القوات العراقية تستأنف هجماتها على «داعش» في الموصل

منظمة الهجرة الدولية: أكثر من 100 ألف نازح من المدينة منذ بدء العمليات

عنصر من القوات العراقية أصيب في معارك الموصل يتلقى العلاج في مستشفى بأربيل أول من أمس (رويترز)
عنصر من القوات العراقية أصيب في معارك الموصل يتلقى العلاج في مستشفى بأربيل أول من أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تستأنف هجماتها على «داعش» في الموصل

عنصر من القوات العراقية أصيب في معارك الموصل يتلقى العلاج في مستشفى بأربيل أول من أمس (رويترز)
عنصر من القوات العراقية أصيب في معارك الموصل يتلقى العلاج في مستشفى بأربيل أول من أمس (رويترز)

أفاد ضابط عراقي، أمس، بأن القوات المسلحة المشتركة شنت هجومًا على مواقع «داعش»، في حي الوحدة، بالجانب الشرقي لمدينة الموصل. ودخلت معركة الموصل شهرها الثالث، ولا تزال القوات المسلحة العراقية المشتركة توجد في أحياء بالجانب الشرقي، بعد أن واجهت مقاومة شرسة أبداها «داعش».
ونقلت شبكة «روداو» الإعلامية الكردية عن العميد في قوات الرد السريع (تابعة للداخلية)، طاهر السماك، قوله إن «قوات من الفرقة التاسعة، تساندها قوات من جهازي مكافحة الإرهاب، والشرطة الاتحادية، شنت، مع ساعات الصباح الأولى، هجمات منظمة تساندها طائرات التحالف الدولي على حي الوحدة». وأوضح السماك أنه «لغاية الآن التقدم بطيء جدا بسبب المقاومة الشرسة التي أبدها مقاتلو التنظيم واعتمادهم على القناصة والعبوات الناسفة في إعاقة تقدم القوات». وبيّن أن «الهدف من هذه العملية هو السيطرة على مستشفى السلام، ومن ثم التحرك نحو مركز الحي لاستعادته من سيطرة التنظيم». وأشار إلى أن حجم الخسائر في صفوف التنظيم لا يزال غير معروفٍ بشكل دقيق. غير أنه لفت إلى إصابة 3 جنود بجروح.
وتكبدت قوات الفرقة التاسعة خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات خلال عملية عسكرية نفذتها في محيط مستشفى السلام، قبل نحو أسبوع، بعد أن وقعت في فخ للتنظيم، الذي استطاع الخروج من أنفاق أعدها لهذا الغرض مسبقًا، ليقتل عددًا من الجنود ويأسر آخرين، ويستولي على كميات كبيرة من السلاح والعتاد.
وكانت العمليات العسكرية شبه متوقفة خلال الأيام الثلاثة الماضية بسبب سوء الأحوال الجوية التي مرت بها المنطقة، وتوقف طيران التحالف الدولي عن طلعاته الجوية المساندة للقوات البرية العراقية ضد أهداف المسلحين.
إلى ذلك، أعلنت منظمة الهجرة الدولية أمس أن أكثر من مائة ألف شخص نزحوا نتيجة العمليات العسكرية الجارية لاستعادة الموصل. ومنذ بدء المعارك في 17 أكتوبر (تشرين الأول)، نزح 103 آلاف شخص بحسب منظمة الهجرة الدولية. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، حذرت المنظمات الدولية من نزوح نحو مليون شخص بسبب العمليات العسكرية في الموصل، لكن هذه الأرقام لم تتحقق حتى الآن.
وتقدمت قوات مكافحة الإرهاب، وهي وحدات النخبة في عمق أحياء مدينة الموصل، وتمكنت من استعادة السيطرة على نصف الجانب الشرقي للمدينة. لكن القوات الأخرى من المحور الجنوبي لا تزال متعثرة، كما أن قوة الجيش القادمة من المحور الشمالي لم تدخل المدينة حتى الآن. بدورها، تمكنت قوات الحشد الشعبي التي خصص لها استعادة بلدة تلعفر من الجهة الغربية لمحافظة نينوى، من قطع الطريق بين الموصل وسوريا، لكنها لم تشنّ هجومًا على تلعفر.
من ناحية ثانية، اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أمس، ميليشيا من العشائر السنية الموالية للحكومة بإعدام أربعة أسرى يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم داعش. وأفاد بيان المنظمة الحقوقية بأن عملية القتل نفذت في 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، قرب قرية شيالة الأمام التي تبعد نحو 70 كلم جنوب الموصل. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أشار البيان نقلاً عن أحد سكان القرية إلى أن قوات الأمن العراقية كانت حاضرة لدى إعدام أحدهم، لكنها لم تتدخل.
وقالت لمى فقيه نائبة مدير الشرق الأوسط: «يجب على الحكومة العراقية أن تؤكد عدم السماح للميليشيا بارتكاب تجاوزات أو إعدام معتقلين بغض النظر عما إذا كانوا مذنبين». وتابعت المنظمة نقلاً عن السكان أن عناصر الميليشيا أمروهم بالتجمع في ساحة مفتوحة حيث شاهدوا قتل شخص يدعى أحمد، قال شقيقه إنه التحق لفترة وجيزة بالتنظيم قبل أن يعود إلى عائلته. وأكد السكان أنهم شاهدوا جثث ثلاثة أشخاص آخرين كانت تحتجزهم «قوات الحشد العشائري» لكنهم لم يشاهدوا تنفيذ الإعدام بحقهم، وفقًا للمنظمة.
يُشار إلى أن «قوات الحشد العشائري» تضم مقاتلين من أبناء العشائر السنية تمولهم الحكومة في حين أن عناصر من عشائر سنية أخرى تنضوي ضمن «قوات الحشد الشعبي» التي تدعمها إيران.
من جهته، قال زعيم إحدى العشائر للمنظمة الحقوقية إن الميليشيا المتهمة بقتل الأسرى «تعرف باسم حشد الجبور»، في إشارة إلى قبيلة الجبور. وتقاتل «قوات الحشد الشعبي»، غالبيتها فصائل شيعية مدعومة من إيران، إلى جانب قوات الحكومة ضد تنظيم داعش. وتتهم هذه الفصائل أحيانًا بارتكاب انتهاكات خلال مشاركتها في استعادة مناطق من سيطرة المتطرفين. يُشار إلى أن مجموعات مسيحية مسلحة تنضوي ضمن قوات الحشد الشعبي أيضًا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».