ألقى شهر رمضان بظلاله على ارتفاع التضخم في السودان لشهر مايو (أيار) ليرتفع إلى 35.52 في المائة، بعد أن استقر في أبريل (نيسان) عند 34.81 في المائة، عقب رحلة صعود ممتدة من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لحظة رفع الدعم الحكومي عن السلع، التي بدأت من مستوى 17 في المائة.
ووفقاً لبيان للجهاز المركزي للإحصاء عن التضخم في شهر مايو، فإن مجموعة الأغذية والمشروبات، التي شهدت أسعار سلعها من المستهلكات الرمضانية ارتفاعاً تراوح من 20 إلى 50 في المائة في 86 سوقاً بالبلاد، قد ساهمت في الزيادة التي حدثت في التضخم للشهر الماضي، محتلة المرتبة الأولى في إنفاق واستهلاك المواطنين مقارنة بصرفهم على السكن والنقل والملابس والمياه وخلافه.
ووفقاً للبيان، بلغت نسبة الزيادة في التضخم من شهر أبريل إلى مايو الماضيين 2.7 في المائة، مقارنة بأقل من واحد في المائة عن الشهر قبل الماضي.
وشهد التضخم في المدن والحضر، التي يوجد بها 28 سوقا لقياس أسعار السلع منتشرة في 28 ولاية، استقراراً ما بين شهري مايو وأبريل الماضيين، حيث لم تكن هناك إلا زيادة طفيفة بلغت نصف في المائة.
أما الريف وبقية الولايات، فشهدت ارتفاعاً في التضخم نتيجة تدخل الزيادات التي حدثت في أسعار السلع الرمضانية، خاصة السلع الغذائية واللحوم وبقية المستلزمات. واحتل استهلاك اللحوم قائمة السلع الغذائية التي رفعت التضخم في الحضر والريف، التي شهدت ارتفاعا كبيرا في الأسعار، حيث بلغ سعر الكيلو 150 جنيها، فيما بلغ كيلو الفراخ قرابة 50 جنيها، وكذلك بقية أنواع اللحوم الأخرى والبيض.
ووفقاً لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء في السودان، فإن الرقم القياسي لأسعار السلع والمشروبات التي رفعت التضخم هذا الشهر، قد ارتفع بنسبة 4.93 في المائة حيث بلغ 740.92 نقطة، مقابل 706.10 نقطة في أبريل الماضي؛ وهي زيادة نتيجة الاستهلاك المتزايد والزيادات غير المبررة في الأسعار، سوى اقتناص التجار لفرصة رمضان لرفع الأسعار.
ويوضح التقرير في هذا الصدد، أن هناك ارتفاعا يحدث لأسعار جميع السلع الاستهلاكية التي ارتفع رقمها القياسي من أبريل إلى مايو بنسبة 2.77 في المائة، بصورة مستمرة ونقاط متباينة وتغيرات شهرية متفاوتة، حيث سجل تصاعد الرقم القياسي في نوفمبر 2016 (تاريخ رفع الدعم)، نسبة 8.54 في المائة، بينما سجل في مايو الماضي 2.77 وهي أعلى تغيير شهري لهذا العام.
وحول تأثير رمضان لوحده في زيادة التضخم في البلاد، وتسببه في معاودته لرحلة الصعود، التي بدأها قبل سبعة أشهر، والتوقعات بأن يستمر في الارتفاع للشهرين المقبلين، أوضح عبد الغني محمد، مدير الإحصاءات الاقتصادية بالجهاز المركزي للإحصاء بوزارة المالية السودانية، لـ«الشرق الأوسط» أن الزيادة في التضخم الذي حدث في شهر مايو الماضي، بعد أن استقر في أبريل، صادف إعداده ورصده شهر رمضان، حيث درج السودانيون ومعظم الناس حول العالم، على استقبال هذا الشهر بشراء مزيد من السلع والمستهلكات الرمضانية، فارتفع الطلب على السلع، وزادت الأسعار دون مبرر، في ظل غياب الرقابة.
ولم يخف مدير الإحصاءات مخاوفه من استمرار التضخم في الارتفاع خلال الشهرين المقبلين، حيث تستقبل الأسر السودانية العام الدراسي الجديد وعيدي الفطر والأضحى، مشيرا إلى أنه لا توجد طريقة لكبحه سوى اتخاذ إجراءات حكومية لضبط الأسواق والمنتجين، ووقف حلقة السماسرة الذين يدخلون بين المنتج وتاجر الجملة، ويرفعون السلع ويهددون أمن واستقرار المواطن الاقتصادي.
وتشهد معدلات التضخم في السودان منذ بداية العام الماضي ارتفاعا ملحوظا بنسب متفاوتة في كل الشهور، بسبب الزيادة المستمرة في أسعار السلع، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية، الذي يسهم بشكل مباشر في زيادة التضخم، بجانب الزيادات المتكررة في أسعار جميع السلع، خاصة الخضراوات واللحوم والفواكه، والتهريب الواسع للسلع عبر الحدود.
وشهد التضخم أعلى معدل ارتفاع عندما طبقت الحكومة زيادات في أسعار البنزين والغازولين والكهرباء، وبلغ في الشهر نفسه 19.6 في المائة، ثم قفز بمعدل 10 درجات، وبلغ في نوفمبر الماضي 29.49 في المائة.
وتعول الحكومة التي تخطط للخروج نهائياًَ من دعم السلع بنهاية عام 2019 بخفض التضخم إلى 17 في المائة بنهاية العام الحالي، على تدفق الاستثمارات الأجنبية، التي تشهد تطورا ملحوظا، بعد الرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية الأميركية في يناير (كانون الثاني) الماضي، والرفع الكلي الشهر المقبل. كما تعول على زيادة معدلات التحويلات المالية من الخارج بعد فتح باب التحويلات المصرفية المحظورة، ووقف الاستيراد لبعض السلع، الذي بدأ تطبيقه أخيراً.