مؤتمر «الأزهر العالمي للسلام» يدعو لإصدار إعلان يُبرئ الأديان من تهمة الإرهاب

الطيب لـ «الشرق الأوسط» : هدفنا توجيه رسالة مشتركة للعالم لنبذ كل أسباب التعصب وترسيخ ثقافة الحوار

شيخ الأزهر ورئيس أساقفة القسطنطينية خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
شيخ الأزهر ورئيس أساقفة القسطنطينية خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

مؤتمر «الأزهر العالمي للسلام» يدعو لإصدار إعلان يُبرئ الأديان من تهمة الإرهاب

شيخ الأزهر ورئيس أساقفة القسطنطينية خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
شيخ الأزهر ورئيس أساقفة القسطنطينية خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

ندد المشاركون في «مؤتمر الأزهر العالمي للسلام»، بمصر، بما تقوم به الجماعات المتطرفة من إلصاق تهمة الإرهاب للأديان، مطالبين بضرورة تخليص صورة الإسلام، بل الأديان جميعها، من براثن الإرهابيين لتحقيق التعايش الحقيقي، مؤكدين دور القادة الدينين في نشر تعاليم الأديان الثلاثة. ومن المقرر أن يصدر عن المشاركين إعلاناً ببراءة الأديان من تهمة الإرهاب.
وتحت رعاية الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، انطلق أمس، في أحد فنادق القاهرة، المؤتمر، بحضور عدد من القيادات الدينية من أنحاء العالم، في مقدمتهم البابا فرنسيس الثاني، بابا الفاتيكان، الذي من المقرر أن يلقي كلمة في ختام المؤتمر، اليوم (الجمعة)، عقب زيارته الرسمية لمقر مشيخة الأزهر.
وقال شيخ الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «الأزهر يبذل جهوداً دولية لترسيخ السلام والأمن حول العالم، ويحرص على الانفتاح والحوار مع جميع المؤسسات الدينية العالمية»، مضيفاً: «مؤتمر السلام يهدف إلى توجيه رسالة مشتركة للعالم من أجل نبذ كل أسباب التعصب والكراهية، وترسيخ ثقافة المحبة والرحمة والسلام والحوار بين الناس».
ويقول مراقبون إن «المؤتمر يأتي في إطار الجهود الحثيثة التي يبذلها شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، من أجل نشر ثقافة المحبة والتسامح والتعايش المشترك، وتحقيق سلام عادل وشامل للبشرية جمعاء».
ويناقش المؤتمر 4 محاور رئيسية، تتمثل في: «معوقات السلام في العالم المعاصر... المخاطر والتحديات»، و«إساءة التأويل للنصوص الدينية وأثره على السلم العالمي»، و«الفقر والمرض... بين الحرمان والاستغلال وأثرهما علي السلام»، و«ثقافة السلام في الأديان... بين الواقع والمأمول».
وشملت وقائع الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أمس، كلمات لعدد من ممثلي الطوائف الإسلامية والمسيحية، بينما بدأت فعاليات المؤتمر بعرض فيلم تسجيلي حول جهود الأزهر في دعم عملية السلام والتسامح والمواطنة. وبين المشاركين في المؤتمر بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام.
من جانبه، أكد القس جيم وينكلر، الأمين العام للمجلس الوطني للكنائس بالولايات المتحدة، خلال الجلسة الأولى، أنه «على قناعة بأنه لا يمكن أن يعيش العالم في سلام حتى يتعلم المسيحيون والمسلمون واليهود العيش في سلام واحترام متبادل، وأن يعملوا جميعاً لخير البشرية جمعاء»، موضحاً أن «المجتمع المسيحي يكن لشيخ الأزهر عميق الاحترام، ويقدرون تواصله مع المجتمع المسيحي»، ومضيفاً أنه يأمل في أن يزور شيخ الأزهر الولايات المتحدة قريباً، وأنه على استعداد لمد يد العون، والمساعدة لمساعيه لإرساء السلام والعيش المشترك.
في حين قال القس أولاف فيكس، أمين مجلس الكنائس العالمي، إن «السلام العالمي المشترك هو الأجندة الأولى لنا كقادة دينيين»، موضحاً: «إننا نجتمع اليوم في وقت دقيق للعالم، في ظل ما يتعرض له من إرهاب وتطرف يسيء إلى الأديان السماوية... وشبابنا الآن ينظر إلينا كقادة دينيين ماذا سنفعل في مواجهة هذه الهجمات الإرهابية، ومواجهة أفكار التكفير؟ فنحن نؤمن برب واحد، وتقع على عاتقنا حماية الجميع والتصدي للجماعات المتشددة».
وأضاف: «نحن ضد التفريق باسم الدين، وندعو للوحدة بين الجميع، وقد رأينا في مصر أمثلة مذهلة؛ مسلمون يدافعون عن مسيحيين تعرضوا للعنف، ومسيحيون يوفرون التعليم لمواطنين مسلمين فقراء».
من جهته، قال الأنبا بولا، في كلمته، ممثلاً عن البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية: «نحن المسيحيون جئنا للمؤتمر حاملين غصن زيتون وسعف نخيل من أجل السلام»، مضيفاً: «لن نواجه آلات الموت إلا ونحن نبشر بالسلام، وسوف نتصدى للإرهابيين بالسلام»، مؤكداً: «نصلي جميعنا في كنائسنا من أجل السلام والتسامح، ليعم في جميع ربوع العالم». وطالب بولا الضمير العالمي بوقف استخدام الجماعات المتشددة لأغرض سياسية، وتجفيف منابع الإرهاب مادياً وعسكرياً، واتهم دولاً - لم يسمها - بدعم الإرهاب بالمال والسلام. وقالت الدكتورة أمل عبد الله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي للإمارات، إن السلام هو تحية الإسلام الخالدة، ودعوة الأديان السماوية، وقيمة إنسانية غالية راح ضحية غيابها كثير من الأبرياء من كل الأديان على حد سواء، جراء الحروب والصراعات، أو في اعتداءات إجرامية آثمة، مشيرة إلى أن السلام مطلب حيوي، وأمر حتمي للعالم أجمع، وهو لن يتحقق إلا بتحملنا مسؤوليتنا تجاه اختلافاتنا الإنسانية، وأن نسعى للبحث عن المشترك بيننا، ونقبل المختلف.
وأوضحت القبيسي أن السلام لا بد أن يتحقق بالحوار الذي هو السبيل لبناء المشتركات، وتكريس التفاهم وأسس التعايش، فالتعايش ثراء وتنوع وتفاعل حضاري بناء، مشيرة إلى أنه لم يعد السلام مفهوماً مرتبطاً بالعلاقات بين الدول، بل بات مطلوباً وبإلحاح داخل كل دولة على حدة، كونه ركيزة جوهرية للاستقرار والعيش المشترك بين المكونات الدينية والمذهبية والطائفية والعرقية للدول، باعتبار أن الاحترام المتبادل وقبول الآخر ثوابت تنطبق على الأفراد كما تنطبق على الدول.
وفي كلمته، أكد الدكتور محمد عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، أن تحقيق السلام هو الشغل الشاغل للأمة بمختلف دياناتها، موضحاً أن رفع راية حماية السلام العالمي في ربوع العالم لهو الهدف المنشود، مضيفاً: «نؤكد على قيم السلام في زمن لم يعد يستطيع التحمل لمزيد من الآلام، في ظل وجود تيارات تكفيرية متطرفة، وخطاب إقصائي، وعنصرية ضد الإسلام»، مبيناً أن هذا إذا ما استمر، فسيؤدي في النهاية إلى تصادم، وهو ما نراه هدف الإرهاب الأول، فلا بد أن ننتبه لهذه الأهداف التي تريد أن تنال من أوطاننا.
وطالب البطريرك برثلماوس الأول، رئيس أساقفة القسطنطينية، بضرورة الانخراط في حوار سلام من أجل أن يعم السلام، متسائلاً كيف يرى المجتمع الدولي تلك الأعمال الإرهابية، ويغض الطرف عنها؟ مشدداً على ضرورة أن يقف المجتمع الدولي لهذه العمليات الإرهابية التي طالت المجتمعات، خصوصاً الشرق الأوسط.
وأكد رئيس أساقفة القسطنطينية أن الأديان جميعها تنهج السلام والتسامح والمحبة، وأن تعاليم الأديان هي تعاليم تحث على المحبة والتسامح والسلام، مطالبا بضرورة الحوار البناء، خصوصاً بين الأديان، لإيجاد أرضية مشتركة لأن يعم السلام، وإيجاد حل سلمي للصراعات التي نشهدها.
في السياق ذاته، أقر الدكتور أحمد الطيب، في كلمته، بأن كُل ما يُقال عن الإسلام في شأن السلام يُقال مثله تماماً عن المسيحية واليهودية، مضيفاً: «لا أقول ذلك مجاملة للحضور، لكن لأن عقيدتي التي تلقيتها من القرآن الكريم تُعلمني - كمسلم - أن رسالة محمد ليست ديناً منفصلاً مستقلاً عن رسالة عيسى وموسى وإبراهيم ونوح، عليهم السلام، وإنما هو حلقة أخيرة في سلسلة الدين الإلهي الواحد، الذي بدأ بآدم وانتهى بنبي الإسلام، وأن هذه الرّسالات من أولها إلى آخرها تتطابق في محتواها ومضمونها، ولا تختلف إلا في باب التشريعات العملية المتغيرة، فلكل رسالة شريعة عملية تناسب زمانها ومكانها والمؤمنين بها». وتابع: «إن القرآن الكريم يُقرر حقيقة الاختلاف بين الناس، ديناً واعتقاداً ولغة ولوناً، وإن إرادة الله شاءت أن يخلق عباده مختلفين، وإن الاختلاف هو سُنة الله في عباده التي لا تتبدل ولا تزول إلى أن تزول الدنيا وما عليها. ويترتب على حقيقة الاختلاف في الدين منطقياً حق حرية الاعتقاد، لأن حريةَ الاعتقاد، مع الاختلاف في الدين، يمثل وجهين لعملة واحدة. وحرية الاعتقاد تستلزم بالضرورة نفي الإكراه على الدين، والقرآن صريح في تقرير حرية الاعتقاد، مع ما يلزمه من نفي الإكراه على العقائد».
واستطرد الطيب أن مشروعية الحرب في الإسلام ليست قاصرة على الدفاع عن المساجد فقط، بل مشروعة بالقدر ذاته للدفاع عن الكنائس، وعن معابد اليهود، وإن تعجب فاعجب لدين يدفع أبناءه ليقاتلوا من أجل تأمين أهل الأديان الإلهية الأخرى، وتأمين أماكن عباداته!
وتساءل الطيب السؤال الذي يثير حيرة الكثيرين، وهو: لماذا قاتل الإسلام غير المسلمين؟ والجواب: لم يقاتلهم أبداً تحت بند «كفار». كيف والقرآن، الذي يحمله المسلمون معهم في حروبهم، يقول: «فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر»؟! وكيف يشن الإسلام حرباً من أجل إدخال الآخرين في الدين كرهاً، والقرآن يقرر: «لا إكراه في الدين»؟! إن الإسلام لا يقاتل تحت بند «الكفر»، بل تحت بند «العدوان». وقال الطيب: «إذا كانت نصوص الإسلام التي ذكرت بعضاً منها تكشف عن انفتاح هذا الدين على الآخر، واحترامه واحترام عقائده، فكيف يصح في الأذهان وصفه بأنه (دين الإرهاب)؟! وإذا قيل: هو دين إرهاب لأن الذين يمارسون الإرهاب مسلمون، فهل يقال إن المسيحية دين إرهاب لأن الإرهاب مورس باسمها هي الأخرى؟! وهلا يقال إن اليهودية دين إرهاب لأن فظائع وبشاعات ارتكبت باسمها كذلك؟! وإذا قيل: لا تحاكموا الأديان بجرائم بعض المؤمنين بها، فلماذا لا يقال ذلك على الإسلام؟ ولماذا الإصرار على بقائه أسيراً في سجن الإسلاموفوبيا ظلماً وبهتاناً وزوراً».
وأضاف: «هل نستغل هذا المؤتمر النادر لنعلن للناس أن الأديان بريئة من تُهمة الإرهاب؟! وهل يمكن أن نشير فيه - ولو على استحياء - إلى أن الإرهاب الأسود الذي يحصد أرواح المسلمين في الشرق، أياً كان اسمه ولقبه، واللافتة التي يرفعها، لا تعود أسبابه إلى شريعة الإسلام، ولا إلى قرآن المسلمين، وإنما ترجع أسبابه البعيدة إلى سياسات كبرى جائرة اعتادت التسلط والهيمنة والكيل بمكيالين؟».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.