رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أول زعيم أجنبي يستقبله الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي أثار قلق الكثير من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة بمواقفه غير المعتادة في مجال السياسة الخارجية التي ينوي اتباعها. تصريحاته خلال الحملة أثارت هي الأخرى تساؤلات حول الالتزامات العسكرية الأميركية في آسيا والتي ولدت شكوكا حول إرادة الولايات المتحدة دعم حلفائها في قارة يزداد فيها نفوذ الصين واستفزازات كوريا الشمالية.
وقالت كيليان كونواي مستشارة ترامب اليوم الخميس إن الاجتماع سيكون على الأرجح «غير رسمي» بالنظر إلى أن ترامب لم يتول بعد الرئاسة خلفا للرئيس باراك أوباما وهي الخطوة التي ستتم في العشرين من يناير (كانون الثاني). وأضافت في تصريحات أدلت بها لبرنامج «ذيس مورنينغ» على محطة «سي بي إس» التلفزيونية «أي محادثات أكثر تعمقا بشأن السياسة والعلاقات بين اليابان والولايات المتحدة ستحتاج لأن تنتظر لما بعد التنصيب». لكن التفاصيل المتعلقة بالاجتماع لا تزال غامضة. ولم يرد فريق ترامب الانتقالي على طلبات للتعليق على الاجتماع.
كان مستشار لترامب، تحدث شريطة عدم نشر اسمه لأنه غير مفوض له بالتحدث إلى وسائل الإعلام، قال في وقت سابق هذا الأسبوع إن ترامب سيسعى لطمأنة آبي وحلفاء آسيويين آخرين انتابهم القلق من تصريحاته خلال حملته الانتخابية.
استقبال الرئيس الأميركي المنتخب الخميس في مقره بمانهاتن لرئيس الوزراء الياباني اعتبر أول اختبار في مجال السياسة الخارجية للرئيس المقبل الذي يواصل مشاوراته بهدف تشكيل إدارته.
وقال رئيس الوزراء الياباني في تصريح صحافي «يشرفني أن ألتقي الرئيس المنتخب ترامب قبل رؤساء العالم الآخرين». وأضاف: «أرغب في أن أناقش مع الرئيس ترامب أحلامنا للمستقبل».
وقال المرشح الجمهوري خلال حملته إنه يريد سحب الجنود الأميركيين من جنوب شبه الجزيرة الكورية والأرخبيل الياباني، إلا إذا عمد هذان البلدان إلى زيادة مساهمتهما المالية زيادة كبيرة. ولم يتردد آنذاك في التلميح إلى أنه سيكون من الأفضل أن يحصل هذان البلدان على السلاح النووي. ومنذ ذلك الحين، نفى ترامب أن يكون أدلى بهذه التصريحات حول السلاح النووي. وشدد آبي على القول في المطار إن «التحالف بين اليابان والولايات المتحدة هو حجر الزاوية لسياسة اليابان وأمنها (...) التحالف لا يمكن أن يعمل إلا في إطار من الثقة». وأضاف: «أرغب في أن ابني علاقة ثقة مع ترامب وأن أعمل معه يدا بيد من أجل السلام في العالم وازدهاره».
وسيناقش الرئيسان أيضا مسألة الشراكة عبر المحيط الهادي التي شكك فيها ترامب. وقد وقع 12 بلدا هذه المعاهدة للتبادل الحر في 2015 (أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة والولايات المتحدة وفيتنام)، لكن يتعين أن تصادق عليها واشنطن. وبات مستقبلها غامضا.
وقال آبي قبل أن يتوجه إلى الولايات المتحدة التي تشكل محطة قبل الاجتماع السنوي للبلدان الـ21 في منظمة التعاون الاقتصادي آسيا - المحيط الهادي (آبيك) الذي بدأ أمس الخميس في بيرو: «آمل في أن اتفق معه على أهمية الشراكة بين بلدان المحيط الهادي».
