طرح الباحثون في طب التجميل من مستشفى «ماونت سيناي» في نيويورك، طريقة عملية في تقييم مدى النجاح في عمليات تضخيم الشفاه Lip Augmentation. وكان السؤال الذي يُحاول الباحثون معرفة الإجابة عليه هو: ما القياسات ذات المقادير الكمية في الصورة ثنائية الأبعاد للشفاه، التي من شأنها أن تجعل الشفاه تبدو عند النظر إليها بأنها شفاه طبيعية جذابة وغير مصطنعة؟.
تجميل الشفاه
وتأتي هذه الدراسة التجميلية مع تزايد عمليات تضخيم الشفاه، وتزايد التفاوت في نتائجها، وتزايد ملاحظة الكثيرين أن التضخم في حجم وشكل الشفاه هو تضخم غير طبيعي وواضح حيث تصير الشفاه ذات مظهر صناعي Artificial Appearing Lips، وهي الأمور التي لا تحقق الغاية من إجراء هذه العمليات التجميلية لدى الكثير من النساء. وتلك الغاية هي تحديداً أن تبدو الشفاه المتضخمة شفاهاً ذات شكل طبيعي غير مصطنع، وأن تكون جذابة في المنظر عند رؤيتها.
ووفق ما تم نشره ضمن عدد 6 أبريل (نيسان) الحالي في مجلة «جاما» لجراحة الوجه التجميلية JAMA Facial Plastic Surgery، قال الباحثون إن أهمية دراستهم تأتي من ملاحظة شيوع الشكل المصطنع للشفاه بعد تضخيمها، وهو الأمر الذي لا يجدر الوصول إليه، لأنه نتيجة غير مرغوب فيها من قبل الذين يخضعون لعملية تضخيم الشفاه.
وقال الباحثون إن نتائج دراستهم التقيمية الاستقصائية توفر بيانات كمية لدعم أن إجراء «زيادة متوازنة» Balanced Augmentation فيما بين الشفتين العلوية والسفلية هو المفتاح لتحقيق تحسين وتجميل لشكل الشفاه الطبيعية، عبر تضخيمها، كي تبدو في نهاية الأمر طبيعية. وأضاف الباحثون أن نتائج دراستهم أفادت بأن ثمة اختلافاً بين الناس في مراحل مختلفة من العمر حول مدى إدراكهم الحسي لكون الشفاه التي يرونها طبيعية أو صناعية.
وقال الباحثون إن المعنى الذي تتحدث نتائج دراستهم عنه هو: على الرغم من اعتماد الأطباء على إرشادات طبية ثابتة بخصوص تضخيم الشفاه، فإن هذا الاعتماد غير عملي ولا واقعي من ناحية تحقيق نتائج تُحسّن شكل الشفاه كي تبدو في نهاية الأمر طبيعية، ونتائج الدراسة توفر نوعاً من المساعدة في توجيه الأطباء خلال مناقشتهم مع مرضاهم كيفية تحقيق رغبتهم في تضخيم الشفاه. وأضاف الباحثون أن ثمة اليوم رغبة عارمة في إجراء تضخيم الشفاه كي تبدو كشفاه «أنجلينا جولي» و«ليزا رينا» و«ميغان فوكس». وأضاف الدكتور كيم قائلاً إن الناس يُلحّون أكثر وأكثر نحو تضخيم الشفاه بشكل مفرط، وأردنا أن نعرف متى يُعجب بها الشخص العادي حينما يراها ومتى يقول إنها مصطنعة، ولاحظنا في نتائج الدراسة أن صغار السن من الشباب هم أكثر قدرة على التمييز بين الشفاه الطبيعية والشفاه المصطنعة.
والواقع، كما علق الدكتور أندرو سالزبيرغ، رئيس الجراحة التجميلية في مستشفى ماونت سناي بنيويورك، قائلاً: «إذا كنت تمشي في أحد شوارع مدينة نيويورك فإن الجميع يتشابه أمامك؛ ذلك أن نصف الناس قد تم تضخيم شفاههم بشكل مفرط، الأمر واضح جداً».
نسبة طول الشفتين
وأوضح الدكتور سانغ كيم، الباحث الرئيسي في الدراسة وجراح تجميل الوجه في عيادات الوجه الطبيعي بنيويورك، أنه تم التعرف على مميزات محددة تجعل حتى الشفاه الصناعية تبدو طبيعية، وقال: «بالأساس، يجب الحفاظ على الحجم الأساسي نفسه للشفة العلوية والشفة السفلية لدى البشر الطبيعيين، وأن تكون الشفة السفلى أطول بنسبة 1.6 (واحد فاصلة ستة) بالنسبة لطول الشفة العليا». وأضاف: «التكبير والتضخيم المتناسب والمتناسق، بحيث تكون الشفة السفلى أكبر من الشفة العليا هو أمر مهم، ويجب تحاشي التضخيم المفرط للشفة العليا مقارنة بتضخيم الشفة السفلى». واستطرد قائلاً: «يجب أن تتم عملية تضخيم الشفة العليا بعناية، وتجنب إزالة ومحو السمات المميزة في الشفة العليا، ومنها قوس كيوبيد Cupid›s Bow، الذي هو من السمات المهمة للشفة العليا، ومنها كذلك زوايا الشفاه».
وعلّق الدكتور ديفيد كانجيلو، جراح التجميل في مستشفى لينوكس هيل ومستشفى مانهاتن للعيون والأذن والحنجرة في مدينة نيويورك، بالقول: «ما تخبرنا به الدراسة هو أن في الأساس يجب الحفاظ على بنية الشفاه الطبيعية، وإذا ما قمنا بتغير تلك البنية الطبيعية فإننا سنجعل الشفاه تبدو متغيرة ومصطنعة». وقال الدكتور سالزبيرغ إن الدراسة تحمل أخباراً سارة لضحايا العمليات السيئة لتضخيم الشفاه، وذلك إذا ما عمل الطبيب على إعادة التوازن في النسبة الطبيعية بين الشفة العليا والسفلى، لتكون هناك فرص جيدة لإعادة الحصول على مظهر طبيعي، أي إعادة تضخيم الشفة السفلى ليكون شكل الشفتين أقرب للطبيعي. وأشار إلى أنه في كثير من الأحيان يتم حقن الشفة العليا فقط بمستحضرات الحشو التجميلية Cosmetic Filler، دون عمل أي شيء للشفة السفلى، ولكن الطبيعي أن تبدو الشفة السفلى أكبر قليلاً من الشفة العليا، ومتى ما حصل اضطراب في نسبة حجم الشفتين يظهر الأمر بوضوح عند رؤية الشخص. وقال الدكتور كانجيلو: «في الشفة السفلى ليس لدينا فقط قوس كيوبيد، بل أيضاً لدينا تل الواجهة Pouty Mound في منتصف جسم الشفة العليا، وعند ملء الشفة العليا كلها وعلى جانبيها كلاهما فإننا نزيل (قوس كيوبيد) ونزيل تل الواجهة، وتغدو الشفة العليا كأنها قطعة نقانق».
طريقة الحشو الجلدي
وتعتبر عملية تضخيم الشفتين إحدى العمليات التجميلية التي تصنع شفاهاً ذات مظهر أكبر وأسمن. وفي هذه الأيام، تستخدم طريقة الحشو الجلدي Dermal Filler على نطاق واسع في عمليات تضخيم الشفاه. وثمة اليوم أنواع عدة من حشوات الجلد التي يُمكن حقنها في الشفاه ومناطق ما حول الفم، ولكن أشهرها الأنواع التي تحتوي على مركبات بها مواد شبيهة بحمض هيالورونيك Hyaluronic Acid. وحمض هيالورونيك هو مادة طبيعية موجودة في الجسم وحقنها يُسهم في تكبير حجم الشفاه. وفي وقت سابق كان حشو الجلد المحتوي على الكولاجين Collagen Dermal Filler هو الأكثر شيوعاً في الاستخدام، ولكن البدائل الجديدة لحشو الجلد أكثر أماناً وأقل تسبباً بالآثار الجانبية. وحشو الجلد بحقن الشحوم Fat Injections يُستخدم كذلك اليوم للحقن والزراعة كوسيلة لتضخيم الشفاه، ولكن استخدامها أقل شيوعاً بسبب أن نتائج استخدامها يتفاوت، وثمة مخاطر أعلى للآثار الجانبية، مقارنة بحشو الجلد بحمض هيالورونيك.
وحشوات الجلد بمواد شبيهة بحمض هيالورونيك Hyaluronic Acid Fillers يُمكنها أن تُجمل وتُحسن شكل الشفاه عبر إضافتها في شكل وتكوين وحجم الشفاه، ويستمر مفعولها التضخيمي لمدة نحو 6 أشهر، وبعد ذلك تحتاج الشفاه إلى مزيد من الحقن لإبقاء حجم أكبر للشفاه. وثمة مجموعة من حشو الجلد بمواد شبيهة بحمض هيالورونيك، وكلها يتم حقنها بالطريقة نفسها وتُعطي نتائج متشابهة، وبعضها يحتوي بالأصل على مواد للتخدير الموضعي، وتحديداً ليدوكين lidocaine. ومن مميزات «حشوات الجلد بمواد شبيهة بحمض هيالورونيك» أنه ما أن يتم حقنها حتى تعمل على دعم وتشكيل الأنسجة داخل الشفاه، ومن مميزاتها أيضاً أنه يُمكن باستخدامها التحكم في الحجم المراد الوصول إليه في حجم الشفاه، وأن الحقن يمكن أن يتم بالتدرج من خلال عدة جلسات، وهو ما يُمكن الطبيب من التحكم في حجم تضخيم الشفاه، كما أن تكويناً لأي تكتل لمادة الحشو الجلدي الذي قد يحصل خلال الحقن يُمكن أن يذوب بسهولة، وهي أيضاً أقل تسبباً بالكدمات الجلدية مقارنة بغيرها من أنواع الحشوات الجلدية، ونتائجها في تضخيم الشفاه تستمر لفترة أطول مقارنة بغيرها، واحتمالات تسببها بالحساسية أقل من غيرها.
آثار جانبية
ومن الآثار الجانبية المحتملة عند إجرائها لدى طبيب ماهر ومتخصص وذي خبرة جيدة، حدوث نزيف دموي بسيط في موضع الحقن والتورم والكدمات الجلدية والاحمرار والألم في موضع الحقن، ولكنها في الغالب تزول في غضون بضعة أيام. ومع هذا، تظل هناك بضعة آثار جانبية أخرى محتملة الحصول لأسباب عدة تتعلق بكيفية إجراء عملية التضخيم ومنْ يقوم بذلك، مثل حصول تورم وكدمات تستمر لفترة أكثر من 10 أيام، وعدم التوازن بين جانبي الشفاه في حجم التضخم، وحصول التهابات ميكروبية، والحقن في أحد الأوعية الدموية، وحصول ندبات أو تيبس في الشفاه، وحصول تفاعلات حساسية شديدة.
وتشير كثير من المصادر الطبية إلى أن تضخيم الشفاه قد لا يكون ملائماً للأشخاص الذين لديهم التهابات عدوى الهربس في الشفاه، ومرضى السكري، ومرضى الذئبة الحمراء SLE ومنْ لديهم مشاكل في تخثر الدم. وأن المرء عليه أن يفكر في الأمر، ويناقش ذلك مع الطبيب كي تتضح له صورة كيفية إجراء تضخيم الشفاه، وما هي النتائج المتوقعة والآثار الجانبية المحتملة، وألا يكون إجراؤها لإرضاء الغير، بل عندما تكون ثمة رغبة ذاتية للحصول على شفاه ذات شكل جمالي أفضل. ومن المهم البحث في انتقاء الطبيب الجيد والمتخصص وصاحب الخبرة.
*استشارية في الباطنية