سلال: نسعى لعلاقة استراتيجية مع الرياض ومستعدون لتسوية الخلافات مع الرباط

رئيس الحكومة الجزائرية قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن ظاهرة التشيع مرفوضة وتجربة مجلس التعاون الخليجي تحتذى

عبد المالك سلال - وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة لدى استقباله نظيره السعودي عادل الجبير في الجزائر في ديسمبر الماضي (غيتي)
عبد المالك سلال - وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة لدى استقباله نظيره السعودي عادل الجبير في الجزائر في ديسمبر الماضي (غيتي)
TT

سلال: نسعى لعلاقة استراتيجية مع الرياض ومستعدون لتسوية الخلافات مع الرباط

عبد المالك سلال - وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة لدى استقباله نظيره السعودي عادل الجبير في الجزائر في ديسمبر الماضي (غيتي)
عبد المالك سلال - وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة لدى استقباله نظيره السعودي عادل الجبير في الجزائر في ديسمبر الماضي (غيتي)

يثني رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال، في حوار نادر خص به «الشرق الأوسط» بمناسبة زيارته الرسمية المرتقبة إلى المملكة العربية السعودية في غضون أيام، على العلاقات القوية بين الجزائر والرياض وقال إن بلده «يتطلع للارتقاء بالتعاون الجزائري السعودي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية».
وأوضح أن الجزائر تريد رفع حجم المبادلات التجارية، وتحقيق التفاعل المباشر بين رجال الأعمال في البلدين عبر آليات دائمة، مع التركيز على تطوير التبادل الثقافي، وتعزيز التنسيق في ملف العمرة والحج. وبخصوص أزمة سعر النفط التي ألحقت ضررا بالغا بالاقتصاد الجزائري، يقول سلال الذي يقود الحكومة منذ 2012 إن الجزائر «تناضل من أجل سعر عادل ومعقول، يسمح بإعادة الاستثمار في سلسلة الطاقة وتثمين الإنتاج وتأمين تموين المستهلكين».
وعن آفة الإرهاب والتطرف الديني التي تقول الجزائر إنها رائدة في محاربتها، قال سلال في الحوار، إن الدليل على نجاعة خطة التصدي للإرهابيين والمتطرفين : «كون أعداد الملتحقين الجزائريين بالمجموعات المسلحة، في مختلف بؤر التوتر، هي الأقل بين الدول الإسلامية وحتى الأوروبية». وتحدث السلال عن الحدود الملتهبة مع دول الجوار خصوصا ليبيا ومالي، وعن ظاهرة التشيع وخطرها على الوحدة الدينية للجزائر، مشيرا إلى أن الجزائريين «تسالموا منذ قرون على مرجعية دينية، تتميز بالوسطية والاعتدال والتمسك بالقيم الدينية الراسخة، والمتجذرة لدى أبناء شعبنا». ويتناول الحوار قضايا أخرى مرتبطة بالحريات، التي تعهد الدستور المعدل مطلع العام باحترامها، و«النموذج الاقتصادي الجديد» الذي أطلقته الحكومة لمواجهة شح الموارد المالية.
* لعبت الجزائر دورًا مهمًا في إنجاح الاتفاق النفطي الأخير.. ما تعليقكم على هذا الإنجاز وكيف توصلتم إليه؟
- يدخل الاقتصاد البترولي سنة ثالثة من تدهور الأسعار، وبكل موضوعية هذا الوضع لا يخدم مصالح أي دولة في العالم لأن الأسواق إذا لم تضبط فإنها معرضة لتقلبات خطيرة قد تهدد ديمومة صناعة الطاقة، وتجر الاقتصاد العالمي إلى مرحلة طويلة من الركود والانكماش.
والجزائر تناضل من أجل سعر عادل ومعقول يسمح بإعادة الاستثمار في سلسلة الطاقة وتثمين الإنتاج وتأمين تموين المستهلكين، كما أنها كانت دائمة الحرص على إرساء روح حقيقية للحوار والتشاور بين مختلف الفاعلين العالميين في هذا المجال.
بالإضافة للمعطيات التجارية الموضوعية وفروق العرض والطلب، يجمع أغلب المتتبعين للمشهد أن عوامل جيوسياسية وأمنية كانت سببا في الأزمة الحالية. لذلك عملت الجزائر بقيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على تقريب وجهات النظر والتركيز على العوامل الاقتصادية البحتة قصد الوصول إلى اتفاق حول مستويات الإنتاج على نحو يسمح بتقويم مستدام للأسعار.
اتفاق الجزائر أرسل إلى الأسواق العالمية إشارات جد إيجابية يجب تدعيمها وتعزيزها وما كنا لنتوصل إليه دون قناعة جماعية بخطورة الوضع ووجوب تصحيحه. وفي هذا المجال لعبت الجزائر دور المسهل والوسيط مستفيدة من الثقة والمصداقية التي تحظى بها عند كل الفاعلين في مجال الطاقة.
* ستزورون السعودية قريبا كيف يمكن تطوير العلاقات بين البلدين القياديين؟ وفي أي المجالات؟ وكيف ترون العلاقات مع دول الخليج؟
- للمملكة العربية السعودية شعبا وقيادة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مكانة خاصة في قلوب الجزائريين، كما أن العلاقات السياسية بين الدولتين ممتازة في إطار تشاور وتنسيق مستمر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك في الفضاءات العربية والإسلامية والدولية.
غير أننا نتطلع للارتقاء بالتعاون الجزائري السعودي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وذلك بالنظر لإمكانيات وفرص التكامل الهائلة المتوفرة في البلدين وقبلها الإرادة السياسية القوية لدى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لتطوير وتنويع علاقاتنا الثنائية بما يحقق تطلعات الشعبين الشقيقين.
مجالات التعاون والشراكة كثيرة أذكر منها المحروقات والبتروكيماويات والفلاحة والصناعة واقتصاد المعرفة والسياحة وكلها قطاعات تدعم الحكومة الجزائرية الاستثمار فيها بتسهيلات متعددة هي الأفضل في حوض المتوسط. كما نريد دراسة سبل رفع حجم المبادلات التجارية وتحقيق التفاعل المباشر بين رجال الأعمال في البلدين عبر آليات دائمة مع التركيز على تطوير التبادل الثقافي وتعزيز التنسيق في ملف العمرة والحج.
أما عن دول الخليج، عموما، فضلا عن القواسم المشتركة الدينية والقومية والمواقف المشرفة عبر السنين، تبقى قناعتنا بوجوب النظر والاقتداء بمجلس التعاون الخليجي كتجربة اندماج جهوي فريدة في نجاحها وفعاليتها، وكذا مسارات التحول الاقتصادي في مختلف هذه البلدان الشقيقة والتحضير الأمثل لمرحلة ما بعد البترول.
* تواجه الجزائر مخاطر أمنية كبيرة بسبب وجودها على خطوط التماس مع بلدان تعيش حروبا واضطرابات وبخاصة ليبيا ومالي هل يملك جيش البلاد القدرة الكافية لتأمين حدودها البرية؟ وهل يمكن اعتبار «داعش» أكبر رهان أمني أمام الجزائر؟
- كنا نلوم السياسيين والإعلام في الغرب على إصرارهم إلصاق أوصاف الإسلام والدولة على مجموعات إرهابية، وها نحن نجد الإعلام العربي يقع في المغالطة نفسها، لا يجب أبدا أن ننسى أن الأمر يتعلق بمجرمين تأكد اليوم تحالفهم مع شبكات التهريب والمخدرات والاتجار بالبشر، وأن أهدافهم دنيوية رذيلة تريد إخضاع الناس بالتخويف والعنف لنهب ثرواتهم وتعطيل الأمة عن السعي إلى تحقيق أملها في الوحدة والرقي.
بواسل الجيش الوطني الشعبي وباقي أبنائنا في الأسلاك الأمنية الأخرى على جاهزية كاملة لتأمين الأشخاص والممتلكات في كل الأقاليم الوطنية البرية والبحرية والجوية. كما أثبتوا قدرتهم وكفاءتهم العالية على سحق أي تهديد لأمن الوطن أو محاولة لانتهاك سيادة ترابه.
الأوضاع التي تمر بها بعض دول المنطقة لا تجعلنا أبدا نعتبر حدودنا المشتركة معها مصدر قلق أو خطر، بل بالعكس فنحن نعتز ونتشرف بكل جيراننا، وواثقون أن الأشقاء في ليبيا ومالي سيعبرون هذه المرحلة الصعبة من خلال مسارات حوار وطنية تحفظ الوحدة الشعبية والترابية واستقلال القرار الوطني.
بتجربتنا في الجزائر خلال الثورة التحريرية والعشرية السوداء، نعلم جيدا أن أكبر الأخطار أمام الظلم والتطرف هو فقد الأمل وامتلاء القلوب والعقول بالأحقاد، وليس من خلال أفراد مجرمين لفظهم الدين والشعب وما ينتظرهم يوم لقاء ربهم أدهى وأمر.
* يقول المسؤولون إن للجزائر تجربة فريدة في محاربة التطرف والإرهاب ولكن لا نرى لها دورًا بارزًا عالميًا في الاستفادة من تجربتها؟
- الجزائري بطبعه لا يحسن الحديث عن نفسه وإنجازاته، كما تعلمنا من آبائنا مجاهدي ثورة التحرير العمل في صمت والبعد عن التباهي والرياء. وهل تظنون أن التصريحات الصحافية هي ما أنجح منتدى الطاقة في الجزائر؟.. الواقع أن المواجهة الميدانية والفكرية والشعبية والسياسية للإرهاب في الجزائر مثالية ومرجعية بشهادة مؤسسات الأمم المتحدة ومراكز البحوث والدراسات المختصة في هذا المجال، ناهيك عن حكومات وأجهزة كثير من الدول التي تطلب نصيحة الجزائر وخبرتها في مجال مكافحة الإرهاب.
المصالحة الوطنية التي دافع من أجلها رئيس الجمهورية وأقنع بها غالبية الشعب الجزائري داوت في ظرف قياسي جروحًا عميقة ومؤلمة لعشرية من الدم والدموع، ورسخت في وعينا الجماعي أسس العيش المشترك وقبول الآخر ورفض العنف لفظيا كان أو جسديا.
وخير دليل على ذلك أن أعداد الملتحقين الجزائريين بالمجموعات المسلحة في مختلف بؤر التوتر هي الأقل بين الدول الإسلامية وحتى الأوروبية. وتواصل بلادي تنسيقها الأمني الذي سمح بحفظ أرواح آلاف من الأبرياء عبر العالم بالإضافة إلى العمل الأكاديمي باحتضانها لمقر المركز الأفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب ومساهمتها عبر ندوات عالمية نظمتها حول معالجة التطرف وتقديمها لمنظومة الأمم المتحدة ملفين عن التجربة الجزائرية ودور الديمقراطية في مواجهة الإرهاب. الإرهاب ظاهرة عالمية خطيرة علينا محاربتها وليس الكلام عنها.
* إلى أي مدى يشكل التشيع خطرا على المرجعية الدينية للجزائر علما بأن وزير الشؤون الدينية ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى صرحا للصحافة أن ظاهرة التشيع تزداد انتشارًا وأن خطرها يأتي من الحدود؟
- تسالم الجزائريون منذ قرون على مرجعية دينية تتميز بالوسطية والاعتدال والتمسك بالقيم الدينية الراسخة والمتجذرة لدى أبناء شعبنا. كما تعتبر تلك المرجعية عاملا أساسيا في توازن المجتمع الجزائري وانسجامه. نحترم كل المذاهب الإسلامية المعتبرة ولا نصدر أحكاما على فهوم الغير لبعض النصوص الشرعية أو قراءاتهم لفترات معينة من التاريخ الإسلامي. ونقدر أن هذا مجال المختصين والراسخين في العلم.
لذلك لا نرى فائدة من إقحام عامة الناس في سجالات لا يملكون الأدوات المعرفية لتناولها، وقد تؤدي إذا ما استعمل خطاب تحريضي فيها إلى تهديد حقيقي للسلم الأهلي ولرصانة الفعل الديني الذي يفترض فيه الورع والخشوع. وعليه فنحن لا نود الخوض في صراعات لا تحمد عقباها أو تشجيعها، بل نسهر في الجزائر جاهدين على الحفاظ على صورة الإسلام المشرقة وإرساء تعاليمه السمحاء دون تحريف أو تزييف.
* إلى متى تبقى الحدود المشتركة مع المغرب مغلقة؟ وهل بالإمكان بناء علاقات طبيعية مع أكبر جارين مغاربيين بعيدًا عن نزاع الصحراء؟
- المغرب بلد جار وشقيق. بيننا نقاط خلاف عالقة تتباين بشأنها وجهات النظر، حيث تفضل الجزائر مقاربة شاملة تطرح فيها القضايا في حوار مباشر، خصوصا أن الأمر يتعلق بمواضيع محددة يبقى استعداد بلادنا كاملا لتسويتها بطريقة جدية وسلمية؛ كي يتمكن البلدان من التفرغ إلى المهمة الأسمى ألا وهي بناء اتحاد المغرب العربي كما تتطلع له شعوبنا.
وفيما يخص غلق الحدود البرية، أُذكِّر أنه جاء ردا على القرار الأحادي لسلطات المملكة المغربية بفرض تأشيرات دخول على الرعايا الجزائريين، والمعروف أن العلاقات الدولية محكومة بمبدأي اللباقة وحسن الجوار.
قضية الصحراء الغربية ملف بين يدي منظمة الأمم المتحدة وهي الآن محل مسار سياسي تفاوضي بين المملكة المغربية والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على أساس مبدأ حق تقرير المصير. بلادي تدعم هذا المسار وتلتزم به وتتمنى نهاية سريعة للمفاوضات وحلا نهائيا وعادلا لهذا النزاع.
* تقول السلطات إن التعديل الدستوري الذي جرى في فبراير (شباط) 2016 يوسع من هوامش الحرية ويحفظ الحق في التعبير عن الرأي ولكن في المقابل تسجن الحكومة نشطاء بشبكة التواصل الاجتماعي بسبب كتابات عدت مسيئة لمسؤولين مدنيين وعسكريين وتم سجن صحافي موجود حاليا بالمستشفى بسبب التعبير عن مواقف تجاه سياسات الرئيس.. لماذا هذه المفارقة؟
- لا يوجد في الجزائر سجين رأي واحد. كما أن الحبس قرار قضائي لا تملكه الحكومة. عزز الدستور الحريات الفردية والجماعية ومنع توقيع عقوبات سالبة للحرية في قضايا النشر. من جهة أخرى أكد القانون الأول في البلاد على مبدأ المساواة أمام القانون ووجوب احترام الحياة الخاصة والشرف والأعراض. فلا يملك جزائري مهما كانت مهنته حق السب والقذف والتحريض على العنف. الجزائر بلد قوانين ومؤسسات، واحتراما لهذا المبدأ أمنع نفسي من التعليق على أحكام القضاء في أي ملف كان.
* تشكك المعارضة بقوة في نزاهة انتخابات البرلمان المرتقبة في ربيع العام المقبل بعد أن اختار الرئيس وزيرا سابقا على رأس «الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات» لأن مطلبه كان اختيار شخصية نزيهة ومستقلة عن الحكومة.. كيف يمكن للحكومة أن تتجنب مقاطعة أحزاب المعارضة لهذا الاقتراع؟
- الذي أعرفه أن الأحزاب قد ترفض نتائج انتخابات ماضية، أما أن تشكك في اقتراع لم يجر بعد فهذا جديد. المهم هذه فرصة للتعريف باللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات التي استحدثها الدستور. كانت هذه الهيئة مطلب كل الطبقة السياسية الوطنية دون استثناء، وستتكون من 410 أعضاء نصفهم قضاة يقترحهم المجلس الأعلى للقضاء والنصف الآخر شخصيات وطنية مستقلة مقترحة من لجنة خاصة من منظمات في المجتمع المدني.
تعيين رئيس اللجنة من صلاحيات رئيس الجمهورية بعد استشارة الطبقة السياسية وهو ما يجري حاليا بمقترح شخصية لم تكن يوما في أحزاب الأغلبية وتولت مناصب وزارية ودبلوماسية، حيث يتم الآن دراسة المقترح من طرف الأحزاب السياسية وتبليغ الموقف للسيد رئيس الجمهورية.
دور الحكومة في العملية الانتخابية مقتصر على التحضير المادي للاقتراع؛ من تحضير القوائم إلى الحملة الدعائية إلى يوم الاقتراع مع توعية المواطنين بأهمية المشاركة وعدم التفريط في حقهم في تعيين ممثليهم. وأما الطبقة السياسية بمكوناتها المختلفة فستحدد موقفها بكل حرية ومسؤولية.
* أطلقت الحكومة قبل شهر نموذجًا اقتصاديا جديدا لمواجهة أزمة شح الموارد المالية على أثر انخفاض أسعار النفط. خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال يقولون إن المشروع لا يقترح بديلا حقيقيا لاقتصاد المحروقات وإنه عاجز عن إيجاد حل للأزمة على المدى المتوسط بما تردون؟
- عودتنا صحيفتكم على دقة أكثر في المعلومة والخبر. لأن النموذج الجديد للنمو الذي أقرته الجزائر مؤخرا تم إعداده بالتنسيق مع فريق متكامل من الكفاءات الاقتصادية والأكاديمية الجزائرية العاملة في أكبر جامعات العالم. من جهة أخرى، أثنت المؤسسات المالية الدولية في تقارير رسمية ومعلنة على الخطوات التي قامت بها الجزائر لمواجهة آثار تراجع أسعار النفط ولتحقيق تحول الاقتصاد الوطني من التبعية للمحروقات إلى خلق الثروة والقيمة المضافة ومناصب العمل المستديمة.
وأحيلكم بهذا الصدد إلى التقارير الأخيرة لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي حول الجزائر.
برغم عنف الصدمة البترولية التي قلصت مواردها بأكثر من النصف، لا تزال الجزائر تحافظ على مؤشرات اقتصادية مستقرة وتحقق نموا سنويا في حدود 4 في المائة بفضل ما يفوق 25 ألف مشروع اقتصادي جديد تم إطلاقها في السنوات الثلاث الأخيرة، وتواصل تنامي قروض الاقتصاد (زيادة سنوية متوسطة تقدر بعشرة في المائة) مما سمح بتقليص نسب البطالة إلى 9. 9 في المائة خصوصا في أوساط الشباب.
تم في إطار النموذج الجديد للنمو اعتماد إطار موازنة جديد للحفاظ على التوازنات الكبرى للاقتصاد والانطلاق في إصلاحات من شأنها تقريب أساليبنا في الإدارة الاقتصادية من المعايير الدولية فيما يتعلق بالنجاعة والترشيد. النتائج الأولى لتلك الإجراءات مشجعة، ولكن الكثير من العمل لا يزال ينتظرنا. فالإنتاج الوطني يقترب من الاكتفاء الذاتي ويتوجه نحو التصدير في مجالات مثل الإسمنت ومواد البناء وصناعات الصيدلة. كما أن حجم الصادرات من المحاصيل الزراعية فاق 800 مليون دولار سنويا.
وفي قطاع الأشغال، تم إنجاز 2.8 مليون وحدة سكنية اجتماعية لفائدة الفئات المحرومة بين 1999 و2015 وسيوزع على المواطنين قبل نهاية السنة الحالية 350 ألف مسكن، بينما لا يزال العمل جاريا في 1.2 مليون وحدة سكنية اجتماعية جديدة.
وفي مجال الشراكات الاقتصادية والصناعية تحققت نجاحات معتبرة في مجالات مثل صناعة السيارات والحديد والصلب وتكنولوجيات الإعلام والاتصال والصناعات التحويلية الغذائية والكيميائية وميدان الطاقة التقليدية والمتجددة وكلها تمت مع متعاملين أجانب من الصف الأول، ونتطلع لتطوير مثل تلك المشروعات الناجحة مع أرباب العمل والمستثمرين في المملكة السعودية. تحقيق التجديد الوطني الاقتصادي والاجتماعي، تلكم هي ورشة جزائر الغد والتي نتمنى أن يشاركنا في تشييدها أشقاؤنا وإخواننا في الدول العربية.



مصر ترفع مستوى التأهب في شمال سيناء

جانب من عمليات القصف الإسرائيلي لمناطق في رفح الفلسطينية (أ. ف. ب)
جانب من عمليات القصف الإسرائيلي لمناطق في رفح الفلسطينية (أ. ف. ب)
TT

مصر ترفع مستوى التأهب في شمال سيناء

جانب من عمليات القصف الإسرائيلي لمناطق في رفح الفلسطينية (أ. ف. ب)
جانب من عمليات القصف الإسرائيلي لمناطق في رفح الفلسطينية (أ. ف. ب)

رفعت مصر مستوى الاستعداد العسكري في منطقة شمال سيناء المتاخمة لقطاع غزة بعدما بدأت إسرائيل عملية عسكرية في مدينة رفح بجنوب القطاع الفلسطيني، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مصدرين أمنيين

ومن جانبها، نشرت وزارة الخارجية المصرية بيانا على صفحنها على «فيسبوك» تحذر فيه من مخاطر العملية العسكرية إسرائيلية المحتملة بمنطقة رفح الفلسطينية وما ينطوي على ذلك من «مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون فلسطيني يتواجدون في تلك المنطقة».

وقالت وزارة الخارجية «إن مصر طالبت إسرائيل بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب المزيد من التصعيد في هذا التوقيت
بالغ الحساسية في مسار مفاوضات وقف إطلاق النار، وحقنا لدماء المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لكارثة إنسانية غير مسبوقة منذ بدء الحرب على قطاع غزة».
وأكدت مصر، وفقا للبيان، على أنها تواصل اتصالاتها على مدار الساعة مع كافة الأطراف من أجل الحيلولة دون تفاقم الوضع أو خروجه عن السيطرة.


«حماس»: أي عملية عسكرية في رفح لن تكون «نزهة» للجيش الإسرائيلي

جانب من الدمار في رفح عقب هجوم إسرائيلي (أ. ف. ب)
جانب من الدمار في رفح عقب هجوم إسرائيلي (أ. ف. ب)
TT

«حماس»: أي عملية عسكرية في رفح لن تكون «نزهة» للجيش الإسرائيلي

جانب من الدمار في رفح عقب هجوم إسرائيلي (أ. ف. ب)
جانب من الدمار في رفح عقب هجوم إسرائيلي (أ. ف. ب)

قالت حركة «حماس» في بيان، اليوم (الاثنين)، إن أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح بجنوب قطاع غزة لن تكون «نزهة» للجيش الإسرائيلي، وذلك في وقت تتصاعد فيه المخاوف بشأن اجتياح محتمل للمدينة.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، أكدت حركة «حماس» إن الخطوات التي يتّخذها الجيش الإسرائيلي تحضيراً لاجتياح محتمل لمدينة رفح المكتظة بقرابة المليون ونصف المليون من المواطنين والنازحين، وإنذاره بإخلاء المناطق الشرقية منها تؤكد عزم الحكومة الإسرائيلية على المضي في «حرب الإبادة» ضد الشعب الفلسطيني.
وشددت الحركة على جاهزية المقاومة الفلسطينية للتصدي للهجوم الإسرائيلي المحتمل، ونددت بالخطوات الإسرائيلية بوصفها تظهر «إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على المضي قدما في الإبادة وتهربه من استحقاقات أي اتفاق».
ودعت «حماس» المجتمع الدولي «للتحرك العاجل لوقف هذه الجريمة، التي تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين العزّل من أطفال ونساء وشيوخ»، كما طالبت الحركة المنظمات والهيئات الإنسانية، وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، إلى البقاء في أماكنها في مدينة رفح وعدم مغادرتها والاستمرار في القيام بدورها في تقديم العون للنازحين المدنيين العزل.

في سياق متصل، قال عزت الرشق القيادي في الحركة في بيان إن أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح جنوب غزة ستضع المفاوضات في مهب الريح.


قادة الانقلاب في اليمن ينهبون موارد قطاع الاتصالات

مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
TT

قادة الانقلاب في اليمن ينهبون موارد قطاع الاتصالات

مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)

يعاني قطاع الاتصالات في اليمن تدهوراً كبيراً، بفعل ممارسات الفساد التي تضرب مؤسساته التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية في صنعاء، والتي تنفق مبالغ ضخمة تحت مسميات شراء معدات، وأجهزة، بينما تذهب تلك المبالغ إلى حسابات خاصة تتبع أبرز قيادات الجماعة، فيما تسيطر جهة مجهولة تابعة للجماعة على الأجهزة المشتراة.

وكشفت مصادر خاصة في قطاع الاتصالات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مبالغ شهرية تقدر بما يعادل 19 مليون دولار تذهب إلى حسابات عدد من القادة، أبرزهم محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة، وعبد الكريم الحوثي عم زعيم الجماعة، وأبو علي عبد الله الحاكم رئيس الاستخبارات العسكرية في الجماعة، وأحمد حامد مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي.

مبنى شركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)

وذكرت المصادر أن تقريراً داخلياً حديثاً أظهر أنه جرى في الربع الأول من هذا العام إنفاق ما يزيد عن 132 مليون دولار (نحو 70 مليار ريال يمني) من حساب المؤسسة العامة للاتصالات تحت مسميات شراء أجهزة ومعدات وبناء أبراج توسعة تغطية الشبكات، بينما لم يتم تنفيذ أي من ذلك.

واتضح – طبقاً للمصادر - أن الأجهزة والمعدات التي تم شراؤها سُلِّمت، وبحسب توجيهات مسفر النمير المعين وزيراً للاتصالات في حكومة الجماعة غير المعترف بها، إلى جهة تتبع الجماعة، لم يجر تسميتها.

وكانت مصادر عسكرية يمنية توقعت مطلع العام الحالي أن الجماعة الحوثية بصدد إنشاء شبكة اتصالات خاصة بها، واستبدال الشبكة الحالية بعد حصولهم على أجهزة ومعدات جديدة وصلت من إيران، بهدف السيطرة التامة على قطاع الاتصالات، واحتكار الخدمة، ومنع وجود البدائل التنافسية، ورفع تكلفة الاتصالات ومضاعفة الإيرادات.

وسبق أن تم إنفاق ما يزيد عن 188 مليوناً ونصف المليون دولار (نحو 100 مليار ريال يمني) مقابل شراء نفس الأجهزة والمعدات، ومن ذات الجهة، نهاية العام الماضي، إلا أن تلك الأجهزة لم تصل، وتحجج حينها القيادي مسفر النمير وزير الجماعة، وصادق مصلح المعين مديراً عاماً للاتصالات، بحجز ومصادرة تلك الأجهزة والمعدات في المنافذ الجمركية لدى الحكومة اليمنية.

ولم تعلن أي جهة حكومية شرعية، في تلك الفترة، عن احتجاز أو مصادرة أي أجهزة أو معدات اتصالات كانت متوجهة إلى الجماعة الحوثية كما جرت العادة، ما يرجح أن تلك الحجة كانت لتبرير إنفاق تلك المبالغ واختلاسها.

فساد واختلاس

طبقاً للمصادر اليمنية المطلعة في صنعاء، عين مسفر النمير وزير الاتصالات في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها، بداية العام الماضي قيادياً حوثياً هو إسماعيل حميد الدين مديراً لقطاع الإنشاءات في المؤسسة العامة للاتصالات، وهو أحد الذين اشتهروا بالفساد في الفترة التي سبقت سيطرة الجماعة على مفاصل مؤسسات الدولة، وسبقت إحالته إلى نيابة الأموال العامة بسبب تهم فساد واختلاس ما يقرب من ثلاثمائة مليون ريال يمني خلال رئاسته قسم المشاريع في فرع المؤسسة (نحو 600 ألف دولار).

قادة حوثيون يضعون حجر الأساس لمشروع في قطاع الاتصالات لم يرَ النور منذ سنوات (إعلام حوثي)

ولم يكتفِ النمير بتعيين حميد الدين، بل وأقر له - بحسب المصادر - ما يزيد عن 3 ملايين و773 ألف دولار (نحو ملياري ريال يمني) شهرياً، كميزانية إعادة بناء وإعمار بعض مكاتب ومقرات المؤسسة، تصرف له من حساب المؤسسة العامة للاتصالات.

وتؤكد المصادر أنه، ومنذ تعيين حميد الدين في هذا المنصب، واعتماد ذلك المبلغ له، لم تشهد مؤسسات قطاع الاتصالات أي إنشاءات جديدة، أو أعمال صيانة، أو توسعة، ولا يُعلم مصير المبالغ التي يتقاضاها شهرياً، سواه والقيادي النمير.

وإلى جانب ذلك جرى تعيين حميد الدين عضواً في مجلس إدارة شركة «يمن موبايل» الحكومية للهاتف الجوال.

يذكر أن شبهات فساد كبيرة رافقت تدشين الجماعة الحوثية نهاية العام قبل الماضي مشروع النطاق العريض اللاسلكي بتقنية الجيل الرابع، عبر المؤسسة العامة للاتصالات الخاضعة للجماعة في صنعاء، حين ألزمت كل مشترك في هذه الخدمة بدفع 75 دولاراً (نحو 40 ألف ريال يمني)، بينما لا يتعدى ثمن جهاز موائم الإشارات (المودم) 8 دولارات.

واتضح لاحقاً - طبقاً للمصادر - أنه جرى شراء الأجهزة التي تم بيعها للمشتركين من إحدى الشركات التجارية بأكثر من 56 دولاراً (30 ألف ريال يمني) لكل جهاز، وأن تلك الشركة تتبع القيادي الحوثي أحمد حامد مدير مكتب مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي (مجلس الحكم الانقلابي).

تدهور كبير يعاني منه قطاع الاتصالات في اليمن منذ الانقلاب الحوثي (إكس)

ولكي يضمن القادة الحوثيون المسيطرون على المؤسسة العامة للاتصالات إعادة ذلك المبلغ الذي تم دفعه للشركة التابعة لأحمد حامد، أعلنت المؤسسة احتكار بيع أجهزة (المودم)، وعدم تشغيل الخدمة إلا عبر الأجهزة المبيعة من طرفها.

وبينما تشهد مؤسسات قطاع الاتصالات في مناطق سيطرة الحوثيين كل وقائع الفساد هذه، يؤكد الموظفون أنهم يعانون من الحرمان من أبسط حقوقهم، في الوقت الذي يؤكد المراقبون الفنيون زيادة الإيرادات، وارتفاع حجم المبالغ المحصلة من المشتركين والمستفيدين من خدماتها.


مؤيدون للحوثيين يشتكون الظلم ويقرّون بتعرضهم للخديعة

الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)
الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)
TT

مؤيدون للحوثيين يشتكون الظلم ويقرّون بتعرضهم للخديعة

الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)
الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)

مع تصاعد الخلافات حول الفساد وتورط قيادات نافذة بجماعة الحوثي في حماية الفاسدين وتجار المبيدات الزراعية المحرَّمة، وجّهت مجموعة من أبرز النشطاء السياسيين الذين ساندوا الجماعة عند اقتحام صنعاء في 2014 انتقادات حادة إليها، قائلين إنها خدعتهم بشعاراتها في البداية وعند إمساكها بالسلطة مارست من الظلم والفساد ما لم يمارسه أحد من قبل.

هذه الانتقادات أتت مواكبةً لتصاعد الخلافات داخل صفوف الجماعة التي تسيطر على أجزاء من شمال اليمن مع تبادل الاتهامات بين مسؤوليها حول التورط في إدخال كميات كبيرة من المبيدات المحرمة وحماية الفساد، ومع حملة الاعتقالات التي طالت نشطاء ساندوها في انقلابها على الشرعية، انتقاماً من حملتهم على تجار المبيدات الزراعية المحرمة.

نائف القانص يظهر إلى يمين بشار الأسد حين كان سفير الحوثيين في دمشق (إعلام حوثي)

كان نايف القانص، وهو العضو السابق فيما تسمى اللجنة الثورية التي تولت حكم مناطق سيطرة الحوثيين عقب الانقلاب، هو الأقوى في انتقاده، إذ قال إن «عصابة الفساد» وتجار المبيدات المسرطنة المسيطرين في صنعاء، تعتقل المقاوم للفساد والفاسدين، الكاشف لفسادهم بالأدلة القطعية والموثَّقة، في إشارةٍ إلى واقعة اعتقال الناشط الإعلامي خالد العراسي.

وحسب القانص الذي عُيِّن أيضاً سفيراً للحوثيين في سوريا قبل إزاحته، فإن الناشط العراسي في طرحه لم يتهم أحداً دون أن يكون لديه الدليل القطعي حتى أصبح الجميع يحترمه ويقدِّر دوره وشجاعته في مقارعة الفساد من داخل صنعاء.

وأكد أنهم خُدعوا في الجماعة التي بعد أن تمكنت مارست ظلماً وفساداً ما لم يمارسه أحد من قبلها، وقال: «لا أعتقد أننا سنرى في المستقبل من يصل إلى مستوى ظلمها وفسادها وديكتاتوريتها».

من جهته أشار الناشط السياسي أيمن الحوثي، إلى أنه «غسل يديه من الحوثيين» ولم يعد يثق بأحد، ولم يعد يصدق أي حرف لهم، وقال: «سنوات ونحن نغالط أنفسنا ونقول إن الأمور غداً ستسير للأحسن، للأفضل، للأعدل.. ضحكنا على أنفسنا عاماً بعد عام وبعدها أعوام، ولم نجد غير الظلم والفساد ينخر، والاستقواء والكذب يعظم، وقلة الحياء والمناطقية تتبجح أكثر».

واتهم الحوثي الجماعة بتمكين المتردية والنطيحة وقال: «لقد خُدعنا. نعم خُدعنا، وهذه هي الحقيقة، وكفاية أننا ضحكنا على أنفسنا كل هذه السنوات ننتظر الوهم، هذه هي الحقيقة المرة التي لا نريد الاعتراف بها».

انتقاد غير مسبوق

أما السياسي اليمني عبد الله سلام الحكيمي الذي عُرف بدفاعه المستميت عن الحوثيين وبوصفه ضيفاً على محطاتهم التلفزيونية، فإنه يؤمِّل أن تطلق الجماعة القاضي عبد الوهاب قطران من محبسه حياً وليس محمولاً على نعش، في إشارةٍ إلى وفاة عدد من المعارضين في سجون الجماعة.

أمر قبض قهري بحق تاجر المبيدات الموالي للحوثيين دغسان (نشطاء يمنيون)

وفي مواقف غير مسبوقة ذكَّر الحكيمي الحوثيين بأن أي حكم لا يدوم أبداً ويستمر إلا بحفظ حقوق الناس وإقامة العدل والمساواة بين أفراد المجتمع، وقال: «يخطئ خطأ قاتلاً مَن يظن أنه بالإرهاب والقمع والعنف والدماء يدوم حكم أو يستقر أو يطوِّر بلاداً، فكل هذه الوسائل السلبية لا تُنتج إلا كوارث ومآسي وخراباً وفوضى وحروباً لا تُبقي ولا تذر».

في السياق نفسه، قال الناشط الإعلامي الحوثي عبد الوهاب الشرفي، الذي سبق أن هُدد لإرغامه على السكوت عن فساد الجماعة: «إنه في الوقت الذي انتظر الناس القانون والذمة والضمير للتحرك ضد المبيدات ومَن ساهموا في غسيلها وإدخالها بكميات هائلة والإفراج عن جزء منها بعد انتهاء صلاحيتها، وبعد التقارير الرسمية التي تبين وجود قفزة هائلة ومفجعة في عدد المسجلين لدى مركز علاج الأورام، جاء التحرك لاعتقال العراسي».

من جهته يقول الكاتب مجدي عقبة إنهم لم يعودوا يطالبون بوقف الاعتقالات التي تطول أصحاب الرأي، بل أصبحوا يطالبون باعتقالهم وفق القانون بغضّ النظر عن هل المعتقل مذنب أم بريء.

