وزراء الخارجية العرب يؤكدون ضرورة إصلاح منظومة العمل العربي المشترك

أكدوا أن فلسطين على رأس الأولويات وتمسكوا بصيغة الدولتين

وزراء الخارجية العرب يؤكدون ضرورة إصلاح منظومة العمل العربي المشترك
TT

وزراء الخارجية العرب يؤكدون ضرورة إصلاح منظومة العمل العربي المشترك

وزراء الخارجية العرب يؤكدون ضرورة إصلاح منظومة العمل العربي المشترك

أكد وزراء الخارجية العرب ضرورة الإصلاح الشامل لمنظومة العمل العربي المشترك، بما يتناسب مع التحديات والأزمات التي تمر بها المنطقة العربية في الأراضي الفلسطينية وسوريا وليبيا واليمن والعراق.
وشددوا في كلماتهم اليوم (الثلاثاء)، خلال الجلسة الافتتاحية للدورة (147) لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، على أن العالم العربي يمر بمرحلة عصيبة وظروف صعبة وأوضاع دقيقة جعلته في قلب عاصفة من الاضطرابات والصراعات.
ودعا وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية بالجزائر رئيس الدورة الحالية عبد القادر مساهل إلى ادخال إصلاحات عميقة وشاملة لتحقيق تغييرات جادة في منظومة العمل العربي المشترك بهدف السير بخطى ثابتة تتيح تحقيق تطلعات الشعوب العربية.
وقال إن بلاده ستولي خلال فترة رئاستها للمجلس كل الاهتمام لإصلاح الجامعة العربية وتطوير عملها بما يضفي على العمل العربي المشترك التفاهم والفاعلية، مؤكدا أن العالم العربي يشهد مرحلة عصيبة بها مخاطر جمة تهدد استقراره في ظل الواقع الذي يعكس صورة قاتمة تتجلى في استمرار الأزمات في ليبيا واليمن وسوريا، فضلاً عن معاناة الشعب الفلسطيني من اجل الحصول على استقلاله.
وأضاف أن الجزائر تحرص في مساعيها بالتعاون مع دول الجوار على تقريب وجهات نظر الأطراف الليبية في إطار حل شامل بعيداً عن التدخلات الخارجية، مطالباً في هذا الصدد الأمم المتحدة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة خاصة القرار 2259 لتحقيق الاستقرار في ليبيا.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، جدد دعوة بلاده لإجراء حوار شامل لكل الفرقاء السوريين للتوصل لحل يضمن وحدة تراب سوريا، بينما أكد أهمية تفعيل العملية السياسية في اليمن بما يضمن تطلعات شعبه في الوحدة والاستقرار والعيش الكريم، كما أكد وقوف الجزائر الكامل مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل إقامة دولته المستقلة على أرضه المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.
من جانبه، قال وزير خارجية تونس رئيس الدورة الماضية خميس الجهيناوي، إن المنطقة العربية تمر بظروف صعبة وأوضاع دقيقة تهدد الأمن القومي والعربي بسبب استمرار حالة عدم الاستقرار في عدد من الدول العربية. واستعرض جهود بلاده خلال ترؤسها لأعمال الدورة الماضية، مشدداً على حرص تونس على دفع العمل العربي المشترك ودفع مسارات التسوية السياسية للأزمات القائمة بالتنسيق والتعاون مع كل الدول العربية والجامعة العربية.
وأكد أن فلسطين تظل على رأس الأولويات، داعياً إلى تكثيف التحركات العربية على مستوى الأمم المتحدة لحشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية العادلة وضد سياسات إسرائيل خاصة الاستيطان مع التمسك بحل الدولتين.
وحول الوضع في سوريا، حذر من خطورة الأوضاع الإنسانية، داعياً إلى تسريع مسار التسوية السياسية للأزمة من خلال الحوار حتى تستعيد سوريا أمنها واستقرارها ورفع المعاناة عن الشعب السوري.
وبشأن الأزمة اليمنية شدد على ضرورة معالجة الأوضاع الإنسانية الصعبة وأهمية التوصل لاتفاق سياسي ودعم الشرعية في اليمن، محذراً من خطورة استفحال التطرف والإرهاب في المنطقة وتنامي مخاطر الجريمة المنظمة.
وأعرب الوزير التونسي عن أمله في أن تكون القمة العربية المقبلة المقرر انعقادها في الأردن في 29 من الشهر الجاري بمثابة نقلة نوعية للعمل المشترك في مواجهة التحديات الكبيرة التي تشهدها المنطقة.
بدوره قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في كلمته إن الصورة الإجمالية للوضع العربي تُشير إلى أن المنطقة ما زالت في عين العاصفة، فالاضطرابات تضرب بعض بُلدانهـا والأزمات بعضها مُستحكم وبعضها تفاقم وبعضها يُراوح مكانه ومحاولات الحل تتواصل، ولكن من دون نتائج حاسمة أو تسويات دائمة.
وفيما يتعلق بالوضع السوري أكد ابو الغيط أن وقف إطلاق النار الذي تم تثبيته في محادثات آستانة هو خطوة إيجابية لوقف نزيف الدم، مشدداً على أنه لا بديل عن تسوية سياسية للحرب الدائرة تُلبي طموحات الشعب، وتأخذ في الحسبان وحدة سوريا وتكاملها الإقليمي.
وأعرب الأمين العام للجامعة عن قلقه وانزعاجه حيال الغياب العربي شبه الكامل عن تسوية الأزمة السورية، في مقابل الحضور اللافت لقوى إقليمية ودولية بعضها لا يأخذ المصالح العربية في الحسبان.
