تركيا لمحور ضغط إقليمي يُنهي مشكلة المسلحين الأكراد و«داعش»

ترقّب لموقف ترمب وسط إصرار العسكريين الأميركيين على دعم «قسد»

تركيا لمحور ضغط إقليمي يُنهي مشكلة المسلحين الأكراد و«داعش»
TT

تركيا لمحور ضغط إقليمي يُنهي مشكلة المسلحين الأكراد و«داعش»

تركيا لمحور ضغط إقليمي يُنهي مشكلة المسلحين الأكراد و«داعش»

تكثّف تركيا مساعيها لتطويق «وحدات حماية الشعب الكردية» أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، ونزع الذريعة الأميركية لدعمها بوصفها حليفاً في الحرب ضد تنظيم «داعش» الإرهابي.

وبدا في الأيام الأخيرة أن أنقرة تسعى إلى تشكيل محور ضغط مع الإدارة السورية الجديدة والحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان وإيران؛ للقضاء على وجود مسلحي «حزب العمال الكردستاني» في شمال سوريا، وإجبار الوحدات الكردية على إلقاء أسلحتها ومغادرة مقاتليها الأجانب إلى خارج الأراضي السورية والاندماج في الجيش السوري الموحّد.

وفي الوقت ذاته، تسعى تركيا إلى تنسيق الجهود الرامية لمنع عودة نشاط تنظيم «داعش» الإرهابي، ونقل المسؤولية عن حماية السجون التي يوجد فيها مسلحوه وعائلاتهم في سوريا إلى الإدارة السورية، مع استعداد تركيا لتقديم الدعم في حراسة هذه السجون، وهي الذريعة التي تسوقها أميركا لاستمرار دعمها للوحدات الكردية، الذي يشكّل ملفاً خلافياً مع واشنطن.

بين بغداد ودمشق

في هذا الإطار زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بغداد، الأحد، وبالتزامن زار رئيس المخابرات التركية، إبراهيم كالين، دمشق، والتقى القائد العام للإدارة السورية، أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني.

فيدان ونظيره العراقي فؤاد حسين خلال مؤتمر صحافي في بغداد الأحد (رويترز)

وأكد فيدان، بعد مباحثاته في بغداد، ضرورة توحيد الجهود الإقليمية للقضاء على تنظيمات «داعش»، و«حزب العمال الكردستاني»، و«وحدات حماية الشعب الكردية».

وجاءت زيارة فيدان للعراق، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين لدمشق، وهي الثانية بعد سقوط الأسد، وسط دعوات متكررة من أنقرة إلى حل «وحدات حماية الشعب الكردية» في شمال شرقي سوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد الشهر الماضي، وتهديدها بشن عملية جديدة عبر الحدود ضدها ما لم تمتثل للشروط.

وقال فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي فؤاد حسين، إنه نقل مجدداً توقعات تركيا من العراق بشأن تصنيف «حزب العمال الكردستاني» منظمة إرهابية رسمياً، وذلك بعد أن صنّفته بغداد «منظمة محظورة» العام الماضي.

وأضاف: «أود أن أؤكد بقوة هذه الحقيقة: (حزب العمال الكردستاني) يستهدف تركيا والعراق وسوريا، ومن أجل مستقبل منطقتنا وازدهار شعوبنا، يتعيّن علينا أن نخوض معركة مشتركة ضد الإرهاب، يتعيّن علينا تدمير (داعش) و(حزب العمال الكردستاني) بكل ما أُوتينا من قوة».

ولفت إلى أنه ناقش خلال زيارته آليات التعاون الممكنة في مجالي الاستخبارات والعمليات، فضلاً عن مشاركة دول المنطقة في الحرب ضد تنظيم «داعش».

وكان وزير الخارجية العراقي، حذّر في تصريحات، الخميس، خلال مشاركته في منتدى «دافوس» من أن مهاجمة تركيا مقاتلي «وحدات حماية الشعب الكردية» في شمال سوريا تنطوي على مخاطر وستزيد مشكلة اللاجئين.

تحركات إقليمية

وتحدّثت بعض التقارير عن أن زيارة فيدان لبغداد ولقاءه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس البرلمان محمود المشهداني، إلى جانب مباحثاته مع نظيره فؤاد حسين، استهدفت الاتفاق على عقد اجتماعات لممثلين عن تركيا وسوريا والعراق وإقليم كردستان وإيران؛ لمناقشة المشكلات الأمنية الناجمة عن تهديد المسلحين الأكراد، وما يتعلّق بتهديد تنظيم «داعش» بعد سقوط نظام الأسد، ومناقشة تأمين السجون التي تخضع لسيطرة «قسد»، لا سيما مخيم الهول الذي يضم آلاف السجناء من «داعش» وعائلاتهم الذين تتخوّف بغداد من أن يؤدي الإفراج عنهم إلى تهديد أمن العراق.

وأكد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، خلال المؤتمر الصحافي مع فيدان، مخاطر تنظيم «داعش» على الحدود العراقية - السورية - التركية، قائلاً إنه «جرت مناقشة الظروف المحيطة بين البلدين، خصوصاً ما يتعلّق بالتعامل مع الوضع في سوريا؛ حيث يجري التواصل المستمر مع الإدارة الجديدة في دمشق». وأضاف أنه «جرت مناقشة الوضع الأمني ووجود تنظيم (داعش) الإرهابي على الحدود، وستُعقد اجتماعات متعددة بين الجانبين للبحث في ملفات المنطقة ومحاربة الإرهاب».

امرأة تسير بجانب سور سجن الصناعة الذي يضم عناصر من «داعش» في الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وصدرت عن أنقرة تصريحات متكررة في الفترة الأخيرة تنتقد استمرار الدعم الأميركي لـ«قسد» التي تستخدمها حارساً على سجون «داعش» في شمال شرقي سوريا، وأكد فيدان أن الإدارة السورية الجديدة قادرة على القيام بهذه المهمة، وأن تركيا ستدعمها في هذه المهمة إذا طلبت ذلك.

ترقب لموقف ترمب

وتنتظر أنقرة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن يفي بتعهداته خلال ولايته السابقة بسحب القوات الأميركية من سوريا، ووقف الدعم المقدم إلى الوحدات الكردية، لكن التصريحات الصادرة عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وتحركات القادة العسكريين الأميركيين في الفترة الأخيرة، وقبل أيام من تولي إدارة ترمب، أشارت جميعها إلى استبعاد أي تغيير في المستقبل على العلاقة مع «قسد» أو تقديم أي إشارة لانسحاب أميركي محتمل.

قوات التحالف الدولي تعزّز وجودها في قواعدها شمال شرقي سوريا بالتعاون مع «قسد» («تويتر»)

ودفع هذا بعض المراقبين والمحللين الأتراك، ومنهم الكاتب في صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة، فاتح تشيكيرجه، إلى التساؤل عما إذا كان ذلك سيشكّل ضغطاً على الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة ترمب، وفي الوقت ذاته، على إدارة الشرع في دمشق، التي لا ترغب في وجود بيئة صراع في سوريا خلال الوقت الراهن، والتي تعمل على إقناع «قسد» بإلقاء أسلحتها بالطرق السلمية والاندماج في الجيش الموحّد.

وقال تشيكيرجه إن هذا السؤال تصعب عليه الإجابة في الوقت الراهن، لكن ما هو معروف جيداً أن تركيا لن تسمح بـ«ممر إرهابي» على حدودها الجنوبية.


مقالات ذات صلة

تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

شؤون إقليمية لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)

تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

تستعد لجنة شكّلها البرلمان التركي لاقتراح الإطار القانوني لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته للمرحلة الثانية من عملية السلام وحل المشكلة الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال حفل إطلاق وثيقة رؤية حزب «العدالة والتنمية» للعالم في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان يؤكد مُضيَّ «العمال الكردستاني» في التخلص من أسلحته

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن عملية إحراق أسلحة حزب «العمال الكردستاني»، وتطهير الكهوف الجبلية في شرق وجنوب شرقي البلاد مستمرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تجمع في موقع هجوم بطائرة من دون طيار ببلدة بزاعة في ريف حلب حيث قتلت غارة أميركية زعيم تنظيم «داعش» بسوريا في يوليو 2023 (أ.ف.ب)

المبعوث الأميركي لسوريا: هجوم تدمر يؤكد استمرار خطر «داعش»

قال المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك، إن الهجوم الذي أودى بحياة جنديَين أميركيَين ومترجم مدني في مدينة تدمر وسط سوريا، يؤكد استمرار خطر تنظيم «داعش» المتطرف

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم حزب «العمال الكردستاني» مطالبين بإطلاق سراحه بعد دعوته في 27 فبراير الماضي لحل الحزب (أ.ف.ب)

تركيا: مطالبات بـ«قانون للسلام» مع الأكراد اقترحه أوجلان

تتصاعد في تركيا المطالبة بوضع قانون للمرحلة الانتقالية لعملية السلام دعا إليه زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من «مؤتمر السلام والمجتمع الديمقراطي» الذي نظمه حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في إسطنبول في 6 و7 ديسمبر (حساب الحزب في إكس)

مؤتمر لـ«السلام» في تركيا يطالب بالتخلي عن الدولة القومية

طالب مؤتمر للسلام، عُقد في إطار عملية السلام الجارية بتركيا، بتنفيذ دعوة زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان للتخلي عن الدولة القومية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الجيش الإسرائيلي: عماد أمهز كشف أسرار الملف البحري السري لـ«حزب الله»

بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
TT

الجيش الإسرائيلي: عماد أمهز كشف أسرار الملف البحري السري لـ«حزب الله»

بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»

أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أن عماد أمهز، الذي يعد من أهم عناصر وحدة الصواريخ الساحلية (7900) في «حزب الله» اللبناني، الذي نقلته للتحقيق في إسرائيل قبل نحو عام، كشف خلال التحقيقات أسرار الملف البحري السري لحزب الله.

ووفقا لتغريدة نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة إكس، فقد "نفذ مقاتلو وحدة 13 للكوماندوز البحري الإسرائيلي عملية "وراء الظهر" في بلدة البترون شمال لبنان، على بعد حوالي 140 كم عن الحدود الشمالية، قبل نحو عام وذلك بتوجيه من شعبة الاستخبارات البحرية، للقبض على عماد أمهز ونقل للتحقيق في إسرائيل».

وأضاف أن «أمهز تلقى تدريبات عسكرية في إيران ولبنان واكتسب خبرات وتجربة بحرية واسعة في إطار وظيفته في وحدة الصواريخ الساحلية بهدف تنفيذ عمليات إرهابية بحرية، هذا وتم تدريبه أيضًا في المعهد البحري المدني اللبناني "مارستي"، مما يعتبر مثالاً آخر على استغلال «حزب الله السخري للمؤسسات المدنية اللبنانية في سبيل تطوير نشاطاته الإرهابية».

وذكر أدرعي أن «أمهز كشف أثناء التحقيق معه أنه كان يشغل منصبًا مركزيًا في الملف البحري السري، وأدلى بمعلومات استخبارية حساسة عن الملف، الذي يعد من أكثر المشاريع حساسية وسرية في حزب الله، والذي يتمحور حول تشكيل بنية تحتية منظمة للأنشطة الأرهابية البحرية بستار مدني لغرض ضرب أهداف إسرائيلية ودولية».

ولفت المتحدث الإسرائيلي إلى أن «المشروع البحري السري يعتبر من أكثر المشاريع حساسية وسرية في حزب الله وتم توجيهه مباشرة من قبل حسن نصرالله الأمين العام السابق، وفؤاد شكر، القائد العسكري الأبرز في حزب الله اللذين تم القضاء عليهما خلال الحرب، بالإضافة إلى علي عبد الحسن نور الدين، مسؤول الملف البحري السري».

وأضاف أنه «في أعقاب إحباط المستوى القيادي الذي أشرف على الملف البحري السري بالإضافة إلى المعلومات التي أدلى بها أمهز في التحقيق معه، تمكن الجيش الإسرائيلي من عرقلة تقدم الملف البحري السري في نقطة زمنية حرجة، منعًا لترسخه ونضوجه داخل الحزب».

وذكر أن «حزب الله يعمل على تطوير الملف البحري السري وعلى باقي الوحدات البحرية بفضل الدعم الفكري والمادي الإيراني حيث وبدلاً من استثمار تلك الكمية الهائلة من الأموال في بناء لبنان ومؤسساته، يتم تخصيص هذه الأموال في نشاطات حزب الله الإرهابية».

وشدد على أن «الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل في كافة الجبهات بمختلف الطرق والسبل على إزالة تهديدات موجة ضد مواطني دولة إسرائيل».


تقرير: مساعٍ حثيثة لإنقاذ اتفاق دمج قوات «قسد» بالدولة السورية قبل نهاية العام

الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
TT

تقرير: مساعٍ حثيثة لإنقاذ اتفاق دمج قوات «قسد» بالدولة السورية قبل نهاية العام

الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

قال عدة أشخاص بين مشاركين ومطّلعين على محادثات لدمج قوات كردية مع الدولة السورية، إن مسؤولين سوريين وأكراداً وأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدّم في اتفاق متعثر بهذا الشأن قبل المهلة المحددة بنهاية العام.

وذكرت مصادر سورية وكردية وغربية تحدثت إلى وكالة «رويترز» أن المناقشات تسارعت في الأيام القليلة الماضية على الرغم من تزايد الإحباط بسبب التأخير، وحذّر بعضهم من أن تحقيق انفراجة كبيرة أمر غير مرجح.

وقال خمسة من المصادر إن الحكومة السورية الانتقالية أرسلت مقترحاً إلى «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يقودها الأكراد وتسيطر على شمال شرقي البلاد. وأضاف أحد المسؤولين السوريين ومسؤول غربي وثلاثة مسؤولين أكراد، أن دمشق عبّرت في الاقتراح عن انفتاحها على أن تعيد «قوات سوريا الديمقراطية» تنظيم مقاتليها، وعددهم نحو 50 ألف مقاتل، في ثلاث فرق رئيسية وألوية أصغر، شريطة أن تتنازل عن بعض سلاسل القيادة وتفتح أراضيها لوحدات الجيش السوري الأخرى.

صورة نشرتها وكالة «سانا» السورية في 8 مارس 2025 تظهر قوات حكومية سورية على نقطة تفتيش في مدينة اللاذقية بالساحل السوري (أ.ف.ب)

«حفظ ماء الوجه»

لم ‌يتضح ما إذا ‌كانت الفكرة ستمضي قُدماً أم لا، وقللت عدة مصادر من احتمالات التوصل إلى اتفاق ‌شامل ⁠في ​اللحظات الأخيرة، ‌قائلة إن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات. ومع ذلك، قال مسؤول بـ«قوات سوريا الديمقراطية»: «نحن أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى».

وقال مسؤول غربي ثانٍ، إن أي إعلان في الأيام المقبلة سيكون هدفه جزئياً «حفظ ماء الوجه» وتمديد المهلة والحفاظ على الاستقرار في دولة لا تزال هشة بعد عام من سقوط الرئيس السابق بشار الأسد. وذكرت معظم المصادر أن من المتوقع ألا يرقى أي شيء، تفرزه هذه المساعي، إلى مستوى الاندماج الكامل لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى بحلول نهاية العام، وهو المنصوص عليه في اتفاق تاريخي بين الجانبين أبرم في 10 مارس (آذار).

ويهدد الفشل في رأب الصدع الأعمق المتبقي في سوريا بإشعال صدام مسلح قد يعرقل خروج البلاد من حرب استمرت 14 عاماً، وربما يستدرج تركيا المجاورة ⁠التي تهدد بالتدخل ضد المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين.

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)

ويتبادل الجانبان الاتهامات بالمماطلة والتصرف بسوء نية. فـ«قوات سوريا الديمقراطية» لا ترغب في التخلي عن الحكم الذاتي الذي فازت به باعتبارها الحليف الرئيسي ‌للولايات المتحدة خلال الحرب، التي سيطرت بعدها على سجون تنظيم «داعش» وموارد النفط الغنية.

وقالت عدة مصادر إن الولايات المتحدة، التي تدعم الرئيس السوري أحمد ‍الشرع وتحث على دعم عالمي لحكومته الانتقالية، نقلت رسائل بين «قوات سوريا الديمقراطية» ودمشق وسهّلت المحادثات وحثت على التوصل إلى اتفاق.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن توماس برّاك، السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، يواصل دعم وتسهيل الحوار بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية»، قائلاً إن الهدف هو الحفاظ على الزخم الذي يدفع نحو دمج القوات.

فتاة تحمل علم «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) خلال مظاهرة في القامشلي... سوريا 17 سبتمبر 2025 (رويترز)

تركيا: صبرنا ينفد

منذ أن فشلت جولة كبيرة من المحادثات بين الجانبين في الصيف، تصاعدت الاحتكاكات، بما في ذلك المناوشات المتكررة على طول عدد من خطوط المواجهة في الشمال.

وسيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» على جزء كبير من شمال شرق ​سوريا حيث يوجد معظم إنتاج البلاد من النفط والقمح، وذلك بعد هزيمة مسلحي تنظيم «داعش» في 2019.

وقالت «قوات سوريا الديمقراطية» إنها تنهي عقوداً من القمع ضد الأقلية الكردية، لكن الاستياء من حكمها تنامى بين السكان الذين يغلب ⁠عليهم العرب، بما في ذلك الاستياء من التجنيد الإجباري للشباب.

وقال مسؤول سوري إن الموعد النهائي للاندماج في نهاية العام ثابت ولا يمكن تمديده إلا «بخطوات لا رجعة فيها» من «قوات سوريا الديمقراطية».

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الجمعة، إن تركيا لا تريد اللجوء إلى الوسائل العسكرية، لكنه حذّر من أن الصبر على «قوات سوريا الديمقراطية» ينفد.

وقلل المسؤولون الأكراد من أهمية المهلة وقالوا إنهم ملتزمون بالمحادثات من أجل تحقيق الاندماج العادل. وقال سيهانوك ديبو وهو مسؤول في «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، إن «الضمانة الأكثر موثوقية لاستمرار صلاحية الاتفاق تكمن في مضمونه، لا في الإطار الزمني»، مشيراً إلى أن الأمر قد يستغرق حتى منتصف 2026 للتعامل مع جميع النقاط الواردة في الاتفاق.

وكانت «قوات سوريا الديمقراطية» طرحت في أكتوبر (تشرين الأول) فكرة إعادة تنظيم نفسها في ثلاث فرق جغرافية بالإضافة إلى الألوية. ومن غير الواضح ما إذا كان هذا التنازل، الوارد في الاقتراح الذي قدّمته دمشق في الأيام القليلة الماضية، سيكون كافياً لإقناعها بالتخلي عن السيطرة على الأراضي.

وقال عبد الكريم عمر، ممثل «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» التي يقودها الأكراد في دمشق، إن الاقتراح الذي لم يُعلن عنه يتضمن «تفاصيل لوجستية وإدارية قد تسبب خلافا وتؤدي إلى تأخير».

وقال مسؤول سوري كبير لوكالة «رويترز» إن ‌الرد السوري «يتّسم بالمرونة لتسهيل التوصل إلى توافق من أجل تنفيذ اتفاق مارس».


عبد العاطي لـ«الشرق الأوسط» : مصر والسعودية جناحا الأمة لن ينصلح الحال دونهما

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي لـ«الشرق الأوسط» : مصر والسعودية جناحا الأمة لن ينصلح الحال دونهما

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

وصف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي العلاقات المصرية - السعودية بـ«المتميزة»، وقال إن القاهرة والرياض هما جناحا الأمة، و«لن ينصلح الحال من دونهما». وتابع عبد العاطي في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «التنسيق على المستوى السياسي في أبهى وأفضل حالاته، وقريباً سيتم عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي».

وحمّل الوزير المصري إسرائيل مسؤولية تعثر الانتقال للمرحلة الثانية من «اتفاق غزة»، مضيفاً أن القاهرة تُعوّل على قيادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنفاذ الاتفاق، ومشيراً إلى اتصالات إيجابية وحوار مستمر مع واشنطن.

وأكد عبد العاطي أهمية دور «مجلس السلام العالمي» في تعبئة وحشد الموارد المالية الخاصة بتنمية غزة وإعادة إعمارها والتعافي المبكر، ومراقبة صرف أموال إعادة الإعمار