عريقات: واشنطن تدرك أن الحل دولتان وليس دولة بنظامين

توجه نحو «تحديد» الاستيطان... وعباس طالب بتفعيل لجنة «التحريض» الثلاثية

عريقات: واشنطن تدرك أن الحل دولتان وليس دولة بنظامين
TT

عريقات: واشنطن تدرك أن الحل دولتان وليس دولة بنظامين

عريقات: واشنطن تدرك أن الحل دولتان وليس دولة بنظامين

قال صائب عريقات: إن «دولة فلسطين لها شخصيتها السياسية والقانونية والدولية، بعد الاعتراف بها دولةً غير عضو بالأمم المتحدة، ولا يمكن لأحد شطبها».
وأضاف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلال مؤتمر بعنوان «الاستيطان الاستعماري وقانون التسوية»، عقد في رام الله أمس: إن «واشنطن تدرك تماماً أنه لا وجود لدولة واحدة بنظامين، وأن فلسطين ستكون جسر التسامح للجميع، وأنها ستكون دولة قائمة بكامل سيادتها وعاصمتها ضمن حدود 67».
وتابع: «فلسطين لديها نقطة ارتكاز، تتمثل في التعددية السياسية، وهي موجودة على خريطة الجغرافيا».
وجاء حديث عريقات عن دولة فلسطينية ضمن حدود 67؛ لتأكيد التزام واشنطن بهذا الحل، خصوصا بعد لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بجيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب في رام الله، الذي بحث تفاصيل العودة إلى المفاوضات بما يشمل الالتزامات الإسرائيلية والفلسطينية، وقضايا أخرى من بينها ملفا «الأمن» و«التحريض».
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»: إن «الصفقة التي تحاول واشنطن التوصل إليها مع إسرائيل وتسويقها للفلسطينيين من أجل العودة إلى مفاوضات، هي (تحديد) الاستيطان، وليس تجميده كاملا». وأضافت المصادر: «يجري بحث تحديد الاستيطان، بمعنى عدم بناء أي مستوطنات جديدة ووقف أي مشروعات مثيرة للجدل».
وبحسب المصادر، فإنه إضافة إلى ملف الاستيطان، برز «التحريض» بصفته ملفا رئيسيا في النقاش؛ إذ نقل المبعوث الأميركي ملاحظات إسرائيلية كثيرة حول الأمر، واتهامات للسلطة بتشجيع «الإرهاب». وشمل هذا، الخطاب الإعلامي، وكذلك دفع السلطة رواتب «لشهداء» و«أسرى».
وحذر المبعوث الأميركي، من أن استمرار ذلك قد يعني قرارا من الكونغرس الأميركي بقطع المساعدات المالية.
وطالما اتهمت إسرائيل السلطة باستغلال أموال المانحين لدفع رواتب «لإرهابيين»، في إشارة إلى أشخاص نفذوا عمليات وقتلوا أو اعتقلوا.
وقالت المصادر: إن «الرئيس عباس رد بكل بساطة بمطالبة تفعيل اللجنة الثلاثية السابقة الفلسطينية الإسرائيلية الأميركية لمراقبة (التحريض)».
وهذه ليست أول مرة يطرح فيها الفلسطينيون استعدادهم لإحياء هذه اللجنة، في محاولة لإحراج إسرائيل التي ترفض الأمر.
وقالت القنصلية الأميركية في القدس: إن «عباس وغرينبلات أكدا خلال اجتماعهما في رام الله أمس، التزام السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة بالمضي قدما في دفع مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين».
وجاء في البيان، أن عباس أبلغ غرينبلات أنه يؤمن بأن التوصل إلى اتفاق سلام تاريخي مع إسرائيل هو أمر ممكن تحت قيادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كما التزم عباس بمكافحة التحريض.
ومن بين الموضوعات التي ناقشها الطرفان: «بناء قوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية وتحسين الاقتصاد الفلسطيني».
وأضاف البيان: إن «الرئيس عباس التزم بمنع الخطاب الملهب للمشاعر والتحريض». كما أكد عباس، أن الفلسطينيين يرون في حل الدولتين «خيارا استراتيجيا».
وقال عباس: إنه «يتطلع لمناقشة احتمالات السلام مباشرة مع الرئيس ترمب خلال زيارته المقبلة إلى واشنطن».
وأصدرت الخارجية الفلسطينية بيانا أمس، قالت فيه: إن لقاء عباس وغرينبلات أكد «التزام الولايات المتحدة بدورها راعيا للعملية السياسية، ورغبتها في إطلاق مفاوضات ذات معنى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي».
ورحبت الخارجية بما وصفته «الانفتاح الأميركي على القيادة الفلسطينية». وقالت الخارجية: إن «الدبلوماسية الفلسطينية نجحت في قطع الطريق على اليمين الحاكم في إسرائيل، الذي حاول جاهداً التشويش على العلاقات الأميركية الفلسطينية، وأدار حملة تحريض ضد القيادة الفلسطينية». ورأت الخارجية «أن الحراك الأميركي المتواصل، يشكل فرصة حقيقية لإطلاق مفاوضات جادة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، استنادا إلى الشرح الوافي الذي قدمه الرئيس محمود عباس للمبعوث الأميركي، بشأن القضية الفلسطينية ومعاناة شعبنا اليومية والمخاطر الكارثية للاستيطان، وما تتعرض له القدس المحتلة، إضافة إلى الاستعداد الفلسطيني للتجاوب مع مساعي إدارة الرئيس ترمب لحل الصراع على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق السلام والأمن للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.