شيرين قباني
بات المواطن اللبناني في الأشهر الأخيرة يعيش حالة هلع من وقوعه فريسة إحدى مافيات الخطف والنشل المنتشرة بكثافة في الشوارع والمناطق كافة، مع تكرار حوادث الخطف مقابل فدية، والسرقة.
لم يألف اللبنانيون أنباء عن توقيف نساء متورطات في الإعداد لعمليات انتحارية أو المساهمة في نقل سيارات مفخخة، على غرار ما شهدته بلدة عرسال البقاعية، الحدودية مع سوريا، أول من أمس، حيث أوقف الجيش اللبناني ثلاث نساء، داخل سيارة مفخخة بنحو 40 كيلوغراما من المواد المتفجرة. وعلى الرغم من تضارب الأنباء بين روايتين، أفادت الأولى بأن النساء خططن لعملية انتحارية ثلاثية، بعد تسلمهن السيارة من منطقة يبرود السورية المجاورة، إذ تفجر إحداهن السيارة قبل أن تفجر زميلتاها نفسيهما بحزامين ناسفين كانا بحوزتهما، فيما تحدثت رواية ثانية عن أن دورهن اقتصر على تسلم السيارة ومن ثم تسليمها إلى طرف ثالث.
باتت حافلات نقل الركاب الصغيرة (الفانات) مصدرا للخوف بالنسبة إلى اللبنانيين، لا سيما الفقراء منهم الذين يجدون فيها الوسيلة الوحيدة والأقل تكلفة للتنقل يوميا، وذلك بعد الانفجار الذي استهدف باصا في منطقة الشويفات، شرق الضاحية الجنوبية لبيروت، الاثنين الماضي.
بعد كل تفجير انتحاري يستهدف لبنان، تتنافس وسائل الإعلام اللبنانية، لا سيما المرئية منها، في البحث عن «السبق» والخبر الحصري، فينام اللبنانيون على هوية انتحاري مفترض، يتضح بعدها غالبا أنه لا يزال حيا يرزق.
بعد كل تفجير انتحاري يستهدف منطقة معينة في لبنان، آخرها في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، تكشف التحقيقات عن هوية شبان كانت لهم حياة عادية تشبه يوميات الشاب اللبناني الساعي إلى تأمين لقمة العيش أو التخطيط لمستقبل ناجح. ولكن فجأة وبلا سابق إنذار، تنزل على عائلات كالصاعقة أخبار تتناقلها وسائل الإعلام ومفادها أن ابنهم هو «انتحاري» هذا التفجير أو ذاك، لتتغير حياتهم إلى الأبد. عائلة قتيبة الساطم، إحدى العائلات التي استفاقت على فاجعة كبيرة، بعد علمها بتورط ابنها قتيبة في تفجير حارة حريك الأول في الضاحية الجنوبية، مطلع الشهر الحالي.
ينشغل المجتمع الدولي في مدينة جنيف السويسرية بإيجاد مخرج للأزمة السورية المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، بينما يعاني لاجئون سوريون هاربون من قسوة الحرب في بلادهم. يعانون الجوع والفقر في دول اللجوء وسط آمال متواضعة وتمنيات يرى بعض اللاجئين أن تحقيقها شبه مستحيل، كما حال أسماء، الشابة السورية التي نزحت من قرية القورية في دير الزور إلى لبنان عن طريق عرسال بعد اشتداد المعارك وفقدان الأمن والأمان. تزوّجت أسماء من أبو كريم بعمر 13 سنة، ورغم أن مدخول العائلة من عمل الزراعة محدود، لكنهم كانوا يكتفون بما رزقهم الله من نعمة حسب قولها.
تجلس والدة ماريا على رصيف المستشفى، تبلل وجهها بدماء على يديها، دماء ماريا، ابنتها البالغة من العمر 18 سنة. تولول ثم تصمت. تسأل عن زوجها لأنها تريد منه أن «يعد الطرحة وفستان الزفاف الأبيض»، «أريد أن أزف ماريا»، تصرخ والدموع تفر من عينيها. تريد أن تزفها عروسا إلى الجنة. لا تستوعب الوالدة المصدومة المشهد. لم يخطر ببالها أن ابنتها قد تغير الطريق الذي تسلكه يوميا، وإذ بها تدري أن ابنتها ماريا من بين ضحايا تفجير الشارع العريض الذي هز منطقة حارة حريك أمس.
يمضي اللبنانيون يومياتهم في الأسبوعين الأخيرين على وقع الإشاعات حول الاشتباه بسيارات مفخخة، مرة في بيروت، ومرة ثانية في الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله، وجديدها أمس في منطقة جبل محسن العلوية، بمدينة طرابلس شمال لبنان. ولا يتردد لبنانيون كثيرون، بعد كل خضة أمنية، في التفكير بترك منازلهم الواقعة في مناطق حساسة أو تلك التي تشهد جولات عنف متكررة، كما هو الحال في الضاحية الجنوبية أو في طرابلس، حيث بلغ عدد جولات القتال بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة 18 جولة منذ عام 2008. وفي موازاة الاشتباه أمس بسيارة متوقفة في محلة كورنيش المزرعة، في بيروت، تبين بعد كشف الخبير العسكري عليها وتفجير صندوقها بصاعق أ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة