د. خالد يايموت
تشكل منطقة الساحل والصحراء واحدة من المناطق الجيوسياسية الدولية التي تشهد صراعاً مريراً بين المجموعات الإرهابية من جهة؛ ودول المنطقة مدعومة بالقوى الدولية الكبرى من جهة ثانية.
عاد الحديث عن تنظيم أنصار الشريعة لواجهة الأحداث بشمال أفريقيا، فقد جاء بيان حل الفرع الليبي لهذه الجماعة المصنفة دوليّاً، باعتبارها حركة إرهابية مفاجئاً للمختصين في الظاهرة الإرهابية، من حيث توقيته، ومن جهة مضمونه.
شكل الدين والحركات الدينية الاجتماعية موضوعا للدراسة من طرف علم الاجتماع الغربي. فقد كانت مدرسة السوسيولوجية الكلاسيكية، تتبنى النظرة الإبستيمولوجية لعصر الأنوار الفرنسي التقليدي، التي تؤكد أن الظاهرة الدينية مجرد شرط اجتماعي سيعرف تراجعا في عالم الحداثة والليبرالية. وتبعا لذلك فإن التحولات العلمية، وتطورية المجتمعات الغربية والعالمية، ستؤدي حتما لتراجع الدين واندثاره.
يمثل كتاب الدين والسياسة «جوانب دستورية وأخلاقية» لمايكل ج بيري، الصادر عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر سنة 2014، نموذجاً من التنظيرات المعاصرة الدارسة للعلمانية الأميركية، المواكبة لطبيعة النقاش المجتمعي حول العلمنة والدين.
يمثل تنامي الإرهاب بأشكاله التنظيمية والفكرية واحدا من التهديدات المباشرة للأمن الإنساني في زمن العولمة. ذلك أن الحرب والنزاعات التقليدية، والفقر، وانتشار الاتجار الدولي بالمخدرات والبشر والسلاح؛ أصبحت نسقا ومصدرا للأخطار التي تمس الأمن الجماعي والاستقرار الاجتماعي والسلام السياسي العالمي.
أسهمت عدة عوامل متداخلة في عودة تنظيم القاعدة في الساحل والصحراء للضوء من جديد، وهذه المرة باسم «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين». وتأتي هذه العودة ضد مجريات التاريخ الانشطاري للحركات الإرهابية التي عرفت انقسامات حادة منذ 2002. كما تأتي هذه العودة بعد التراجع الجغرافي لدولة البغدادي في العراق وسوريا. فقد استطاع الزعيم التاريخي الطارقي إياد أغ غالي قبل أسابيع قليلة بداية الشهر الماضي، توحيد 4 فصائل إرهابية قدمت بيعتها لتنظيم القاعدة بقيادة الظواهري.
تتعرض أطروحة الانفصال بين السياسة والدين في عالم اليوم لتحديات جمة، على المستويين العالمي والغربي خاصة. ذلك أن الصحوة الدينية المعولمة أصبحت المؤشر الأبرز على التحول العميق في عالمي الدين والسياسة المعاصرين.
فرض السياق العام الذي يعيشه الوطن العربي منذ 2011 وبروز تنظيم داعش الإرهابي المتطرف بقيادة أبو بكر البغدادي، وما صاحبه من تأثيرات جوهرية على الجيل الثالث من المسلمين بأوروبا وأميركا، ظهور تقليد علمي جديد وسط النخبة الأكاديمية العربية يتعلق بدراسة الشباب كظاهرة سوسيولوجية لافتة للنظر. ذلك أن مراكز الخبرة والمتخصّصين بالغرب، وجدوا أنفسهم أمام «هجرة معاكسة» للآلاف من الشباب المسلم المستقر في الغرب نحو العراق وسوريا للقتال في صفوف «داعش».
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة