«قواعد اليورو» تصعب من مهمة إنقاذ البنوك الإيطالية

إيطاليا تعاني من وفرة المصارف أكثر من محال البيتزا

إيطاليان يقفان ضمن صف لأخذ دورهما في سحب النقود من ألة صرف أمام بنك باتشي دي سيينا في روما (غيتي)
إيطاليان يقفان ضمن صف لأخذ دورهما في سحب النقود من ألة صرف أمام بنك باتشي دي سيينا في روما (غيتي)
TT

«قواعد اليورو» تصعب من مهمة إنقاذ البنوك الإيطالية

إيطاليان يقفان ضمن صف لأخذ دورهما في سحب النقود من ألة صرف أمام بنك باتشي دي سيينا في روما (غيتي)
إيطاليان يقفان ضمن صف لأخذ دورهما في سحب النقود من ألة صرف أمام بنك باتشي دي سيينا في روما (غيتي)

رغم المخاوف التي انتابت الأسواق على مدار الأيام القليلة الماضية بسبب القلق الذي سببه الاستفتاء الإيطالي، فإنه لا يزال من المبكر القول إن النظام المصرفي الإيطالي على وشك الانهيار، مع الإقرار بضرورة أن القطاع يحتاج إلى إعادة رسملة، وهو الأمر المتوقع والمقبول عموما عن وضع الاقتصاد الإيطالي في هذه الآونة، وبخاصة في ظل ضعف معدلات النمو الاقتصادي على مدار العاميين الماضيين. لكن المشكلة تتمثل في كيفية القيام بذلك وفق «قواعد منطقة اليورو» كون إيطاليا أحد الأعضاء.
وبعد نتائج الاستفتاء الإيطالي، جاءت أولى محاولات إعادة رسملة البنوك في بنك «مونتي دي باشي دي سيينا»، ثالث أكبر البنوك الإيطالية وأكثرها تعثرا في الوقت الحالي، في الوقت الذي تخشى فيه البنوك الكبرى من أن تفشل عملية دعم البنوك، الأمر الذي يقلص ثقة المستثمرين القلقين بالفعل بشأن القطاع المصرفي العام في إيطاليا، والمتعثر بنحو 360 مليار يورو من الديون المعدومة والربحية الضعيفة.
ويحاول مستشارو البنك: «جي بي مورغان تشيس» و«ميدوبانكا»، العمل مع وزير المالية الإيطالي بيير كارولو بادوان، لإقناع هيئة الاستثمار القطرية بضخ مزيد من المال في ثالث أكبر بنك إيطالي، ولكن الآمال بدأت تتلاشى مع صعوبة الوصول إلى اتفاق نهائي. وتتمثل خطة إعادة الرسملة المراد الاتفاق عليها فيما يقرب من 5 مليارات يورو.
ويجادل الخبراء الآن حول صحة القطاع المصرفي في إيطاليا، وبخاصة أن عدد فروع البنوك أصبح أكثر من عدد مطاعم «البيتزا». وقالت كاتلين بوتا، المحللة الاقتصادية، في معرض حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إن «إيطاليا في أمسِّ الحاجة إلى مطاعم بيتزا أكثر.. وبنوك أقل».
وبنك «مونتي دي باشي دي سيينا» هو أقدم البنوك التجارية العاملة في العالم، حيث أنشئ عام 1472، وهو أكبر ثالث بنك تجاري إيطالي من حيث الأصول بإجمالي 17 مليار يورو بنهاية 2015. وتؤكد بوتا أنه «أصبح رمزا لقطاع مصرفي فاسد يعتمد على رأس المال الأجنبي لإبقائه حيًا».
وعلى الرغم من أن البنك لا يمثل أهمية نظامية للقطاع المصرفي في أوروبا، والتي تعد أكبر خطر على القطاع المالي، فإن الخطر يكمن في وفرة البنوك متوسطة الحجم التي تحمل المليارات من الديون «السيئة» بحسب بوتا، والتي تشكل خطرا على صحة أكبر المصارف في أوروبا، وبخاصة مع فرضية انتشار «العدوى».
وقال ثلاثة مصادر مطلعة لـ«رويترز»، إن إجراءات توفير مساعدة حكومية لبنك «مونتي دي باشي دي سيينا» أصبحت جاهزة مع تضاؤل آمال البنك الإيطالي في جمع تمويل من مصادره الخاصة.
ويسعى البنك لجمع خمسة مليارات يورو (5.4 مليار دولار) هذا الشهر لتفادي تصفيته. لكن المستثمرين يحجمون عن التعهد بتقديم تمويل بعدما خسر رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي استفتاء يوم الأحد الماضي، مما تسبب في جو من الضبابية السياسية.
وقال أحد المصادر إن البنك يدرس فكرة يطلق عليها «إعادة رسملة احترازية» تتضمن قيام الحكومة بضخ سيولة، وقال مصدران آخران إن هناك مرسوما حكوميا جاهزا بالفعل يقضي بإعادة رسملة حكومية للبنك، ويعتمد تنفيذه على تطورات الأوضاع السياسية في الأيام القليلة المقبلة.
وسيترتب على ضخ أموال حكومية خسائر للمستثمرين من المؤسسات، الذين يحوزون ديونا ثانوية للبنك، وفقا لقواعد الأزمات المصرفية الأوروبية. وقال مصدر مطلع إن المستثمرين الأفراد الذين يحوزون سندات ثانوية للبنك بقيمة 2.1 مليار يورو، لن يتضرروا أو سيتم تعويضهم، ولم يتسنَّ لـ«رويترز» الحصول على تعليق فوري من الخزانة أو البنك.
وتنص قواعد منطقة اليورو على أن الحكومة عليها أن تضمن أن المساهمين لم يتربحوا من خسارة البنك، على أن يتحملوا أول الخسائر، ثم يتم تعويض حملة السندات بتبديلها إجباريا إلى أسهم، ويتم تحويل أموال المودعين بنحو 100 ألف يورو أو أكثر إلى أسهم.
لكن بعد أن تضمن الحكومة كل هذه الخطوات في نظام إعادة التمويل، تكمن المشكلة في من سيقوم بشراء الأسهم أو السندات الصادرة حديثا، علما بأن الجميع يعلم جيدا وضع البنك واحتياجه الضروري لرأسماله، وهذا الوضع يشبه كثيرا ما حدث في انهيار عام 2008 في معظم البنوك الأوروبية والأميركية.
ويتوقع الخبراء أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي في إيطاليا العام المقبل من 0.9 في المائة إلى 0.6 في المائة، في حين ستعاني الشركات ارتفاع تكاليف التمويل إذا ظلت أوضاع البنوك على شاكلتها، الأمر الذي سينتج عنه تحمل الشركات الإيطالية العبء الأكبر من صدمة ثقة المستثمرين.
ورغم أن الشركات الإيطالية تنتظر في المتوسط 88 يوما لدفع ثمن البضائع والخدمات، فإنه بات من المرجح أن تتجه الشركات لسحب للاستثمارات الخارجية، وشروط تمويل أكثر صرامة، ومزيد من العرقلة في معدلات الانتعاش الاقتصادي.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».