كيف واجهت «حماس» تفوق إسرائيل العسكري براجمات صواريخ و«مقاعد محمولة جواً»؟

مشهد لتدمير جزء من السياج الحدودي في غزة (فيديو لكتائب القسام)
مشهد لتدمير جزء من السياج الحدودي في غزة (فيديو لكتائب القسام)
TT

كيف واجهت «حماس» تفوق إسرائيل العسكري براجمات صواريخ و«مقاعد محمولة جواً»؟

مشهد لتدمير جزء من السياج الحدودي في غزة (فيديو لكتائب القسام)
مشهد لتدمير جزء من السياج الحدودي في غزة (فيديو لكتائب القسام)

في هجوم مباغت، فجّر مقاتلون فلسطينيون من فصائل مختلفة، صباح السبت، أجزاء من السياج الحدودي مع قطاع غزة، وهاجموا عبرها المواقع العسكرية القريبة من القطاع إلى جانب عدة مدن ومستوطنات تحيط به.

الهجوم المباغت، سبقه تمهيد نيراني كبير بالمدفعية الصاروخية ساهم في تحييد منظومة القبة الحديدية الدفاعية، وأجبر الجنود الإسرائيليين على البقاء في المخابئ حتى وصل المقاتلون الفلسطينيون باستخدام المركبات الخفيفة والدراجات النارية إلى أهدافهم. في السطور التالية نستعرض أبرز الأسلحة التي ظهرت خلال الهجوم، من الجانبين.

مشهد لتدمير جزء من السياج الحدودي في غزة (فيديو لكتائب القسام)

«ميركافا»

أول المشاهد التي وصلت من القطاع لدبابة «ميركافا»، وهي عماد سلاح المدرعات الإسرائيلي، تشتعل بها النيران وسحب المقاتلين الفلسطينيين 3 من طاقمها.

و«الميركافا» هي دبابة قتال رئيسية وتستخدم القوات المدرعة الإسرائيلية، بشكل أساسي، الإصدار الرابع منها «ميركافا - 4»، وهي تُصنّع محلياً ومدفعها الرئيس من عيار 120 ملم.

وقبل 3 أسابيع، في منتصف سبتمبر (أيلول)، أعلنت إسرائيل عن الإصدار الخامس من الدبابة «ميركافا» تحت اسم «باراك»، بعد 5 سنوات من العمل عليها، وتسليمها إلى الكتيبة 52 ضمن الفرقة 401 المدرعة.

«أشزريت»

أظهر فيديو آخر نشرته «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، لما وصفته بأنه «الاستيلاء على موقع (ناحل عوز) العسكري شرق غزة»، نحو 10 آليات مدرعة من نوع «أشزريت» ومدرعة من طراز «M113»، إلى جانب عدة عربات جيب عسكرية.

والمدرعة «أشزريت» هي ناقلة جنود مدرعة ثقيلة. تصنعها إسرائيل عن طريق التعديل على هياكل الدبابات السوفياتية القديمة من طراز «تي-54» و«تي-55» التي غنمت المئات منها خلال حربها مع الجيوش العربية في يونيو (حزيران) 1967 حيث كانت يستخدمها الجيشان المصري والسوري آنذاك.

المدرعة «أشزريت» ناقلة جنود مدرعة إسرائيلية ثقيلة (فيديو لسرايا القدس)

أدخلت إسرائيل تعديلات وتطويرات على هذه الدبابات لتلبي احتياجاتها عن طريق إزالة البرج واستبدال آخر إسرائيلي به يحمل رشاشاً خفيفاً يمكن إطلاقه من داخل المدرعة، وكذلك زيادة تدريعها.

تستطيع «أشزريت» استيعاب نحو 10 جنود، بينهم 3 هم طاقم التشغيل، وهي تعمل بجانب دبابات «الميركافا» ومدرعات «النمر».