وعلى صعيد الأزمتين اليمنية والليبية، قال أبو الغيط "إننا نلمس تحركات دبلوماسية وجهوداً من أجل حلحلة هذه الأزمات حقناً للدماء العربية، وصوناً لتماسك نسيج الأوطان والدول، ومن المُهم تكثيف الجهود الجارية وتعزيزها، وصولاً إلى تسوية هذه الأزمات الخطيرة، ويتعين على الدبلوماسية العربية أن تعمل بالتضافر مع الجهود الأممية وغيرها".
وبشأن القضية الفلسطينية، أكد التمسك بصيغة الدولتين كحل وحيد للقضية الفلسطينية، وبالمبادرة العربية كخارطة طريق للوصول إلى سلام شامل في المنطقة، مشدداً على أن الالتفاف على حل الدولتين مضيعة للوقت، ومحاولات العبث بالمبادرة العربية أو تبديل أولوياتها ليست مقبولة عربياً، ولن تمُر.
وأوضح ان المنطقة العربية تحتاج كذلك لاستراتيجية جماعية للتعامل مع دول الجوار الإقليمي، حيث ما زال بعض هذه الدول يُمعن في تدخله في الشؤون الداخلية للدول العربية ويوظف الطائفية كأداة فعالة لهذا التدخل. وأشار إلى أنه في ظل التطورات التي يشهدها الملف النووي في منطقة الشرق الأوسط، كان من الضروري إعادة تقييم ومراجعة مجمل السياسات العربية في مجال ضبط التسلح وعدم الانتشار ونزع السلاح ومواصلة الجهود العربية للتوصل إلى إبرام معاهدة لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل بالشرق الأوسط على غِرار ما تم في بعض المناطق من العالم.
وأضاف أبو الغيط إن العمل العربي المُشترك، مازال وللأسف، بعيداً عن دائرة اهتمام المواطن العادي، معرباً عن أمله في أن تتمكن القمة العربية القادمة في عمان من تحريك المياه الراكدة في هذا المجال عبر استراتيجية إعلامية فعّالة تنجح في اجتذاب اهتمام الشعوب، وبخاصة فئات الشباب.
وفي السياق ذاته، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكرى أهمية انعقاد الدورة الـ147 لمجلس الجامعة العربية في ظل تزامنها مع استمرار تعقد أزمات المنطقة، القديمة والمستحدثة، وتفاقم مخاطر الاستقطاب والانقسام الطائفي والمذهبي والصراعات المسلحة، واستفحال خطر الإرهاب. وقال إن التحديات الراهنة تفرض على العالم العربي تعزيز العمل العربي المشترك وآليته الرئيسية جامعه الدول العربية، داعياً إلى مضاعفة الجهود لتطوير آليات عمل الجامعة، بما يزيد من فاعليتها ودورها الإقليمي والدولي. ولفت إلى أن عملية السلام في الشرق الأوسط ما زالت متعثرة، كما أن هدف الوصول لتسوية عادلة وشاملة للصراع الفلسطيني الاسرائيلي على أساس حل الدولتين ما زال بعيداً، مشيرا في هذا السياق إلى الجهود الحثيثة التي قامت بها مصر على مدى الأشهر الأخيرة، داخل مجلس الأمن، أو على المستوى الثنائي مع أطراف النزاع أو دوليا مع القوى الدولية المؤثرة، لإعادة فتح أفق البحث عن حل عادل ومنصف للأشقاء الفلسطينيين وفقاً للأسس والمرجعيات الدولية المتفق عليها.
وبشأن الأزمة السورية دعا إلى تكاتف الجهد لدعم مسار المفاوضات، بصفته الطريق الوحيد للوصول للحل السياسي المنشود، الذي يحقق طموحات الشعب السوري، ويحفظ في الوقت نفسه وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية. وأشار إلى الجهود الحثيثة التي بذلتها مصر على مدار الأشهر الماضية لدعم جهود التوصل إلى توافق بين الأِشقاء الليبيين، مؤكدا أن مصر تؤمن بأن الحل السياسي المبني على الاتفاق السياسي الليبي هو الطريق الوحيد للخروج من الأزمة الليبية. وجدد دعم بلاده الكامل للحفاظ على وحدة واستقرار وسلامة اليمن ودعم الشرعية، مشدداً على أهمية العودة لاستئناف المفاوضات في أقرب وقت ممكن تحت رعاية المبعوث الأممي، إعلاءً للمصلحة الوطنية، لوقف نزيف الدم واستعادة وحدة واستقرار الدولة اليمنية ومكافحة الإرهاب.
وختاما أكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في كلمته، أن إسرائيل مازالت تخالف وبكل صلف كل القرارات والتوجهات الدولية التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال، لافتاً إلى أن الشعب الفلسطيني لازال يعاني من استمرار الاحتلال وممارساته القمعية والاحتلالية والاستيطان المستمر. وقال إن الحكومة الاسرائيلية لا زالت تعطل التسوية بل وتعمل على تقويض الحل السياسي من خلال إجراءاتها المستمرة، مشيراً إلى أن قانون التسوية للمستوطنات العشوائية وما تقوم به إسرائيل يعني استحالة قيام الدولة الفلسطينية المتواصلة جغرافياً.
وطالب المالكي الجامعة العربية واللجنة الرباعية العربية وكل الأشقاء العرب بالتحرك لإنهاء الاحتلال، ومواجهة كل ذلك وإشعار العالم والدول الفاعلة في المجتمع الدولي ضرورة التدخل من أجل وقف كل هذه الإجراءات والممارسات الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي وتوجه المجتمع الدولي. وشدد على أن القيادة الفلسطينية تتوجه بإرادة قوية من أجل تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية خاصة عقد المجلس الوطني، مؤكداً رفض كل المحاولات التي تحاول إطالة عمر الانقسام وتسعى لبلبلة الوضع الفلسطيني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».