فجأة، أصبح اسم تشارلز جيمس على لسان كل مهتم بالموضة أو متابع لها. والفضل يعود إلى عرابة صناعة الموضة ورئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية، آنا وينتور، التي اختارته موضوعا للمعرض الذي يقام في متحف المتروبوليتان بنيويورك كل سنة. من كان يعرف تاريخ المصمم، هلل للخبر على أساس أنه رد اعتبار له، لا سيما أنه توفي مفلسا، ومن لم يسمع به من قبل، شعر بالخجل والتعطش للتعرف إليه. أما ما زاد من حجم الفضول، فهو أن آنا وينتور طالبت كل الضيوف، قبل افتتاح المعرض بعدة أسابيع، بأن يراعوا الأناقة كما رسمها المصمم المحتفى به، ملمحة في الوقت ذاته إلى أنها لم تكن راضية عن مستوى أناقتهم في العام الماضي. وبالنظر إلى حضور الفعالية منذ أيام، فإن الكل أطاعها، سواء تعلق الأمر بالرجال الذين اختاروا بدلات مكونة من ثلاث قطع على الأقل وإكسسوارات لافتة للنظر، والنساء اللاتي تبارين في كل ما هو فخم وضخم، يتمثل في فساتين طويلة وتنورات عريضة مشدودة عند الخصور، مع قفازات تصل إلى الكوعين أحيانا. فليس هناك بديل للطاعة في هذه الحالة، إذ يعرف الكل أنه على الرغم من أن إيرين لودر، حفيدة مؤسسة شركة «أستي لودر»، هي التي ستترأس الحفل إلى جانب كل من النجم برادلي كوبر والممثلة سارة جيسيكا باركر والمصمم أوسكار دي لارونتا، فإن صاحبة الصولجان والمتحكمة فيه، هي آنا وينتور من دون منازع. فهي التي تدير كل شيء، بدءا من اختيار أسماء الضيوف والموافقة عليهم، إلى تحديد الأسلوب الذي يجب عليهم التقيد به، مراعية دائما أن يكون هناك توازن بين نجوم هوليوود أو برودواي وصناع الموضة. وحسب مصادر موثوق منها، فإنها تحسب كل شيء بشكل دقيق وكأنه عملية عسكرية لا بد أن تتكلل بالنجاح ولا مجال للفشل فيها. مثال على هذا أنه إذا كان المصمم مايكل كورس سيحضر الحفل، فإنها هي التي تختار النجمة التي ستظهر بزي من تصميمه، وهكذا بالنسبة لكل المصممين.
تجدر الإشارة إلى أن المعرض في العام الماضي، كان يدور حول موجة البانك التي اكتسحت ساحة الموضة في السبعينات، ورغم أنه كان بالمستوى كمعرض، فإن الحضور لم يوفقوا في المظهر الذي يعكس مفهوم هذه الموجة وترجموها بأسلوب ينقصه الخيال، مما انعكس على الحفل وجعله يبدو باهتا، لم يرق لا لها ولا لعشاق موجة البانك، وهو ما عد خطأ لا يمكن أن يتكرر بأي شكل من الأشكال. فالمناسبة تحولت على يدها إلى واحدة من أهم عروض الأزياء العالمية، يتابعها الملايين وتحصد الملايين أيضا من خلال أسعار التذاكر التي تتراوح بين 15.000 و25.000 دولار، فضلا عن التبرعات التي يذهب ريعها إلى المتحف. ورغم أن وينتور، ومنذ أن بدأت تهتم بالمتحف منذ نحو 15 عاما تقريبا، تتعمد الرفع من أسعار التذاكر حتى يبقى مميزا ونخبويا إلى حد ما، إلا أن أهميته كمسرح لربط علاقات عمل وشبكات علاقات عامة مهمة، تجعل مبلغ 15.000 دولار أو 25.000 دولار، لا يذكر مقارنة بالمقابل الذي يتمثل في أضواء وبريق قد يؤديان إلى عقد عمل يقدر بالآلاف إن لم نقل الملايين من الدولارات. وهذا بالضبط ما يجعل الكثير من