د. فيليب سالم
رئيس مركز سالم للسرطان في هيوستن

بمناسبة اليوم العالمي للسرطان... ‏56 عاماً في معالجة الأمراض السرطانية

في يونيو (حزيران) من سنة 1968، التحقت بمؤسسة «Memorial Sloan Kettering Cancer Center» في نيويورك للتخصص في معالجة الأمراض السرطانية. ‏ومن يومها إلى يومنا هذا،

في اليوم العالمي للمرض... السرطان والسياسات الصحية

في مثل هذا اليوم من كل سنة، يقف العالم بخوف وريبة أمام هيبة السرطان وسلطانه. وكان هذا المرض قد تنازل عن عرشه في السنوات الثلاث الماضية، ليتبوأ هذا العرش طاغية جديد هو جائحة «COVID 19»، أما اليوم، وها قد انحسرت هذه الجائحة، فقد عاد السرطان إلى مركزه الطبيعي «إمبراطور الأمراض كلها».

السرطان و«كوفيد ـ 19»... انتصار العلم وفشل السياسة

قبل سنتين، ولسنين عديدة، كنا في مثل هذا اليوم نقف أمام عرش السرطان، إمبراطور الأمراض كلها، بخوف وهيبة. أما اليوم فقد جاء زائر جديد إلى الأرض ينازع السرطان على عرشه. إنه (كوفيد - 19) المرض الذي يسببه فيروس «كورونا». الفرق بين المرضين كبير. إذ إن مرض (كوفيد - 19) مرحلي، يفتك ويقتل ويدمر، ولكنه بالنهاية سيرحل بعد سنة أو سنتين على الأكثر؛ أما السرطان فهو مرض باق على هذه الأرض، يعذب ويقتل ويحطم كرامة الإنسان.

السرطان يتنازل عن عرشه للطاغية

قبل السنة الفائتة‏، كان العالم يقف في مثل هذا اليوم من كل سنة، في هيبة أمام السرطان، إمبراطور الأمراض كلها. أما اليوم فقد تغيّر العالم، وانقلب رأساً على عقب. لقد تنازل السرطان عن عرشه ليتبوأ هذا العرش طاغية جديد. ‏طاغية لم نكن نتوقعه. طاغية لا نراه بالعين المجردة. لقد قبض هذا الطاغية على العالم بأسره، وفتك في الأرض، وأظلمها. إنه واحد من الفيروسات التي تملأ الدنيا.

فيروس «كورونا» وإعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان

يصادف اليوم العاشر من ديسمبر (كانون الأول) ذكرى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، وعلى الرغم من أنها وثيقة غير مُلزمة، فإن هذا الإعلان الريادي أرسى معياراً دولياً بشأن حقوق الإنسان، وألزم الأمم المتحدة الدفاع عن كرامة الناس كافة. ومن العار أن هذه الوثيقة لم تخضع للتعديل أو التحديث منذ تاريخ صياغتها الأولى.

التقدم في معالجة الأمراض السرطانية

بمناسبة اليوم العالمي للسرطان، جئنا نحدد بالأرقام حجم التقدم في معالجة الأمراض السرطانية. في تقرير نشرته حديثاً الجمعية الأميركية للسرطان، جاء أن الدراسات أثبتت أن نسبة الوفاة من هذه الأمراض قد انخفضت في الولايات المتحدة 30 في المائة منذ سنة 1991. وبهذا يكون قد وفّر هذا الانخفاض الحياة لمليونين و900 ألف شخص كانوا سيلاقون حتفهم لولاه. إن أكبر تقدم حصل كان في سرطان الرئة؛ إذ إن نسبة الوفاة انخفضت 51 في المائة عند الرجال، و26 في المائة عند النساء. وذلك يعود ليس فقط إلى انخفاض نسبة المدخنين؛ بل أيضاً إلى التطور المذهل في معالجة هذا المرض بواسطة العلاج المناعي والعلاج المستهدِف.

العلاج المناعي... ثورة جديدة على السرطان

هذا يوم لتجديد الإصرار على الانتصار على عدو الإنسانية. هذا اليوم هو اليوم العالمي للسرطان. في مثل هذا اليوم من كل سنة، يقف البشر بخوف وذهول أمام سؤال: أين نحن من القضاء على السرطان؟ ولماذا لا يزال هذا «الطاغية» يقتل الملايين منا؟ وهل جاء العلم بجديد في علاج هذا المرض؟ الجواب هو: نعم. هناك شيء جديد وكبير. وهو تطور العلاج المناعي الذي غيّر جذرياً استراتيجية علاج الأمراض السرطانية كما غيّر جذرياً نسبة الشفاء منها. من أجل هذا مُنح James P. Allison الأميركي جائزة نوبل للطب لسنة 2018.

خمسون سنة من التمرد على السرطان

يصادف أن يكون هذا اليوم، اليوم العالمي للسرطان. وفي مثل هذا اليوم من كل سنة، تقف البشرية بخوف أمام هيبة «إمبراطور الأمراض». وتصادف أن تكون هذه السنة، السنة الخمسين التي قضيتها من حياتي في معالجة الأمراض السرطانية والأبحاث فيها. لقد التحقت سنة 1968 بمؤسسةMemorial Sloan Kettering في نيويورك وبدأت عند ذاك رحلتي مع السرطان. خمسون سنة. نصف قرن. عمر من التمرد على السرطان. عمر من التمرد على اليأس. عمر من الإصرار على الأمل. عمر من الإصرار على الحياة. فبينما يلهث معظم البشر وراء خدمة الأقوياء لقد أكرمني الله فأعطاني شرف خدمة أضعف الضعفاء. لذا أشكره كل يوم.