إضراب مائة ألف عامل تونسي احتجاجًا على ظروف تشغيلهم

إضراب مائة ألف عامل تونسي احتجاجًا على ظروف تشغيلهم
TT

إضراب مائة ألف عامل تونسي احتجاجًا على ظروف تشغيلهم

إضراب مائة ألف عامل تونسي احتجاجًا على ظروف تشغيلهم

نفذ الآلاف من عمال المزارع والحظائر التونسيين إضرابا وطنيا عن العمل أمس في الولايات (المحافظات) كافة للتنديد بما سموه «تعنت السلطات الحكومية وإصرار هياكل الدولة على تجاهل مطالبهم المشروعة المضمنة بلائحة مهنية» ممضاة بين الطرفين.
وتواجه حكومة الوحدة الوطنية، التي يقوها يوسف الشاهد، موجة جديدة من التحركات الاجتماعية مع بداية سنة 2017 يقودها عشرات الآلاف من عمال الحظائر وعدد كبير من العاطلين ممن طالت بطالتهم.
وتجمع الآلاف من عمال الحظائر صباح أمس أمام مقرات الاتحادات الجهوية للشغل (نقابة العمال)، وتوجهوا في مسيرات غاضبة نحو مقرات الولايات (السلطات الحكومية في الجهات)، مرددين شعارات تؤكد تمسكهم بحقهم في التسوية المهنية النهائية، وإدماجهم في سلك أعوان الدولة. وطالب مجمع تنسيقيات الحظائر الحكومة التونسية باحترام تعهدها، الذي يعود إلى 28 يناير (كانون الثاني) 2016 المتعلق بالقضاء على كل أشكال التشغيل الهش، باعتبار أن العمل في الحظائر يعد أكثر أشكال التشغيل هشاشة في تونس.
وبشأن هذا الإضراب العام قال سامي الخليفي، منسق مجمع عمال الحظائر، في تصريح إعلامي، إن الإضراب نجح بنسبة عالية لقناعة المضربين بعدالة مطالبهم، على حد تعبيره.
وفي حال عدم الاستجابة الحكومة لمطالبهم، قال المصدر ذاته إنهم سينفذون إضرابا آخر مفتوحا عن العمل، ويهددون بالاعتصام في مقرات الولايات (المحافظات) إلى حين تحقيق مطلب تسوية وضعياتهم المهنية الهشة على حد قوله.
وكانت الحكومة التونسية قد متعت كل عمال الحظائر بالتغطية الاجتماعية التي تمنحهم الحق في العلاج المجاني بالمؤسسات الاستشفائية الحكومية، إلا أن تسوية وضعيتهم المهنية وتمكينهم من أجور عمال القطاع العام نفسها بقيت دون حل.
وتشير مصادر حكومية إلى أن معظم العاملين في الحظائر لهم مداخيل مالية أخرى مصدرها الأنشطة الفلاحية في معظمها، وتعتبر المرتب المقدم لهم بمثابة إعانة اجتماعية لا غير. وتوقع خبراء في المجال الاقتصادي أن تكون 2017 سنة اقتصادية ومالية عسيرة جدا على الوضع الاقتصادي للبلاد، وذلك لعدة أسباب؛ من بينها الاستعداد لتسديد مبلغ ثمانية مليارات دينار تونسي (نحو 3 آلاف مليون دولار) سنة 2017 في باب الديون الخارجية والداخلية، وهو ما يجعل تسوية الملفات المهنية لعمال الحظائر وزيادة الأعباء المالية على الدولة مسألة شبه مستحلية.
على صعيد متصل، أعلنت تنسيقية الحركات الاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة) تنظيم أيام احتجاجية، تشمل كل الجهات والفئات من أجل الحق في التشغيل والعدالة الاجتماعية والتنمية في الجهات المحرومة. وقد نفذت أول مسيرة احتجاجية في منطقة منزل بوزيان من ولاية سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية بمناسبة ذكرى انتفاضة الخبز في الثالث من يناير 1984. لتتواصل ببقية المناطق.
وأكد عبد الحليم حمدي، ممثل هذه التنسيقية، أن كل جهة ستختار يوما رمزيا للتذكير بمطالب ثورة 2011 المتمثلة في التنمية والتشغيل. ودعا الحركات الاجتماعية في تونس إلى ما سماها «التعبئة العامة» لكل الفاعلين الاجتماعين والمدنيين والسياسيين المساندين للحراك الاجتماعي، وذلك لمواكبة ما وصفته بـ«مسلسل المحاكمات» للحراك الاجتماعي خلال شهر يناير الحالي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.