رحلة الحصار والتهجير من مدينة حلب كما يرويها آخر المغادرين

كانت أشبه بسجن كبير تضيق جدرانه تدريجيا... والموت يختار منهم العشرات كل يوم

أعداد كبيرة من السكان من حلب الشرقية ينتظرون أمام الحافلات لإجلائهم خارج المدينة المحاصرة (تصوير: محمد الخطيب)
أعداد كبيرة من السكان من حلب الشرقية ينتظرون أمام الحافلات لإجلائهم خارج المدينة المحاصرة (تصوير: محمد الخطيب)
TT

رحلة الحصار والتهجير من مدينة حلب كما يرويها آخر المغادرين

أعداد كبيرة من السكان من حلب الشرقية ينتظرون أمام الحافلات لإجلائهم خارج المدينة المحاصرة (تصوير: محمد الخطيب)
أعداد كبيرة من السكان من حلب الشرقية ينتظرون أمام الحافلات لإجلائهم خارج المدينة المحاصرة (تصوير: محمد الخطيب)

انتهى حصار مدينة حلب السورية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكن حكايات أهل المدينة لم تنتهِ مع رحيلهم عنها. فقد عاش السكان الذين اختاروا في نهاية الأمر الرحيل مرغمين، بعد حصار دام نحو خمسة أشهر، تجارب صعبة لا تقتصر على فقدان المواد الغذائية والطبية، بل معايشة الموت في كل لحظة حتى بات «الموت أهون من الإصابة»، فضلت المكوث لآخر أيام الحصار ولأيام الإجلاء التي لم تكن تقل صعوبة عن الحصار بسبب ما اعتراها من قلق وترقب وتوتر، هنا أقدم يومياتي التي دونتها منذ 23 نوفمبر (تشرين الثاني)... وحتى يوم خروجي في مؤخرة آخر الباصات المغادرة من المدينة التي قد لا أراها لسنين قد تكون طويلة.
إدلب – سوريا، وأخيرًا بات بوسعي الكتابة من جديد، كهرباء! وإنترنت! وفنجان من القهوة... يا إلهي... كم هو سهل الحصول عليها هنا!
هذه أولى الحروف التي أكتبها خارج مكتبي، على غير العادة، خارج الحصار، وبعيدًا عن مدينتي حلب.
انتهيت للتو من ترتيب ما وسعته حقيبتي، التي حشرت فيها أغلى ما لدي، والآن اسمحوا لي أن أستجمع ذاكرتي وأقص عليكم: حكاية تهجيرنا من حلب.
ليلة 23 من نوفمبر الماضي، نجتمع حول سفرة الطعام أنا وأربعة من رفاقي، حسن، وعارف، وزياد، ونمر. الضوء خافت للغاية، فلا كهرباء، فقط ضوء صغير على البطاريّة، بالكاد يبدد ظلام الغرفة، لكنه يكفي لأن أرى قدر «المجدرة» الواسع، إلى جانبه كأس الماء وخمس معالق.
أبتلع الطعام مرغما، فقد سئمت تناول هذه الطبخة، لكن لا خيار آخر أمامي لمقاومة الجوع. المواد الغذائية اختفت من الأسواق، بسبب الحصار المفروض من قبل النظام، لم يبق لدينا سوى كمية ادخرناها من البرغل والأرز والعدس، أصبحت طعامنا اليومي.
الحصار كان قد دخل شهره الرابع، فقد أكلمت قوات النظام والميليشيات الإيرانية الطوق على الأحياء الخاضعة لسيطرة الثوار، في 17 يوليو (تموز)، عندما سيطرت على طريق «الكاستلو»، ومنعت دخول أي شيء إلى الأحياء المحاصرة، من مواد غذائية وطبية أو محروقات، فكان الوضع يزداد سوءا يومًا بعد يوم مع نفاد المؤن.
تأمين الاحتياجات اليومية في ظل الحصار كان يشغل معظم وقتنا وتفكيرنا، وبينما نتناول «المجدرة» كنا نتناقش: كيف سنتغلب على برد الشتاء؟ يقطع حديثنا أصوات القصف، ننبطح لا إراديا في كل مرّة، ليتحول حديثنا عما كان سبب الانفجار: هل هي قذيفة؟ أم غارة جويّة؟ أم صاروخ أرض - أرض؟ أم برميل؟ أم قنبلة عنقودية؟ كان القصف شديدًا، وبأنواع كثيرة من الأسلحة. قوات النظام السوري وحلفائه يكثفون القصف على الأحياء الخاضعة لسيطرة الثوار في حلب منذ 15 نوفمبر، تمهيدًا لاجتياح بري واسع، والقتلى من المدنيين بالعشرات يوميًا، كان بينهم واحد منا، زياد...
فبعد أن انتهينا من العشاء، نزل إلى الشارع، لا أدري ما كان لديه، فقدناه لساعة فقط، لكنها كانت كفيلة بأن تثير قلقنا، ونحن نسمع أصوات القصف الذي لم يهدأ منذ الصباح. توجهنا إلى مشفى القدس، المشفى الوحيد الذي بقي قيد الخدمة في حلب كلها، لا يبعد عن مكان إقامتنا سوى 300 متر، لكن اجتياز هذه المسافة بحد ذاته انتحار، في الوقت الذي تنهال القذائف على المشفى ومحيطه.
في قسم الإسعاف كان العشرات من المصابين يفترشون الأراضي، الدماء تسيل منهم، يصرخون، يتألمون، والأطباء يطوفون بينهم ليقدموا الإسعافات الأولية... تفقدتهم كلهم، لم يكن زياد بينهم، ولا من بين خمسة شهداء كانوا موضوعين بالغرفة المجاورة.
أخبرونا أن هنالك شهداء جرى نقلهم إلى هيئة الطبابة الشرعية، على الفور توجهنا إلى هناك، الطريق مظلم، والطائرة تحوم في الأعلى، لا نستطيع تشغيل ضوء السيارة حتى لا تقصفنا الطائرات، وطول طريقنا كان أخوه يدعو قائلا: «يا رب الطف».
في مقر هيئة الطبابة، كان هنالك جثمانان، وضعا كـ«مجهولي هوية»، لم أستطع التعرف على زياد، أخوه عرفه بسهولة، كان قد أصيب في رأسه، اختفت كل ملامحه، فقط «قداحة» كانت في جيبه يستخدمها في إنارة طريقه أكدت أنه هو... زياد، الشاب الخلوق، البسيط.
دفن زياد في اليوم التالي، لكن منذ ذاك اليوم شعرت أن الموت قريب مني، قريب للغاية، صرت موقنًا أنه مدركني أكثر من أي وقت مضى، زاد خوفي. القصف كان الأشد منذ اندلاع الثورة، كنت شاهدًا على مجازر فظيعة، لكنني خلال هذه الحملة لم أجرؤ على مغادرة شقتي، المصابون يبقون ساعات دون أن يسعفهم أحد، والعشرات دفنوا تحت أنقاض منازلهم، أما الدفاع المدني فقد توقف عن الخدمة هو الآخر بشكل تام في 28 نوفمبر بسبب قصف مراكزه. صار الموت أرحم من الإصابة!
مع تواصل القصف، بدأت قوات النظام والميليشيات الإيرانية بالتقدم في الأحياء المحاصرة، لكن سقوط حي مساكن هنانو في 27 نوفمبر كان مدويًا، فهو أكبر وأشد الأحياء الشرقية تحصينًا، عند ذلك بدأت الأحياء الخاضعة لسيطرة الثوار تتساقط كأحجار الدومينو.
حلب كانت أشبه بسجن كبير، تضيق جدرانه تدريجيا. السكان المحاصرون يحاول النجاة قدر المستطاع، لكن الموت المحمول على الطائرات والقذائف يختار منهم العشرات في كل يوم. ظلّ الحال هكذا... تواصل القصف وكانت رقعة الحصار تضيق أكثر مع تقدم النظام وحلفائه، بينما ينزح الشباب ومن له صلة بالثورة إلى ما تبقى من مناطق الحصار... حتى جاء ذاك اليوم، 13 ديسمبر يُعلن عن التوصل لهدنة بين الثوار والنظام بوساطة روسيّة تركية، والاتفاق: فتح ممر لخروج الأهالي ومقاتلي الثوار من حلب، على أن تسيطر قوات النظام على كامل المدينة.
من جديد... عاد الهدوء للأحياء المحاصرة، التي قضم التقدم السريع للنظام وحلفائه الغالبية من مساحتها، لم يبق سوى 5 كيلومترات مربعة تحت سيطرة الثوار، من دوار جسر الحج حتى أقصى حي السكري وصولاً إلى سيف الدولة، يقطنها 50 ألف شخص. أجول فيما بقي من الأحياء المحاصرة خلال أيام الهدنة، أتأمل الشوارع والمباني المدمرة ووجوه المحاصرين المتعبة، كانت غالبيتهم من الشباب، حالهم كحالي تمامًا: يلوذون إلى ما بقي من الأحياء المحاصرة هربًا من الاعتقال أو التجنيد الإجباري في جيش النظام.
الخامس عشر من ديسمبر، كان أول أيام الإجلاء أو التهجير كما أراه الوصف الأدق للعملية، نزلت صباحًا لألقي نظرة، الشوارع الفارغة باتت مزدحمة للغاية. كل عائلة تحزم حقائبها وتنطلق أفواجًا كمجموعات تجاه المعبر في حي العامريّة. الذي سينقلهم خارج الحصار، تجاه إدلب الخاضعة لسيطرة الثوار.
طابور طويل من الباصات يمتد على طول المعبر، تتقدمه ما يزيد عن 30 سيارة إسعاف، الهلال الأحمر والصليب الدولي يشرفان على العملية، يأخذ بعض الأهالي «السلفي» الأخير قبل الصعود إلى الباصات، ويتبادلون العناق.
على طرف الطريق يجلس رجل خمسيني على كرسي متحرك، يتنعم بدفء أشعة الشمس، أصيب مرتين بالقصف الجوي، آخرها في نوفمبر الماضي، بترت ساقه، وردًا على سؤالي، ما هو شعورك وأنت ستغادر حلب، يجيب بصوت متقطع: «يفترض أن أكون سعيدا لأنني نجوت من هذه المحرقة... لكنني لست كذلك... آلمتني حلب، خسرت قدمي بالقصف، وفقدت أحد أبنائي قبل سنة، واليوم أخسر كل شيء إلا روحي: أرضي، ومنزلي، ومدينتي».
تأتي زوجة الرجل وتصحبه تجاه سيارات الإسعاف، تغادر أول قافلة من مدينة حلب، وتصل بسلام إلى مناطق الثوار في غرب حلب، أشعر بالارتياح لوصول القافلة. وتتواصل عملية الإجلاء، وفي كل يوم كنت أذهب إلى المعبر أتفقد الوضع وأودع الأصدقاء، لكنني فضلت البقاء حتى آخر قافلة، أردت البقاء لآخر وقت ممكن.
الاثنين، 19 ديسمبر، كان اليوم الأخير لنا في حلب، آخر قافلة ستغادر المدينة اليوم، في الصباح الباكر، عند السادسة صباحًا، أحمل في حقيبتي أهم الأغراض عندي، جهاز الكومبيوتر المحمول والكاميرا والشهادات الثبوتية، وأمضي مشيًا تجاه المعبر، البرد شديد للغاية لكنني أمشي ببطء، ألقي النظرة الأخيرة على مدينتي، شوارعها وحاراتها، ربما لن أعود إلى هنا لسنين.
عند المعبر، كان الأهالي والمقاتلون يشكلون دوائر حول نيران أشعلوها للتدفئة، بانتظار وصول الباصات، البخار يتصاعد من أفواههم ويتبادلون الأحاديث، أسمع أحدهم وأنا أتابع طريقي «سأذهب إلى أوروبا في أقرب فرصة ممكنة»، يجيبه آخر: «خير ما تعمل!».
أودع أصدقائي، أصدقاء الحصار، لن نجتمع مجددًا، كل منا سيمضي إلى مكان مختلف، إدلب وأوروبا أو تركيا، أصعد الباص، أجلس في آخر المقاعد، أحاول النوم بانتظار أن ينتهي الهلال الأحمر من ترتيبات العملية لكنني لم أستطع، كنت متوترًا للغاية.
أشاهد أطلال المدينة من نافذة الباص، الجليد كسا الأبنية المدمرة، التي تداعبها أشعة الشمس اللطيفة، لا أفكر بشيء سوى هل سنعبر بسلام؟ لا سيما أن الميليشيات الإيرانية اعترضت إحدى الدفعات في 16 ديسمبر، قتلت ثلاثة أشخاص، احتجزت الشباب وسرقت كل حاجياتهم وأموالهم.
انتظرنا طويلاً داخل الباصات، لكن المفاوضات تعثرّت، توقفت عملية الإجلاء، إلا أن الجميع بقي في المعبر على أمل أن تستأنف العملية، انتظرنا ساعات إلى أن حلّ الظلام، هنا أدركنا باستحالة استئناف العملية.
عدت أدراجي إلى المنزل، حاملاً حقيبتي، والتعب والجوع أنهكا جسدي، لا أدري كيف حملتني قدماي إلى المنزل الذي كان عبارة عن كومة من الفوضى، أسكت جوعي برغيف خبز، من صنع أحد أصدقائي، لم أنم لبضع ساعات حتى عدنا للمعبر من جديد.
سيستأنف الإجلاء من جديد، هكذا قيل لنا، لا توجد وسائل اتصال، لذلك فأنا مجبر على الانتظار في المعبر، حتى لا يفوتني الإجلاء الأخير، انتظرنا ساعات وساعات، البرد شديد للغاية، بدأ الثلج بالهطول، قتل الانتظار حزننا على فراق حلب، فصار الخروج منها مدعاة فرح، الجميع يريد الخلاص. لكن ومع كل هذا الانتظار استمر تعثر المفاوضات، إيران تريد وضع شروط إضافية، وفصائل الثوار ترفض.
حتى يوم الأربعاء 21 ديسمبر، الساعة الرابعة عصرًا، تستأنف العملية، بعد رضوخ الميليشيات الإيرانية للأمر الواقع، الازدحام شديد في المعبر، ثلاثة أرتال من السيارات تتقدمها الكثير من الباصات ستغادر المدينة، الثلوج والبرد عطلا الكثير من السيارات، الأمر الذي عرقل العملية.
ثلاث عشرة ساعة حتى جاء دورنا، كنا نتقدم ببطء، حتى وصلنا آخر نقطة للمعارضة عند الساعة الخامسة صباحًا. 22 ديسمبر، الآن وصلنا مناطق سيطرة النظام، التي لم أدخلها منذ عام 2012 خشية اعتقالي من قبل أجهزة الأمن، بسبب مشاركتي في المظاهرات ضد النظام.
تزداد نبضات قلبي، التوتر بادٍ على الشاب الذي بجواري، فبدأ يهز قدميه، حاجز للجيش الروسي من أربعة عناصر، يلقي نظرة على القافلة، ننتظر لدقائق وتتحرك الباصات ببطء شديد، سيارات الهلال الأحمر على طول الطريق، وحدها التي تشعرني بشيء من الأمان.
أشاهد أبنية حي الحمدانية على يمين الطريق، وعلى يساره منطقة 1070 شقة، التي شهدت طوال الأشهر الماضية معارك عنيفة بين الثوار والنظام، في سعي الثوار لفك الحصار عن حلب، دون أن تفلح.
أخيرًا نصل منطقة الراشدين، نحن الآن في مناطق الثوار! آخذ نفسًا طويلاً، وكأن جبلا كان جاثمًا على قلبي وتهدم، الحياة بعثت إلي من جديد، أنا خارج الحصار!!
كنت ساعتها سعيدا للغاية، نجوت من آلاف الغارات الجوية، وانتهيت من معاناة البحث عن الطعام والماء كل يوم، انتهيت من ساعات الرعب اليومية مع القصف.
أما الآن وأنا أكتب هذه الكلمات فلست كذلك، صرت منفيا عن مدينتي بعيدًا عنها وعن ذكرياتي... لم يعد يجمعني بهم سوى... صور.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».