ارتفعت أصوات برلمانية في بلجيكا، تطالب بفتح نقاش حول توسيع قواعد، تتعلق بالحق في الحصول على ترخيص طبي بالقتل الرحيم، لتشمل كبار السن، الذين يجدون معاناة في حياتهم بسبب الشيخوخة، وأصبح الموت بالنسبة لهم يعني نهاية لتلك المعاناة.
ويأتي ذلك في أعقاب محاولات لإقناع الحكومة في الدولة الجارة هولندا، لاتخاذ تدبير مماثل، ولكن الاجتماعات التي جرت في هذا الصدد، بين قادة الأحزاب السياسية في البلاد، التي تسعى لتشكيل ائتلاف حكومي جديد، انتهت إلى تمسك حزب الاتحاد المسيحي الهولندي بموقفه الرافض لتوسيع القواعد التي يطالب بها الحزب الديمقراطي 66 ولكن جرى الاتفاق على إطلاق الحكومة مبادرات للنقاش حول كيفية إيجاد الحلول لمثل هذه القضايا.
وبعد ساعات من إعلان القرار الذي توصل إليه قادة الأحزاب في هولندا، قال عضو البرلمان الفلاماني في بلجيكا جان جاك ديغوشت، من حزب حركة الإصلاح الليبرالي، إن الوقت قد حان لإطلاق نقاش جديد حول حق الأشخاص في المطالبة بإنهاء حياتهم أو ما يعرف «بالقتل الرحيم»، وأضاف: «لقد حان الوقت ليكون هذا الموضوع في الأجندة السياسية». ويذكر أن حالات القتل الرحيم تقتصر على الحالات التي تعاني من أمراض مزمنة تسبب الألم والمعاناة لأصحابها، وبات الشفاء من هذه الأمراض أمرا مستحيلا.
ونظمت صحيفة «ستاندرد» اليومية البلجيكية، جلسة نقاش في هذا الصدد، شارك فيها عدد من الأطباء الذين تحدثوا عن تلقيهم طلبات كثيرة من كبار السن لإنهاء حياتهم بسبب المعاناة التي يعيشون فيها بسبب تقدم العمر بهم وما يترتب على ذلك، من أمور تجعل الحياة صعبة. وقال بعض من الأطباء، إنه «من الجيد أن يكون لدينا خطوط واضحة بشأن التعامل مع مثل هذه الحالات».
وجاء الاهتمام بملف القتل الرحيم في أعقاب الصدام الذي وقع قبل أيام قليلة بين الفاتيكان ومؤسسات دينية في بلجيكا حول هذا الملف وطلب البابا فرنسيس من جماعة (أخوة المحبة) الرهبانية البلجيكية، المهتمة بتقديم الرعاية للمرضى المعوقين، أن توقف اللجوء إلى ممارسة الموت الرحيم في المستشفيات التي تديرها، حسبما أفادت إذاعة الفاتيكان، وأشارت إلى أن «الجمعية الرهبانية، قد تأسست على يد كاهن كاثوليكي بلجيكي وحصلت على موافقة الكرسي الرسولي في عام 1899 قد أعلنت في شهر مايو (أيار) المنصرم أنها ستسمح للأطباء بممارسة الموت الرحيم في عيادات الطب النفسي الخمس عشرة التابعة للرهبنة والمنتشرة في عدد من مناطق في بلجيكا»، الدولة التي، إضافة إلى هولندا، تقر، وفق شروط، للطبيب ممارسة الموت الرحيم.
ونوهت إذاعة الفاتيكان بأن الرئاسة العامة لرهبنة (أخوة المحبة) في روما، قد أصدرت بدورها بيانا في مايو(أيار) المنصرم أكدت فيه أن ممارسة الموت الرحيم «غير مقبولة» و«تتعارض مع المبادئ الأساسية للكنيسة الكاثوليكية». ولهذا السبب «قرر البابا التحرّك فأمر الرهبنة في بلجيكا بالعودة عن قرارها وذلك من خلال بيان لمجمع الحياة المكرسة أكد أنه في حال رفضت الرهبنة الامتثال لهذه الأوامر فستُتخذ إجراءات بحقها وصولا إلى إصدار الحرم الكنسي».
وأكدت وسائل إعلام محلية أن الفرع البلجيكي من جماعة «أخوة المحبة» الدينية، مهددة بالإقصاء من قبل الفاتيكان بسبب مواقفها المؤيدة للموت الرحيم. وقد تم تأسيس هذه الجماعة عام 1807، وتتبع الفاتيكان، وتضم رجالاً من العلمانيين المكرسين الذين يعملون في مجالات التربية ورعاية المرضى والمسنين. ويعود سبب هذا التهديد، حسب صحيفة (لا ليبربلجيك)، إلى قيام الفرع البلجيكي للجماعة باعتماد نص في مارس (آذار) الماضي، يؤيد فكرة الموت الرحيم، بالنسبة للأشخاص الذين لم يصلوا بعد إلى المرحلة النهائية من مرضهم.
وكانت الجماعة تعتزم تطبيق محتوى النص في جميع المراكز الطبية التي تديرها، ولكن «هذا الموقف لا يتطابق وتعليم الكنيسة الكاثوليكية»، حسب بيان صدر سابقاً عن الفاتيكان. ومن جهته، رأى الكاردينال جاو براس دوافيز، مسؤول تجمع معاهدة الحياة المكرسة، أن على جماعة «أخوة المحبة» أن توقع إعلاناً تقر فيه بطاعتها لتعاليم الكنيسة الكاثوليكية بخصوص الموت الرحيم.
هذا، وكان الفاتيكان قد فتح تحقيقاً في الأمر، مطالباً الجماعة بتغيير موقفها، في حال أرادت الاحتفاظ بهويتها الكاثوليكية، التي قد تُسحب منها في حال الرفض. ومن المعلوم أن الكنسية الكاثوليكية ترفض تماماً فكرة الموت الرحيم.
توسيع «القتل الرحيم» ليشمل الشيخوخة في بلجيكا
توسيع «القتل الرحيم» ليشمل الشيخوخة في بلجيكا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة