تأييد سياسي وعسكري يمني لقرارات هادي «المفاجئة»

هادي في زيارة سابقة لمأرب (رويترز)
هادي في زيارة سابقة لمأرب (رويترز)
TT

تأييد سياسي وعسكري يمني لقرارات هادي «المفاجئة»

هادي في زيارة سابقة لمأرب (رويترز)
هادي في زيارة سابقة لمأرب (رويترز)

أجرى الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، تعديلا وزاريا على حكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، شمل 4 حقائب وزارية، هي العدل والشؤون الاجتماعية والعمل والأشغال العامة والطرق ووزارة حقوق الإنسان، إلى جانب تعيين نائب في الوزارة الأخيرة. غير أن قرارات هادي لم تتوقف عند التعديل الوزاري، فقد أطاح بمحافظ عدن، اللواء عيدروس الزبيدي، وكذلك وزير الدولة، هاني بن بريك، والأخير أحيل إلى التحقيق في قرار إقالته.
وبالقدر الذي جاءت فيه قرارات الرئيس هادي مفاجئة، فإنها أدت إلى ردود أفعال متباينة في الساحة اليمنية، فقد لقيت تأييدا واسعا من مختلف الوزراء والمحافظين ورؤساء الأجهزة الأمنية والحكومية، بشكل عام، في حين انتقدتها بعض الأطراف، في إطار ما يوصف، في أي نظام، بالصراعات الداخلية، بحسب تعبير بعض المراقبين.
وفيما يتعلق بالتعديل الوزاري، فقد كان متوقعا منذ بضعة أسابيع، ويعتقد مراقبون أن قرار إقالة محافظ عدن، جاء على خلفية الوضع الذي يمكن وصفه بالهش، في مجال الخدمات في العاصمة المؤقتة (عدن)، مع تزايد الانتقادات للحكومة الشرعية إزاء التقصير الذي بدا واضحا في هذا المجال، رغم التحسن الذي طرأ على الجوانب الأمنية، في الآونة الأخيرة، ومحاصرة المجاميع الإرهابية والخلايا النائمة التي تتهم الحكومة مرارا صالح والحوثيين بتجهيزها في جنوب اليمن.
وفي الوقت الذي جاء فيه التعديل الوزاري بعد مرور عام على تشكيل حكومة بن دغر، فقد اعتبر مراقبون أن من حق الرئيس هادي إصدار القرارات المناسبة، في ضوء تقييمه لأداء المسؤولين، وفقا لحديث المحلل السياسي، باسم الحكيمي لـ«الشرق الأوسط»، الذي أشاد بأداء محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي «في مرحلة مهمة وحرجة عندما أمسك بزمام الأمور وساهم بشكل كبير في تحسين الوضع الأمني في العاصمة المؤقتة عدن»، مطالبا الأطراف السياسية اليمنية بـ«تحمل المسؤولية».
ويذهب بعض المحللين إلى أن هناك استحقاقات تتعلق بالقوى اليمنية، فيما يتعلق بقرارات الرئيس هادي. يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، الدكتور عبد الباقي شمسان إن «قرارات الرئيس عبده منصور هادي تأخذ جدلا كبيرا مع كل رزمة من قراراته لأنها متقطعة، وتخضع لتوازن القوى الوطنية، علاوة على عامل المحاصصة، وهذا يخلق جدلا واسعا»، ويضيف معلقا على تبديل محافظ عدن وإقالة الوزير بن بريك وإحالته إلى التحقيق بالقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا بد من تجميع السلطة في يد رئيس الجمهورية بصفته رئيسا للجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة»، ثم يؤكد ضرورة «تكامل يرتكز على قاعدة أن تقوية السلطة الشرعية هي قاعدة استعادة السلطة» في اليمن.
وضمن تعدد الآراء والمواقف إزاء قرارات هادي، يرى المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي بأن تلك القرارات «لامست احتياجاً وطنياً ملحاً في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد، إن على مستوى الحكومة أو على مستوى السلطة المحلية في عدن، فالعاصمة المؤقتة أكثر ما تحتاجه هو تطبيع الأوضاع الأمنية والمعيشية، وتهيئتها لتكون قاعدة للدولة، وملاذا للسلطة الشرعية، ونموذجاً لنجاح السلطة الشرعية والتحالف، في استعادة الدولة وتعميق الشراكة الوطنية وإعادة العافية للحمة الوطنية والانتصار للمواطنة في ظل دولة القانون»، ويرى التميمي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يمكن لمشاريع متضادة أن تتعايش في مرحلة أكثر ما تحتاجه هو وحدة المشروع الوطني، وتماسك الموقف، فالتحدي لا يزال ماثلاً أمام الجميع وهو التحدي الذي يمثله الانقلابيون، الذين لم تنته المعركة معهم بعد، وينبغي أن ينصرف جهد الجميع نحو مواجهة هذا التحدي بكل السبل الممكنة عوضاً عن التوقف أمام ما يمكن وصفها بالبديهيات في إدارة الدولة»، وكنوع من شرح لموقف هادي بخصوص تغيير محافظ عدن، يشير التميمي إلى أن «العلاقة بين السلطة المحلية والحكومة انحدرت إلى مستوى لا يمكن السيطرة عليه، والحل هو في إعمال الرئيس لصلاحياته التي هي جوهر القوة التي تمثلها الشرعية في هذه المرحلة»، ويجزم بأن «هذه القرارات، بالمنظور البعيد، صمام أمان للمشروع الوطني، وسياج لحماية السلام والاستقرار والأمن الذي جاء بفضل تماسك اليمنيين ووحدتهم خلف الشرعية، وبفضل الإسناد العظيم الذي يقدمه التحالف العربي في هذه المرحلة الهامة من تاريخ البلاد».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.