اعتذار الغرياني يمهد لتسوية أزمة التعديل الحكومي في تونس

المستشارة الألمانية تجري اليوم محادثات مع الرئيس السبسي حول الإرهاب والمهاجرين

اعتذار الغرياني يمهد لتسوية أزمة التعديل الحكومي في تونس
TT

اعتذار الغرياني يمهد لتسوية أزمة التعديل الحكومي في تونس

اعتذار الغرياني يمهد لتسوية أزمة التعديل الحكومي في تونس

اعتذر رجل الأعمال التونسي خليل الغرياني أمس عن عدم تولي منصب وزير الوظيفة العمومية، الذي اقترحه عليه رئيس الوزراء، تفادياً فيما يبدو لتصاعد احتجاجات نقابية على تعيين رجل أعمال على رأس هذه الوزارة.
وجاء اعتذار الغرياني عن عدم تولي وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة بعد لقائه رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالقصبة أمس الخميس.
وفي تبريره لهذا الاعتذار قال الغرياني إنه نظراً للاحتقان والأجواء السياسية والاجتماعية التي عاشتها تونس خلال اليومين الماضيين، وبعد تفكير عميق، طلب لقاء الشاهد وأعلمه بقرار الاعتذار عن عدم تولي المنصب.
والغرياني قيادي باتحاد الصناعة والتجارة، الذي يدافع عن مصالح رجال الأعمال التونسيين. وقد اقترح رئيس الوزراء أن يتولى الغرياني المنصب، خلفاً للقيادي السابق باتحاد الشغل عبيد البريكي، وهو ما أثار احتجاج اتحاد الشغل ذي التأثير القوي، والذي أعلن صراحة رفض تعيين رجل أعمال في هذه الوظيفة.
ومن شأن رفض الغرياني للمنصب أن يهدئ التوتر بين اتحاد الشغل والحكومة، التي تريد تطبيق إصلاحات بسرعة في مجال الوظيفة العمومية والقطاع المصرفي للحصول على القسط الثاني المجمد من قرض صندوق النقد الدولي.
وقالت وزيرة المالية التونسية لمياء الزريبي إن الحكومة تستهدف خفض عشرة آلاف وظيفة في القطاع العام ضمن برنامج اختياري.
وعين خليل الغرياني السبت الماضي خلفاً للقيادي السابق في الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) عبيد البريكي، في خطوة ندد بها الاتحاد واعتبرها «استفزازية».
ورغم ذلك، لا يزال هناك خلاف منذ فترة طويلة بين الطرفين بشأن زيادة الرواتب في القطاع الخاص وسياسة الحكومة.
وقال الغرياني لإذاعة «موزاييك إف إم» إنه سيستقيل «نظراً لاحتقان الأجواء السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد» خلال الـ48 ساعة الأخيرة، وأضاف موضحاً أنه يتوجب «علينا المحافظة على التوازنات السياسية والاجتماعية في البلاد... إضافة إلى المحافظة على التوازنات بين اتحاد الأعراف واتحاد الشغل»، لافتاً النظر إلى أن هذا ليس الوقت لأزمات مماثلة. ولم يتم حتى الساعة الإعلان عن خلفه.
من جهة ثانية، قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ستزور تونس اليوم بعد توقفها أمس في القاهرة.
وستتناول محادثات ميركل مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، بوجه خاص، تدارس سبل فرض الاستقرار في ليبيا والحد من تدفق اللاجئين عبر المتوسط. كما ستتناول أيضاً التعاون الاقتصادي، إذ تسعى تونس إلى الحصول على دعم واستثمارات لإعادة إطلاق اقتصادها الذي يعاني أزمات خانقة. لكن تبقى الأزمة الليبية أهم ما يشغل بال المستشارة الألمانية، على اعتبار أن هذا البلد الغارق في الفوضى منذ إطاحة نظام القذافي في عام 2011 بات يشكل البوابة الرئيسية للمهاجرين الساعين إلى بلوغ أوروبا.
وقالت ميركل قبل أيام إنه «من دون استقرار سياسي في ليبيا، لن نتمكن من وقف نشاطات المهربين والمتاجرين (بالبشر) الذين يعملون انطلاقاً من ليبيا».
وتقود ميركل التي تواجه ضغوطاً في الداخل وفي أوروبا لأنها فتحت الباب أمام أكثر من مليون مهاجر لتقديم طلبات لجوء، الجهود الأوروبية منذ مطلع عام 2016 للحد من تدفق اللاجئين خصوصاً من خلال توقيع اتفاقات لإعادة المهاجرين إلى بلد العبور الأول كما هو الحال مع تركيا.
إلا أن جدول أعمال زيارتها إلى تونس لن يتضمن أقله علناً، مسألة إقامة مخيمات للمهاجرين في شمال أفريقيا، وهي مسألة تثير جدلاً، حيث رفض رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد بشدة فكرة المخيمات التي اقترحتها ميركل عشية زيارته إلى برلين في 14 من فبراير (شباط) الماضي. كما أبدت تونس وبرلين رغبتهما في طي صفحة التوتر الناجم عن طرد ألمانيا لتونسيين مقيمين بشكل غير شرعي على أراضيها، بينما تعرضت الحكومة التونسية للانتقاد بأنها تعرقل عملية إعادتهم عمداً. والمثال الأبرز على ذلك كان عندما رفضت الحكومة التونسية إعادة أنيس العامري، الذي قام بعدها بقتل 12 شخصاً دهساً بشاحنة في برلين في 19 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي في هجوم تبناه تنظيم داعش المتشدد.
لكن سفير ألمانيا في تونس أندرياس راينكي علق بالقول إن الأمور «تحسنت مؤخراً وستشهد تحسناً أكبر».
وقال مصدر رسمي تونسي رفض الكشف عن هويته إن زيارة ميركل ستتيح «التركيز على ملفات الاستثمار»، إذ تشكل إعادة إطلاق الاقتصاد التونسي مسألة أساسية لضمان الاستقرار في البلاد.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».