كيف تكسب 100 ألف دولار شهرياً في الصين؟

نحو 700 مليون مستخدم جرّبوا البث المباشر

لو مينغ مينغ خلال برنامجها بالبث المباشر (واشنطن بوست) - تشنغ تيان تشي يغني ويلعب الغيتار مباشرة على موقع للتواصل الاجتماعي (واشنطن بوست)
لو مينغ مينغ خلال برنامجها بالبث المباشر (واشنطن بوست) - تشنغ تيان تشي يغني ويلعب الغيتار مباشرة على موقع للتواصل الاجتماعي (واشنطن بوست)
TT

كيف تكسب 100 ألف دولار شهرياً في الصين؟

لو مينغ مينغ خلال برنامجها بالبث المباشر (واشنطن بوست) - تشنغ تيان تشي يغني ويلعب الغيتار مباشرة على موقع للتواصل الاجتماعي (واشنطن بوست)
لو مينغ مينغ خلال برنامجها بالبث المباشر (واشنطن بوست) - تشنغ تيان تشي يغني ويلعب الغيتار مباشرة على موقع للتواصل الاجتماعي (واشنطن بوست)

يقف يو لي مستعداً أمام الكاميرا للتصوير، بعد أن صفّف شعره ووضع المساحيق على وجهه ليظهر في بث مباشر، ويحصل على كثير من المال.
في استوديو للتصوير بمدينة شنيانغ، في شمال الصين، يقضي لو ساعات طويلة كل يوم برفقة شقيقه لي، في بث مباشر على موقع التواصل «واي واي». وعندما يطلق نكته، وهو ما يحدث كثيراً، أو يطلق صيحة، يرسل الجمهور هدية افتراضية، لتتحول بعدها إلى مال حقيقي.
العرض الذي يقدمه الثنائي عبارة عن خليط من الفكاهة والموسيقى والضحك المستمد من تراث شمال شرقي الصين. أسّس لو أيضاً وكالة لاكتشاف المواهب الجديدة، يتولى إدارتها بنفسه، وأطلق عليها اسم «ودي ميديا»، ينحصر عملها في تدريب أصحاب المواهب، وتقديهم من خلال الإنترنت.
وخلف الكاميرات، ستجد من ينظّف أسنانه بالفرشاة استعداداً للظهور، فيما يستعد آخرون للانصراف بعد نوبة عمل طويلة مجهدة. ويتطلع البعض إلى تقليد المشاهير، باستنساخ نبرات أصواتهم، وبتقليد هيئتهم، فيما يقدم آخرون النكات بهدف الظهور وتحقيق الشهرة عبر الإنترنت، ويحصل يو على جزء من العائدات التي يجنيها أصحاب تلك المواهب. ويقدر أعداد المتابعين بعشرات الآلاف كل ليلة، مما جعل حياة يو أشبه بأسطورة جسدت الشعار المفضل للرئيس الصيني شي جينبينغ، التي لخصها في عبارة «الحلم الصيني».
وعلى الرغم من انتشار البث المباشر في كثير من المناطق، منها الولايات المتحدة والصين، فإنّ ازدهار البث المباشر في الصين فاق باقي الدول بكثير. وقد حاول نحو نصف عدد مستخدمي الإنترنت فيها، البالغ عددهم نحو 700 مليون مستخدم، تجربة البث المباشر، وهو عدد يتخطى تعداد سكان الولايات المتحدة.
في الولايات المتحدة، يجني المؤثرون في مواقع التواصل الاجتماعي أرباحهم من عائدات الإعلانات، وهو ما يفعله بعض النجوم في الصين أيضاً، لكن أغلب المال يأتي مباشرة من الجماهير على هيئة هدايا، فيما يشبه وضع البقشيش في الجرة عند مكافأة موهبة ما صادفتها في الطريق. وفي عام 2016، كانت قيمة سوق البث المباشر في الصين تقدر بنحو 3 مليارات دولار أميركي، بزيادة 180 في المائة عن العام السابق، حسب موقع «آي ريسيرش». ويتوقع المحلّلون أن يجني ذلك القطاع المزيد من المال بكميات تفوق شباك تذاكر أفلام السينما في الصين. ويُحدث التغيير في مجال التكنولوجيا بوتيرة بالغة السرعة، في إطار الدفعة التي أعطتها الحكومة للانتقال من مجال التصنيع واستغلال الموارد إلى نوع من الاقتصاد الخدمي المعتمد جزئياً على الإنترنت.
وعلى الرغم من أنّ المؤسسات الأميركية، مثل «فيسبوك» و«غوغل»، لا تزال مغلقة في الصين، فقد انتعشت شركات مثل «تنسينت» وغيرها من الشركات المحلية الصينية. وكانت شركة «واي واي» تعمل كمنصة للألعاب، لكنّها تطوّرت لتصبح منصة للتواصل الاجتماعي، ولاحقاً أصبحت أكبر منصات البث المباشر على الإطلاق.
ويبدو أن الاقتصاد الصيني الجديد قريب الشبه من الاقتصاد القديم؛ الوجه القديم نفسه لكن بفلتر جديد.
ولو أنك شاهدت عروض يو الليلة ستجد أن سرعة البث ليست هي أكثر ما يجذبك، بل إحساسك بالوضع الراهن هو ما يشدك، بدءاً من تهميش المرأة إلى الشد والجذب بين المراقبين ومنتجي تلك الأعمال، إلى صعوبة نشر المنافع إلى آفاق تتعدى القلة.
ولد يو في أحد السهول بشمال الصين، التي كانت تعرف في السابق باسم منشوريا. وفي سن الـ16، كانت ميكانيكا السيارات هوايته المفضلة في مدينته الصغيرة، وكان يقضي ما تبقى من وقته في مقاهي الإنترنت، إذ لم يكن أمامه ما يفعله غير ذلك. وفي الوقت الذي كان يمارس فيه ألعاب الفيديو غيم، بدأ يو في تجربة ما يعرف باسم «هنامي»، أو «الصياح في الميكروفون». وعندما بدأت عروض البث المباشر، بدأ يو في تقديم عروضه الخاصة.
وفي عام 2014، أسّس يو موقع «وودي»، الذي يجني من خلاله، ومن خلال باقي أعماله التجارية، أكثر من 100 ألف دولار شهرياً، حسب قوله.
ولتستمر وكالته في العمل، يحتاج يو إلى توفير أعداد كبيرة وبصورة متواصلة من المبتدئين، ويكفي أن تقضي يوماً واحداً معه لتقابل نصف دزينة من هؤلاء، وستجد أنّ كل واحد منهم يتبعه عدد من المبتدئين، لتشكل الحصيلة النهائية هرماً متدرجاً من المبتدئين، من ضمن هؤلاء لو يانغزي (26 عاماً»، تاجر الأغنام الذي تحول إلى مقدم لبرامج البث المباشر. يقول لو إن زوج أمه الذي يعمل مزارعاً لا يشهد برنامجه لأنه لا يملك جهاز كومبيوتر، ولا هاتفاً ذكياً.
قال زوج أم لو: «أخبرت الناس في القرية أنّ ابني يكسب المال من هذا العمل، لكنّهم لم يصدقوني. أمّا الآن، فهم يصدقون ذلك»، مضيفاً: «إن لو عندما بدأ في هذا العمل، كان يفترش الأرض لينام في بيت صاحبه، وكان يقوم بالبث لثماني ساعات يومياً مقابل مبلغ زهيد، كمصروف جيب. لكن بعد مرور سنتين من توقيع العقد مع يو، أصبح يتناول إفطاره في أرقى المطاعم، ويكسب آلاف الدولارات كل شهر، وهذا ما يشجع المبتدئين على المجيء. يمكنك أن تفتح حساباً للبث المباشر