احتفلت كولومبيا، رسمياً، بنزع سلاح حركة فارك المتمردة، وذلك تحت إشراف الأمم المتحدة، لتنهي تلك المرحلة صراعاً دامياً لأكثر من 5 عقود، ويصمت من خلالها ضجيج السلاح والمدافع إلى الأبد.
وكانت عملية التسليم الكاملة للسلاح قد تعرضت لعثرات خلال الأسابيع الماضية، حيث كان من المقرر الانتهاء من عملية التسليم في شهر مايو (أيار) الماضي، إلا أن الأمم المتحدة المشرفة على العملية، إضافة إلى الحكومة الكولومبية وحركة فارك، وجدوا صعوبة في الالتزام بالميعاد المحدد في إطار اتفاق السلام، وبالتالي تم التمديد لبضعة أسابيع.
وقال الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس، الحاصل على جائزة نوبل للسلام، في هذا الاحتفال إن عملية نزع السلاح تمثل صفحة جديدة في مستقبل كولومبيا، وشكر بعثة الأمم المتحدة التي جمعت أكثر من 7 آلاف قطعة سلاح، سيتم صهرها واستخدامها لتشكيل 3 نصب تذكارية ستوضع في كل من كوبا ونيويورك وكولومبيا.
وفي هذه الأثناء، قام الكولومبيون بتدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، تحت اسم «أنا أنزع سلاحي»، وهي مبادرة لنزع كل أنواع الأسلحة، بما فيها الحقد والكراهية، والتسامح مع الغير، في إشارة إلى دعوة المجتمع الكولومبي ككل إلى تقبل الآخر، والتسامح مع المتمردين وغيرهم، وحتى من عارض اتفاق السلام، وذلك انطلاقاً من فتح صفحة جديدة للسلام بين كل أطياف الكولومبيين، سواء من وافق على اتفاق السلام أو من عارضه.
وبموجب عملية نزع السلاح بشكل كامل، ستلي هذه الخطوة إجراءات جديدة لتنفيذ بنود اتفاق السلام المبرم بين الحكومة الكولومبية وحركة فارك المتمردة، ستقضي بتجهيز المقاتلين وانخراطهم في المجتمع المدني في 26 معسكراً داخل البلاد، إضافة إلى التأهيل السياسي، والتجهيز للمشاركة في العمل السياسي والمجتمعي.
وتشهد كولومبيا في عام 2018 انتخابات رئاسية من المتوقع أن تطرح «فارك» فيها مرشحاً رئاسياً. كما أن الحركة ستنخرط في الحياة النيابية، وسيكون لها تمثيل في البرلمان الكولومبي، وتثير تلك الخطوات بعض الانتقادات من قبل بعض الساسة، وأبرزهم الرئيس السابق لكولومبيا البارو أوريبي، الذي عارض اتفاق السلام مع حركات التمرد، خوفاً من انخراطهم في العمل السياسي، والمشاركة في السلطة، إضافة إلى تعالي الأصوات المنادية بمحاكمات قاسية لكل من تلطخت يده بالدماء أثناء الصراع.
وفي هذه الأثناء، كتب لوندونيو، زعيم حركة فارك، على حسابه في «تويتر»، أنه يشعر بتأثر عارم، ولديه تطلعات كبرى، وقد ارتدى قميصاً يحمل علم النرويج، في تحية إلى البلد الذي لعب، إلى جانب كوبا، دوراً ضامناً لاتفاق السلام المبرم في نوفمبر (تشرين الثاني).
وتهدف العملية الأممية بين الحكومة وقوات فارك إلى طي صفحة النزاع المسلح الأطول في أميركا اللاتينية، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 260 ألف شخص، وفقدان أكثر من 60 ألفاً، ونزوح 7.1 مليون. وصرح أحد كبار قياديي «فارك»، ماوريسيو خاراميلو بأن «الأسلحة أدت وظيفة محددة في وقت محدد. اليوم، نتخذ قراراً سياسياً، ولم تعد هناك حاجة لها». ومع انتهاء عملية تسليم السلاح، تبدأ «فارك» التي نشأت في عام 1964، ووصل عدد عناصرها في أوج حركة التمرد إلى 20 ألف عنصر، عملية تحولها إلى حركة سياسية شرعية. وفي الأشهر الماضية، تجمع عناصرها في 26 منطقة من البلاد، حيث يعدون لعودتهم إلى الحياة المدنية.
وطوال أكثر من نصف قرن، شاركت في النزاع العسكري الكولومبي المعقد نحو 30 مجموعة مسلحة وميليشيات شبه عسكرية من اليمين المتطرف، بالإضافة للقوات النظامية.
وتضع جميع الأطراف انتخابات 2018 العامة نصب أعينها. وقال محلل في مكتب مجموعة الأزمات في كولومبيا كايل جونسون إن «إحدى النقاط الأساسية هي أن كثيراً من عناصر (فارك) سيدخلون المعترك السياسي دون أن يكونوا قد أودعوا في السجن». عندئذ، تبقى مرحلة أخيرة قبل التوصل إلى «السلام التام» الذي يتمناه الرئيس سانتوس، تقضي بالتفاوض على اتفاق مشابه مع حركة التمرد الأخيرة الناشطة في البلد (جيش التحرير الوطني)، التي تستلهم الثورة الكوبية، وتضم نحو 1500 مقاتل في صفوفها، لطي صفحة التمرد في البلاد.
رسمياً... انتهاء تسليم سلاح متمردي {فارك} في كولومبيا
الأمم المتحدة أشرفت على العملية... والاندماج السياسي في المجتمع هو الخطوة المقبلة
رسمياً... انتهاء تسليم سلاح متمردي {فارك} في كولومبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة