على مدار 15 عاماً مضت، جمعت مكتبة الإسكندرية منذ افتتاحها عام 2002 مجموعة هائلة من المقتنيات الفنية، ممهورة بأيدي أشهر الفنانين المصريين والعرب والعالميين، تنوعت ما بين منحوتات، وتماثيل، ولوحات، وصور فوتوغرافية، لتعكس التنوع الفني والثقافي حول العالم.
ومن بين 4 آلاف قطعة فنية، انتقت مكتبة الإسكندرية 200 قطعة من مقتنياتها لتعرضها أمام زوارها في القاعتين الشرقية والغربية بقاعة المؤتمرات؛ لتقدم لهم نبذة عن فعالياتها الفنية التي أثرت بها الساحة الثقافية. هذا بالطبع إلى جانب مقتنياتها من المجموعات الفنية الخاصة التي تضم ما يزيد على 2000 قطعة فنية موجودة في شكل معارض دائمة في أماكن مخصصة لها من بينها: «متحف الفنان والمخرج شادي عبد السلام، ومعرض الإسكندرية عبر العصور، ومتحف آدم حنين»، وغيرها التي تتم زيارتها بكثافة، خاصة من الشباب المصريين الناشئين، وتضم ما يزيد على ألفي قطعة فنية موزعة على 12 معرضاً فنياً دائماً.
يتوسط المعرض تمثال من خامة البوليستر لعميد الأدب العربي طه حسين عمره أكثر من 20 عاماً، للفنان الراحل عبد الهادي الوشاحي (1936 - 2013)، أحد رواد الفن التشكيلي المصري الذي سجل اسمه في موسوعة «كمبريدج» البريطانية كأحسن نحات دولي لعام 2001. يجسد التمثال طه حسين شاخصاً إلى الأفق اللامحدود بأبعاد جسدية وخطوط كونتورية ترمز لمكانته الأدبية والثقافية، حيث يمتد النصف الأعلى من جسده نحو ضعف النصف السفلي، فلكي يراه المتلقي فعليه أن يرفع رأسه عالياً كي يرى رأس التمثال. وقد حرص الوشاحي على أن يترك فجوات في رأس التمثال الضخم ليتسرب منها نور يشع عبر عيني التمثال؛ كناية عن العلم والثقافة الرفيعة التي تمتع بها طه حسين رغم كونه كفيفاً. وقالت أميرة فهمي، زوجة الفنان الوشاحي، لـ«الشرق الأوسط»: «قررت الأسرة إهداء التمثال لمكتبة الإسكندرية لدورها في إثراء الحركة التشكيلية المصرية وتقديم جيل الرواد بالشكل اللائق للأجيال الجديدة من الفنانين. وقد استغرق الفنان الوشاحي 5 سنوات للانتهاء من هذا التمثال، وقد ظل هذا التمثال حبيساً لمدة 20 عاماً».
وحول المعرض وأهميته، يقول جمال حسني، مدير إدارة المعارض والمقتنيات بالمكتبة، لـ«الشرق الأوسط»: «تكونت مجموعات مكتبة الإسكندرية من إهداءات دول، ومؤسسات رسمية، وفنانين وأبناء فنانين راحلين، و(سمبوزيوم المكتبة الدولي)، و(بينالي كتاب الفنان)، وغيرها من المعارض والمهرجانات التي لطالما أنعشت الحركة الفنية والثقافية في مصر». ويضيف: «يضم المعرض هذا العام ما يقرب من 200 قطعة فنية من مقتنيات المكتبة الفنية من مجالات فنية مختلفة في النحت، التصوير، الطباعة، التصوير الفوتوغرافي، (كتاب الفنان)، والخزف. كما يضم أيضاً أعمالاً أصلية لكبار الفنانين الراحلين ومنهم: الفنان مصطفى عبد المعطي، الفنانة رباب نمر، وسيف الوشاحي نجل الفنان الراحل عبد الهادي الوشاحي، أسرة الفنان الراحل نبيل درويش، الفنانة عزيزة فهمي، والفنان عصام درويش؛ وذلك إيماناً منهم بدور المكتبة في نشر الفنون، وما حققته خلال الأعوام الماضية في مجال الفنون التشكيلة والبصرية».
