فلسطينية وإسرائيلية ومجندة أميركية «يؤمنّ بإله واحد»

وحيدة على المسرح... رشيدة براكني تؤدي 3 شخصيات متصارعة

رشيدة براكني في عرضها المنفرد ({الشرق الأوسط})
رشيدة براكني في عرضها المنفرد ({الشرق الأوسط})
TT

فلسطينية وإسرائيلية ومجندة أميركية «يؤمنّ بإله واحد»

رشيدة براكني في عرضها المنفرد ({الشرق الأوسط})
رشيدة براكني في عرضها المنفرد ({الشرق الأوسط})

هناك من المسرحيات (أو الروايات أو الأفلام)، ما يجعلك تتردّد في مشاهدتها أو مطالعتها. إن العنوان يقول كل شيء مسبقًا. ويخطر على بالك أن الموضوع بات مُستهلكًا وطوباويًا، ينطوي على نوايا طيبة بينما العنف يجتاح الأرض ويهدم البيوت على رؤوس أهاليها.
ماذا توحي لك مسرحية «أؤمن بإله واحد» المأخوذة عن نص للكاتب الإيطالي ستيفانو ماسيني التي يفترض أنّ أحداثها تدور في أحد مقاهي تل أبيب، عام 2003، لحظة عملية «إرهابية»؟ حسنًا، لقد مللنا من خطابات الحث على المحبة والتبشير بأنّ الأديان السماوية الثلاثة تشترك في فكرة التوحيد. وبالتالي فإن «الإرهابيين» جهلة ولا يفهمون شيئًا. سيركز الحوار على الدين، في نوع من التطهر الإنساني، ويترك السياسة على الهامش على الرغم من أنّها أسّ البلاء، وبالذات في قضية فلسطين.
لكن الفضول يتغلب على التردّد حين نعرف أنّ المسرحية تقوم بكاملها على كتفي الممثلة القديرة رشيدة براكني، فرنسية من أصل جزائري تؤدي بمفردها على المسرح ثلاث شخصيات نسائية: مجندة أميركية، وأستاذة تاريخ إسرائيلية حبلى، وشابة من غزة تستعد لتنفيذ عملية استشهادية. وكان عرض المسرحية قد بدأ، قبل شهرين، في مدينة ليون، قبل أن يصل باريس ليواصل جولة في أنحاء فرنسا. ورشيدة مثل ماء النيل، من يراها مرّة يعود لرؤيتها ثانية وثالثة وعاشرة.
تقف الممثلة ذات الشخصية الصلبة على مسرح «رونبوان» الباريسي الخالي إلا من قطع إسمنت تحيط بها، من دون أزياء تدل على هوية الشخصيات الثلاث، ولا إكسسوارات. إنها ترتدي سروالا أسود بسيطًا وقميصًا رماديًا، وتملك من الموهبة ومن تنوع الإلقاء ما يكفي لأن يجعل المشاهد يفهم أنّها انتقلت من المجندة إلى أستاذة التاريخ، أو إلى المناضلة الفلسطينية. إن حركة بسيطة لحماية البطن تدل على أنّنا إزاء الإسرائيلية الحامل. أو الوقوف متخصرة متحدية، يشير إلى الجندية الأميركية، ونظرة نارية تفهم منها أنّ صاحبتها هي الغزاوية. والأحداث تقع أثناء الانتفاضة الثانية. وليس هناك أي تبادل للحوار بين النساء الثلاث. بل يعتمد المخرج آرنو مونييه على خطاب ذاتي «مونولوغ» يدور داخل كل شخصية منهن، على شكل حكايات معاصرة.
يقول المخرج إن رشيدة براكني، في هذه المسرحية، لا تؤدي دورًا بل تطرّز دانتيلا. وهي لا تعمد إلى انفعالات خارجية بالغة بقدر ما تساعد المتفرج على تطوير مشاهده الذهنية الخاصة. ويضيف أنّه اختارها لهذا الدور لأنّها ممثلة ملتزمة وليست مجرد ماء فاتر. أما النّقاد فقد أثنوا على الطريقة التي رسم فيها المخرج شخصيتي الفلسطينية والإسرائيلية. فالأولى تعاني من دبيب الدقائق والثواني وهي تعبر حاجز «إيريس» في طريقها لتنفيذ مهمتها ويدها ترتجف على زر التفجير، والثانية تتأرجح ما بين حاجتها للأمن وبين محاولتها ألا تقع في فخ الكراهية. بينما جاءت شخصية المجندة الأميركية مسطحة وكاريكاتيرية. ويرى المخرج أنّ التوتر الذي كان سائدًا أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، يشبه ما يعيشه الفرنسيون منذ سنتين، بعد حوادث الإرهاب في باريس ونيس. والخلاصة هو أنّ المسرحية تحاول كشف الجانب الإنساني لكل واحدة من الشخصيات، لكنّها تشدّد على أنّ الضحية لا تغفر لمن اعتدى عليها. والأهم أن كاتب النّص لا يسعى لأن يجعل منه درسًا في السياسة أو التاريخ. إن المشاهد متخم بالدروس ويتابع ما تنقله له وسائل الإعلام منذ نعومة أظفاره.
رشيدة براكني (40 سنة)، هي أيضا مخرجة ومغنية ومناضلة تلتزم العديد من القضايا النسوية والإنسانية. ولدت في باريس لأب جزائري يعمل سائقًا وأم تخدم في البيوت. وبعد حصولها على البكالوريا في الفرع الأدبي، تسجلت في كلية القانون بجامعة السوربون، وكانت تأخذ، في الوقت نفسه، دروسًا في التمثيل. وجاءت الانعطافة الكبرى في حياتها يوم قُبلت كتلميذة مقيمة في فرقة «الكوميدي فرانسيز» العريقة. من يومها وهي تقفز من نجاح إلى آخر، في السينما والمسرح والتلفزيون. وهي متزوجة من لاعب كرة القدم المعتزل إريك كانتونا ولها منه طفلان: أمير وسلمى.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.