في عالم الفنان العالمي بوتيرو... مفاهيم جديدة للجمال والإبداع

يستعرض 140 عامًا من الفن في المتحف الذي يحمل اسمه في كولومبيا

الفنان الكولومبي فيرناندو بوتيرو يقف داخل قطار مغطى برسومات من مجموعة «السيرك» للفنان، في محطة قطارات ميدلين بكولومبيا (غيتي)
الفنان الكولومبي فيرناندو بوتيرو يقف داخل قطار مغطى برسومات من مجموعة «السيرك» للفنان، في محطة قطارات ميدلين بكولومبيا (غيتي)
TT

في عالم الفنان العالمي بوتيرو... مفاهيم جديدة للجمال والإبداع

الفنان الكولومبي فيرناندو بوتيرو يقف داخل قطار مغطى برسومات من مجموعة «السيرك» للفنان، في محطة قطارات ميدلين بكولومبيا (غيتي)
الفنان الكولومبي فيرناندو بوتيرو يقف داخل قطار مغطى برسومات من مجموعة «السيرك» للفنان، في محطة قطارات ميدلين بكولومبيا (غيتي)

من أجل الوصول إلى متحف الفنان الكولومبي فيرناندو بوتيرو في بوغوتا، يتعين عليك السير عبر القلب التاريخي للمدينة، الذي يعد إحدى أجمل مناطق العاصمة الكولومبية. وتتميز المنطقة ببناياتها الضخمة وشوارعها الضيقة، وتعكس الطراز المعماري للحقبة الاستعمارية عندما كانت البلاد جزءًا من إمبراطورية إسبانيا واكتسبت أهمية خاصة لثرائها بالذهب.
يقع متحف بوتيرو داخل إحدى البنايات المنتمية للحقبة الاستعمارية التي يعود تاريخ بنائها إلى عام 1724. ويتألف المبنى من طابقين يضمان غرفًا ضخمة وحدائق داخلية بها أشجار ونافورات. ومنذ عام 2000، ضمت جدران المبنى كنزًا ثمينًا يتمثل في أعمال بوتيرو الذي يعد أعظم الرسامين الكولومبيين، وقد أهدى النصيب الأكبر من أعماله إلى وطنه، علاوة على بعض المجوهرات من مقتنياته الخاصة.
أما المتحف فيحملك في جولة مذهلة عبر حياة بوتيرو والتجارب الحياتية التي خاضها وتاريخ بلاده وبعض اللوحات التي يقتنيها من إبداع رسامين عالميين مشاهير، مثل بيكاسو ودالي. بصورة إجمالية، يضم المتحف 208 عملاً فنيًا، منها 123 من إبداع بوتيرو، و85 من إبداع فنانين آخرين، بينهم أيضًا كلود مونيه وألبرتو جياكوميتي. وبفضل هذه المجموعة الرائعة، يعد هذا واحدًا من أهم المتاحف على مستوى قارة أميركا الجنوبية.
جدير بالذكر أن بوتيرو يشتهر بتصويره الأحجام الضخمة المبالغ فيها من الأشخاص والحيوانات وغيرها، ويوفر المتحف الفرصة المثلى لمحاولة فهم تعقيد أعمال بوتيرو التي لا ينبغي التعامل معها اعتمادًا على الفكرة المحدودة التي ترى أنه يرسم الأشخاص الذين يتسمون بالسمنة، وإنما ينبغي النظر إلى الأمر باعتبار أن الفنان يتعامل مع شخصيات تضفي لمسة فريدة على كل من لوحاته ومنحوتاته.
من بين الأعمال التي تتضمنها مجموعة بوتيرو، النسخة التي أبدعها للموناليزا والتي رسمها عام 1977، وتعد اللوحة صاحبة الشعبية الأكبر داخل المعرض. ويمكن القول إن هذه اللوحة تمثل مقاربة للوحة ليوناردو دافنشي الشهيرة، لكنها بالتأكيد أكثر غناءً بالألوان وأكثر ضخامة بكثير. الملاحظ في اللوحة أن بوتيرو تعمد الإبقاء على الخلفية الأصلية والهالة الغامضة المحيطة بالمرأة التي رسمها دافنشي.
ومن بين الأعمال الأخرى التي يستمتع الزائرون بمعاينتها «مانو» وهي منحوتة ضخمة تقع عند مدخل المتحف، وتعد العمل المفضل لدى الأسر والأطفال، ذلك أنهم يحرصون على التقاط الصور بجوارها. علاوة على ذلك، يضم المتحف مجموعة متنوعة من الأعمال النابضة بالألوان التي تصور موضوعات مختلفة ما بين فواكه وأزهار وحيوانات تعكس جميعها ثراء الحياة البرية في كولومبيا.
واللافت في أعمال بوتيرو أنها تعكس الهوية اللاتينية المميزة من خلال قوة الألوان. ومن بين أعظم الأسرار التي تحويها جنبات متحف بوتيرو «ماندولينا على مقعد»، وهي أول أعمال بوتيرو التي أبدعها بالأسلوب الضخم والتي كانت سبب شهرته وأضفت على أعماله طابعها المميز.
يذكر أن بوتيرو ولد في ميديلين في كولومبيا عام 1932، ويعد حاليًا أحد أهم فناني أميركا اللاتينية قاطبة.
وفي حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، تعرض سيغريد كاستانيدا، رئيس المجموعة الفنية الخاصة ببنك الجمهورية، بالشرح لإسهام بوتيرو في تاريخ الفن على النحو التالي: «يحاول كثيرون التبسيط من أهمية أعمال بوتيرو، بحيث يقصرونها على تصويره للأجسام البدينة، وفي الواقع يعد هذا تبسيطًا مفرطا لأعماله. الحقيقة أن أعماله تقوم على أبحاث جيدة للغاية لأعمال كبار الفنانين وللمفاهيم المرتبطة بالجمال الكلاسيكي، وعند إمعان النظر نجد أن بوتيرو منذ عام 1949 بدأ في استكشاف النسب البدنية، وتغيير شكل وأبعاد وأحجام الأعمال التي يبدعها. والواضح أنه يعمد إلى المبالغة في الحجم».
ويضمن متحف بوتيرو للزائر جولة شائقة عبر 140 عامًا من فن الرسم التي تختزلها الجولة في ثلاث ساعات فحسب مقسمة عبر نمطين من الأعمال الفنية: أعمال بوتيرو نفسه وأعمال عدد من الرسامين العالميين الآخرين.
كان بوتيرو قد تبرع بهذه الأعمال لصالح بنك جمهورية كولومبيا، لكنه طلب أن يكون دخول المتحف مجانًا، وأن تظل المجموعة محتفظة بكامل أعمالها الـ208، بمعنى أنه لا يحق للبنك زيادة أو تقليص أعداد لوحات المجموعة. يذكر أن المتحف يستقبل ما يصل إلى 400 ألف زائر محلي وأجنبي سنويًا.
من ناحية أخرى، فإنه على مدار حياته الممتدة لـ85 عامًا تقريبًا تميز إنتاج بوتيرو الفني بالتنوع، ولا يجري عرض أعماله في كبرى متاحف العالم فحسب، وإنما أيضًا داخل مسقط رأسه ميديلين. وبجانب التبرع الذي قدمه لبوغوتا، فإنه تبرع كذلك بعدد من أعماله عام 2002 إلى متحف ميديلين. ومن بين الأعمال التي تبرع بها للمتحف 23 منحوتة مصنوعة من البرونز تزين كثيرا منها الميدان الذي يوجد به المتحف.
وبوجه عام، ينبغي إلقاء أكثر من نظرة على أعمال بوتيرو، ذلك أنه يمكنك من خلال الأولى تقييم أعماله، ثم محاولة سبر أغوارها عبر نظرة أخرى أكثر تفحصًا، وأخيرًا إلقاء نظرة جديدة بهدف الاستمتاع بها.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.