علاقات مصالح ربطت الحوثيين مع تجار محافظة صعدة وفي مقدمتهم عائلة دغسان (إعلام محلي)

الانتقادات الحادة التي وُجهت إلى القيادات المتنفذة في جماعة الحوثي شارك فيها أيضاً المذيع في قناة «الساحات» المموَّلة من إيران عبد الحافظ معجب، وصلاح الدكاك، رئيس تحرير صحيفة «لا» التي يموّلها الحوثيون وتصدر في صنعاء.

وسبق ذلك أن أعلن القيادي السابق في اللجنة الثورية الحوثية محمد المقالح، اعتزال الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي، رداً على اعتقال القاضي عبد الوهاب قطران، وهو صديقه الشخصي وأحد الذين عملوا معه خلال الفترة التي سبقت اجتياح صنعاء.​


اعتقالات في صنعاء بتهمة التخابر مع «حارس الازدهار»

مطار صنعاء الدولي الواقع تحت سيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)
مطار صنعاء الدولي الواقع تحت سيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)
TT

اعتقالات في صنعاء بتهمة التخابر مع «حارس الازدهار»

مطار صنعاء الدولي الواقع تحت سيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)
مطار صنعاء الدولي الواقع تحت سيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)

بينما تواصل الجماعة الحوثية في صنعاء اختطاف عدد من أتباع الطائفة البهائية منذ عام، أفادت مصادر يمنية مطلعة بأن الجماعة شنت حملة ملاحقات لموظفين عموميين في مناطق سيطرتها، بتهمة التخابر مع تحالف «حارس الازدهار» الذي تقوده الولايات المتحدة لحماية السفن من هجمات الجماعة.

وذكرت المصادر أن ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، اختطف خلال الأسابيع الماضية عدداً من الموظفين العموميين العاملين في مطارات صنعاء والحديدة، والهيئة العامة للطيران والأرصاد الجوية، للتحقيق معهم حول جمعهم معلومات عن مخابئ ومواقع لتجميع وتجهيز الأسلحة المستخدمة في هجمات البحر الأحمر، من صواريخ وطائرات مُسيَّرة، وإرسالها إلى القوات الأميركية.

بمحاذاة مطار صنعاء الدولي قاعدة عسكرية جوية تستخدمها الجماعة الحوثية (رويترز)

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن شكوك الجماعة الحوثية بوجود عملاء ومخبرين من الموظفين العموميين في تلك الهيئات، جاءت بعد الغارات التي استهدفت مطار صنعاء وقاعدة الديلمي الجوية المحاذية له خلال الأسابيع الماضية؛ إذ نجم عن تلك الغارات إصابات دقيقة لمخابئ الأسلحة وتدميرها.

وأوضحت المصادر أن أحد مديري الأقسام في الهيئة العليا للطيران الخاضعة للجماعة في صنعاء، جرى اعتقاله من مقر عمله بينما كان يطالب بالإفراج عن أحد زملائه الذي اختُطف من الشارع، ولم يعلم أحد من عائلته أو أصدقائه أو زملائه بأن جهاز الأمن والمخابرات الحوثي اختطفه، إلا بعد أكثر من أسبوع من البحث الذي أوصلهم إلى مقر احتجازه.

وتم اعتقال الآخر بحجة وجود تواطؤ أو تعاون مع زميله الأول في تسريب الإحداثيات، الأمر الذي تسبب في شعور عدد من الموظفين بالخوف، والتغيب عن العمل خشية أن تلاحقهم تلك الشكوك.

وبينما رجحت المصادر أن تكون هذه الإجراءات والاتهامات مجرد وسيلة لإقصاء عدد من الموظفين من مواقعهم، وتعيين بدلاء لهم من أتباع الجماعة الحوثية، أفادت عائلة أحد المختطفين بأن قريبها يواجه تهماً بالتواصل مع قيادات في الحكومة الشرعية؛ خصوصاً أنه غادر مناطق سيطرة الجماعة مرات عدة خلال الأشهر الماضية، لزيارة أقاربه والسفر للعلاج خارج البلاد.

وبيَّنت العائلة أنه يجري التحقيق مع قريبها حول تحركاته وأنشطته خلال فترات سفره خارج مناطق سيطرة الجماعة، والشخصيات التي التقى بها، وأسباب امتلاكه أكثر من خط هاتفي، إلى جانب سؤاله عن الأشخاص الذين يظهر معهم في عدد من الصور في هاتفه.

اضطهاد طائفي

قالت منظمة حقوقية يمنية، إنّ نحو عام مرَّ منذ مداهمة قوة مسلحة تابعة للجماعة الحوثية اجتماعاً سلمياً للبهائيين في العاصمة صنعاء، واعتقال كثير من البهائيين والبهائيات، وانتهاك حقوقهم المدنية، وتعريضهم لضغوط شديدة لإجبارهم على التراجع عن دينهم، والمشاركة في الدورات الثقافية الحوثية.

وقفة احتجاج قبلية في صنعاء رفضاً لممارسات الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

واتهمت المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين الجماعة الحوثية، بالضغط النفسي والفكري على البهائيين، وازدراء معتقدهم، ورفض كافة الدعوات المحلية والإقليمية والدولية لإطلاق سراح 5 من البهائيين الذين ما زالوا في غياهب المعتقلات في ظروف مقلقة، دون أي مراعاة لحقوق الإنسان وكفالة الدستور اليمني لحرية المعتقد.

واستنكرت المبادرة تلك المداهمات والانتهاكات التي تمثل جزءاً مما وصفته بسلسلة مستمرة من الانتهاكات الصارخة لحقوق المواطنين اليمنيين البهائيين في صنعاء، وخطة منهجية للإبادة الثقافية والتطهير الديني لهذه الأقلية، داعية إلى مساندة المعتقلين لإطلاق سراحهم، والتوقف عن ملاحقة آلاف من أتباع الطائفة البهائية، وإيقاف المساعي الحوثية لإبادتهم كما جاء في بيانها.


منظمة «التعاون الإسلامي» تندد بـ«الإبادة» في غزة

أمين عام منظمة «التعاون الإسلامي» حسين إبراهيم (رويترز)
أمين عام منظمة «التعاون الإسلامي» حسين إبراهيم (رويترز)
TT

منظمة «التعاون الإسلامي» تندد بـ«الإبادة» في غزة

أمين عام منظمة «التعاون الإسلامي» حسين إبراهيم (رويترز)
أمين عام منظمة «التعاون الإسلامي» حسين إبراهيم (رويترز)

ندّدت منظمة «التعاون الإسلامي» مجدداً، الأحد، بـ«الإبادة الجماعية» في غزة، ودعت دولها الأعضاء البالغ عددها 57 دولة إلى «فرض عقوبات» على إسرائيل، وذلك في البيان الختامي لقمتها في بانغول عاصمة غامبيا.

وطالب المؤتمر في البيان الذي اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية»، الدول الأعضاء، بـ«ممارسة ضغوط دبلوماسية وسياسية وقانونية»، وفرض «عقوبات» على جميع المستويات «الاقتصادية والرياضية والثقافية والدولية» ضد إسرائيل.

كما دعت منظمة «التعاون الإسلامي» إلى «وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار».

وبالإضافة إلى ذلك، دعت منظمة «التعاون الإسلامي» في بيانها الختامي، إلى «وقف تصدير الأسلحة والذخائر التي يستعملها جيشها للقيام بجريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة»، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وأوفد أغلب زعماء البلدان الأعضاء في المنظمة ممثلين لهم إلى القمة، لكن عدداً من رؤساء الدول الأفريقية، مثل رئيس السنغال، شاركوا شخصياً.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، اجتمعت المنظمة بالرياض في قمة مشتركة مع جامعة الدول العربية، ودانت هجمات القوات الإسرائيلية في غزة.

وسلطت تلك القمة الضوء على الانقسامات الإقليمية حول كيفية التعامل مع الحرب، على خلفية المخاوف من توسع النزاع في المنطقة.

واتجهت الأنظار في نهاية الأسبوع بشكل أكبر إلى مصر، حيث جرت مفاوضات حول مقترح هدنة في غزة.

واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم نفذته «حماس» جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وأدى إلى مقتل أكثر من 1170 شخصاً، ، بحسب حصيلة لوكالة «الصحافة الفرنسية» تستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وخلال الهجوم، تم اختطاف أكثر من 250 شخصاً ما زال 128 منهم محتجزين في غزة، من بينهم 35 لقوا حفتهم، وفقاً للجيش الإسرائيلي.

ورداً على هجوم «حماس»، تعهدت إسرائيل بتدمير الحركة وشنت هجوماً واسع النطاق في غزة أدى حتى الآن إلى مقتل 34683 شخصاً، معظمهم من المدنيين.


هنية: حريصون على التوصل لاتفاق شامل ينهي الحرب ويحقق صفقة تبادل جدية للأسرى

رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)
رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)
TT

هنية: حريصون على التوصل لاتفاق شامل ينهي الحرب ويحقق صفقة تبادل جدية للأسرى

رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)
رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)

أكد رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية اليوم (الأحد) أن الحركة ما زالت حريصة على التوصل إلى اتفاق شامل ومترابط لإنهاء الحرب وضمان الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وتحقيق صفقة تبادل «جدية» للأسرى.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، قال هنية في بيان إن الأولوية لدى «حماس» هي «لوقف العدوان على شعبنا وهو موقف جوهري ومنطقي ويؤسس لمستقبل أكثر استقراراً».

وأضاف: «ما مفهوم الاتفاق إذا لم يكن وقف إطلاق النار أولى نتائجه؟»

وألقى هنية باللائمة على الحكومة الإسرائيلية في فشل مباحثات «ورئيسها (بنيامين نتنياهو) يريد اختراع مبررات دائمة لاستمرار العدوان وتوسيع دائرة الصراع وتخريب الجهود المبذولة عبر الوسطاء والأطراف المختلفة».

وكان طاهر النونو المستشار الإعلامي لهنية أبلغ «وكالة أنباء العالم العربي» أمس بأن الحركة تتمسك بأربع نقاط أساسية هي «وقف العدوان بشكل كامل على قطاع غزة، أي وقف إطلاق النار الدائم والمستدام، والنقطة الثانية انسحاب الاحتلال الكامل والشامل من قطاع غزة، النقطة الثالثة صفقة تبادل مشرفة وجادة، والنقطة الرابعة هي الإعمار وإنهاء الحصار ودخول احتياجات الشعب الفلسطيني».

وتابع النونو: «بالتالي لا يمكن أن يكون هناك اتفاق إلا بوقف إطلاق النار، وإلا ما هو معنى اتفاق دون وقف إطلاق النار».


انقلابيو اليمن يخضعون قطاع محو الأمية للتعبئة

الحوثيون يكثفون برامجهم الطائفية لاستهداف المجتمع اليمني (إعلام حوثي)
الحوثيون يكثفون برامجهم الطائفية لاستهداف المجتمع اليمني (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يخضعون قطاع محو الأمية للتعبئة

الحوثيون يكثفون برامجهم الطائفية لاستهداف المجتمع اليمني (إعلام حوثي)
الحوثيون يكثفون برامجهم الطائفية لاستهداف المجتمع اليمني (إعلام حوثي)

أخضعت الجماعة الحوثية منتسبي قطاع محو الأمية في المناطق تحت سيطرتها للتعبئة، حيث أجبرت الكادر التعليمي والوظيفي والدارسين على الالتحاق بالمعسكرات الصيفية التي دشنتها لتلقينهم الأفكار ذات الصبغة الطائفية، وفق ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط»

ودفع الانقلابيون الحوثيون - حسب المصادر- نحو 5 آلاف و700 موظف ومتعاقد، وآلاف الدارسين أغلبهم من النساء في المركز الرئيسي لجهاز محو الأمية في العاصمة المختطفة صنعاء ونحو 12 فرعاً تابعاً له في المحافظات لتلقي أنشطة ودروس تعبوية تحت اسم «دورات صيفية» يُشرف على تنفيذها معممون استقدمتهم الجماعة من صعدة معقلها الرئيسي.

الحوثيون يجبرون دارسي محو الأمية على تلقي دروس تعبوية (إعلام حوثي)

واتهمت المصادر الجماعة الحوثية بتحويل مراكز محو الأمية الخاضعة لها من أماكن للتعلم والحد من الأمية إلى أماكن للتعبئة والتلقين الفكري واستهداف آلاف الموظفين والدارسين من مختلف الأعمار بأنشطة تبث العنصرية، وتحرّض على القتل والكراهية.

وجاء الاستهداف الحوثي تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه شقيق زعيم الجماعة يحيى بدر الدين الحوثي المعين وزيراً للتربية والتعليم في الحكومة غير المعترف بها، والقيادي أحمد الكبسي المنتحل لصفة رئيس جهاز محو الأمية.

وخلص الاجتماع - طبقاً للمصادر- إلى تشكيل ما سمته الجماعة اللجنة الإشرافية واللجان الفرعية لإطلاق المعسكرات الصيفية لمنتسبي جهاز محو الأمية والدارسين فيه بصنعاء وبقية المحافظات تحت سيطرتها.

وأعلنت الجماعة الحوثية - بموجب الاجتماع - آلية تنص على تشكيل غرفة عمليات مركزية بديوان الجهاز لمتابعة واستقبال تقارير مكاتب محو الأمية وتعليم الكبار في المحافظات، وإقرار خطة نزول مركزي للإشراف ميدانياً على نشاط المراكز الصيفية.

استهداف مستمر

يعد التحرك الحوثي في قطاع محو الأمية امتداداً لسلسلة استهدافات سابقة ضد منتسبي الجهاز وفروعه، حيث حرمت الجماعة آلافاً منهم في السنوات الماضية من الحصول على نصف الراتب أسوة ببقية الموظفين في القطاعات الحكومية.

قطاع تعليم الكبار في اليمن مستهدف حوثياً بالتجنيد والحشد (فيسبوك)

ويستهدف جهاز محو الأمية الذي تأسس في صنعاء عام 1990 الفئات العمرية من 10 سنوات إلى أكثر من 40 سنة، حيث لا تقتصر أنشطته على تعليم القراءة والكتابة فحسب، بل يرافق ذلك إقامة كثير من البرامج والأنشطة التوعوية والصحية والمهارية لمختلف الحرف والمهن للدارسين فيه من الرجال والنساء.

وبينما يعاني مئات آلاف من الموظفين اليمنيين، من أوضاع بائسة وحرمان من أقل الحقوق في مقدمها الراتب، اشتكى معلمون وموظفون في جهاز محو الأمية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من إجبارهم بين كل فينة وأخرى على حضور دورات تعبوية.