النجوم يتسابقون لحضوره، لاجئين أحيانا على وساطات تتدخل لصالحهم، في حال وضعت آنا وينتور فرامل على أسمائهم. وليس أدل على هذا من كيم كارديشيان، التي فعلت المستحيل لكي تحضره في السابق من دون جدوى. فقد كانت رئيسة تحرير «فوغ» غير متحمسة لها في البداية، بل وتستهين بأناقتها وشكلها، وما تمثله كامرأة حققت نجوميتها من تلفزيون الواقع. على هذا الأساس منعتها من الحضور علانية منذ عامين، لكنها في العام الماضي نجحت في اختراقه بعد أن استعمل خطيبها كيني ويست، كل أوراقه وعلاقاته للحصول على دعوة مكنتها من مرافقته. لكن شتان بين الأمس واليوم، فقد تغير الوضع الآن، بعد أن اكتشفت المرأة الجليدية كما يطلق البعض عليها، أنها كارديشيان، شاءت أم أبت، أصبحت جزءا من ثقافة عامة، وبالتالي لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك لم يكن أحد يتوقع أن تذهب إلى حد تخصيص غلاف مجلة «فوغ» لها أخيرا، الأمر الذي أثار بعض الاستغراب والكثير من الاستنكار. التبرير الوحيد أنها تعرف ضرورة قراءة تغيرات ثقافة المجتمع ومواكبة تطوراتها مثلما تواكب تطورات وتغيرات الموضة. على العكس من كيم كارديشيان، التي كانت مستميتة لحضور الحفل، صرحت النجمة غوينيث بالترو منذ فترة أنها لن تحضره هذا العام، مبررة ذلك بالقول إنها لم تستمتع به في العام الماضي، وبأنه كان متعبا ومزعجا ومزدحما أكثر منه ممتعا.
* تشارلز جيمس في سطور
* إنه المصمم الذي وصفه كريستيان ديور بـ«أعظم موهبة من جيلي» وقال عنه كريستوبال بالنسياجا، إنه «ليس فقط أعظم مصمم أميركي، بل أفضل مصمم عالمي».
تشارلز جيمس هو أول مصمم أزياء أميركي، وبالتالي يمكن القول إنه الأب الروحي لصناعة الموضة الأميركية. ولد في منطقة بركشاير لأب بريطاني وأم من شيكاغو، وعندما بلغ سن المراهقة أرسلته العائلة إلى إلينويز للدراسة بعد أن طرد من مدرسة «هارو» بلندن. في عام 1926 افتتح محلا خاصا بالقبعات قبل أن يتوسع إلى مجال الأزياء. ولم تمر سوى فترة قصيرة حتى لفت الانتباه بأسلوبه الهندسي الذي فاجأ به العالم من خلال فساتين فخمة، لكن منحوتة على الجسم بأناقة عالية. لم يكن تصميمها هو مكمن قوتها الوحيد، بل أيضا خفة وزنها رغم الأمتار الطويلة التي كان يستعملها للحصول عليها فخمة بتنورات مستديرة. في عام 1978، توفي مفلسا في نيويورك رغم ما خلفه من إرث كبير.
وتدور حاليا في أوساط الموضة إشاعات قوية تثلج الصدر، بأن اسمه سيبقى قويا يتردد حتى بعد انتهاء المعرض، والفضل يعود إلى المنتج السينمائي هارفي وينشتاين، الذي كما يقال، يفكر في شراء اسمه من ورثته ليحقنها بجرعة عصرية بمساعدة زوجته المصممة جورجينا تشابمان، مصممة ماركة «ماركيزا». ومما يجعل البعض متفائلا بهذه الإشاعة، أنها ليست المرة الأولى التي يجرب فيها وينشتاين حظه في عالم الموضة، إذ سبق أن سجل اهتمامه بشراء أسهم في دار «هالستون»، ورغم أنه باع أسهمه فيها في عام 2011 عندما لم تحقق الربح الذي كان يتوقعه، فإن الوضع هنا مختلف لأنه سيكون الشريك الوحيد للورثة، مما يجعل ديناميكية العمل مختلفة.