ورغم دخول المقاتلين الفلسطينيين إلى هذا المعسكر، إلا أنه من غير المرجح أنه يمكنهم الاستفادة من هذه المدرعات ونقلها إلى قطاع غزة، والأرجح أنه سيتم إعطابها في أماكنها لتعظيم الخسائر الإسرائيلية في العملية. وتؤيد هذا الاعتقاد مشاهد في الفيديو سابق الذكر لإعطاب سيارات عسكرية أخرى عثر عليها في الموقع العسكري الإسرائيلي.

«رجوم»

نشرت «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، مقطع فيديو يظهر استخداماً كثيفاً لصاروخ يظهر للمرة الأولى أطلقت عليه اسم «رجوم»، ويتضح أن الصاروخ قصير المدى من عيار 114 ملم، ويبدو كأنه تصنيع محلي للصاروخ «كاتيوشا» عيار 107 ملم.

أظهرت المشاهد أن الراجمة التي تطلق هذا الصاروخ تحتوي على 15 فوهة، أي أنها يمكنها إطلاق 15 صاروخاً بشكل متتالٍ.

واستخدمت «القسام» عدة راجمات متجاورة للحصول على كثافة نيرانية كبيرة لتحييد بطاريات القبة الحديدية التي تقل فاعليتها كثيراً في حال إغراقها بالصواريخ، وأيضاً لإبقاء الجنود في المعسكرات الملاصقة لحدود قطاع غزة داخل ثكناتهم ومخابئهم حتى وصول المقاتلين المهاجمين.

من الجو

أحد أبرز المشاهد في الهجوم الفلسطيني المباغت هو الهجوم من الجو، فأعلنت «كتائب القسام» عما أطلقت عليه «سرب صقر - سلاح الجو».

وهي قوات محمولة جواً تتنقل عن طريق مقعد يحمل فردين ترفعه في الهواء مروحة كبيرة ومظلة. وقبل أن تعلن «القسام» عن هذه القوات اليوم للمرة الأولى، ظهرت بالفعل في مقاطع فيديو نشرها إسرائيليون على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) وهي تتخطى حدود قطاع غزة.

«سرب صقر - سلاح الجو» التابع لكتائب القسام (فيديو لكتائب القسام)

وهذه القوات «المظلية» هي استثمار لعملية الطائرات الشراعية التي نفذتها «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» في ثمانينات القرن الماضي، حيث طار 4 مقاتلين بطائرات شراعية من لبنان مستهدفين الهجوم على إسرائيل، واجهت 3 منها صعوبات إلا أن طائرة منها استطاع قائدها الهبوط في معسكر إسرائيلي والاشتباك مع جنود إسرائيليين وإيقاع عدد من القتلى قبل أن يلقى حتفه.

أيضاً بثت «القسام» مشاهد لاستخدام قنابل خفيفة تطلقها من طائرات مسيّرة صغيرة، إحدى القنابل أصابت دبابة «ميركافا» بشكل مباشر، أما الأخرى فسقطت بجوار 3 من الجنود الإسرائيليين، وأظهرت المشاهد اللاحقة أن أحدهم على الأقل أصيب ما اضطر الآخرين لسحبه بعيداً.

هذا التكتيك نفسه استخدمته القوات الأوكرانية بكثافة خلال الحرب مع روسيا، إذ تحمّل المسيّرات صغيرة الحجم بقنابل خفيفة لاصطياد الجنود الروس في الخنادق، خصوصاً خلال الهجوم المضاد الذي تشنه على الجبهتين الشرقية والجنوبية، حيث يحتمي الجنود الروس بخطوط دفاعية منيعة تجعل من الصعب على الآليات الثقيلة مثل الدبابات التقدم بسهولة.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي أنقاض مبان دمرتها غارات إسرائيلية سابقة وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في خان يونس جنوب قطاع غزة... 7 يناير 2025 (رويترز)

مقتل 18 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على خان يونس

قُتل 18 فلسطينياً، اليوم (الثلاثاء)، بينهم تسعة أطفال، في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت خياما ومنازل ومركبة في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

