ضحايا لقصف روسي على حمص وللتحالف الدولي على الرقة

النظام يصعّد قصفه لحي القابون

مواطنون من حي الوعر في مدينة حمص أمام إحدى حافلات إجلائهم إلى شمال سوريا (إ.ب.أ)
مواطنون من حي الوعر في مدينة حمص أمام إحدى حافلات إجلائهم إلى شمال سوريا (إ.ب.أ)
TT

ضحايا لقصف روسي على حمص وللتحالف الدولي على الرقة

مواطنون من حي الوعر في مدينة حمص أمام إحدى حافلات إجلائهم إلى شمال سوريا (إ.ب.أ)
مواطنون من حي الوعر في مدينة حمص أمام إحدى حافلات إجلائهم إلى شمال سوريا (إ.ب.أ)

اتهم ناشطون معارضون موسكو بتكثيف غاراتها على الريف الشرقي لمحافظة حمص السورية وبـ«ارتكاب مجزرة ذهب ضحيتها مدنيون»، فيما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع مجزرة أخرى في ريف محافظة الرقة نتيجة غارات جوية نفذتها طائرات التحالف الدولي. وتزامنت هذه التطورات مع تعرّض أحياء دمشق الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة، لقصف من قبل النظام السوري، الذي خسر خمسة من عناصره في معارك بالغوطة الشرقية، كما أكّد معارضون.
«شبكة شام» الإخبارية أفادت أمس بأن «الطيران الحربي الروسي استهدف ليل الثلاثاء - الأربعاء منازل لمدنيين في منطقة السخنة بريف محافظة حمص الشرقي، ما أدى إلى وقوع مجزرة مروعة بحق المدنيين العزل، الذين دفعوا ثمن وجودهم في مناطق يسيطر عليها تنظيم داعش». وقالت الشبكة إن الطيران الروسي «استهدف أيضاً منازل لمدنيين في قرية اللاطوم شمال بلدة السخنة، ما أدّى لمقتل ستة مدنيين، بينهم 5 نساء وسقوط عدد من الجرحى».
وفي حين انتقد ناشطون ما سموه «استهدافا منظما للمدنيين المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرة (داعش)، من قبل الطيران الحرب`ي الروسي وطيران الأسد وطيران التحالف الدولي، وسط صمت العالم أجمع»، أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إلى أن «ضربات جوية قتلت 11 مدنياً على الأقل بينهم أربعة أطفال في قرية شمال مدينة الرقة السورية ليل الثلاثاء». وقال إن «طائرات يعتقد أنها تابعة لتحالف تقوده الولايات المتحدة، قصفت قرية ما أسفر عن مقتل 11 مدنياً، وإصابة مدنيين بجروح»، مشيراً إلى أن طائرات التحالف «قتلت مطلع الأسبوع الحالي عشرة أشخاص كانوا يقودون سيارات في مناطق صحراوية تربط الأجزاء التي يسيطر عليها تنظيم داعش في محافظة الرقة مع ريف محافظة حماة القريب منه».
ونقل ناشطون من محافظة الرقة أن طيران التحالف الدولي «استهدف منطقة سكنية ونقطة طبية في قرية الصالحية شمال الرقة، خلفت مجزرة راح ضحيتها 10 شهداء من المدنيين العزل، وعشرات الجرحى، فيما لا تزال عمليات رفع الأنقاض مستمرة لانتشال العالقين تحت الركام». ويقدّم التحالف الدولي دعماً للمقاتلين الأكراد، سواء بضربات جوية أو قوات خاصة، في إطار حملة يقودها التحالف لعزل مدينة الرقة، التي تعدّ المعقل الأول ومركز التنظيم المتشدد في سوريا. وقد انتزعت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية والمدعومة من واشنطن، السيطرة على مناطق كانت في قبضة «داعش» وتقدمت باتجاه الرقة من جهات الشمال والشرق والغرب.
وبالتزامن مع المستجدات في محافظتي الرقة وحمص، عاد التصعيد مجدداً إلى أطراف العاصمة السورية دمشق، حيث تواصلت الاشتباكات لليوم الثاني على التوالي بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى، لا سيما على محور حي القابون في الطرف الشرقي لدمشق، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، وترافقت الاشتباكات مع قصف مدفعي وصاروخي على الحي المذكور. وجاء التصعيد بعد هدوء ساد الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة منذ السابع من الشهر الحالي. كما سقطت قذيفة صاروخية في محيط حي أبو رمانة وأخرى في حي الروضة وسط العاصمة، ولم ترد أنباء عن إصابات.
ولم تكن الغوطة الشرقية بمنأى عن العمليات العسكرية، حيث قصف النظام بيت نايم وحوش الصالحية بالقذائف المدفعية والصواريخ، كما أدت الاشتباكات بين الفصائل وقوات الأسد على محور بيت نايم إلى مقتل خمسة عناصر بينهم ضابط برتبة ملازم من «جيش التحرير الفلسطيني» الموالي لقوات النظام، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.