أمل باشه تحول أوراق الخريف إلى معزوفة بصرية شيقة

تعرض لوحاتها بدار الأوبرا في القاهرة

الفنانة أمل باشه
الفنانة أمل باشه
TT

أمل باشه تحول أوراق الخريف إلى معزوفة بصرية شيقة

الفنانة أمل باشه
الفنانة أمل باشه

حالة من الشجن العميق تومض بعفوية في لوحات معرض «في الخريف حياة» للفنانة أمل باشه الذي استضافته قبل أيام قاعة «صلاح طاهر» بدار الأوبرا المصرية بالقاهرة. فعلى حواف اللوحات تتناثر أوراق أشجار جافة، تبدو وكأنها سقطت للتو من شجرة العمر والحياة، تحلَّق وتنزلق بزوايا متعددة على مساحات لونية صريحة، في أشكال مربعة ومستطيلة أحيانا، تنعكس عليها تدرجات من الظلال والنور، كأنها تبحث في نسيجها عن علاقة جديدة، تستعيد بها دورة الحياة، لتظل العين مسكونة بما هو تحت سطح اللون والصورة معا.
بهذه المعادلة البصرية الشيقة التي توائم بين تحولات الطبيعة وتحولات النفس البشرية تبني الفنانة أمل باشه عالمها الفني الشيق، حيث يلعب الضوء دوراً حيوياً في كسر حالة التكتم التي تنطوي عليها أغلب لوحات المعرض، ويخلصها من عزلتها والانكفاء على سرها الخاص داخل إطار اللوحة، لتلتحم بعالم واقعي، عبثاً تحاول الفرار منه. بينما يعلق الخريف في فضاء الصورة، مشكلا بأوراقه الذابلة المتساقطة بؤرة إيقاع للتكوين، تحفظ له سكونه المشمس، وتوازنه على السطح.
ينعكس الضوء على كثير من اللوحات كمثير خارجي، كصدى للطبيعة، وفي بعض اللوحات ينبع الضوء من الداخل، من خروشة الظل الخاطفة، في ضربات الفرشاة المنكسرة والمرتجلة، وفي عجائن الألوان، كاشفا عن عمق انفعال الفنانة بموضوعها، وبحثها عن دفء خاص داخل اللوحة.
يعزز حركة الضوء حالة من التأمل العميق لمعنى الخريف، ومعنى الحياة فيه، فكلاهما يأخذ من الآخر، ويضيف إليه في الوقت نفسه، مشكلا جدلا ينمو بخفوت، في تراسلات الألوان، والخطوط، وحركة الأشكال التي تنحو منحى تجريديا، يسعى إلى التعبير عن جذرية الوجود، ولو في صورة ورقة شجرة ساقطة لا يزال بها بعض الخضرة، ما يدعو إلى التشبث بالأمل. كما تبدو لوحات الأبيض والأسود بأحجامها المربعة الصغيرة، كرسوم كروكية سريعة لاختبار حركة الضوء والأوراق معاً عبر ثنائية البياض والعتمة، وإلى مدى يمكن أن يتبادلا الأدوار، بعيداً عن معضلة التناقض فوق مسطح اللوحة.
في هذا الجو، وبحس الطفولة المفتقدة أو المهمشة والمنسية تشد الأوراق فضاء الرسم، وتواجه الفنانة تأثيرات الطبيعة كمثير فني ونفسي معاً، فأحياناً تبدو اللوحات كحائط رمادي محايد، في شكل مربع، تقترب منه الأوراق بحذر، مكتفية بملامسة خجولة له، تاركة بقية أطرافها خارج المربع، بألوانه الساكنة المتقلبة ما بين الأحمر المتوهج والبرتقالي والنيلي، وأحياناً تتوغل داخل المربع بغرض اكتشاف حقيقته، وكسر سكونه وتعرية ما يضمر تحت طبقته من أسرار.
وفي بعض اللوحات تصعد الفنانة من رؤيته درامياً، فتحول المربع كمنظور للتكوين، إلى ما يشبه خلية النحل، أو قاع البحر، تاركة الأوراق تحلّق بحيوية في فضاء الرسم، وكأنها أشبه بسرب من الفراشات والعصافير، وذلك في هالات لونية شيقة من الأزرق البنفسجي المزهر، والزيتوني المشرّب بمسحة بنية مخففة، والأصفر المنداح في الأرضية، في الوقت نفسه، يشف الخط من حزوزات الكشط بالسكين، مخلفا حالة من الانسجام البصري بين الغائر والبارز، يتماهى فيها الخط واللون، فنحس بإيقاع الحفر والطرق على مسطح الرسم، وكأننا إزاء حفرية على النحاس.
تنوّع الفنانة من تحولات خريفها فتجسده في لوحات أخرى، على هيئة كتل لونية، تأخذ سمت القناع لملامح بشر، تتجاور في قطاعات أفقية داخل مستطيل، بينما تقطعه حزم رفيعة وحادة من الخطوط المرتجلة، تتناثر بانفعالات واتجاهات شتي في جسد التكوين، وأحياناً تنتصب هذه الكتل في شكل قطع من أغصان وجذور النباتات، أو لفائف ورقية، تبدو منطوية على نفسها في حالة من التكتم الشديد داخل إطار اللوحة، وهو ما تنحاز إليه الفنانة، في هذا المعرض ومعارضها السابقة، حيث ترى الفن علاقة مغوية، مفتوحة دائماً على البدايات والنهايات، وعلى الفنان أن يوائم بين قيمه العاطفية والموضوعية، بحثاً عن خصوصية ما، عن سر خاص داخل هذه العلاقة.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.