الثانوية التي درس فيها رئيس فرنسا ووقع في الحب

إيمانويل ماكرون كان ألمع تلاميذ «لا بروفيدانس»

رئيس المستقبل في قلب الصورة التذكارية لرفاق الصف
رئيس المستقبل في قلب الصورة التذكارية لرفاق الصف
TT

الثانوية التي درس فيها رئيس فرنسا ووقع في الحب

رئيس المستقبل في قلب الصورة التذكارية لرفاق الصف
رئيس المستقبل في قلب الصورة التذكارية لرفاق الصف

شيء ما تغيّر في مدينة أميان، شمال فرنسا، منذ نحو الشهر. ولا علاقة لهذا الشيء بجغرافيتها ولا بطقسها ولا بعدد نفوسها أو انخفاض نسبة البطالة بين أبنائها. لقد صار اسمها أكثر تردداً في وسائل الإعلام لأن رجلاً نشأ فيها أصبح رئيساً للجمهورية. ويبلغ الزهو مداه الأقصى في أوساط تلاميذ «لا بروفيدانس». إنها المدرسة التي أمضى فيها إيمانويل ماكرون دراسته الإعدادية، وفيها تعرّف على مُدرِّسة نحيلة شقراء وقع في غرامها، وتزوجها لينقلها من صفوف التدريس إلى مرتبة الفرنسية الأولى.
عند النظر إلى صورة تجمع تلاميذ أحد الصفوف الدراسية، فإنه من الصعب، وربما المستحيل، التكهن بأن واحداً منهم بالذات سيقوده القدر إلى أن يتبوأ، يوماً ما، أعلى مناصب الدولة في بلاده. أما إذا تحقق حدث مثل هذا، فإن باقي زملاء الدراسة يسرعون إلى البحث عن تلك الصورة، وإخراجها من الأدراج ونفض الغبار عنها. إن قيمتها المعنوية ترتفع بشكل مفاجئ، وتصبح ذكرياتها ثمينة ومدعاة فخر، يتداولها الظاهرون فيها بالشرح والتعليق ورواية الحكايات ومغامرات الصبا، بعد أن يكون الشيب قد تسلل إلى رؤوسهم. كما يتهافت على تلك الصور والشواهد إعلاميون وسياسيون ومؤرخون وباحثون.
تلك هي الحال مع الصور المدرسية لماكرون، الرئيس الفرنسي المنتخب حديثاً، والأصغر سناً في تاريخ فرنسا. لقد خرجت إلى صفحات المجلات صوره من أيام إعدادية «لا بروفيدانس» في أميان، وهي صور تعود لأكثر من 20 سنة خلت، يجري تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس لأن تلك الثانوية هيأت الطالب النبيه لمسار جامعي لامع فحسب، بل لأنها إلى جانب ذلك كانت مسرحاً للقائه ببريجيت ترونيو، المُدرّسة التي كانت تحمل وقتها لقب مدام أوزيير (على اسم زوجها السابق)؛ إنها الإنسانة التي انجذب إليها المراهق ماكرون، تلميذها الذي يصغرها بربع قرن تقريباً.
ومن المفارقات أن اسم تلك الإعدادية الأهلية الكاثوليكية (لا بروفيدانس) يعني بالفرنسية: «المشيئة الإلهية»، وهي تسمية تدور حولها حالياً تفسيرات شتى. فهناك من أنصار الرئيس من يرى أن «السماء» هي التي بعثت ماكرون لكي يقوّم اقتصاد فرنسا ويخرجها من أزمتها، بينما هناك فريق آخر (من الخصوم) يتندر بالقول إنه حقاً لَقَدَر عجيب ذاك الذي نصّب رئيساً لفرنسا شاباً لا يملك خبرة في شؤون السياسة والحكم، وليس في سيرته المهنية سوى فترة وجيزة عمل فيها وزيراً جرى فرضه فرضاً على الرئيس السابق فرنسوا هولاند.
تلك الثانوية التي تعارف أهالي أميان على اختصار اسمها إلى «لا برو»، أي المهنية، خرَّجت من قبلُ شخصية مرموقة أخرى: الجنرال فيليب لوكلير (1902 - 1947)، الذي يعدّه الفرنسيون بطلاً قومياً لكونه أسهم، على رأس فرقة مدرعة، إسهاماً حاسماً في تحرير باريس من الاحتلال النازي عام 1944. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن معظم التلاميذ والتلميذات في «لا برو» هم من أولاد برجوازيي أميان وأعيانها، ومنهم ماكرون، سليل الأسرة المرفهة، المولود لأب طبيب وأم طبيبة. وهناك من الأسر الباريسية الميسورة من يرسل أبناءه إلى تلك الثانوية. فمدينة أميان، عاصمة مقاطعة بيكاردي، لا تبعد عن العاصمة الفرنسية سوى 140 كيلومتراً، لكنها تتمتع بهدوء مدن المحافظات. لذا، تفضل طائفة من الآباء تسجيل أبنائها في القسم الداخلي للثانوية لتأمين تعليم بعيد عن صخب العاصمة ومغرياتها، يتسم بالحزم المعروف عن الآباء اليسوعيين، القيمين على تلك المؤسسة التعليمية.
«لا برو» هي اليوم من الثانويات الكبيرة، يدرس فيها ألفي تلميذ وتلميذة، أكثرهم فرنسيون «أقحاح»، بعكس جارتها الحكومية المجانية، ثانوية «سيتيه سكولير» ذات التعددية العرقية والطبقية الكبيرة. لكن مبنى «لا برو» العريقة ليس عريقاً. فأثناء الحرب العالمية الثانية، تعرض المبنى القديم لقصف جوي مكثف أحاله أنقاضاً. لذا، في خمسينات القرن الماضي، تمّ تشييد مبانٍ حديثة أكثر مواءمة للدراسة وطرق التربية المعاصرة، على مساحة 12 هكتاراً، وضمنها حدائق غنّاء واسعة وساحات للرياضة وأقسام داخلية.
لكن المكان الأعز على قلب ماكرون هو، بطبيعة الحال، مسرح الثانوية، الملحق به حوض سباحة مسقوف وصالة لألعاب الجمباز. كيف للرئيس الفرنسي الحالي أن ينسى الخشبة التي أتاحت له لقاء بريجيت، مُدرّسة الفرنسية واللاتينية ومدربة مسرح الثانوية، ونسج علاقة سرية معها، قبل انتقاله لإكمال تعليمه في باريس. ثم شاءت الظروف أن يلتقيا مجدداً بعد سنوات طويلة، كانت فيها قد تطلقت من زوجها، وصار الطريق ممهداً لاقترانهما. وفي مقابلة مع مجلة «مدام فيغارو»، تحدث تلميذ سابق من ثانوية «لا برو» أصبح شهيراً أيضاً، وهو لوران دولاهوس، مقدم نشرات الأخبار والبرامج التلفزيونية المعروف، حيث قال: «في تلك الفترة، حصل أن قامت مدام أوزيير بتدريبنا على أداء مسرحية (الفزاعة)، للكاتبة البلجيكية دومينيك رولان، وأسندت دور البطولة إلى زميلنا إيمانويل؛ وهنا بدأت الحكاية». لاحقاً، تدربت فرقة مسرح الثانوية على مسرحية «فن الكوميديا» التي أضيف إليها مشهد غير موجود في النص الأصلي لتمكين مدام أوزيير من إسناد دور بسيط لابنتها البكر.
أما رينو دارتفيل، أحد أصدقاء ماكرون المقربين في الثانوية، فيستذكر تلك المرحلة بالقول إن الأخير كان يميل إلى الابتعاد عن الآخرين، ولا يكثر من الصداقات، إنما من دون أن يكون انطوائياً تماماً. ويعمل دارتفيل، اليوم، مدرساً للتاريخ في إحدى ثانويات ضواحي باريس. وهو يرى أن ماكرون كان، وقتذاك، مراهقاً متزناً ومبتسماً، له ولع بالموسيقى الكلاسيكية بشكل خاص، ويجيد العزف على البيانو. ويضيف، في حديث للمجلة نفسها: «كنا آنذاك، أنا وماكرون، نرتاد صالات الموسيقى والمسرح، بعكس أقراننا الذين كانوا يترددون على صالات السينما والمراقص الليلية». ويلاحظ دارتفيل أن التوجهات السياسية لأسرة ماكرون كانت، أيضاً، خارجة عن المألوف: «أخبرني يوماً أن والديه، سياسياً، يميلان إلى اليسار، وهو شيء غير معتاد في ثانوية يرتادها أبناء الأوساط المحافظة، المؤيدة على الأغلب لليمين، إن لم تكن ملتزمة به التزاماً صريحاً».
وبخلاف معظم أقرانه، لم يكن ماكرون يلاحق الموضة وصرعاتها بشكل مبالغ فيه، ولا كان يهتم باقتناء آخر موديلات الأحذية الرياضية والحقائب المدرسية والملابس. ويلاحظ صديق الأمس أنه لدواعي الجاذبية المعهودة لدى الأولاد «كان يكتفي بإطالة شعره الأشقر المسدل على كتفيه، ويقينه بأنه التلميذ الألمع في الثانوية. لقد تلاشت تقاليد الآباء اليسوعيين إلى حد كبير، على مر الزمن، الأمر الذي ترك المجال للتلاميذ بالتمتع بحرية أكثر من الماضي. فحضور القداس، مثلاً، بات اختيارياً، وهو شيء ما كان ليتصوره أحد قبل بضعة عقود عند الحديث عن مؤسسة تربوية يسوعية».
بقي التذكير بأن إيمانويل ماكرون أمضى السنتين الأوليين فقط من مرحلة الثانوية في «لا بروفيدانس»، إذ سجّله والداه في ثانوية هنري الرابع في باريس، إحدى أشهر إعداديات البلاد وأرفعها شأناً. وتؤكد ألسن خبيثة أن هدف النقل كان إبعاد الولد عن بريجيت، «مدام أوزيير»، بعدما عرف أهله بقصة علاقتهما.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.