المسرح النسائي في السعودية.. مع وضد!

تجارب بغطاء رسمي تواصل تقدمها

المسرح النسائي في السعودية.. مع وضد!
TT

المسرح النسائي في السعودية.. مع وضد!

المسرح النسائي في السعودية.. مع وضد!

أصبحت المرأة لازمة الجدل بشأن قيام تجربة مسرحية ناجزة في السعودية، البعض وجدها «شماعة» يعلق على غيابها كل إخفاقات هذه التجربة، في حين وجدها البعض مجرد عنوان لصراع أكبر من التشدد والانفتاح.
في كل الأحوال، بدا منذ أكثر من عشر سنوات أن النساء يمكنهن أن يأخذن زمام المبادرة بأنفسهن، وليس مجرد انتظار بطاقة الدخول لخشبة المسرح. فقامت عدة تجارب مسرحية نسائية أهمها في الرياض، كما تشكلت فرق للأداء المسرحي النسوي، الذي يقتصر طاقمه وممثلوه وجمهوره على النساء حصرا.
كيف يمكن تقييم هذه التجربة بعد عدة سنوات على قيامها، وماذا أضافت وتضيف لرصيد الحركة المسرحية السعودية؟

* مسرح ذكوري بالإكراه

* يقول الكاتب والناقد المسرحي عباس الحايك، الذي كتب نصين مسرحيين للمسرح النسائي، إن «المسرح السعودي فرض عليه أن يكون مسرحا ذكوريا، تغيب عنه المرأة بشكل شبه تام، فلا تمثل بمعية الرجل على الخشبة، ولا تحضر عروضا مسرحية على الأغلب، ويبدو عملها المسرحي مقتصرا على الكتابة إذا ما تسنى لها ذلك. وإن طرحت قضاياها فإنها تكون بمنظور ذكوري استعلائي أحيانا كثيرة. لكن من أخذ زمام المبادرة لتعويض غياب المرأة عن المسرح وتخصيص مسرح خاص بالنساء؟ يجيب الحايك، قائلا: لقد كان المسرحيون السعوديون الرجال هم من أخذوا زمام المبادرة، لتجاوز هذا الواقع المفروض، بتخصيص مسرح خاص بالنساء، تقدمه النساء لجمهور نسائي بحت، مستفيدين من المسرح النسائي الذي ينشط في بعض الدول العربية والأوروبية، وتخصص له مهرجانات، ولكن يختلف عن المسرح النسائي السعودي كون الثاني محصورا في دائرة نسائية مغلقة.
تعد مسرحية «مونوكوليا» أول تجربة مسرحية نسائية تكتمل فيها تقريبا عناصر الأداء المسرحي، وهي من تأليف إبراهيم الحمدان، وإخراج سمعان العاني، وتم عرضها في الثمانينات من القرن الماضي. لكن منذ عام 2005 وحتى وقتنا الحاضر، قدمت مسرحيات نسائية كثيرة، المرأة فيها هي الممثلة والمخرجة، من خلال مهرجانات الأعياد التي تقيمها أمانة مدينة الرياض، منذ ذلك الوقت تم إشراك عدد من الممثلات ونجمات التلفزيون الخليجي، بهدف تقديم تجربة أكثر نضجا واحترافا. فقدمت مسرحيات «الهامورة»، و«بيتنا في خطر«، و«بنات فاطمة»، و«هالة وهلالة»، و«مسيار كووم» وغيرها. ولم تكن القضايا التي تناولتها هذه الأعمال (تقليدية) بالكامل، إذ ناقشت قضايا جريئة وصلت بعض أصدائها لصفحات الصحف اليومية.
بعيدا عن الرياض، قدمت أعمال مسرحية نسائية في الدمام والظهران. ونظمت جمعية الثقافة والفنون بالدمام ورشة «إعداد الممثل» أشرفت عليها المدربة البحرينية كلثوم أمين، وأدت فيها المتدربات مشاهد مسرحية. وفي أبها جنوب المملكة، أسست جمعية الثقافة والفنون هناك فرقة (وشل) المسرحية النسائية، كما تشكلت فرقة أخرى تابعة لجمعية الثقافة والفنون بالأحساء. وكانت المخرجة إيمان الطويل قد حازت على عدد من جوائز ملتقى مسرح الطفل السادس منها جائزة الإخراج على مسرحيتها «بلاد الأحلام».

* إشكالات المسرح النسائي

* ما إشكالات التجارب المسرحية النسائية في السعودية؟ في البدء يفرق الحايك بين مستوى هذه الإشكالات، التي لا تمنع استمرار هذه الأعمال، ولكن تقلل من مستوى تطورها، وهو يعددها قائلا، «أولها غياب النقد الموضوعي الذي يقيم المسرحيات التي تعرض على جمهور نسائي متعطش لمشاهدة مسرح، فالنقد يتوازى في أهميته مع أي تجربة مسرحية كانت، ولن تتطور التجربة دون أن تكون تحت مجهر النقد». هذا الغياب، كما يقول الحايك، عائد إلى أن الناقد الرجل لا يمكنه مشاهدة هذه المسرحيات والحكم عليها، ولو أوكل الأمر لناقدات، فإننا سنكون أمام مشكلة جديدة وهي غياب النساء المشغولات بالنقد المسرحي.
ويضيف الحايك: «الإشكال الآخر، هو أن المسرح النسائي، ورغم أنه يكتب عن المرأة وللمرأة، إلا أن أغلب المسرحيات يكتبها كتاب مسرحيون رجال، بسبب عدم وجود كاتبات مسرحيات يرفدن المسرح النسائي بالنصوص التي تتبنى قضايا المرأة من وجهة نظر نسائية وهي الأقرب من وجهة النظر الرجالية التي قد تكون نابعة من تعاطف ليس أكثر. ومن الإشكالات، أن أكثر الممثلات اللاتي يشتغلن في المسرح النسائي، قادمات بخبرات تلفزيونية، فأكثرهن ممثلات دراما، ولم يتسن لهن التمثيل المسرحي بسبب شح الفرص، وحداثة هذا المسرح. وهاته الممثلات يحتجن لتدريبات وورش لكيفية التعامل مع الخشبة، وكيفية الأداء المسرحي الذي يختلف بالضرورة عن الأداء التلفزيوني».وما يؤخذ على المسرحيات النسائية، من وجهة نظر الحايك، أنها أعمال موسمية، إذ تتم كتابتها والإعداد لها لتقدم فقط في مناسبات كالأعياد، أو إجازات المدارس، وتقدم لأسبوع على الأكثر ثم تنتهي، وتكون مجرد عروض طارئة، لا تعاد، ولا تتحول إلى نشاط وممارسة دائمة ولهذه الأسباب لا يمكن التأسيس على هذه العروض لتتحول إلى حركة مسرحية حقيقية، كما يضيف.
ثمة نقص آخر يواجه المسرح النسائي في السعودية، وهو غيابه عن التمثيل في الخارج، حيث استفاد المسرح الرجالي من مشاركاته الخارجية في المهرجانات، ومن احتكاكه بتجارب مسرحية، وبتجارب نقدية دفعت به نحو النضج، وهذا ما لا يتوفر للمسرح النسائي ضمن هذه الحالة الموسمية، وضمن الاشتغال في منطقة الكوميديا الاجتماعية التي قد لا تتناسب إن افترضنا الإمكانية مع طبيعة المهرجانات الخارجية.

ضد التجربة

من جانب آخر، هناك من يرى أن فكرة قيام مسرح نسائي منفصل هي فكرة غير صائبة من أساسها، مثل الكاتب المسرحي عبد العزيز السماعيل، مدير عام جمعية الثقافة والفنون (تابعة لوزارة الثقافة والإعلام)، الذي يقول: «لا يمكن في الحياة إنتاج ثقافة لكل فئة اجتماعية بمعزل عن الأخرى، أو تفصيل الثقافة على مقياس ما تريده أو تفهمه فئة دون أخرى في المجتمع، مثلما نود أن نفصل مسرحا للرجال وآخر للنساء.. أو مسرحا للصحويين ومسرحا لليبراليين مثلا».
السماعيل الذي قدم عددا من الأعمال المسرحية وحاز بعضها على جوائز عربية، يرى أن قيام مسرح نسائي «لن يؤدي إلى نهضة ثقافية وحضارية حقيقية»، ويضيف: «من هنا يمكن فهم خصوصية الحالة المسرحية الفريدة والغريبة في المسرح السعودي المقسم بين مسرح رجالي ومسرح نسائي، لأن كلاهما يعاني أصلا من نقص الآخر وفقدانه المربك». وبرأي السماعيل، فإن الفصل بين المسرحين (الرجالي والنسائي) لا يتيح للكاتب المسرحي إنتاج رسالة ثقافية ناضجة للمجتمع، ولا للفنان المبدع، كما لا يحقق للمسرح حضورا وقيمة حقيقية في الحياة بوصفه فنا اجتماعيا.

* شكسبير ضد النساء!