2025... عام ملء الفراغات؟

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم... فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات أو خلق بعضها؟

المحلل العسكري (لندن)
المشرق العربي عائلات المحتجزين الإسرائيليين يشاركون في احتجاج بتل أبيب يدعو إلى وقف الحرب (إ.ب.أ)

إسرائيل تؤكد استئناف المفاوضات في قطر بشأن هدنة غزة

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم السبت، استئناف المفاوضات غير المباشرة مع «حماس» في قطر من أجل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفلة تبكي أقارب لها قتلوا بغارة إسرائيلية في مستشفى بحي الشجاعية شمال قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

إسرائيل تدمّر ما تبقى من شمال القطاع وتزيل حياً سكنياً

قوات الاحتلال دمرت جميع البنايات الشاهقة التي تطل على مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

المشهداني يبدأ أولى خطوات توحيد «البيت السني» ويذكّر «الشيعة» بالتسوية الوطنية

من اجتماع ولادة «ائتلاف القيادة السنية الموحدة»... (متداولة)
من اجتماع ولادة «ائتلاف القيادة السنية الموحدة»... (متداولة)
TT

المشهداني يبدأ أولى خطوات توحيد «البيت السني» ويذكّر «الشيعة» بالتسوية الوطنية

من اجتماع ولادة «ائتلاف القيادة السنية الموحدة»... (متداولة)
من اجتماع ولادة «ائتلاف القيادة السنية الموحدة»... (متداولة)

مع أنه انتظر سنة كاملة لكي يصل إلى منصبه، فإن خطوات رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني الأولى بعد توليه المنصب، بدت لافتة للنظر، سواء داخل القوى السنية، وللشركاء في البيت الشيعي.

فالمشهداني كان الوحيد من بين المرشحين السنة لرئاسة البرلمان بعد شغور المنصب عقب إقالة محمد الحلبوسي بقرار من المحكمة الاتحادية العليا (أبرز هؤلاء المرشحين كان شعلان الكريم ثم سالم العيساوي) الذي دعمه «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي.

رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (متداولة)

ومع أن المشهداني تلقى دعماً من قبل طرف شيعي، فإن التنافس بقي قوياً مع الآخرين، لا سيما أن الحلبوسي سعى إلى أن يكون بديله من قبل حزب «تقدم» الذي يتزعمه. غير أن الخلافات السياسية التي حالت دون وصول مرشحه شعلان الكريم لمنصب الرئاسة، جعلت حظوظ العيساوي؛ مرشح «السيادة» بزعامة خميس الخنجر، ترتفع، بموازاة ارتفاع نسبي لحظوظ المشهداني، إلى أن جرى التوافق عليه بموافقة الحلبوسي نفسه.

ليس في سلة أحد

وفي حين بدا أن المشهداني، الذي يطلق على نفسه لقب «شايب المكون» تعبيراً عن أنه آخر القيادات السنية المسنة، سيكون في سلة كل من الحلبوسي «السني» والمالكي «الشيعي»، إلا إنه، طبقاً لتصريحاته، عازم على المضي بالقوانين المدرجة على جدول أعمال البرلمان؛ بما فيها «القوانين الجدلية» الثلاثة وهي: قانون العفو العام «سنياً»، والأحوال الشخصية «شيعياً»، وعقارات الدولة «كردياً».

والذي لفت نظر المراقبين السياسيين أن المشهداني بدأ يتصرف من منطلق أنه باقٍ رئيساً للبرلمان لما تبقى من هذه الدورة التي تنتهي نهاية هذا العام وبعد إجراء الانتخابات البرلمانية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بوصفه زعيماً سياسياً سنياً كان قد انخرط سابقاً في «التسوية الوطنية» عبر مشروع مشترك مع الشيعة.

صورة لإحدى جلسات البرلمان العراقي برئاسة الحلبوسي (أرشيفية - رويترز)

وفي غضون الأيام الأولى من توليه منصبه، وخلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أواخر العام الماضي، أعاد المشهداني تذكير شركائه الشيعة بما اتُّفق عليه تحت اسم «التسوية الوطنية» التي لم ترَ النور رغم ما حدث من تطورات.

ومما قاله المشهداني في هذا الصدد إن «مشروع التسوية الوطنية جرى التوقيع عليه من قِبل زعماء الصف الأول من القيادات السياسية الشيعية والسنية، لكن للأسف جرى تسويف الموضوع». وأضاف: «جرى تسليم نسخة من المشروع إلى الأمين العام للأمم المتحدة في عام 2014 في مكتب رئيس البرلمان الأسبق، الدكتور سليم الجبوري، وكنا قد طالبنا بالتغيير، لكن لم يحصل هذا الدعم. وبعدها جاءت أحداث تشرين الأول (الانتفاضة الشعبية في أكتوبر 2018)؛ ما أجَّل التسوية الوطنية». وأكد أن «الحاجة لا تزال ماسّة إليها؛ على الأقل لمراجعة مشروع التسوية في ظل ما نشهده من خلافات وتحولات في المنطقة».

وفي حين بدت هذه هي القنبلة الأولى التي فجرها المشهداني في وجه الشركاء الذين كانوا يتصورون أنه سيكون رئيساً إجرائياً للبرلمان، فإن القنبلة الثانية هي ترؤسه اجتماعاً لعدد من القيادات السنية انتهى بالإعلان عن تشكيل ائتلاف سُمي «ائتلاف القيادة السنية الموحدة» الذي ضم، بالإضافة إليه، كلاً من: خميس الخنجر زعيم «تحالف السيادة»، ومثنى السامرائي رئيس «تحالف عزم»، وأحمد الجبوري «أبو مازن» رئيس «تحالف الجماهير»، وزياد الجنائي رئيس «تحالف المبادرة»، بينما لم يحضر الحلبوسي زعيم حزب «تقدم» مع أنه يعدّ أحد أبرز داعمي المشهداني.

وطبقاً لما جرى، فإن المشهداني بدا، عبر ما طرحه على صعيد «التسوية الوطنية» مع الشركاء الشيعة، وتوحيد البيت السني مع القيادات السنية، أنه ليس في سلة أحد، خصوصاً بعدما وُصفت تحركاته هذه بأنها «نوع من التمرد».

زعيم حزب «تقدم» محمد الحلبوسي ورئيس «منظمة بدر» هادي العامري يتوسطان نواباً عراقيين بعد انتخاب المشهداني (إكس)

وفي وقت أعلن فيه زعيم «تحالف عزم»، مثنى السامرائي، أن الدعوة لتشكيل الائتلاف السني الجديد كانت من رئيس البرلمان الدكتور المشهداني، فإنه، وطبقاً لما كشف عنه سياسي بارز، توجد جهود لضم الحلبوسي إلى هذا الائتلاف.

زعيم سني بارز أكد لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الكشف عن اسمه، أن «هذا الائتلاف الجديد بمثابة خيمة للمكون السني بعد سنوات من التشتت والضياع. وفي وقت توجد فيه للشركاء الآخرين، وأقصد الشيعة والكرد، مرجعيات، يبدو البيت السني أوهن من بيت العنكبوت».

ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت لهذا الائتلاف علاقة بموعد الانتخابات الذي بدأ يقترب نسبياً، قال السياسي البارز إن «هذا الائتلاف ليس تحالفاً انتخابياً مطلقاً؛ بل هو مرجعية للمكون السني، بل وخيمة له».

وبشأن غياب أبرز حزب سني عن هذا الائتلاف وهو حزب «تقدم» قال: «أؤكد لك أن هذا الائتلاف سوف يضم الجميع دون استثناء»، مبيناً أن «جهوداً كبيرة تبذل حالياً للتواصل مع (تقدم) وزعيمه الحلبوسي من أجل الانضمام إلى هذا الائتلاف».