أنقرة تستبعد تورط روسيا في قصف عسكرييها وتؤكد استمرار «درع الفرات»

اتصالات مكثفة بانتظار معلومات من «ناتو» لتحدد هوية الجهة المسؤولة

طفل سوري يحمل أخاه منتظرا خارج مستشقى في دوما أحد أرياف دمشق إثر غارة طيران حربي عليها أمس (أ.ف.ب)
طفل سوري يحمل أخاه منتظرا خارج مستشقى في دوما أحد أرياف دمشق إثر غارة طيران حربي عليها أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تستبعد تورط روسيا في قصف عسكرييها وتؤكد استمرار «درع الفرات»

طفل سوري يحمل أخاه منتظرا خارج مستشقى في دوما أحد أرياف دمشق إثر غارة طيران حربي عليها أمس (أ.ف.ب)
طفل سوري يحمل أخاه منتظرا خارج مستشقى في دوما أحد أرياف دمشق إثر غارة طيران حربي عليها أمس (أ.ف.ب)

حسمت تركيا، مبدئيا، عدم ضلوع روسيا في الضربة الجوية التي تعرضت لها قواتها المشاركة في عملية «درع الفرات» بشمال سوريا، لتتعزز شبهة شن طيران النظام الغارة التي أدت إلى مقتل 4 جنود وإصابة 9 آخرين صباح الخميس، وذلك حتى حسم الأمر من خلال معلومات طلبتها السلطات التركية من حلف شمال الأطلسي (ناتو).
مصادر مطلعة على الاتصالات المكثفة التي أجرتها أنقرة عقب الهجوم الذي تزامن مع الذكرى الأولى لإسقاط مقاتلات تركية قاذفة سوريا على حدود سوريا في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 أبلغت «الشرق الأوسط» أمس أن موسكو شددت على أنه لا علاقة لها بالهجوم الذي تعرضت له القوات التركية على الرغم من سيطرتها على الأجواء في هذه المنطقة.
وأضافت المصادر أن رئاسة الأركان التركية ومختلف الأجهزة المعنية في رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية والمخابرات التركية عكفت على مدى الساعات الـ48 الماضية، منذ وقع الهجوم، على إجراء اتصالات بمختلف الأطراف المعنية، وأنه جرى إجراء حوار مباشر مع موسكو عبر الخط الساخن المخصص للاتصال حول التطورات في سوريا في إطار آلية التنسيق الثلاثية المشكلة من رئاسة أركان الجيش والمخابرات ووزارة الخارجية في البلدين للوقوف على حقيقة ما حدث.
وتابعت المصادر أن الاتصالات شملت أيضا «ناتو» وقاعدة إنجيرليك، في أضنة بجنوب تركيا، وحلب، وأن أنقرة خرجت بقناعة وهي أن هذا الهجوم جاء في هذا التوقيت بالذات للوقيعة بين تركيا وروسيا. ونقلت من ثم عن الرئاسة التركية أن موسكو لا علاقة لها بهذا الهجوم، وأن نظام الأسد تعمد دفع تركيا للدخول في صدام مع روسيا «لأن من شأن حدوث مثل هذا الصدام التأثير سلبا على عملية درع الفرات»، التي تدعم فيها تركيا عناصر من الجيش الحر في شمال سوريا، خاصة أن روسيا تتعاون مع تركيا في مجال تبادل الاستخبارات.
من جهة ثانية، نقلت صحيفة «حريت» التركية عن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قوله إن «أجهزتنا في الجيش التركي وناتو يفحصان المعلومات وجميع التفاصيل الآن، وإنه لو ثبت تورط روسيا فسنتبع الطرق الدبلوماسية معها. وإن رئاسة الأركان التركية قالت إن الحصول على هذه المعلومات سيستغرق بعض الوقت». بينما قال رئيس الوزراء بن علي يلدريم في لقاء تلفزيوني مباشر ليل الخميس إن تركيا «ستتحرك بناء على المعطيات التي ستتوصل إليها وسترد على هذا الهجوم في الوقت المناسب». وأضاف يلدريم أن «استهداف طيران النظام السوري للجنود الأتراك لن يثني أنقرة عن تحقيق أهدافها في الشمال السوري»، بينما اعتبر محللون أن تركيا قد ترد على محاولات النظام بتوسيع تمددها في الشمال السوري من خلال عملية «درع الفرات» بعد أن تنهي السيطرة على مدينة الباب التي تحاصرها حاليا. أيضًا شدد يلدريم في كلامه على القول: «هذا الهجوم لن يثنينا عن تحقيق أهدافنا في المنطقة، وعملياتنا هناك لا تقتصر على مكافحة تنظيم داعش فقط، بل ترمي أيضًا إلى الحؤول دون تشكيل حزب الاتحاد الديمقراطي» حزاما إرهابيا» بين مدينتي عفرين ومنبج». ومعلوم، أن أنقرة تعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور لديها.
كذلك جدد يلدريم التأكيد على عدم وجود «مطامع» لبلاده في سوريا، إذ قال: «لا توجد خطط للتوجه إلى مدينة حلب ضمن أهداف الجيش التركي». ولفت إلى أن أنقرة حذرت جميع الأطراف المعنية بالأزمة السورية من مغبة تكرار الاعتداء على الجنود الأتراك المشاركين في عملية «درع الفرات» الجارية في الشمال السوري بهدف مكافحة تنظيم داعش الإرهابي.
في هذا السياق، أعلن الجيش التركي أمس الجمعة أن جنديا قتل وأصيب خمسة في اشتباكات مع مقاتلي «داعش» في شمال سوريا، في حين يواصل عناصر الجيش السوري الحر هجومهم لانتزاع السيطرة على مدينة الباب من أيدي التنظيم. وبهذا يرتفع عدد الجنود الأتراك الذين قتلوا في سوريا منذ بدأت أنقرة «درع الفرات» في 24 أغسطس (آب) لمحاولة إبعاد «داعش» والمقاتلين الأكراد عن الحدود إلى 17 جنديا.
أيضًا ذكر الجيش التركي في بيان أن أربعة من مقاتلي المعارضة السورية المدعومين من أنقرة قتلوا وأصيب 25 في الاشتباكات التي وقعت خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، وأن الطائرات المقاتلة التركية تواصل قصف أهداف لتنظيم داعش قرب الباب. وللعلم، يضع التقدم نحو الباب، آخر المعاقل الحضرية لتنظيم داعش في ريف محافظة حلب الشمالي، المعارضة المسلحة التي يغلب عليها التركمان والعرب في مواجهة محتملة مع المقاتلين الأكراد وقوات النظام السوري. ومن ناحية أخرى، تمثل الباب أهمية استراتيجية خاصة بالنسبة لتركيا في ظل سعي ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» - التي يغلب عليها الأكراد - للسيطرة عليها أيضا، بينما تعمل أنقرة على منع الميليشيات الكردية من ربط الأقاليم التي تسيطر عليها على الحدود التركية ببعضها خشية أن يؤجج هذا النزعة الانفصالية الكردية بالداخل على يد حزب العمال الكردستاني.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.