أول اختبار لسياسة ترامب الخارجية

رئيس وزراء اليابان يناقش معه مستقبل منظمة «آبيك»

قادة الاجتماع السنوي للبلدان الـ21 في منظمة التعاون الاقتصادي آسيا - المحيط الهادي (آبيك) الذي بدأ أمس الخميس في بيرو (أ.ف.ب)
قادة الاجتماع السنوي للبلدان الـ21 في منظمة التعاون الاقتصادي آسيا - المحيط الهادي (آبيك) الذي بدأ أمس الخميس في بيرو (أ.ف.ب)
TT

أول اختبار لسياسة ترامب الخارجية

قادة الاجتماع السنوي للبلدان الـ21 في منظمة التعاون الاقتصادي آسيا - المحيط الهادي (آبيك) الذي بدأ أمس الخميس في بيرو (أ.ف.ب)
قادة الاجتماع السنوي للبلدان الـ21 في منظمة التعاون الاقتصادي آسيا - المحيط الهادي (آبيك) الذي بدأ أمس الخميس في بيرو (أ.ف.ب)

رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أول زعيم أجنبي يستقبله الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي أثار قلق الكثير من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة بمواقفه غير المعتادة في مجال السياسة الخارجية التي ينوي اتباعها. تصريحاته خلال الحملة أثارت هي الأخرى تساؤلات حول الالتزامات العسكرية الأميركية في آسيا والتي ولدت شكوكا حول إرادة الولايات المتحدة دعم حلفائها في قارة يزداد فيها نفوذ الصين واستفزازات كوريا الشمالية.
وقالت كيليان كونواي مستشارة ترامب اليوم الخميس إن الاجتماع سيكون على الأرجح «غير رسمي» بالنظر إلى أن ترامب لم يتول بعد الرئاسة خلفا للرئيس باراك أوباما وهي الخطوة التي ستتم في العشرين من يناير (كانون الثاني). وأضافت في تصريحات أدلت بها لبرنامج «ذيس مورنينغ» على محطة «سي بي إس» التلفزيونية «أي محادثات أكثر تعمقا بشأن السياسة والعلاقات بين اليابان والولايات المتحدة ستحتاج لأن تنتظر لما بعد التنصيب». لكن التفاصيل المتعلقة بالاجتماع لا تزال غامضة. ولم يرد فريق ترامب الانتقالي على طلبات للتعليق على الاجتماع.
كان مستشار لترامب، تحدث شريطة عدم نشر اسمه لأنه غير مفوض له بالتحدث إلى وسائل الإعلام، قال في وقت سابق هذا الأسبوع إن ترامب سيسعى لطمأنة آبي وحلفاء آسيويين آخرين انتابهم القلق من تصريحاته خلال حملته الانتخابية.
استقبال الرئيس الأميركي المنتخب الخميس في مقره بمانهاتن لرئيس الوزراء الياباني اعتبر أول اختبار في مجال السياسة الخارجية للرئيس المقبل الذي يواصل مشاوراته بهدف تشكيل إدارته.
وقال رئيس الوزراء الياباني في تصريح صحافي «يشرفني أن ألتقي الرئيس المنتخب ترامب قبل رؤساء العالم الآخرين». وأضاف: «أرغب في أن أناقش مع الرئيس ترامب أحلامنا للمستقبل».
وقال المرشح الجمهوري خلال حملته إنه يريد سحب الجنود الأميركيين من جنوب شبه الجزيرة الكورية والأرخبيل الياباني، إلا إذا عمد هذان البلدان إلى زيادة مساهمتهما المالية زيادة كبيرة. ولم يتردد آنذاك في التلميح إلى أنه سيكون من الأفضل أن يحصل هذان البلدان على السلاح النووي. ومنذ ذلك الحين، نفى ترامب أن يكون أدلى بهذه التصريحات حول السلاح النووي. وشدد آبي على القول في المطار إن «التحالف بين اليابان والولايات المتحدة هو حجر الزاوية لسياسة اليابان وأمنها (...) التحالف لا يمكن أن يعمل إلا في إطار من الثقة». وأضاف: «أرغب في أن ابني علاقة ثقة مع ترامب وأن أعمل معه يدا بيد من أجل السلام في العالم وازدهاره».
وسيناقش الرئيسان أيضا مسألة الشراكة عبر المحيط الهادي التي شكك فيها ترامب. وقد وقع 12 بلدا هذه المعاهدة للتبادل الحر في 2015 (أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة والولايات المتحدة وفيتنام)، لكن يتعين أن تصادق عليها واشنطن. وبات مستقبلها غامضا.
وقال آبي قبل أن يتوجه إلى الولايات المتحدة التي تشكل محطة قبل الاجتماع السنوي للبلدان الـ21 في منظمة التعاون الاقتصادي آسيا - المحيط الهادي (آبيك) الذي بدأ أمس الخميس في بيرو: «آمل في أن اتفق معه على أهمية الشراكة بين بلدان المحيط الهادي».
وسيناقش الاجتماع انعكاسات انتخاب ترامب على التجارة العالمية، خصوصا لهذا المنتدى الذي يضم 21 دولة تمثل نحو 60 في المائة من الاقتصاد العالمي و40 في المائة من سكان العالم.
وشكك الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية بجدوى أو طريقة عمل تحالفات قديمة. ورأى راجيف بيسواس كبير اقتصاديي معهد «آي إتش إس» لمنطقة آسيا والمحيط الهادي أن «فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية قد يعيد تحديد العلاقات الاقتصادية الأميركية بشكل كبير». وتابع في مذكرة أنه يمكن بصورة عامة ترقب «تغييرات آنية في السياسة التجارية الأميركية ما إن تتولى إدارة ترامب مهامها».
وركز ترامب انتقاداته على اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) الموقعة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي. ورأى المحلل في «كابيتال إيكونوميكس» مارسيل تيليانت أن «النتيجة الآنية الرئيسية لانتخاب دونالد تراب في سدة الرئاسة الأميركية هي أنه بات من غير المرجح أن تدخل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي حيز التنفيذ».
واعتبر روبرت لورنس الخبير في هذا المجال في جامعة هارفارد الأميركية أن مستقبل التبادل الحر نفسه بات «على المحك».
وقال إن العالم لا يواجه خطر فقدان القيادة الأميركية في مسألة الاندماج الاقتصادي فحسب، بل قد يرى «الولايات المتحدة تبلبل حركة التبادل الدولي».
وفي ظل اقتصاد بلغ مستوى من العولمة باتت معه المنتجات «تصنع في كل مكان»، فإن سلوك الاقتصاد الأول في العالم منعطفا حمائيا قد يحد بقوة التجارة والاستثمارات، وأوضح الخبير أن «سياسة ترامب التجارية قد تشكل انقطاعا كبيرا عما سبقها إذا ما طبق برنامجه».
وقال الأمين العام لرابطة «آبيك» إدواردو بيدروسا إن العالم ينتظر من القمة أن تصدر «إعلانا قوي اللهجة» دفاعا عن التبادل الحر في وجه هجمات ترامب. وأوضح «ليس هناك أدلة تشير بشكل فاضح إلى أن التبادل الحر مسؤول عن فقدان وظائف في بعض الدول، لكن هذا هو مفهوم الناس، وعلينا التعامل مع ذلك».
ولفت راجيف بيسواس من مكتب «آي إتش إس» إلى أن إدارة ترامب تتولى مهامها في وقت تسجل تحولات سريعة في المشهد الاقتصادي بمنطقة آسيا والمحيط الهادي، مع تولي الصين دورا قياديا متصاعدا في المنطقة.
وبكين المستبعدة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي، ستغتنم الأمر لإعادة ترسيم المبادلات الاقتصادية في آسيا، بإعطاء دفع لاتفاقياتها التجارية الخاصة، ولا سيما مشروعها لإقامة منطقة تبادل حر في آسيا والمحيط الهادي، على أمل ضم جميع دول آبيك الـ21 إليها.
كما ستدعم الصين مشروع اتفاقية التبادل الحر بين رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) والصين وأستراليا والهند واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، تستبعد منه الولايات المتحدة. وقال مارسيل تيليانت إن «مشروع الاتفاقية هو بديل آسيوي محتمل لاتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي».
لكنه حذر بأن «الجزء الأصعب سيكون التوصل إلى توافق بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية التي لا ترتبط حاليا فيما بينها باتفاقيات تبادل حر». ونبهت عدة بلدان بأنه في حال فشل اتفاقية التعاون عبر المحيط الهادي، فإن اتفاقيات تجارية أخرى ستعقد لسد الفراغ الذي ستتركه.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».