وسيناقش الاجتماع انعكاسات انتخاب ترامب على التجارة العالمية، خصوصا لهذا المنتدى الذي يضم 21 دولة تمثل نحو 60 في المائة من الاقتصاد العالمي و40 في المائة من سكان العالم.
وشكك الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية بجدوى أو طريقة عمل تحالفات قديمة. ورأى راجيف بيسواس كبير اقتصاديي معهد «آي إتش إس» لمنطقة آسيا والمحيط الهادي أن «فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية قد يعيد تحديد العلاقات الاقتصادية الأميركية بشكل كبير». وتابع في مذكرة أنه يمكن بصورة عامة ترقب «تغييرات آنية في السياسة التجارية الأميركية ما إن تتولى إدارة ترامب مهامها».
وركز ترامب انتقاداته على اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) الموقعة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي. ورأى المحلل في «كابيتال إيكونوميكس» مارسيل تيليانت أن «النتيجة الآنية الرئيسية لانتخاب دونالد تراب في سدة الرئاسة الأميركية هي أنه بات من غير المرجح أن تدخل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي حيز التنفيذ».
واعتبر روبرت لورنس الخبير في هذا المجال في جامعة هارفارد الأميركية أن مستقبل التبادل الحر نفسه بات «على المحك».
وقال إن العالم لا يواجه خطر فقدان القيادة الأميركية في مسألة الاندماج الاقتصادي فحسب، بل قد يرى «الولايات المتحدة تبلبل حركة التبادل الدولي».
وفي ظل اقتصاد بلغ مستوى من العولمة باتت معه المنتجات «تصنع في كل مكان»، فإن سلوك الاقتصاد الأول في العالم منعطفا حمائيا قد يحد بقوة التجارة والاستثمارات، وأوضح الخبير أن «سياسة ترامب التجارية قد تشكل انقطاعا كبيرا عما سبقها إذا ما طبق برنامجه».
وقال الأمين العام لرابطة «آبيك» إدواردو بيدروسا إن العالم ينتظر من القمة أن تصدر «إعلانا قوي اللهجة» دفاعا عن التبادل الحر في وجه هجمات ترامب. وأوضح «ليس هناك أدلة تشير بشكل فاضح إلى أن التبادل الحر مسؤول عن فقدان وظائف في بعض الدول، لكن هذا هو مفهوم الناس، وعلينا التعامل مع ذلك».
ولفت راجيف بيسواس من مكتب «آي إتش إس» إلى أن إدارة ترامب تتولى مهامها في وقت تسجل تحولات سريعة في المشهد الاقتصادي بمنطقة آسيا والمحيط الهادي، مع تولي الصين دورا قياديا متصاعدا في المنطقة.
وبكين المستبعدة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي، ستغتنم الأمر لإعادة ترسيم المبادلات الاقتصادية في آسيا، بإعطاء دفع لاتفاقياتها التجارية الخاصة، ولا سيما مشروعها لإقامة منطقة تبادل حر في آسيا والمحيط الهادي، على أمل ضم جميع دول آبيك الـ21 إليها.
كما ستدعم الصين مشروع اتفاقية التبادل الحر بين رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) والصين وأستراليا والهند واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، تستبعد منه الولايات المتحدة. وقال مارسيل تيليانت إن «مشروع الاتفاقية هو بديل آسيوي محتمل لاتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي».
لكنه حذر بأن «الجزء الأصعب سيكون التوصل إلى توافق بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية التي لا ترتبط حاليا فيما بينها باتفاقيات تبادل حر». ونبهت عدة بلدان بأنه في حال فشل اتفاقية التعاون عبر المحيط الهادي، فإن اتفاقيات تجارية أخرى ستعقد لسد الفراغ الذي ستتركه.
أول اختبار لسياسة ترامب الخارجية
رئيس وزراء اليابان يناقش معه مستقبل منظمة «آبيك»
أول اختبار لسياسة ترامب الخارجية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة