شرعت الحكومة التونسية في مناقشة ميزانية سنة 2018 من خلال اجتماعات عقدتها مجموعة من اللجان الحكومية المختصة، وتواصل عدم إقرار أي انتدابات جديدة في القطاع العام للسنة الثانية على التوالي، وكذلك عدم تعويض الشغورات الناتجة عن الإحالات على التقاعد والسعي إلى تغطية الحاجيات المتأكدة بإعادة توظيف الموارد البشرية المتوفرة، سواء بين الهياكل الوزارية أو المؤسسات العمومية أو بين الجهات.
ويأتي قرار الحكومة التونسية بمنع الانتدابات في القطاع العام بناء على توصيات صندوق النقد الدولي، الذي طالبها بتخفيض عدد موظفي القطاع العام إلى حدود 500 ألف موظف على أقصى تقدير، وبالتالي الاستغناء عما يقارب 130 ألف موظف، باعتبار أن عدد الموظفين في القطاع العام حاليا مقدر بنحو 630 ألف موظف.
وفي السياق ذاته، اتخذت الحكومة مجموعة من القرارات والتدابير الاستثنائية على غرار مزيد من التحكم في برامج الترقيات السنوية مع إخضاعها إلى مبادئ الجدارة والتميز، وحسن التصرف في السيارات الإدارية، وهي إجراءات تقشفية هدفها الأساسي الضغط على المصاريف وحسن توظيف القروض التي حصلت عليها تونس مؤخرا من هياكل التمويل الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي.
وفي هذا الشأن، نبه سعد بومخلة أستاذ العلوم الاقتصادية بالجامعة التونسية إلى أن هياكل التمويل الدولية أشارت إلى توظيف معظم أقساط القروض التي حصلت عليها تونس في أجور جحافل من الموظفين الذين لا يؤدون أعمالا ذات قيمة مضافة بالنسبة للدولة، وأكدت على ضرورة توجيه القروض نحو مشاريع التنمية وتوفير فرص عمل للعاطلين عن الشغل.
وأكد بومخلة أن تونس مجبرة على تسريح الآلاف من الموظفين سواء بصفة طوعية أو عبر إقرار قانون للتقاعد المبكر، وهي تهدف من خلال هذا الإجراء إلى الضغط على كتلة الأجور والنزول بها من نحو 14 في المائة حاليا إلى ما لا يزيد عن 12 في المائة. كما دعا إلى ضرورة تدخل الدولة لإنعاش الاستثمارات الخاصة والتشجيع على شراكة مثمرة بين القطاعين العام والخاص بغية تعويض الانحسار الذي سيخلفه غياب الدولة عن الانتدابات خلال السنة المقبلة.
وفي مقابل الإجراءات الداعية إلى عدم انتداب موظفين جدد في القطاع العام، ينتظر أن تواصل الدولة بعض الانتدابات المحدودة، خاصة في القطاعات الحساسة على غرار القضاء وخريجي المدرسة الوطنية للإدارة ومؤسستي الأمن والجيش.
وبداية من السنة المقبلة، ستقر الحكومة التونسية خطة تقضي بتسريح قرابة 30 ألف موظف عمومي في السنة حتى سنة 2020، وذلك ضمن آلية «الخروج الطوعي»، استجابة للالتزامات التي قطعتها تونس مع الجهات الدائنة والمانحة للقروض.
وكان عبيد البريكي، الوزير السابق للوظيفة العمومية والحوكمة ومقاومة الفساد، أكد أن الحكومة ستحث الموظفين على المغادرة الطوعية بعرض عدة حوافز، من بينها حصولهم على رواتب لمدة سنتين ومساعدتهم على الحصول على قروض لدى البنوك بتسهيلات متعددة لبعث مشاريع خاصة، كما حثت الحكومة الموظفين على قبول التقاعد المبكر قبل ثلاث سنوات من آجال التقاعد المحددة في تونس بـ60 سنة.
وتعيش أكثر من 100 مؤسسة عمومية في تونس على وقع مصاعب مالية حادة، مما يجعلها في حاجة أكيدة لإصلاحات هيكلية سريعة. فيما تسعى مختلف هذه البرامج إلى تخفيف العبء على القطاع العام وتوجيه موارد الدولة نحو التنمية والتشغيل بدلا من صرف الأجور.
تونس تمنع انتدابات القطاع العام للسنة الثانية على التوالي
بتوصية من صندوق النقد الدولي
تونس تمنع انتدابات القطاع العام للسنة الثانية على التوالي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة