إسرائيل تستهدف المعابر بين سوريا ولبنان 27 مرة خلال الحرب

مسافرون يتحدثون إلى مسؤولين حكوميين يوم الاثنين عند معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان انتظاراً للعبور بعد ضربة إسرائيلية تسببت بحفرة كبيرة (أ.ف.ب)
مسافرون يتحدثون إلى مسؤولين حكوميين يوم الاثنين عند معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان انتظاراً للعبور بعد ضربة إسرائيلية تسببت بحفرة كبيرة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستهدف المعابر بين سوريا ولبنان 27 مرة خلال الحرب

مسافرون يتحدثون إلى مسؤولين حكوميين يوم الاثنين عند معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان انتظاراً للعبور بعد ضربة إسرائيلية تسببت بحفرة كبيرة (أ.ف.ب)
مسافرون يتحدثون إلى مسؤولين حكوميين يوم الاثنين عند معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان انتظاراً للعبور بعد ضربة إسرائيلية تسببت بحفرة كبيرة (أ.ف.ب)

استهدفت إسرائيل خلال 35 يوماً هي عمر الهجوم الإسرائيلي على لبنان، معابر الحدود السورية – اللبنانية 27 مرة؛ ما أسفر عن تدمير مواقع عدة وخروج معابر مهمة شرعية عن الخدمة، تسببت بإعاقة حركة مرور النازحين من لبنان باتجاه الأراضي السورية أو عودتهم إليها لاحقاً.

الضربات استهدفت مواقع ومعابر حدودية (رسمية وغير رسمية وطرقاً فرعية وترابية)، تُستخدم للتنقلات بين سوريا ولبنان، في خطوة، عدّها «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، تهدف أيضاً إلى عرقلة دخول الإمدادات والمساعدات إلى الداخل اللبناني، في سياق رصد إسرائيلي واسع للمعابر والمنطقة الحدودية.

وقد أسفرت الضربات عن مقتل 16 شخصاً، بينهم 4 من «حزب الله» وشخص لبناني، بالإضافة إلى إصابة 8 من قوات النظام وأجهزته الأمنية.

واستدعى هذا الوضع الأمني غير المستقر، مطالبة منظمات حقوقية إنسانية، الدول المضيفة لاجئين سوريين، بإعادة النظر في سياسة عودة اللاجئين، ومن ذلك «هيومن رايتس ووتش»، التي طالبت البلدان التي تستضيف اللاجئين السوريين، بالتوقف «فوراً» عن أي عمليات «عودة قسرية» للاجئين السوريين، من دون احترام الإجراءات الواجبة، أو أي خطة لتسهيل مثل هذه العودة، والإدراك أن «سوريا لا تزال غير آمنة للعودة».

مظاهرة لسوريين الأحد في لاهاي بهولندا التي تدرس إعادة اللاجئين إلى سوريا (إ.ب.أ)

وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في المنظمة: «يُجبر السوريون الفارُّون من العنف في لبنان على العودة إلى سوريا، حتى مع بقاء سوريا غير صالحة للعودة الآمنة أو الكريمة، في ظل غياب أي إصلاحات ذات مغزى لمعالجة الأسباب الجذرية للنزوح».

ونبّه كوغل، إلى أن «الوفيات المريبة للعائدين أثناء احتجازهم، تسلّط الضوء على الخطر الصارخ المتمثل في الاحتجاز التعسفي والانتهاكات والاضطهاد بحق الفارين، والحاجة الملحة إلى مراقبة فعالة للانتهاكات الحقوقية في سوريا». مشدداً على أن «المخاطر المتصاعدة في لبنان، تجعل الكثير من السوريين بلا مكان آخر يذهبون إليه»، عادّاً أن «عودتهم ليست علامة على تحسن الظروف في سوريا»، بل هي «حقيقة صارخة مفادها أنهم محرومون من البدائل الأكثر أمناً، ويُجبرون على العودة إلى بلد لا يزالون يواجهون فيه مخاطر الاعتقال والانتهاكات والموت».

تقرير المنظمة، الذي صدر الأربعاء، قالت فيه إن الحكومة السورية والجماعات المسلحة التي تسيطر على أجزاء من سوريا، تستمر في منع المنظمات الإنسانية والمنظمات الحقوقية من الوصول الكامل وغير المقيد إلى جميع المناطق، بما يشمل مواقع الاحتجاز؛ «ما يعيق جهود التوثيق ويحجب الحجم الحقيقي للانتهاكات».

«هيومن رايتس ووتش» التقت أقارب خمسة رجال اعتقلتهم السلطات السورية بعد عودتهم من لبنان في أكتوبر (تشرين الأول). ونقلت عن زوجة أحد المعتقلين، قولها، إنها فرَّت مع زوجها إلى سوريا مع أربعة أطفال وجرى اعتقال زوجها (33 عاماً) عند معبر الدبوسية.

وحول سبب فرارهم من لبنان بعد إقامة 13 عاماً، قالت إنه عندما اشتد القصف الإسرائيلي أواخر سبتمبر (أيلول)، تلقوا تحذيراً بالإخلاء، وفرّوا بلا شيء، وعاشوا في الشارع لمدة 10 أيام قبل تأمين الأموال للسفر إلى سوريا. وعندما اعتقلوا زوجها قالوا لها: (امضي في طريقكِ. سيبقى هو معنا)». وانتظرت الزوجة خمس ساعات، متوسلة للحصول على معلومات من دون جدوى، متمنية «لو بقينا تحت الصواريخ بدل تعرضنا لهذا».

توثيق الشبكة السورية لاعتقال العائدين من لبنان

من جانبها، سجلت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، اعتقال ما لا يقل عن 26 شخصاً، بينهم امرأة، بعد عودتهم من لبنان إلى سوريا، ومقتل أحدهم تحت التعذيب في السجون السورية، خلال الفترة بين 23 سبتمبر، حتى 25 الحالي.

وجاءت تحذيرات «هيومن رايتس ووتش» بعد تطمينات أطلقها وزير المهجرين اللبناني عصام شرف الدين، للاجئين السوريين في لبنان بشأن عودتهم إلى سوريا، وقال بعد زيارته دمشق قبل أيام، حيث التقى مسؤولين سوريين: ليس للاجئين السوريين «إلا بلدهم»، مبشراً بصدور عفو رئاسي قريب حتى عن الذين حملوا السلاح.

وأضاف في تصريحات للإعلام اللبناني: «إن الحكومة السورية عندما استقبلت 560 ألف شخص خلال أسبوعين، أكدت أن أبواب العودة كانت مفتوحة»، متهماً دول الغرب بعرقلة عودة السوريين.

راعٍ يقود قطيعه عند معبر المصنع الحدودي مع سوريا وسط أعمال عدائية مستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في لبنان 28 أكتوبر (رويترز)

حول أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان في ظل التصعيد الحالي، تطرقت «هيومن رايتس ووتش» في تقريرها إلى منح ملاجئ عدّة في لبنان الأولوية للنازحين اللبنانيين والفلسطينيين مع منع دخول السوريين إليها، وأن بعض أصحاب المساكن طردوا مستأجريهم السوريين لإفساح المجال للنازحين اللبنانيين.

وقالت المنظمة إنه حتى قبل الهجوم الإسرائيلي، «عاش السوريون في لبنان في بيئة قسرية مصممة لإجبارهم على التفكير في العودة إلى سوريا، واجهوا ظروفاً قاسية، وتصاعد العداء للأجانب، والترحيل».

ولقي نحو 207 سوريين مصرعهم في لبنان جراء التصعيد الإسرائيلي ضد «حزب الله» منذ 24 سبتمبر الماضي، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في حين دخل إلى الأراضي السورية أكثر من 440 ألف شخص فروا من لبنان 71 في المائة منهم لاجئون سوريون عبروا بشكل رسمي، وفق إحصائيات الهلال الأحمر العربي السوري، الذي يقود مع «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» جهود الطوارئ الإنسانية على الحدود وفي المجتمعات المضيفة.

يشار إلى أن سوريا فتحت حدودها وسهلت دخول الوافدين والعائدين من لبنان، ووصل منهم نحو 50 ألفاً و779 نازحاً إلى شمال شرقي سوريا بحلول 25 أكتوبر، و6600 إلى شمال غرب البلاد بحلول 24 أكتوبر. وعدد كبير من العائدين هم من النساء والأطفال.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يستهدف عنصراً من «حزب الله» في جنوب لبنان

المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان في 22 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يستهدف عنصراً من «حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الخميس إنه استهدف عنصراً ينتمي إلى جماعة «حزب الله» اللبنانية في منطقة الجميجمة بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

غارات إسرائيلية على النبطية بجنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (الأربعاء) انه شن غارات تستهدف مواقع لحزب الله في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)

خاص تحقيقات ترجّح اختطاف إسرائيل ضابطاً لبنانياً على صلة بملف آراد

تحقيقات لبنانية ترجّح فرضية اختطاف إسرائيل ضابطاً متقاعداً، بعد معطيات عن استدراج منظّم وارتباط القضية بملف الطيار المفقود رون آراد.

يوسف دياب (بيروت)
شؤون إقليمية «هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب ما جاء في منشور على «إكس» للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي play-circle 03:20

«اعترافات» أمهز… تمهيد إسرائيلي لتصعيد ضد لبنان؟

حملة تروج لها السلطات الإسرائيلية لتبرير التصعيد الحربي على لبنان ومحاولة إقناع واشنطن وغيرها من العواصم الغربية بـ«ضرورة توجيه ضربة قاسية أخرى لحزب الله».

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي صورة من مقر قيادة «يونيفيل» في الناقورة جنوب لبنان... عُقد الاجتماع اللبناني الإسرائيلي في هذا المقر وفق ما أوردته السفارة الأميركية في بيروت (رويترز) play-circle

اجتماع ممثلين مدنيين وعسكريين من لبنان وإسرائيل في إطار لجنة وقف النار

عقد ممثلون عن لبنان وإسرائيل، الجمعة، اجتماعاً في إطار اللجنة المكلفة بمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار الساري منذ عام، وفق ما أفادت السفارة الأميركية في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
TT

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

قال الجيش الإسرائيلي إن أحد جنود ​الاحتياط دهس بسيارته فلسطينياً بينما كان يصلي على جانب طريق في الضفة الغربية المحتلة، أمس الخميس، بعد أن أطلق النار، في وقت سابق في المنطقة.

وقال الجيش، في بيان: «تلقينا مقطعاً مصوراً لشخص مسلّح يدهس فلسطينياً»، مضيفاً أن الشخص جندي ‌احتياط، وخدمته العسكرية ‌انتهت.

وأضاف الجيش أن ‌الجندي ⁠تصرّف ​في «‌مخالفة خطيرة للقواعد العسكرية»، وجرت مصادرة سلاحه.

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه محتجَز قيد الإقامة الجبرية.

ونُقل الفلسطيني إلى المستشفى؛ لإجراء الفحوصات بعد الهجوم، لكنه لم يُصَب بأذى وهو الآن ⁠في منزله.

ويظهر في المقطع المصوَّر الذي بثه التلفزيون ‌الفلسطيني، وتسنّى لـ«رويترز» التحقق من صحته، ‍رجلٌ يرتدي ملابس ‍مدنية ويحمل سلاحاً على كتفه وهو يقود ‍سيارة رباعية الدفع ليصدم رجلاً يصلي على جانب الطريق. ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، كان العام الحالي هو الأعنف من حيث الهجمات المسجلة التي ​نفّذها مدنيون إسرائيليون على الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي أسفرت عن أكثر من ⁠750 إصابة.

وذكرت «الأمم المتحدة» أن أكثر من ألف فلسطيني قُتلوا في الضفة الغربية بين السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 و17 أكتوبر 2025، معظمهم في عمليات نفّذتها قوات الأمن، وبعضهم جراء عنف المستوطنين. وفي الفترة نفسها، قُتل 57 إسرائيلياً في هجمات فلسطينية.

من ناحية أخرى، قالت الشرطة الإسرائيلية، اليوم، إن مهاجماً فلسطينياً قتل رجلاً وامرأة ‌في شمال إسرائيل.


المؤسسة الدينية الشيعية تُهاجم الحكومة اللبنانية بسبب «حصرية السلاح»

دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)
دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)
TT

المؤسسة الدينية الشيعية تُهاجم الحكومة اللبنانية بسبب «حصرية السلاح»

دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)
دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)

استبقت المؤسسة الدينية الشيعية في لبنان، انطلاق المرحلة الثانية من خطة «حصرية السلاح» بيد القوى الرسمية اللبنانية، بهجوم عنيف على الحكومة، إذ وصفها نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب بأنها «إدارة تنفذ ما يفرضه الأميركيون وليست حكومة تحكم البلاد»، فيما وصفها المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان بأنها «حكومة منبطحة».

ويأتي هذا الهجوم على الحكومة قبل نحو أسبوع من الإعلان عن استكمال المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني، والانتقال إلى المرحلة الثانية التي تشمل المنطقة الواقعة بين نهري الليطاني والأولي، في عمق يمتد إلى نحو 40 كيلومتراً شمال الحدود مع إسرائيل. كما يتزامن ذلك مع تكثيف إسرائيل ضرباتها الجوية في العمق اللبناني، قبيل لقاء رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة.

وتعهّد الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، بمواصلة العمل لاستكمال تنفيذ قرار حصرية السلاح على كل الأراضي اللبنانية، وقال: «القرار اتخذ، وسنكمل الأمر»، مشيراً إلى أن «التطبيق وفقاً للظروف».

المجلس الشيعي

ودعا نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب، السلطة السياسية الى «وقف مسلسل التراجع أمام العدو الإسرائيلي وداعميه، والتوقف عن تقديم التنازلات المجانية ومن دون مقابل». وطالب الحكومة بـ«تحديد أولوياتها بتحرير الأرض وعودة النازحين، والبدء بمسيرة الإعمار وتحرير الأسرى».

نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب (الوكالة الوطنية)

وقال الخطيب: «أسوأ ما طالعتنا به هذه السلطة على أبواب السنة الجديدة، نيتها الانتقال إلى حصر السلاح شمال الليطاني، وفق ما صرح به رئيس الحكومة (نواف سلام)، في مبادرة مجانية ومن دون أي مقابل أو ثمن من جانب العدو الإسرائيلي الذي لا يزال مصرّاً على احتلال الأرض واستمرار العدوان، والذي يُنزل بأهلنا القتل والدمار والخراب، وقد بلغ الفجور الصهيوني مداه من دون رادع أو وازع».

وتابع الخطيب: «إن هذه السياسة أقل ما يقال عنها إنها سياسة استسلام لإرادة العدو وداعميه، وسياسة تجاهل لكل آلام شعبنا ومعاناته اليومية، وتجاوز لكل المبادئ التي تقوم عليها الحروب أياً كانت نتائجها، إلا إذا كانت هذه الحكومة تعتبرنا أمة غير لبنانية أو أمة مهزومة، وعليها تقديم فروض الطاعة، وتجاوز كل التضحيات التي قدمها أهلنا طوال عقود ماضية على مذبح الوطن دفاعاً عن الأرض والعرض».

وسأل: «أي سياسة هذه التي تقوم على التنازلات، والتنازلات فقط؟ وأي مستقبل ننتظره في حال استمرار هذه السياسة؟»، وقال: «هناك انطباع بأن هناك إدارة تنفذ ما يفرضه الأميركيون وليست حكومة تحكم البلاد؛ لذلك ننصح هذه الحكومة بأن تراجع موقفها، وتوقف مسلسل التراجعات، فنحن لسنا ضعافاً، ولسنا مهزومين، وعليها أخذ القرارات بناءً على هذا المفهوم».

الإفتاء الجعفري

من جهته، رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «أن ما نريده لهذا البلد حكومة وطنية بحجم مصالح لبنان وأهله، وليس حكومة لوائح دولية»، مضيفاً أن «الانبطاح الحكومي يُهدد مصالح لبنان».

وقال قبلان في خطبة الجمعة: «الحكومة هي حكومة بمقدار ما تتحمل من مسؤوليات إغاثة وإعمار وسيادة على الأرض، وليس من مصلحتها أن تتعامل مع البقاع والجنوب والضاحية ندّاً يتموضع بجانب الخارج، ولا قيمة للشعارات والمواقف التي لا تتحوّل إلى سياسات سيادية خاصة تجاه الإرهاب الصهيوني، وخيارنا لبنان وسيادة لبنان، والدفاع الشامل عن العقيدة الوطنية».

جندي في الجيش اللبناني يقف على مدخل كنيسة في بلدة الخيام بجنوب لبنان خلال احتفالات الميلاد (إ.ب.أ)

وقال قبلان: «إسرائيل لا يمكن أن تربح ما دام القرار السيادي موحّداً، والسيادة لا يمكن أن تتجزأ، فلبنان لبنان بكلّه، والوطنية لا يمكن أن تتفرّق، والدفاع عن الجنوب أو البقاع أو الضاحية دفاع عن كل لبنان، وقيمة الحكومة في هذا المجال هي بمسؤوليتها تجاه شعبها وأرضها وسيادتها الحدودية، لأنه لا يمكن التعويل على حكومة منبطحة، ولا على سلطة مشغولة بإحصاء واردات الخزينة»، عادّاً أن «الحلّ يكون بتغيير الفكر السياسي والرؤية السياسية والاستراتيجية السياسية الموحِّدة للبلد لا الممزقة له».

ضغط ناري إسرائيلي

وتستبق إسرائيل الإعلان اللبناني عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من حصرية السلاح، بتكثيف غاراتها في منطقة شمال الليطاني، وفي شرق لبنان؛ حيث شنّ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات، مستهدفاً جرود الهرمل في البقاع (شرق لبنان) وإقليم التفاح في الجنوب والواقع شمال الليطاني. كما ألقت مسيّرة إسرائيلية قنبلة صوتية على بلدة العديسة.

الدخان يتصاعد جرّاء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة الهرمل في شرق لبنان (متداول)

وقال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إنه أغار على عدة مواقع تابعة لـ«حزب الله» في لبنان، مستهدفاً مركز تدريب ومستودعات أسلحة.

وأوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة «إكس»: «جرى استهداف عدة مستودعات أسلحة وبنى تحتية إرهابية أخرى استخدمها (حزب الله) للدفع بمخططات إرهابية».

وأضاف أن الضربات شملت «مجمع تدريبات وتأهيل استخدمته وحدة قوة الرضوان في (حزب الله) لتأهيل عناصر الوحدة».

ورغم وقف إطلاق النار المبرم بين لبنان وإسرائيل منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، تواصل الدولة العبرية تنفيذ هجمات منتظمة تقول إنها تستهدف البنية التحتية لـ«حزب الله»، متهمة إياه بإعادة التسلّح.

وفي ظل ضغط أميركي شديد وخشية تكثيف إسرائيل لضرباتها، أقرّت السلطات اللبنانية خطة لنزع سلاح «حزب الله» وتفكيك بناه العسكرية بحلول نهاية العام في المنطقة الممتدة من الحدود مع إسرائيل وحتى نهر الليطاني الواقع على مسافة نحو 30 كيلومتراً شمالها. لكن إسرائيل شككت في فاعلية هذه العملية، واتهمت «حزب الله» بإعادة التسلح.

والخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل في لبنان أحد أعضاء «فيلق القدس»، المكلف بالعمليات الخارجية في «الحرس الثوري الإيراني»، متهماً إياه بالتخطيط لهجمات «من سوريا ولبنان». وحسب السلطات اللبنانية، أسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل 3 أشخاص، الخميس.


أحزاب عراقية تحت الضغط قبل تجاوز المدد الدستورية

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
TT

أحزاب عراقية تحت الضغط قبل تجاوز المدد الدستورية

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

مع اقتراب المُهل الدستورية لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، تتصاعد الخلافات بين الكتل السياسية الرئيسية؛ ما يهدد بتعطيل استحقاقات أساسية في العملية السياسية التي تقوم على توازنات عرقية وطائفية معقدة منذ عام 2003.

ويبدو العرب السُّنة أول المتضررين من ضيق الوقت، بعدما فشلت قواهم السياسية في الاتفاق على مرشح توافقي لرئاسة البرلمان، وهو المنصب الذي يُخصص تقليدياً للمكون السني.

ومن المقرر أن يعقد البرلمان جلسته الأولى الاثنين المقبل برئاسة النائب الأكبر سناً من بين النواب الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وسط تحذيرات من تجاوز المُدد الدستورية.

وبينما يتمتع التحالف الشيعي الأكبر، المعروف باسم «الإطار التنسيقي»، بهامش أوسع من الوقت؛ نظراً لأن اختيار رئيس الوزراء يأتي في المرحلة الأخيرة من تشكيل السلطات، يواجه السنة خطر اللجوء إلى التصويت داخل البرلمان في حال تعذر التوافق، وهو خيار يُنظر إليه بوصفه خروجاً عن الأعراف السياسية السائدة.

ويتركز الخلاف السني بشكل أساسي بين حزب «تقدم» بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، وتحالف «عزم» بقيادة مثنى السامرائي.

ويصر الحلبوسي على الاحتفاظ بالمنصب، مستنداً إلى ما يصفه بحصول كتلته على الوزن الانتخابي الأكبر داخل المكون السني.

وفي المقابل، لا تزال الخلافات الكردية قائمة بشأن منصب رئاسة الجمهورية، الذي يُعدّ من حصة الكرد، رغم أن لديهم وقتاً أطول نسبياً لمعالجة انقساماتهم الداخلية.

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

ما معادلة النقاط؟

تعتمد القوى السياسية العراقية في مفاوضاتها على ما يُعرف بـ«معادلة النقاط مقابل المناصب»، وهي آلية غير رسمية تقوم على تحويل عدد المقاعد البرلمانية التي تمتلكها كل كتلة رصيداً من النقاط.

وتُمنح المناصب السيادية والتنفيذية والنيابية قيماً رقمية متفاوتة حسب أهميتها، مثل رئاسة الوزراء أو رئاسة البرلمان أو مناصب النواب والوزارات.

وبموجب هذه المعادلة، تحصل الكتل الأكبر على مناصب أعلى قيمة، أو على مجموعة من المناصب الأقل أهمية التي تعادل وزنها الانتخابي، في محاولة لتحقيق توازن بين نتائج الانتخابات ومتطلبات التوافق السياسي.

انقسام شيعي

في المعسكر الشيعي، تواصل هذه المعادلة إثارة المزيد من التوتر. فإلى جانب تنافس رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، دخلت تحالفات جديدة على خط التفاوض، أبرزها التحالف بين هادي العامري، زعيم «منظمة بدر»، وشبل الزيدي، زعيم تحالف «خدمات».

ويرى مراقبون أن هذا التحالف يعمّق الانقسامات داخل «الإطار التنسيقي»، بعدما طرح توزيعاً جديداً للنقاط يستهدف مناصب موازية، من بينها منصب النائب الأول لرئيس البرلمان، الذي تُقدّر قيمته بما بين 15 و17 نقطة ضمن معادلة تقاسم السلطة.

ويضم التحالف الجديد نحو 30 نائباً؛ ما يمنحه فرصة قوية للمطالبة بهذا المنصب، إلى جانب وزارة خدمية وهيئة مستقلة، وفقاً لمصادر سياسية.

وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان قد شدد على أن الجلسة الأولى للبرلمان يجب أن تحسم انتخاب رئيس المجلس ونائبيه دون تأجيل، محذراً من أن تجاوز المدد الدستورية يشكّل مخالفة صريحة للدستور.

ومع استمرار الانقسامات، يبقى تشكيل الحكومة العراقية رهناً بقدرة القوى السياسية على التوفيق بين حسابات النقاط وضغوط الدستور، في مشهد يعكس هشاشة التوازنات التي تحكم النظام السياسي في البلاد.

وكان مارك سافايا، مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق، حذَّر من أن البلاد تقف عند «لحظة حاسمة»، داعياً القادة السياسيين والدينيين إلى اتخاذ قرارات موحدة لتجنب العودة إلى «التشرذم والانحدار».

وكتب سافايا على منصة «إكس»، أن المسؤولية تقع الآن على عاتق القادة العراقيين، مؤكداً أن قراراتهم المقبلة ستحدّد ما إذا كان العراق يتجه نحو الاستقرار والسيادة، أم سيعود إلى دوامة التراجع والاضطراب، محذراً من تداعيات اقتصادية وسياسية وعزلة دولية محتملة.