يضم المعرض طبعة جديدة من «الإلياذة والأوديسة» عن دار نشر «لاديان فرانسيز» (La Diane Francaise)، بجزء جديد في نهاية الإلياذة و4 أجزاء أخرى في نهاية «الأوديسة»، صُورت بـ«26 روشماً» في الأولى و29 في الأخيرة، أنجزها الفنانون الستة أنفسهم في كلا الكتابين.
تضم «الرواشم الفنية» تجسيداً للميثولوجيا اليونانية بتقنيات فنية وغرافيكية حديثة، في مزج رائع بين إبداع الماضي والحاضر، رسمها الفنانون: «آلان ليستيه، وجو مولر، وبازو، وتوس فان هولشتين، وريمو جياتي، وإيريك ماسهولدر».
ويقول الناشر الفنان جان - بول أوريليا لـ«الشرق الأوسط»: «تتوافر بهذه الطبعة الجديدة من الإلياذة والأوديسة المعايير الأساسية للكتب الثمينة النادرة؛ وذلك من حيث جودة الطباعة بواسطة الحروف المتحركة، وندرة الإصدار، والتقديم المتميز لطبعة ورقية مجلدة تأتي في علبة مكسوّة بالقماش». ويشير: «اعتمدنا على 6 فنانين من 5 دول أوروبية مختلفة، وأسندنا إليهم مهمة إنجاز (الرواشم الفنية) المصاحبة للنص والشارحة له. فجاء العمل في صورته النهائية إبداعاً حقيقيّاً لـ6 فنانين، حاملاً في طياته 6 جماليات و6 رؤى مختلفة، والكثير من التقنيات الفنية المتباينة بين الحفر على النحاس، والطباعة الخشبية، والطباعة الحجرية، والطباعة بالشاشة الحريرية».
وتختص دار نشر «لاديان فرانسيز» (La Diane Francaise)، التي تأسست عام 1949 بطباعة الكتب المصورة عن أعمال فنية أصلية تتنوع بين: «الطباعة الحجرية، الطباعة الحريرية، والنقش على النحاس والخشب والشمع». وقد داوم السيد أوريليا على المشاركة في «بينالي كتاب الفنان» منذ عام 2010 الذي يقام بالمكتبة كل عامين، من خلال إهداءات قيمة يبلغ عددها حتى الآن 76 كتاباً مصوّراً أصليّاً.
ويقول مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور إسماعيل سراج الدين: «تحتفل مكتبة الإسكندرية بالعيد الـ15 لافتتاحها وبداية نشاطاتها المتعددة في مجال الفنون التشكيلة والبصرية، والتي تعددت وتنوعت على مدى هذه السنين الماضيتين بشكل كبير. هذه الفعاليات التي أقامتها ورعتها المكتبة تمت باشتراك مئات الفنانين من مصر والدول العربية والعالم، وبتضافر جهود الكثير من المؤسسات المحلية والدولية» ويضيف: «جميعهم آمنوا بدور المكتبة المحوري في صنع وتقديم الثقافة والمعرفة للجمهور، والمساهمة بشكل فعال في تقريب وجهات النظر بين الشعوب، خاصة عن طريق الفنون. وهذا الإيمان بقيمة رسالة المكتبة هو ما حدا بهؤلاء الفنانين، فرادى ومجتمعين، بشكل شخصي أو عن طريق مؤسسات، إلى الاهتمام بإهداء أعمالهم الفنية القيّمة لتبقى ضمن مقتنيات المكتبة الفنية الدائمة، وذلك سواء عن طريق الإهداء المباشر أو من خلال الاشتراك في مشروعات المكتبة الفنية». هذا ويستمر المعرض يومياً حتى السادس من مايو (أيار) المقبل، في إطار احتفال المكتبة بـ15 عاماً من عمرها.
مكتبة الإسكندرية تتألق بمقتنياتها الفنية في عيدها الـ15
بينها نسخة جديدة من «الإلياذة والأوديسة» وتمثال طه حسين للفنان عبد الهادي الوشاحي
مكتبة الإسكندرية تتألق بمقتنياتها الفنية في عيدها الـ15
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة