سوريا: وقف إطلاق النار في وادي بردى برعاية الأمم المتحدة

إخراج المقاتلين الرافضين للاتفاق وتسوية أوضاع الراغبين في البقاء ببلداتهم

سوريا: وقف إطلاق النار في وادي بردى برعاية الأمم المتحدة
TT

سوريا: وقف إطلاق النار في وادي بردى برعاية الأمم المتحدة

سوريا: وقف إطلاق النار في وادي بردى برعاية الأمم المتحدة

توقف القتال في جبهات وادي بردى كافة إلى الغرب من العاصمة السورية دمشق، عصر أمس، إثر التوصل إلى اتفاق لوقف النار رعته الأمم المتحدة. وتضمّن الاتفاق بنودًا كانت فصائل المعارضة قد رفضتها في وقت سابق، خصوصًا تلك المتعلّقة بخروج المقاتلين الرافضين للاتفاق وتسوية أوضاع الراغبين بالبقاء في منطقتهم، عبر انخراطهم في صفوف قوات النظام والميليشيات الموالية له.
ورغم الشكوك في إمكانية صمود هذه التسوية، أكد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، أن ثمة «معلومات تفيد بأن فصائل المعارضة المسلّحة، وافقت على بنود الاتفاق السابق، الذي يقضي بخروج جميع المقاتلين الرافضين للهدنة، وتسوية أوضاع من يبقى في المنطقة، على غرار ما حصل في داريا ومعضمية الشام والهامة وقدسيا وغيرها»، مشيرًا إلى أن المنطقة «دخلت مرحلة جديدة، ربما هي مرتبطة بشروط بدء المحادثات السياسية في آستانة».
من جانبه، أعلن الناشط في ريف دمشق ضياء الحسيني لـ«الشرق الأوسط»، أن «اتفاق وقف النار جرى التوقيع عليه من قبل النظام ومعظم الفصائل الثورية في وادي بردى»، وأوضح أنه «تم التوقيع على بنوده بوصفه حلا نهائيا لوقف إطلاق النار بشكل كامل، وإنهاء العمليات العسكرية»، وأضاف الحسيني أن «وفدًا من الأمم المتحدة دخل عصرًا (أمس) إلى بلدة وادي مقرن في وادي بردى، وضمّ العميد في الحرس الجمهوري قيس الفروة، ومسؤول حزب «البعث» في ريف دمشق همام حيدر، ومحافظ ريف دمشق علاء إبراهيم، ومسؤول ألماني عمل سابقًا قنصلاً لبلاده في دمشق وهو الآن موظف في الأمم المتحدة، ومندوب عن الصليب الأحمر الدولي». وأكد أن هؤلاء «اجتمعوا بممثلين مدنيين وممثلين عن الثوار في المنطقة وجرى الاتفاق على عدة بنود». وحسب الحسيني فقد تضمن الاتفاق ستة بنود، هي:
أولاً: وقف إطلاق النار ووقف العملية العسكرية على قرى المنطقة منذ الساعة الثالثة من عصر هذا اليوم (أمس).
ثانيًا: دخول الورشات لمنشأة نبع عين الفيجة تزامنًا مع توافد المقاتلين والفصائل من الجرود ليجتمعوا في قرى المنطقة.
ثالثًا: تسوية أوضاع المقاتلين الراغبين في البقاء، على أن يسافروا إلى الخارج خلال فترة 6 أشهر.
رابعًا: تسجيل أسماء الرافضين للتسوية وترحيلهم إلى مدينة إدلب برعاية أممية وبمرافقة «الصليب الأحمر الدولي».
خامسا: خروج الجيش والميليشيات المساندة له من قرية بسيمة خلال فترة معينة، على أن يبقى الجيش في النقاط التي وصل لها بقرية عين الفيجة.
سادسًا: إعادة إعمار قريتي بسيمة وعين الفيجة خلال فترة زمنية معينة. وأشار الناشط في ريف دمشق إلى أن الاتفاق «لا يتضمن عودة المهجرين إلى قراهم في وادي بردى».
الدور الألماني
إلى ذلك، نقلت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة عن مصادر وصفتها بالـ«خاصة»، تفيد بأن «اتفاق وقف إطلاق النار دخل حيّز التنفيذ في وادي بردى، حيث توقف القتال في جميع الجبهات بشكل مفاجئ»، وعزت المصادر ذلك إلى «بدء المفاوضات بين وجهاء منطقة وادي بردى وقوات الأسد بواسطة وفد ألماني». ونقلت «شبكة شام» عن ناشطين في وادي بردى، قولهم إن وقف إطلاق النار تم بالفعل، دون التطرق إلى ما تمخضت عنه المفاوضات بين الطرفين، وما الشروط التي وضعها النظام وما يسمى «حزب الله» للموافقة على وقف إطلاق النار؟ وما دور الوفد الألماني في هذه المفاوضات؟ وقال الناشطون: «يعتقد أنها مصالحة شاملة تقضي بتهجير الرافضين لها إلى محافظة إدلب والشمال السوري، و(تصحيح وضع) من يرغب في البقاء بشرط أن يسلم سلاحه ويقاتل في صفوف قوات الأسد، كما حدث تماما في داريا وخان الشيح وغيرها من المناطق الأخرى».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.