واقع التعدين العربي وآفاقه محور ملتقى بمراكش

المؤتمر العربي الدولي الـ13 للثروة المعدنية انطلق أمس

علي النعيمي وزير البترول السعودي لحظة تسلمه جائزة التميز العربي في قطاع التعدين من يد محمد بن يوسف المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين على هامش المؤتمر (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
علي النعيمي وزير البترول السعودي لحظة تسلمه جائزة التميز العربي في قطاع التعدين من يد محمد بن يوسف المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين على هامش المؤتمر (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
TT

واقع التعدين العربي وآفاقه محور ملتقى بمراكش

علي النعيمي وزير البترول السعودي لحظة تسلمه جائزة التميز العربي في قطاع التعدين من يد محمد بن يوسف المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين على هامش المؤتمر (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
علي النعيمي وزير البترول السعودي لحظة تسلمه جائزة التميز العربي في قطاع التعدين من يد محمد بن يوسف المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين على هامش المؤتمر (تصوير: عبد الرحمن المختاري)

شدد المشاركون في افتتاح المؤتمر العربي الدولي الـ13 للثروة المعدنية، الذي انطلقت أشغاله يوم أمس، بمراكش، تحت شعار «الثروة المعدنية.. إمكانات واعدة لتنمية مستدامة»، بمشاركة وزراء التعدين العرب وممثلي الهيئات العربية والدولية ذات العلاقة بمجال التعدين، إلى مزيد من التنسيق والتعاون خدمة للعمل العربي المشترك، مع الدعوة إلى تشجيع مبادرات القطاع الخاص لإبرام شراكات استثمارية، والتركيز على مشاريع تروم مجال التثمين والتحويل عوض الاقتصار على تصدير مواد معدنية في شكل خامات، وذلك لإنتاج مواد معدنية مصنعة ذات قيمة مضافة عالية تعزز القدرة التنافسية في السوق العالمية.
وشدد علي النعيمي، وزير البترول والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية، على أن الأساس لنجاح استغلال الثروات الطبيعية التي يزخر بها الوطن العربي يبقى «معرفة الهدف، وحسن الإدارة، والأنظمة الواضحة، ووجود شركات ذات ملاءمة مالية وكفاءة فنية وإدارية وإنتاجية عالية».
واستعرض النعيمي، في معرض مداخلته، نقطتين أساسيتين، الأولى تناولت تجربة المملكة العربية السعودية في التعدين، من حيث الثروات التي تزخر بها، واستغلال هذه الثروات، وسياستها التعدينية، والثانية التعاون العربي في مجال التعدين كمجال علمي وكثروة اقتصادية وأهمية التعاون للشعوب والدول العربية.
بخصوص النقطة الأولى، أبرز النعيمي أن المملكة العربية السعودية وضعت، من خلال نظام الاستثمار التعديني ولائحته التنفيذية، مواد وإجراءات توازن بين استغلال الثروات المعدنية وتحقيق الأهداف التنموية مع المحافظة على البيئة، بحيث أصبح استغلال الثروات المعدنية وتصنيعها جزء من منظومة التنمية الوطنية بمعناها الكامل.
وتحدث النعيمي عن ثلاثة محاور رئيسية في استراتيجية المملكة التعدينية، الأول يهم عدم الاقتصار على استخراج المعادن وتصديرها إلى الخارج كمواد خام، بل الدخول في كافة مراحل التصنيع، حتى الحصول على المنتجات النهائية، والثاني يهم استفادة أكبر عدد من المواطنين من الصناعات التعدينية بمختلف مراحلها، ليس فقط في عمليات التوظيف، ولكن في عمليات الاستثمار، فيما يهم الثالث الاهتمام بالعنصر البشري، من حيث التعليم والتدريب وتنمية روح وأخلاق العمل والانضباط والإنتاجية.
كما استعرض النعيمي، الذي تسلم من يد محمد بن يوسف، المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، جائزة التميز العربي في قطاع التعدين، تقديرا لدور المملكة العربية السعودية في دعم العمل العربي المشترك، عن التعاون العربي، مبرزا أن «المملكة تتشرف بأن تسهم بدور ريادي في مجال التعاون العربي في مجال الثروة المعدنية، والذي يدعم العمل العربي المشترك في الجوانب الاقتصادية والتعليمية والاستثمارية».
من جهته، دعا عبد القادر أعمارة، وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة في المملكة المغربية، إلى «إشراك القطاع الخاص والمؤسسات العاملة في القطاع المعدني لوضع خارطة طريق واضحة المعالم وقابلة للتنفيذ الفوري والتدريجي من خلال جرد دقيق لكل الجوانب التكاملية ودراسة السبل الممكنة لتنفيذ المشاريع الاستثمارية المشتركة وفق منظور تطبعه ممارسة الحكامة الجيدة»، مشددا على الحاجة إلى «إعداد برامج عملية تساهم في تجاوز الصعوبات التي تواجه هذا القطاع واستدراك الخلل الحاصل في مجال التنسيق العربي» من أجل الاستفادة المثلى للشعوب من خيرات باطن أرض الوطن العربي وضمان التنمية الاقتصادية للبلدان العربية، مع الآخذ بعين الاعتبار «مختلف الإكراهات التي ما فتئت تتزايد وتتعقد يوما بعد يوم في الأسواق العالمية لمختلف المواد المعدنية». وفي هذا السياق، اقترح الوزير المغربي تشجيع مبادرات القطاع الخاص لإبرام شراكات استثمارية، داعيا إلى التركيز على مشاريع تروم مجال التثمين والتحويل عوض الاقتصار على تصدير مواد معدنية في شكل خامات وذلك لإنتاج مواد معدنية مصنعة ذات قيمة مضافة عالية تعزز القدرة التنافسية في السوق العالمية.
أما محمد بنيوسف، المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، فعبر عن تفاؤله بمستقبل قطاع الثروة المعدنية العربية في السنوات المقبلة في ظل نمو اقتصاد شرق آسيا والانتعاشة التي يعرفها الاقتصاد الأميركي، غير أنه دعا إلى بذل مزيد من الجهد لجذب الاستثمارات الأجنبية للقطاع وتدارك الفجوة المسجلة بين الإمكانات الذاتية وواقع التصنيع والتكامل المتطلع إليه.
وتتوزع المؤتمر، الذي ينظم تحت رعاية العاهل المغربي، الملك محمد السادس، سبعة محاور، تشمل الفرص الاستثمارية المتاحة في القطاع المعدني في الدول العربية، وجيولوجية الأحزمة المعدنية في الوطن العربي وإمكاناتها المحتملة، ومناخ الاستثمار التعديني في الدول العربية، والموارد المعدنية كأحد مصادر الطاقة البديلة، والصناعات التحويلية للخامات المعدنية، والتقنيات الحديثة ودورها في استكشاف واستخراج ومعالجة الخامات المعدنية، والتجارب العالمية في النشاط المنجمي ودوره في التنمية المستدامة. كما يناقش المؤتمر موضوعات متعلقة باستخراج واستخلاص المعادن، مثل معدات المناجم والمحاجر والكسارات الأجهزة الجيوتقنية والمعدات الإلكترونية مثل أجهزة الحفر الآلي وتقييم الخامات وأجهزة ومعدات الهندسة الجيوتقنية ودراسة التربة وأجهزة الرصد الزلزالي والكهرومغناطيس.



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.