* لكن غياب المرأة عن المسرح لم يمنع نهضته في أوروبا مثلا، فلماذا التلازم بين المرأة ونجاح التجربة المسرحية في السعودية؟ يجيب عبد العزيز السماعيل، قائلا: «لقد كان مسرح القرون الوسطى في أوروبا، وفي بريطانيا تحديدا مسرحا مشوها لأنه لا يسمح بوجود العنصر النسائي على الخشبة، وكان الفنان العبقري شكسبير في حياته يكتب نصوصه الخالدة وتمثل بين عام 1585 - 1592 من دون العنصر النسائي.. كان الرجال يقومون بدور النساء فيه، ولكن تلك كانت إحدى علامات عصور الظلام والجهل والتخلف وليس زمن الأنوار والازدهار. ونلاحظ من واقع التجربة في المسرح النسائي في المملكة أن محاولته سد الثغرة الناقصة، أو لنقل التعويض عن الفقد كان حلا مشوها أيضا، أي أنه ليس فقط تكرارا للمشكلة ذاتها في المسرح الذكوري، بل يزيد عليها أنه لا يسمح حتى بوجود الذكر كمتفرج، وبذلك فنحن اتجهنا إلى تعميق المشكلة وليس إلى حلها.

* شركاء في العزلة

* لكن، لماذا يعارض بعض المسرحيين السعوديين قيام مسرح نسائي منفصل، ما داموا عاجزين عن تمهيد الطريق أمام مشاركة المرأة على خشبة المسرح؟ يجيب السماعيل بالقول: «رغم أنني لست ضد أي جهود تبذل هنا أو هناك، ولكني أشعر دائما باستجابتنا الضمنية كمسرحيين سعوديين لشروط المتشددين والمتطرفين ضد الفن بتكريس هذا التقسيم الحاد في مسرحنا مثلما هو في مجتمعنا، بل إننا تواطأنا جميعا وبالأخص كتاب المسرح السعودي أو لنقل معظمهم مع الرأي المتطرف الذي يطالب دائما بإقصاء المرأة من الحياة عندما أقصينا بدورنا العنصر النسائي من نصوصنا المسرحية التي نكتبها، أو كتبنا نصوصا للنساء فقط من أجل أن تنفذ نصوصنا على الخشبة بدلا من الإصرار على مطلبنا الأساسي بوجود المرأة شريكا للرجل في مسرح واحد مثلما يحدث في دراما التلفزيون السعودي. وهذا كله عكس واقعا يجب أن يكون مرفوضا من المسرحيين ومن كتاب النصوص المسرحية بالذات». الناقد السينمائي خالد ربيع يتفق مع ما ذهب إليه عبد العزيز السماعيل بقوله: «رغم التجارب المبشرة بقيام تجارب مسرحية نسائية في المملكة إلا أنني لا أؤيد قيامهن بمسرحيات خاصة، فالمسرح مسرح، وهو يمثل الرجل والمرأة». ويضيف: «هذه المسرحيات تسير في الاتجاه المؤكد لعزل المرأة، كما أنه تعبير عن إدانة للرجل المسرحي الذي تقاعس في أداء دوره ولم يناضل حتى يشرك المرأة في العمل المسرحي».
ويضيف ربيع «غالبا هذا الشكل من المسرح يقام في المدارس من أجل تدريب الطالبات على الأداء المسرحي، ولكن لا ينبغي أن يخرج للجمهور لأنه يعزل المرأة عن أداء رسالتها، علما أننا لا نعارض تقديم عرض مسرحي للجمهور من الجنسين لو كانت شخصيات العمل المسرحي كلها من النساء إذا تطلب العرض ذلك، فما نرفضه هو عزل المرأة».
يرى خالد ربيع أن غياب المرأة عن المسرح يمثل معاناة يعرفها المسرحيون، فمنذ الثمانينات كانت هناك مطالبات بوجود المرأة على المسرح، لكن المسرحيين أنفسهم يستحقون اللوم لأنهم لم يقدموا نصا مسرحيا يضمن وجود المرأة. ويضيف «لقد أصبح هناك شبه حالة من اليأس في أن يقدم المسرحيون شخصية نسائية على خشبة المسرح. وهذا يدل على أن غياب المرأة يؤثر على المبدع سواء كان كاتبا مسرحيا أو ممثلا، وبالتالي فهذا الغياب يعزز الحالة الذكورية في المجتمع».
الكاتب والقاص حسن البطران يتفق مع زميليه في رأيهما الرافض لوجود مسرح النسائي منفصل، وهو يرى أن «المسرح يجمع كل الفنون وهو وسيلة تتجسد فيها كل عناصر المجتمع، ومن بينها العنصر البشري وهو يشمل الرجل والمرأة.. وأن أي نقص في هذه العناصر يجعل هنالك حلقة مفقودة تخل بالعمل وإن ظهر في نظر الغير بأنه مكتمل». ويضيف «بسبب هذا الغياب فإننا نرى المسرح السعودي ليس كغيره في الدول الأخرى، كونه يفقد عنصرا أساسيا له أهميته في الأداء ويكمل نصف الدائرة الآخر».
البطران يرى أن قيام مسرح لا يراعي المشاركة من الجنسين هو تجربة ناقصة، وهو يتساءل: ما المانع من وجود المرأة وهي مراعية لأعراف المجتمع من كل جوانبه على خشبة المسرح، فقد ظهرت المرأة في المسلسلات والقنوات التلفزيونية وفي المشاركات الثقافية والأدبية، وحصلت على مناصب في مجالس المؤسسات الثقافية والتربوية والتعليمية والطبية وغيرها.

* الممثلة سارة الجابر: الفرق النسائية تفككت بسبب الشللية ورداءة النصوص

* تقول الفنانة والممثلة سارة الجابر، فنانة مسرحية سعودية، إن «الفرق النسائية السعودية لم تعد موجودة، وغالبية الممثلات السعوديات اللواتي كن أعضاء في فرق نسائية؛ إما اتجهن إلى تقديم مسرحيات الأطفال أو أصبحن يشاركن في مسرحيات يقدمها متعهد أو راع، وليس عبر فرقة مسرحية».
وهي ترى أن غالبية الفرق المسرحية تحولت إلى فرق للأطفال، مع قلة العروض المسرحية التي لا تتجاوز تقديم عرضين في العام. وتضيف «كنت مشاركة في ثلاث فرق مسرحية، أما الآن فلا توجد فرقة مسرحية متكاملة، فقد تفككت الفرق النسائية المسرحية وانتهى وجودها قبل عامين تقريبا، وتشارك ممثلات المسرح عبر الطلب وليس عبر فرق مسرحية كما كان في الماضي».
والسبب وراء ذلك في اعتقادها هو «رداءة النصوص المسرحية، إضافة إلى الشللية التي غزت الفرق المسرحية، فمن ناحية النصوص، كانت غالبية المسرحيات التي تقدمها الفرق متشابهة، وكانت أغلب الفرق تقدم أفكارا مكررة منذ 20 سنة».
وتفكك الفرق المسرحية النسائية السعودية، كما تضيف، ليس له علاقة بالمردود المادي فالفرق كانت تتعاقد مع جهات حكومية مثل أمانة الرياض أو مع شركات راعية لتقديم عروض مسرحية في المهرجانات، كما إنها لم تكن تعاني من صعوبة الحصول على تصريح، فالجهات التي تعمل معها توفر التصريح، إضافة إلى توفير موقع للتدرب بكامل التجهيزات على الأعمال المسرحية بالنسبة لجهة مثل أمانة الرياض أو في المنازل في حالة رعاية إحدى الشركات لها. الفنانة سارة الجابر دخلت عالم المسرح منذ نحو 18 عاما، وآخر مشاركة مسرحية لها كانت من خلال عرض قدمته فرقة نسائية في مهرجان رالي حائل الذي جرى تنظيمه مؤخرا، حيث شاركت الجابر مع فرقة مسرحية نسائية بمسرحية موجهة للأطفال.



جائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب تسلّم جوائزها للفائزين وتطلق دورة عمانية

الفائزون بجائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في صورة جماعية مع راعي الحفل (العمانية)
الفائزون بجائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في صورة جماعية مع راعي الحفل (العمانية)
TT

جائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب تسلّم جوائزها للفائزين وتطلق دورة عمانية

الفائزون بجائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في صورة جماعية مع راعي الحفل (العمانية)
الفائزون بجائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في صورة جماعية مع راعي الحفل (العمانية)

أعلنت جائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، عن إطلاق الدورة الثالثة عشرة للجائزة، المخصصة للعمانيين فقط، وتشمل فرع الثقافة (في مجال دراسات الأسرة والطفولة في سلطنة عُمان)، وفي فرع الفنون (في مجال الخط العربي)، وفي فرع الآداب في مجال (القصة القصيرة).

وجاء الإعلان في ختام حفل توزيع جوائز الدورة الـ12 للجائزة، الذي أقيم مساء الأربعاء بنادي الواحات بمحافظة مسقط، برعاية الدّكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينيّة، بتكليفٍ سامٍ من السُّلطان هيثم بن طارق.

وتمّ تسليم الجوائز للفائزين الثلاثة في مسابقة الدورة الثانية عشرة، حيث تسلّمت «مؤسسة منتدى أصيلة» في المغرب، عن مجال المؤسسات الثقافية الخاصة (فرع الثقافة)، وعصام محمد سيد درويش (من مصر) عن مجال النحت (فرع الفنون)، والكاتبة اللبنانية، حكمت الصبّاغ المعروفة بيمنى العيد عن مجال السيرة الذاتية (فرع الآداب).

واشتمل الحفل على كلمة لمركز السُّلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم ألقاها حبيب بن محمد الريامي رئيس المركز، استعرض فيها دور الجائزة وأهميتها، مؤكداً على أن الاحتفال اليوم يترجم استحقاق المجيدين للثناء، ليكونوا نماذج يُحتذى بها في الجد والعطاء.

حبيب بن محمد الريامي رئيس مركز السُّلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم (العمانية)

وأشار إلى أن المدى المكاني الذي وصلت إليه الجائزة اليوم، والاتساع المستمر للحيز الجغرافي الذي يشارك منه المبدعون العرب على مدار دوراتها، يأتيان نتيجة السمعة الطيبة التي حققتها، واتساع الرؤى المعوّل عليها في مستقبلها، إلى جانب الحرص المتواصل على اختيار لجان الفرز الأولي والتحكيم النهائي من القامات الأكاديمية والفنية والأدبية المتخصصة، في المجالات المحددة للتنافس في كل دورة، ووفق أسس ومعايير رفيعة تكفل إقرار أسماء وأعمال مرموقة تليق بنيل الجائزة.

كما تضمن الحفل أيضاً عرض فيلم مرئي تناول مسيرة الجائزة في دورتها الثانية عشرة وآلية عمل اللجان، إضافة إلى فقرة فنية قدمها مركز عُمان للموسيقى.

يذكر أن الجائزة تأتي تكريماً للمثقفين والفنانين والأدباء على إسهاماتهم الحضارية في تجديد الفكر والارتقاء بالوجدان الإنساني، والتأكيد على الإسهام العماني، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً في رفد الحضارة الإنسانية بالمنجزات المادية والفكرية والمعرفية.

الدّكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينيّة العماني يكرم ابنة الفائزة حكمت الصبّاغ المعروفة بيمنى العيد عن مجال السيرة الذاتية (فرع الآداب) (العمانية).

وتُمنح الجائزة بالتناوب بشكلٍ دوري بحيث تخصّص في عام للعُمانيين فقط، وفي العام الذي يليه تكون للعرب عموماً، ويمنح كل فائز في الدورة العربية للجائزة وسام السُّلطان قابوس للثقافة والعلوم والفنون والآداب، ومبلغاً ماليّاً قدره مائة ألف ريال عُماني (260 ألف دولار)، أما في الدورة العُمانية فيمنح كُل فائز بالجائزة وسام الاستحقاق للثقافة والعلوم والفنون والآداب، ومبلغاً ماليّاً قدره خمسون ألف ريال عُماني (130 ألف دولار).

وأنشئت الجائزة بمرسوم سلطاني، في 27 فبراير (شباط) 2011، اهتماماً بالإنجاز الفكري والمعرفي وتأكيداً على الدور التاريخي لسلطنة عُمان في ترسيخ الوعي الثقافي، ودعماً للمثقفين والفنانين والأدباء خصوصاً، ولمجالات الثقافة والفنون والآداب عموماً، لكونها سبيلاً لتعزيز التقدم الحضاري الإنساني.


إرفين ومارلين يالوم في رقصة الحياة الأخيرة

مارلين يالوم
مارلين يالوم
TT

إرفين ومارلين يالوم في رقصة الحياة الأخيرة

مارلين يالوم
مارلين يالوم

قد تكون العلاقة العاطفية التي جمعت بين كلّ من الكاتب والمعالج النفسي الأميركي إرفين يالوم، ومواطنته مارلين كونيك، الباحثة في شؤون الأدب المقارن والمرأة والحب، واحدة من أنجح العلاقات التي جمعت بين باحثين كبيرين في القرن المنصرم، وبداية القرن الحالي. على أن ثبات العلاقة بين الطرفين في وجه الزمن لم يكن ليتحقق لولا تصميمهما الراسخ على تخليص ارتباطهما الزوجي من طابعه النمطي الرتيب، وجعله مساحة للصداقة والتكامل الفكري وتشاطر النجاحات والخيبات.

الأرجح أن العامل الحاسم في نجاح العلاقة بين الطرفين المولودين في مطلع ثلاثينات القرن المنصرم، واللذين جمعهما الحب في سن مبكرة، يتمثل في دعم كل منهما للآخر في تحقيق طموحاته وأهدافه ومشروعه الفكري والإبداعي. ففي حين عملت مارلين في جامعة ستانفورد الأميركية، باحثةً في شؤون المرأة والحب وتاريخ النساء والأدب المقارن، عمل إرفين في الجامعة نفسها، منصرفاً إلى التعليم والطب النفسي والكتابة الروائية. والأهم في كل ذلك أن أحدهما لم ينظر إلى الآخر بوصفه خصماً أو منافساً ينبغي تجاوزه، بل بوصفه شريكاً عاطفياً وإبداعياً، ومحفزاً على المزيد من التنقيب المعرفي والإيغال في طلب الحقيقة.

إرفين يالوم

وإذا لم يكن بالمستطاع التوقف المتأني عند أعمال مارلين المهمة، وبينها «شقيقات الدم» و«تاريخ الزوجة » و«ميلاد ملكة الشطرنج»، فلا بد من الإشارة إلى أن هذه الأعمال قد لاقت رواجاً واسعاً في أربع رياح الأرض، وتمت ترجمتها إلى أكثر من 20 لغة عالمية، فيما نال كتابها الشيق «كيف ابتكر الفرنسيون الحب» جائزة المكتبة الأميركية في فرنسا.

أما كتاب مارلين المميز «القلب العاشق»، فهو واحد من أفضل الكتب التي تصدت لموضوع القلب، سواء من حيث كون هذا الأخير عاصمة الجسد ومركزه ومنظم شؤونه، أو من حيث اعتباره عبر التاريخ منزل الحب ومقر الروح، والدريئة التي يسدد إليها كيوبيد سهام الحب، وفق الأسطورة اليونانية. ولأنه كذلك فقد تم تكريس دوره العاطفي المركزي في مختلف الأديان والفلسفات والمجتمعات، واحتفى به الشعراء والفنانون، وبات الشفرة الموحدة لعيد العشاق وهدايا المحبين. وفيما حرص إرفين من جهته على استثمار شغفه بالطب النفسي في الانغماس بالكتابة الروائية، فقد آثر عدم الابتعاد عن دائرة اختصاصه، ليصدر أعمالاً عميقة وفريدة في بابها، من مثل «علاج شوبنهاور» و«مشكلة سبينوزا»، ولينال جوائز عدة أهمها «جائزة سيغموند فرويد للعلاج النفسي».

وإذا كانت رواية إرفين المميزة «حين بكى نيتشه» قد حققت قدراً عالياً من الذيوع والانتشار، فليس فقط لأن مؤلفها تصدى لأحد أبرز فلاسفة الغرب النابغين بالقراءة والتحليل، بل لأن ذلك العمل دار على محورين بالغي الأهمية، محور العلاقة العاطفية الأحادية واليائسة التي جمعت بين نيتشه والكاتبة الروسية الجميلة على ذكاء مفرط لو سالومي من جهة، ومحور اللقاء الافتراضي بين صاحب «غسق الأوثان»، الغارق في تصدعه النفسي وآلامه الجسدية ويأسه الانتحاري، والطبيب النفسي اللامع جوزف بروير من جهة أخرى. وإذ عثر عالم النفس الشهير في مريضه الاستثنائي على واحد من أبرز فلاسفة الغرب وأكثرهم فرادة وجرأة، فقد عرض عليه صفقة رابحة للطرفين، تقضي بأن يعمل الطبيب على شفاء الفيلسوف من آلام الجسد، فيما يعمل الفيلسوف على شفاء الطبيب من آلام الروح.

وفي كتابه «التحديق في الشمس» الذي يستهله بمقولة دو لاروشفوكو حول تعذر التحديق في كلٍّ من الشمس والموت، يقدم إرفين لقرائه كل الحجج والبراهين التي يمكنهم من خلالها تجاوز مقولة الفيلسوف الفرنسي، والتغلب على رعبهم من الموت بوسائل عديدة ناجعة. وفي طليعة هذه الحجج تأتي حجة أبيقور ذات المنطق المحكم، ومفادها أن خوفنا من الموت لا معنى له، لأننا لا نوجد معه في أي زمان أو مكان، فحيث نكون لا يكون الموت، وحيث يكون الموت لا نكون نحن.

ويطرح يالوم في السياق نفسه فكرة الموت في الوقت المناسب، وعيش الحياة بالكامل، بحيث «لا نترك للموت شيئاً سوى قلعة محترقة»، كما فعل زوربا اليوناني. وإذ يذكّرنا المؤلف بقول هايدغر «إن الموت الحقيقي هو استحالة وجود احتمالية أخرى» يدعونا في الوقت نفسه إلى فتح أبواب الحياة أمام ضروب كثيرة من احتمالات العيش وخياراته، وعدم حصر الحياة في احتمال واحد. كما يخصص إرفين الجزء الثاني من كتابه للحديث عن الجهود الشاقة التي بذلها في مساعدة مرضاه، بخاصة أولئك الذين طعنوا في المرض والعمر، على التخلص من رهاب الموت وفكرة العدم، مشيراً إلى أنه حقق نجاحات ملموسة في بعض الأحيان، وأخفق في أحيان أخرى.

العامل الحاسم في نجاح العلاقة بين الطرفين المولودين في مطلع ثلاثينات القرن الماضي دعم كل منهما للآخر في تحقيق طموحاته وأهدافه

إلا أن إصابة مارلين بسرطان نقي العظم بدت بمثابة الحدث الزلزالي الذي كان إرفين يظن نفسه بمنأى عنه، كما هو حال البشر جميعاً، حتى إذا وقع في بيته وإلى جواره، بدت المسافة بعيدة بين النظرية والتطبيق، وأوشك بناؤه البحثي على التهاوي. وفي أوج الوضع الحرج للطرفين، اقترحت مارلين على زوجها، وبضربة ذكاء حاذقة، أن يقوما بمراوغة الكوابيس السوداء للمرض، من خلال القيام بوضع عمل سردي مشترك، يعرضان فيه ليوميات المواجهة الضارية مع السرطان، فيما يتكفل العمل من ناحية أخرى بحفظ اسميهما وتجربتهما العاطفية المشرقة في ذاكرة الأجيال.

وإذا كانت أهمية الكتاب المذكور الذي وضعا له عنوان «مسألة موت وحياة»، قد تجسدت في ما أثاره الزوجان من أسئلة وهواجس متصلة بقضايا الحب والصداقة والحياة والمرض والموت، وصولاً إلى معنى الوجود على الأرض، فإن المفارقة الأكثر لفتاً للنظر في الكتاب، لا تتمثل في تناوبهما الدوري على إنجاز فصوله فحسب، بل في الطريقة الهادئة والعقلانية التي تقبّلت بها الزوجة المريضة فكرة الموت، مقابل حالة الهلع والإنكار التي بدت على إرفين، وهو الذي طالما نصح مرضاه بأن يتقبلوا الزائر الثقيل بروح رياضية وتفكير رصين.

وفيما يتابع الزوجان في الكتاب ما تكابده مارلين من آلام، وما يطرأ على وضعها من تغيرات، يعمدان في بعض الأحيان إلى الهروب مما يحدث على أرض الواقع، عبر نقل المشكلة إلى إطار آخر يتعلق بمشكلات نظرية شائكة، أو الانكفاء باتجاه الماضي بحثاً عن الأطياف الوردية لسنوات زواجهما الأولى. كما يتبدل عصب السرد وأسلوبه تبعاً لحالة الزوجة، التي تقع فريسة القنوط القاتم في بعض الأحيان، فيما تحاول تجاوز محنتها أحياناً أخرى، عبر اللجوء إلى الدعابة السوداء والسخرية المُرة، فتكتب ما حرفيته «إننا نشكل زوجاً جيداً، فأنا مصابة بالسرطان النقوي، وهو يعاني من مشكلات في القلب واضطراب التوازن. فنحن عجوزان في رقصة الحياة الأخيرة».

أما المفارقة اللافتة في الكتاب، فلا تتمثل في سعي الزوجة المتألمة إلى إنهاء حياتها بواسطة ما يعرف بالموت الرحيم، أو بمكاشفة إرفين لمارلين برغبته في إنهاء حياته معها، وهو المصاب ببعض أعراض النسيان وبمرض في القلب، بل في رد مارلين المفعم بالدعابة والتورية اللماحة، بأنها «لم تسمع في كل أنحاء أميركا عن تابوت تقاسمه شخصان اثنان». والأرجح أن الزوجة المحتضرة، التي ما لبثت أن رحلت عن هذا العالم عام 2019، كانت تهدف من خلال إجابتها تلك لأن توصل لزوجها الخائف على مصيره رسالة مبطنة مفادها أنه لن يلبث أن يفعل إثر رحيلها ما يفعله الرجال في العادة، وهو الارتباط بامرأة أخرى تخفف عنه أثقال الوحشة والعجز والتقدم في السن. ومع أن الزوج الثاكل قد برر تراجعه عن فكرة الانتحار، برغبته في عدم خذلان مرضاه أو خيانة مسيرته المهنية، فإن لجوءه بعد رحيل زوجته إلى الزواج من الطبيبة النفسية ساكينو ستيرنبرغ، وهو في الثالثة والتسعين من عمره، كان سيقابل من قبل مارلين، لو قُدِّر لها أن تعلم، بأكثر ابتسامات النساء اتصالاً بالحيرة والإشفاق والدهشة الساخرة.


«البيرق.. هبوب الريح»... اشتباك مع الموروث الشفاهي العماني

«البيرق.. هبوب الريح»... اشتباك مع الموروث الشفاهي العماني
TT

«البيرق.. هبوب الريح»... اشتباك مع الموروث الشفاهي العماني

«البيرق.. هبوب الريح»... اشتباك مع الموروث الشفاهي العماني

تستحضر الكاتبة العمانية شريفة التوبي في روايتها «البيرق... هبوب الريح»، التي وصلت مؤخراً إلى القائمة الطويلة لجائزة بوكر العربية 2026، التاريخ بوصفه عنصراً رئيساً في مجمل أعمالها، مستلهمة الكثير من الحكايات التراثيّة، وقد أُعيد تشكيلها وبثّ الروح فيها من جديد.

تسبر التّوبي، في روايتها الجديدة، وهي خاتمة ثلاثية بعنوان البيرق، أغوار السّرد الشفاهي العُمانيّ، وتبحث في دهاليزه وعوالمه عن حكايات تتواءم مع الأفكار التي تريد مشاركتها مع القارئ، مقدمة نموذجاً في اشتباك الروائي المعاصر مع التاريخ والموروث الشفاهي.

في هذه الرواية التي صدرت هذا العام عن «الآن ناشرون وموزعون»، في عمّان، وجاءت في نحو 600 صفحة، بغلاف من تصميم الفنانة العُمانية بدور الريامي، تعود التّوبي إلى تلك الحكايات التي كان يرويها جدّها عن ذلك التاريخ القديم لعُمان.

تصوّر الروائيّة في الجزء الأول مقاومةَ سكّان حارة الوادي للوجود البريطاني الذي كان يفرض سيطرته على البلاد، في خمسينات القرن الماضي، ومناصرتَهم لحكم الإمام، في صراع غير متكافئ، تمخّضت عنه معاناة قاسية لأهل الوادي. ولأن هذه الحكاية لم تُذكر في كتب التاريخ، فقد نسجت الروائيّةُ خيوطها، وقدّمت أبطالها برؤية سردية أضاءت المناطق المعتمة في الحكاية، مازجةً الواقع بالخيال الفنيّ فقدمت وصفاً لطبيعة الحياة الشعبية وتفاصيل العلاقات الاجتماعية بين الناس.

وتتناول التّوبي في الجزء الثاني أحداث الفترة التي سمَّاها المؤرخون «حرب الجبل»، التي دارت في المرحلة الزمنية «1956- 1959». إذ تقوم حبكة هذا الجزء على وقع الحرب التي دارت رحاها في خمسينات القرن العشرين وستيناته، بكل ما دفعه البسطاء من ثمن وتضحية.

وتستكمل التّوبي في الجزء الثالث «هبوب الرِّيح» أحداثَ هذا المسار التاريخي الذي شهد ولادة مقاومة وطنية ذاتِ توجهات ثورية (قومية وماركسية)، وهي مواجهة انتهت أيضاً إلى الهزيمة والنكوص لأسباب تتعلّق باختلال موازين القوى بين الطرفين. فقد بدت الحركة الوطنية وكأنها تحمل مزيجاً آيديولوجيّاً أُملِيَ من الخارج، ولم تنتجه خصوصية الواقع الاجتماعي والثقافي العماني.

تعتني التّوبي في روايتها الجديدة بالجانب الاجتماعي، بالمرأة، بالعائلة، بزوجة السجين أو المناضل وأمه، في النصف الثاني من عمر القرن الماضي، وقد سلّطت الضوء على المشاعر الداخلية التي يعيشها ذلك الإنسان الفقير الذي تغرّب في بقاع الأرض، باحثاً عن لقمة العيش وعن التعليم، وتفاجأ أن الحياة خارج الحدود لا تشبه داخل الحدود.

تحكي الرواية عن ذلك الإنسان الحالم بالتغيير في مرحلة زمنية كانت تعج بالأفكار الثورية التي سيطرت على مختلف أنحاء العالم، في مرحلة صعبة عاشها مجتمعنا العُماني، مرحلة لاقى فيها الفكر الشيوعي لدى الشباب العربي والخليجي قبولاً في تلك الفترة، وكان من السهل انسياق هؤلاء الشباب المغتربين لهذه الأفكار الجديدة.

وترصد الرواية الأسباب التي دفعت ثلّةً من الشباب للانضمام إلى «الفكر الجديد»، والتي كانت نابعة من حلمهم بالتغيير، فضلاً عن أن لكلٍّ منهم أسبابه الخاصة به. كما أوجدت الكاتبة في هذا الجزء شخصيات جديدة؛ مثل: «أحمد سهيل»، و«عبد السلام»، و«أبو سعاد»، و«باسمة»، و«طفول» الثائرة في وجه العادات والتقاليد والأعراف والرافضة للاستغلال والتهميش.

ويجد المتلقي نفسه يخوض في «هبوب الريح» تفاصيل الأحداث المفصلية كما خاضها الأبطال مع مجتمعهم وعائلاتهم وأنفسهم، وسيعيش أحداث تلك المرحلة من تاريخ عُمان، وسيعثر على إجابات لأسئلة حول مصائر الشخصيات التي التقاها في الجزأين، الأول (حارة الوادي)، والثاني (سراة الجبل).