عام التفجيرات والتهديدات النقالة بين المدن الأوروبية

بدأت من باريس وتمددت في القارة العجوز

أحد عناصر الأمن في بلجيكا أثناء مساعدته امرأة بعد تفجيرات بروكسل التي استهدفت مطار العاصمة ومحطة قطارات مالبيك في مارس الماضي (أ.ف.ب)
أحد عناصر الأمن في بلجيكا أثناء مساعدته امرأة بعد تفجيرات بروكسل التي استهدفت مطار العاصمة ومحطة قطارات مالبيك في مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT

عام التفجيرات والتهديدات النقالة بين المدن الأوروبية

أحد عناصر الأمن في بلجيكا أثناء مساعدته امرأة بعد تفجيرات بروكسل التي استهدفت مطار العاصمة ومحطة قطارات مالبيك في مارس الماضي (أ.ف.ب)
أحد عناصر الأمن في بلجيكا أثناء مساعدته امرأة بعد تفجيرات بروكسل التي استهدفت مطار العاصمة ومحطة قطارات مالبيك في مارس الماضي (أ.ف.ب)

بعد وقوع تفجيرات العاصمة الفرنسية باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2015، انشغلت بلجيكا بالبحث عن أحد أبرز المتورطين في الهجمات، وهو صلاح عبد السلام وكل من له صلة بالتحضيرات لهذا الهجوم. وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات والمخصصات المالية لهذا الغرض في أعقاب هجمات العاصمة الفرنسية، فإن الفرحة بإلقاء القبض على عبد السلام في 19 مارس (آذار) الماضي ببروكسل، لم تدم طويلاً.
فبعد 3 أيام فقط، وقعت هجمات المطار ومحطة القطارات الداخلية في العاصمة البلجيكية، التي خلفت 32 قتيلاً وإصابة 300 آخرين. ووضح جليًا أن «داعش» جاد في التهديدات التي صدرت في فيديوهات توعد فيها فرنسا وبلجيكا ودولاً أوروبية أخرى. وبالفعل بعد شهور قليلة أيضًا وقع الهجوم بشاحنة اجتاحت المارة في مدينة نيس الفرنسية الساحلية وأسقط العشرات من القتلى، ثم أعقب ذلك هجوم آخر في مدينة ميونيخ الألمانية.
وخلال أسابيع قليلة وقف جيل دي كيرشوف، المنسق الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب، أمام أعضاء البرلمان الأوروبي ليتحدث عن الدروس المستفادة والتحديات والتهديدات المتوقعة في أعقاب الهجمات الأخيرة التي ضربت بعض المدن الأوروبية. وأشار دي كيرشوف أيضًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يعمل على وضع ملف مكافحة الإرهاب في صدارة أجندة العمل الأوروبي، على حسب ما أكد له دونالد تاسك رئيس مجلس الاتحاد. كما اعتبر دي كيرشوف أن تعيين مفوض أوروبي لشؤون الأمن من «الأخبار الجيدة» للاتحاد الأوروبي، وخصوصًا بعد أن عرض خطة عمل تتضمن جزءًا من الوقاية وتجنب التهديدات وجزءًا آخر يتضمن تعزيز التعاون الأمني بين الدول الأوروبية. ورأى دي كيرشوف أن تبادل المعلومات الأمنية وكيفية الاستفادة منها في مقدمة التحديات في الوقت الحالي.
ومن ثم، تطرق المسؤول الأوروبي إلى أن الاتحاد الأوروبي حريص أيضًا على العمل المشترك وتقديم الدعم للشركاء خارج الاتحاد. وقال إنه خلال الفترة الأخيرة قام بزيارات إلى عدة دول، كما التقى بكثير من المسؤولين فيها وبحث معهم سبل تقديم الدعم الأوروبي إلى هذه الدول، ومنها مصر والأردن وتونس وتركيا في مجال مكافحة الإرهاب.
ومن جانب آخر، حذر دي كيرشوف من خطورة عودة المقاتلين وبأعداد كبيرة إلى أوروبا في حال سقوط «داعش» ودولته المزعومة. ونوه أيضًا بأن البعض من مؤيدي «داعش» توجه إلى ليبيا وأن الخطر لا يزال موجودًا هناك. وأوضح المسؤول الأوروبي أن التهديدات التي يواجهها التكتل الأوروبي الموحد عالية ومتنوعة، وأن الهجمات الأخيرة أظهرت عدة ملاحظات أبرزها:
- أولاً أن بعض منفذي الهجمات لديهم الخبرة وجرى إرسال البعض منهم من مناطق الصراعات.
- ثانيًا أن هؤلاء لا يعملون بمفردهم، بل هناك من يقدم لهم الدعم، وهناك من يسعى لتجنيد عناصر جديدة من داخل أوروبا للمشاركة في تنفيذ هجمات. وهو ما ظهر أخيرًا في فرنسا عندما حاول رشيد قاسم تجنيد بعض الأشخاص وهم ليس لهم أي اتصال مع «داعش».
- ثالثًا أن هناك البعض ممن يعاني من اضطرابات نفسية ويحاول تقليد هذه الجرائم الإرهابية، وثمة من يراها على الإنترنت ويسعى لتقليد الأمر.
- رابعًا أن هناك من يحاول استغلال ظروف المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين ويحاول تجنيدهم للمشاركة في ارتكاب جرائم.
- خامسًا أن البعض من المقاتلين لهم خلفية إجرامية، ولكن هناك البعض الآخر الذي يقترب من التشدد دون إشارات واضحة. وهؤلاء يتحولون بسرعة إلى مقاتلين ويجدون الدعم من أصحاب الخلفية الإجرامية الذين يوفرون لهم السلاح أو الوثائق المزورة.
- وسادسًا أن منفذي الهجمات قد يلجأون إلى وسائل بسيطة وعادية ومتوفرة، مثل السكاكين أو قيادة شاحنة لتنفيذ هجوم. أو أن يقوم البعض منهم باستهداف رعايا الغرب في بعض الدول الإسلامية التي يصلون إليها كسياح، ولهذا ركز على هذا الملف في محادثات مع الدول العربية والإسلامية التي قام بزيارتها أو التقى بالمسؤولين فيها في مناسبات مختلفة.
ومن وجهة نظر كثير من المراقبين، فإن التهديدات لا تزال مستمرة، والدليل على ذلك أنه قبل أيام من نهاية عام 2016، أطلقت وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) تحذيرات من وجود خطط لتنظيم داعش لتنفيذ هجمات إرهابية في أوروبا الغربية في المستقبل القريب. وقال تقرير صدر عن مقر الوكالة في لاهاي بهولندا، إن «داعش» ينوي استخدام الأسلوب الذي يستخدمه في منطقة الشرق الأوسط بالهجمات المخطط لها في أوروبا، وهو أسلوب السيارات المفخخة على غرار ما حدث في سوريا والعراق.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن هزائم «داعش» في منطقة الشرق الأوسط وزيادة أعداد المقاتلين العائدين إلى أوروبا قد يكون لهما دور في تعزيز خطورة شن الهجمات في أوروبا الغربية. وتظل فرنسا دائمًا هي الهدف المرجح، وإن كانت هناك أسماء لدول أخرى قد تواجه أخطارًا، ومنها ألمانيا وبريطانيا وبلجيكا. وقال مدير «يوروبول» روب وينرايب إن «زيادة عدد الاعتقالات والخطط التي أمكن إحباطها تمثل إشارة واضحة إلى نجاح تعزيز التعاون وتبادل المعلومات بين الأجهزة المعنية في أوروبا لتخفيف التهديد»، وكانت أجهزة الشرطة الأوروبية اعتقلت 667 شخصًا خلال عام 2015 على خلفية ملفات ذات صلة بالمقاتلين.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.