مجاناً، لكن من الصعب الحصول على مشاهدين، حيث يعطي القائمين على عروض البث المباشر، مثل لو، مساحات من برامجهم للمواهب الجديدة في أسفل الهرم، ليمنحهم فرصة الظهور، وعادة ما يكون ذلك مقابل أجر. ففي أحدث عروضه، قدم يو فتاتين في بداية العشرينات من العمر، فغنّت الأولى، لكنها كانت عصبية، وبالكاد استطاعت إكمال أغنيتها التي كانت تحكي قصة فتاة تريد أن «تأكل وتأكل وتأكل من دون أن يزيد وزنها»، وكان أداء الفتاة الثانية مليئاً بالثقة، وكانت تتحلى بالصبر والتأني، وفق نصيحة يو.
جاء ظهور نجوم، مثل يو، بفضل برامج البث المباشر، ليجعل من هذه البرامج منصات ذهبية للدرجة التي جعلت المراهقين يعزفون عن الذهاب إلى المدارس بحثاً عن الغنى من خلال هذه المنصات، وهجر الفلاحون أرضهم ليجرّبوا حظهم في هذه المنصات الجديدة.
فإغراء الكسب السريع السهل كان سبباً في ظهور كل ما هو غريب ونادر، مثلاً: تناولت سيدة تدعى غورمنت ستستر فنغ سمكة الزينة الذهبية حية في بث مباشر، كما ابتلعت الزجاج وغيرها من الأشياء الغريبة. وكثيراً ما يطلب الباحثون عن النجومية من اختصاصي التجميل إعطاء وجههم مسحة نجوم الإنترنت، ومنها الجبهة العريضة والعيون المستديرة والفك الصغير، ناهيك باستخدام مستحضرات التجميل وظلال اللون الأبيض. وغالباً ما يُطلب من يو تقييم عمليات التجميل، إذ إنه «أمر اعتيادي أن تسعى لأن تكون جميلاً»، مضيفاً أنّه «طالما أنّك لن تجري جراحات تجميل كبيرة، فعمليات ملء البوتوكس والحقن وملأ الفراغات وتبييض البشرة، كلها أمور اعتيادية».
وفي ظل الدور الكبير الذي تلعبه هيئة الإنسان ومظهره، يحاول المراقبون في الصين رسم خط فاصل بين كون المرأة مثيرة وكون تصرفاتها موحية جنسياً. فمثلاً العام الماضي، منع المراقبون مشاهد موحية لفتيات يأكلن الموز بطريقة غير لائقة.
ويشعر بعض عارضي البث المباشر بالقلق من التغيير المستمر للقواعد، وتأثير ذلك على قدرتهم على جني العائدات. ففي كل ألف دولار يجنيها العارض من البث المباشر، على هيئة هدايا افتراضية، يحصل موقع «واي واي» على 50 في المائة، فيما يحصل المدير أو الوكالة على 20 – 30 في المائة إضافية، وتكمن المشكلة في أنّ نمط الحياة وتكاليفها في ظل هذا الحال يكون مرهقاً للعارض الذي لن يتبقى له سوى القليل.
وتقضي لو منغ منغ (25 سنة) نحو 4 ساعات في البث المباشر بمفردها داخل استوديو مليء بالألعاب. وأصعب ما في العمل الجديد، حسب قولها، هو التحكم في القدرة على استمرار نشاطها، وأن تبقى بمظهر جميل وسعيد على الشاشة لمدة أسبوع كامل، وهو ما عبرت عنه بقولها: «إنّهم يريدون أن يرونك تغني من القلب». وبينما تقوم العارضة بالبث المباشر، تصل الرسائل من المشاهدين على الشاشة في الوقت نفسه.
* خدمة {واشنطن بوست}
خاص بـ {الشرق الأوسط}



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.