقرار بغزة. وبالتالي، فلا معنى لتمويل قطر شيئاً لن تشارك فيه، وقد تدمره إسرائيل مجدداً»، مشيراً إلى أن هذه الرسالة قد تقرأها واشنطن وتدفعها لممارسة ضغوط أكبر على إسرائيل لإنهاء تلك العقبات في ظل تلك المرحلة.

آثار الدمار في مدينة غزة نتيجة الحرب (أ.ب)

ورأى رئيس الوزراء القطري أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بمرحلة حرجة. وأضاف، خلال جلسة نقاش أخرى ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، السبت: «نحن الآن في اللحظة الحاسمة... لا يمكننا أن نعدّ أن هناك وقفاً لإطلاق النار، وقف إطلاق النار لا يكتمل إلا بانسحاب إسرائيلي كامل وعودة الاستقرار إلى غزة».

كما دعا وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، إلى الإسراع في نشر قوة استقرار دولية نصّت عليها المرحلة الثانية من اتفاق السلام في قطاع غزة، لمراقبة وقف إطلاق النار.

وقال عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة: «فيما يتعلق بقوة الاستقرار الدولية، فإننا بحاجة إلى نشر هذه القوة بأسرع وقت ممكن على الأرض؛ لأن أحد الأطراف - وهو إسرائيل - ينتهك وقف إطلاق النار يومياً... لذا نحن بحاجة إلى مراقبين».

ويتوقع أنور أن «العدّ التنازلي نحو المرحلة الثانية بدأ، وكل العقبات تتوالى، لكن الوسيطين المصري والقطري في المقابل يضغطان للدفع بتعجيلها»، مشيراً إلى أن واشنطن عليها دور كبير في إنهاء عراقيل إسرائيلية.

وأكّد الرقب أن الانتقال للمرحلة الثانية يواجه عقبات عديدة، وليست الأزمة في الإعمار فقط، مشيراً إلى أن قضايا تشكيل لجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار وغيرها تعيقها إسرائيل للاستمرار في القطاع واستكمال التدمير.


ماراثون دراجات سوري احتفالاً بالتحرير... «قسد» تمنع «التجمعات» وغزال لإضراب عام

شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
TT

ماراثون دراجات سوري احتفالاً بالتحرير... «قسد» تمنع «التجمعات» وغزال لإضراب عام

شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)

تعيش العاصمة دمشق والمدن والبلدات السورية حيويةً استثنائيةً احتفالاً بالذكرى الأولى لإطاحة نظام بشار الأسد. ولأول مرة منذ تسلم «حزب البعث» السلطة في سوريا قبل أكثر من 6 عقود، تجتمع الجهات الرسمية وجهات أهلية وشعبية في احتفالات واحدة، سواء المنظَّم منها والعفوي، فيما دعا رئيس «المجلس العلوي»، الشيخ غزال غزال، العلويين إلى عدم المشاركة في الاحتفال والإضراب لمدة 5 أيام، كما منعت «الإدارة الذاتية» التجمعات في مناطقها؛ «خشية هجمات (داعش)».

من احتفالات «ساحة العباسيين» بدمشق (صفحة العباسيين - نبض العاصمة)

ومنذ أسبوع، تشهد الساحات السورية تجمعات يومية ومواكب سيارة تحتفي بـ«سوريا من دون الأسد»، وسط تأهب أمني استثنائي، استعداداً للحفل المركزي في العاصمة دمشق، الاثنين، الذي سيكون على مدار ساعات اليوم، بدءاً من صلاة الفجر، مع إطلاق تكبيرات النصر، ومواكب سيارات مع مكبرات صوت تعيد ترداد العبارات الأولى التي أطلقها السوريون إثر سقوط النظام. وتتواصل النشاطات حتى المساء بعد إلقاء الرئيس السوري خطاباً بالمناسبة.

سورية تتفقد مدفعاً رشاشاً في «المعرض العسكري للثورة السورية» بدمشق في سوريا يوم 6 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

هذا، وسُمع، الأحد، دوي انفجار في محيط فندق «فورسيزونز» وسط دمشق تبين أنه ناجم عن قنبلة صوتية؛ مما رفع حالة التأهب. وضمن استعدادها لتأمين التجمعات، أصدرت وزارة الداخلية تعليمات مشددة بمنع إطلاق الرصاص ووضعه تحت طائلة المساءلة، ضمن حملة على مُعَرّفاتها الرسمية في شبكة الإنترنت، محذرة من المآسي التي قد يخلفها الاستخدام الطائش للسلاح.

بدورها، أصدرت محافظة دمشق قائمة توجيهات دعت فيها إلى منع إطلاق هتافات وشعارات طائفية، وعدم تمجيد الأشخاص، وإلى رفع الأعلام الوطنية، وإنشاد أغاني الثورة الجامعة لكل السوريين.

ماراثون يقطع المحافظات السورية على خط سير معركة «ردع العدوان» التي أسقطت نظام الأسد العام الماضي (سانا)

وفي إطار الاحتفالات التي تعمّ البلاد، من المنتظر وصول «مَسِير» أو ماراثون «درب التحرير» للدراجات الهوائية إلى دمشق، الاثنين، لتسليم الرئيس أحمد الشرع خوذة تعود لأول المقاتلين الذين قضوا في «ردع العدوان»، كانوا قد تسلّموها من محافظ إدلب محمد عبد الرحمن.

وانطلق «المَسير» من إدلب، مروراً بمحافظة حلب، يوم الجمعة، متتبعاً مسار عملية «ردع العدوان» التي أطاحت نظام الأسد خلال 11 يوماً؛ بدءاً من 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ووصل المارثون السبت إلى حماة، والأحد إلى حمص، ومنها إلى دمشق الاثنين، ليقطع مسافة أكثر من 300 كيلومتراً.

ورغم سوء الأحوال الجوية التي تزامنت مع انطلاق المَسِير، فإن عشرات السوريين والسوريات شاركوا في إصرار على التعبير عن الفرح بالتحرير، وذلك بينما انهمك المحتفلون بمحافظة درعا في إعداد أكبر منسف «مليحي حوراني»؛ الأكلة الشعبية التي يتميزون بها، لتقديمها للمحتفلين يوم الاثنين في بصرى الشام جنوب درعا.

وتكتظ شوارع دمشق بالمحتفلين الذين يرفعون الأعلام الوطنية، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساء، ويلوحون بها في مواكب سيارة ينشدون لسوريا، إضافة إلى مواكب سيارة لشركات صناعية توزع الهدايا المغلفة بالعلم، بينما تصدح مكبرات الصوت بأغاني الثورة السورية.

وخلافاً لحالة الاحتفالات العامة، دعا رئيس «المجلس الإسلامي العلوي الأعلى» في سوريا والمهجر، الشيخ غزال غزال، مساء السبت، إلى تنفيذ «إضراب عام وشامل خلال فترة الاحتفالات». وقال غزال، في بيان مصوّر: «تحت شعار الحرية يريدون الاحتفال بالإكراه، باستبدال (نظام ظالم بنظام أشد ظلماً)... اعتقلوا وقتلوا وذبحوا وخطفوا وحرقوا، والآن يهددون بلقمة العيش... ويجبروننا قسراً على المشاركة باحتفالات بُنيت على دمائنا وآلامنا وأوجاعنا... وتكميم أفواهنا». ولم يوضح غزال غزال كيف يُجبَرون على المشاركة في الاحتفالات، غير أنه قال مخاطباً أبناء الطائفة العلوية: «سنواجه اعتداءهم بردّ جماعي سلمي واضح يقيدهم ويذكرهم بقوة إرادتنا التي لا تُقهر».

يذكر أن غزال دعا الشهر الماضي إلى التظاهر ضد السلطة والتعبير عن رفض حالة الانفلات الأمني.

في مكان آخر، وضمن سياق الامتناع عن الاحتفالات، أصدرت «هيئة الداخلية» في «الإدارة الذاتية» بمناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، بياناً هنأت فيه «شعب شمال وشرق سوريا بمناسبة مرور عام على سقوط النظام البعثي، وكذلك شعب سوريا».

وقالت إنه «نظراً إلى الظروف الأمنية الراهنة، والمتمثلة في ازدياد نشاط خلايا مرتزقة (داعش) التي تحاول خلق الفتنة وضرب مكونات المجتمع، تُمنع إقامة أي تجمعات أو فعاليات جماهيرية أو اجتماعية في جميع مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، يومي 7 و8 من هذا الشهر». كما وُضع «إطلاق العيارات النارية والألعاب النارية تحت طائلة المساءلة القانونية».

في حماة بـ«ساحة العاصي» يوم الجمعة احتفالاً بالتحرير (فريق حماة الفوتوغرافي)

في الأثناء، تشهد غالبية المناطق السورية احتفالات وتجمعات شعبية منظمة وعفوية، ودعوات لإطلاق أنشطة تدعو إلى السلام وتوطيد دعائم السلم الأهلي. فبعد تجمع حاشد شهدته مدينة حماة في «ساحة العاصي»، الجمعة، بمشاركة مئات الآلاف، أطلق ناشطون دعوة للمشاركة في ماراثون «من أجل السلام»، الاثنين، تزامناً مع احتفالات السوريين بمرور عام على التحرير، وينطلق المسير من كنيسة السريان في مدينة حماة إلى كنيسة الروم الأرثوذكس، من ثم جولة إلى عدد من الجوامع التاريخية في المدينة التي تقع وسط سوريا.

وازدادت خلال الأيام الأخيرة حركة الآتين إلى البلاد. ويقول صلاح وادي، العامل في شركة نقل داخلية، إن «الازدحام عاد إلى مطار دمشق الدولي، وكل يوم هناك عائلات تصل وننقلها إلى المحافظات؛ إدلب وحلب وحماة وحمص»، لافتاً إلى أن «الطلب زاد على السيارات ذات الحجم المتوسط أكثر من الفانات والسيارات الصغيرة»، وأضاف: «هناك كثير من السوريين المغتربين الذين جاءوا للاحتفال بالتحرير».

واستعدت «الهيئة العامة للطيران المدني» في سوريا للاستقبال الآتين إلى سوريا خلال أيام الاحتفالات، بتجهيز وتزيين مطارَي دمشق وحلب الدوليين، كما أصدرت ختماً تذكارياً خاصاً بالمناسبة، يوضع على جوازات سفر الآتين عبر مطارَي دمشق وحلب، وقالت «الهيئة» في بيان لها إن «هذا الختم يأتي احتفاءً بمناسبة التحرير، ويعدّ اختيارياً وتذكارياً، حيث ستتم إضافته على الجواز بعد الموافقة الشخصية من المسافرين، إلى جانب الختم الرسمي الصادر عن إدارة الهجرة والجوازات» التي أوضحت أن «الختم التذكاري لا يُغني عن ختم الهجرة والجوازات. وهو تعبير عن الترحيب بالقادمين للمشاركة في احتفالات عيد التحرير».


جعجع لعون وسلام: لا تضيعوا الوقت فالمشكلة في سلاح «حزب الله»

رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)
رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)
TT

جعجع لعون وسلام: لا تضيعوا الوقت فالمشكلة في سلاح «حزب الله»

رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)
رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)

وجّه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع رسالة مفتوحة إلى رئيسي الجمهورية جوزيف عون والحكومة نواف سلام، معتبراً أنه ليس هناك من سبب للتأخير بحلّ الأجنحة العسكريّة لـ«حزب الله»، كما أن «التذرّع بحرب أهليّة مزعومة ليس في مكانه». كما شن جعجع هجوماً على رئيس البرلمان نبيه بري حول رفضه تعديل قانون الانتخابات النيابية.

«حزب الله» صلب المشكلة

وخاطب جعجع، خلال ترؤسه المؤتمر العام الأول للحزب بعنوان «قوات نحو المستقبل»، الرئيسين عون وسلام قائلاً إن «البحث في (جنس الملائكة) والطروحات النظريّة وتحديد المسؤوليّات الاستراتيجيّة، وإعادة النظر بمفاهيم السيادة والاستقلال والوطنيّة؛ كلّها لا تؤدّي لنتيجة فيما أصبح واضحاً أنّ التنظيم العسكري والأمني لـ(حزب الله) هو في صلب المشكلة الكبرى التي نعيشها. والجميع مجمع على أنّ حلّه هو المقدّمة الإجباريّة لانفراج الوضع الماليّ».

وأكد أن «وجود التنظيم مناقض تماماً لاتفاق الطائف وللدستور، وهو مسؤول عن وضعيّة (اللادولة) التي نعيش فيها منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً، خصوصاً حرب 2024 والتدهور الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي سبقها».

وأضاف جعجع: «مع كلّ هذه الأسباب ورغبة أكثريّة من اللّبنانيين بحلّ كلّ ما هو عسكري وأمني خارج الدولة، لا نجد سبباً للتأخير الحاصل في حلّ الأجنحة العسكريّة والأمنيّة لـ(حزب الله)، خصوصاً بعد قراري مجلس الوزراء في 5 و7 أغسطس (آب) المنصرم». ورأى أنّ «التذرّع بحرب أهليّة (مزعومة) ليس في مكانه، إذ إنّنا لا نتحدّث عن خلاف بين حزبين أو بين مجموعتين مدنيّتين، بل نحن نتحدّث عن قرارات اتّخذتها دولة شرعيّة كاملة المواصفات».

مواجهة المجهول

من جهة ثانية، سأل جعجع في رسالته: «هل يجوز ترك لبنان واللّبنانيين بمواجهة المجهول وما هو أعظم، فقط (كرمى لعيون) بعض المسؤولين الحزبيين المرتبطين أصلاً بالقرار الإيرانيّ، وبأي منطق تخضع الأكثريّة في لبنان لتصرّفات الأقليّة، وتخضع الشرعيّة لتصرّفات (اللّاشرعيّة)؟».

وتحدث جعجع عن دور الجيش اللبناني، قائلاً إنّ «رمي كرة النار هذه في حضن الجيش وحده لا يجوز؛ فمع عمل الجيش، هناك عمل سياسيّ واضح وحاسم تجاه كلّ من يرفض تنفيذ قرارات الحكومة»، مشدداً على أنّ «المطلوب إعلان سياسي واضح جدّاً، ومن ثم تتبعه خطوات سياسيّة وإداريّة واضحة لوضع هذه الأصول الفاجرة عند حدّها».

رسالة إلى بري

كما توجّه جعجع إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي في رسالة حول قانون الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل، وقال له: «ما تقوم به في الوقت الحاضر بما يتعلّق بقانون الانتخاب تخطّى كلّ حدود»، لافتاً إلى تجاهله لـ«اقتراح قانون» «معجّل مكرّر» «الموقّع من نوّاب يمثّلون أكثريّة في المجلس النيابي منذ أكثر من سبعة أشهر»، كما لفت إلى «مشروع قانون معجّل أرسلته الحكومة فقمت بإحالته إلى اللّجان النيابيّة المعنيّة، مع توقّعاتنا بأن تحيله إلى مزيد من اللّجان حتّى مرور الوقت وتعطّل الانتخابات النيابيّة».

وأضاف: «دولة الرئيس، تستطيع أن تتذرّع بالنظام الداخلي لمجلس النوّاب ولكنّ هذا لا يخفي نيّتك (المبيّتة) بفعل كلّ ما يلزم، لتعطيل انتخاب المغتربين في أماكن وجودهم في الخارج»، مؤكداً أنّ «المطروح اليوم ليس قوانين برمّتها مع مجموعة كبيرة من التقنيّات، بل المطروح خلاف سياسي حول اقتراع المغتربين في الخارج».

وقال جعجع إنّ «النظام الداخلي وجد لتطبيقه وليس لاستعماله مطيّة للوصول لغايات حزبيّة وتعطيل البرلمان ومحاولة تعطيل الانتخابات النيابيّة».