وسعت الجماعة عبر عشرات الدورات التي أقامتها سابقاً إلى غسل أدمغة منتسبي جهاز محو الأمية، وعلى نشر «ملازم» مؤسس الجماعة حسين الحوثي بين فئات كبار السن من الذكور والإناث، وإقناعهم بأفكارها المتطرفة.

وأجبر سلوك الجماعة أحمد وهو ابن إحدى الملتحقات في مركز لمحو الأمية بصنعاء، إلى إقناع والدته بالانسحاب من المركز؛ لكي لا تقع ضحية لأفكار الجماعة.

ويذكر أحمد لـ«الشرق الأوسط» أن الغرض من تسجيل والدته مريم (65 عاماً) قبل نحو شهر كان لتعلم القراءة والكتابة، وبعض تعاليم الدين المتعلقة بالصلاة والصيام وغيرها، وليس للخضوع لخطب زعيم الجماعة ومؤسسها.

ارتفاع الأعداد

استهداف الجماعة الحوثية لقطاع محو الأمية جاء مع إقرارها بارتفاع أعداد الأميين في مناطق سيطرتها، وتسجيلها أعلى النسب على مستوى العالم.

وأوضح القيادي الحوثي أحمد الكبسي المعين في منصب رئيس جهاز محو الأمية في تصريحات بثتها وسائل إعلام الجماعة أن عدد الأطفال اليمنيين المتسربين من التعليم تجاوز 350 ألف طفل سنوياً ضمن الفئة العمرية بين 6 و10 سنوات.

عناصر حوثيون أثناء افتتاح مركز محو أمية (إعلام حوثي)

ووفقاً لآخر التقديرات الصادرة عن النسخة الحوثية من الجهاز المركزي للإحصاء، فإن عدد الأميين في الفئة العمرية من عشر سنوات فأكثر بلغت ستة ملايين و380 ألفاً و763 أمياً وأمية، أي ما يمثل 29.2 في المائة من إجمالي عدد السكان.

من جهتها، اعترفت منظمة «انتصاف» الحوثية بوجود معاناة ومشكلات تواجهها المناطق تحت سيطرة الجماعة فيما يخص العملية التعليمية ومجال محو الأمية وتعليم الكبار، وأكدت ارتفاع نسبة الأمية من 45 في المائة قبل اندلاع الحرب في عام 2014 إلى أكثر 65 في الوقت الحالي.

ووفق التقرير الحوثي، فإن نسبة الأمية في أوساط النساء تزيد على 60 في المائة في بعض المحافظات، مثل الحديدة التي تصل فيها أعداد الأميين والأميات إلى أكثر من 1,2 مليون شخص، 62 في المائة منهم من الإناث.

وفي حين أبدى تقرير الجماعة اعترافاً بوجود معوقات وتحديات كبيرة يواجهها قطاع التعليم بشكل عام ومراكز محو الأمية على وجه الخصوص، كشف مسؤولون وعاملون في هذه المراكز عن حالة من التدهور الكبيرة وغير المسبوقة بسبب سلوك الحوثيين، وانقطاع الرواتب، وتحريف المناهج.

واتهم العاملون في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» عناصر الجماعة الحوثية بمصادرة الدعم المقدم محلياً وخارجياً لمراكز محو الأمية، وإيقاف المحفزات المقدمة للملتحقين والملتحقات ببرامج محو الأمية، وتحويل عدد من مدارس محو الأمية إلى ثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة، ومجالس لتلقين الطائفية.


«يونيسكو»: الصحافيون في اليمن يواجهون مخاطر أزمات البيئة

السيول جرفت الأراضي الزراعية وسببت خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (إعلام حكومي)
السيول جرفت الأراضي الزراعية وسببت خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (إعلام حكومي)
TT

«يونيسكو»: الصحافيون في اليمن يواجهون مخاطر أزمات البيئة

السيول جرفت الأراضي الزراعية وسببت خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (إعلام حكومي)
السيول جرفت الأراضي الزراعية وسببت خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (إعلام حكومي)

أكدت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة (يونيسكو) أن المخاطر التي يواجهها الصحافيون في اليمن لا تقتصر على تناول القضايا السياسية فقط، بل إنها تمتد إلى تناول وتغطية الأزمات البيئية في هذا البلد، الذي صنف عالمياً بأنه أحد البلدان شديدة التأثر بالتغيرات المناخية.

وفي تقرير لمكتب المنظمة في منطقة الخليج بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، ذكر المكتب أنه وفي خضم الاضطرابات المستمرة، يواصل الصحافيون اليمنيون تحدي المخاطر للإبلاغ عن القضايا الحاسمة، بما في ذلك الأزمات البيئية التي تؤثر على بلادهم.

منع الحوثيون استكمال تنظيف الناقلة «صافر» ومنعوا سحبها للتخلص منها (شركة بوسكاليس)

وأكد التقرير أن هذا البلد المثقل أصلاً بالصراع، يواجه عدداً لا يحصى من التحديات البيئية، كما أن الكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك الفيضانات والأعاصير والانهيارات الأرضية والجفاف، تسببت في أضرار واسعة النطاق على مدى العقد الماضي.

ووفق «يونيسكو»، فإن من بين القضايا الأكثر إلحاحاً الأعاصير الكثيرة التي ضربت اليمن، مما أدى إلى أضرار جسيمة في الإسكان والبنية التحتية، وغمر مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية، وفقدان آلاف الأطنان من المحاصيل، مما أثر بشكل مباشر على سبل عيش اليمنيين.

وأكدت المنظمة أن إعصار «تيج» الذي ضرب المناطق الساحلية الشرقية من البلاد نهاية العام الماضي، أثّر على ما يقدر بنحو 100 ألف أسرة، بما في ذلك 3 آلاف امرأة حامل؛ وفقاً للتقرير الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان.

تحديات متنوعة

نقل تقرير «يونيسكو» عن حسين اليعبري، من «مبادرة حلم أخضر»، وهي مؤسسة بيئية تهدف إلى تعزيز الوعي بالتحديات البيئية - القول إن هذه التحديات تفاقمت بسبب الصراع، حيث زادت الكوارث التي صنعها الإنسان، مثل إزالة الغابات، والاستخدام غير الآمن للمبيدات الحشرية، وتسرب النفط، وسوء إدارة النفايات؛ لأن ذلك زاد من الضغط على موارد البلاد.

ويُبين اليعبري أن بلاده واجهت كثيراً من التحديات البيئية الكبيرة خلال العام الماضي، التي تفاقمت بسبب الصراع المستمر، وتدهور الظروف الإنسانية والاقتصادية والبيئية. ونبه إلى أن الوعي بجميع جوانب الأزمة البيئية وعواقبها أمر ضروري لبناء السلام. ولهذا فإن العمل الصحافي أمر بالغ الأهمية لهذا الغرض؛ لأنه يزود الجمهور بمعلومات موثوقة، وتحليلات ثاقبة، وفهم شامل للقضايا التي تؤثر عليهم بشكل مباشر.

سفينة الشحن «روبيمار» غرقت بعد أن تعرضت لهجوم صاروخي حوثي (إ.ب.أ)

ورأى اليعبري أن التهديد الأكبر الذي كان يواجه الناس والبيئة في اليمن هو ناقلة النفط المتهالكة صافر، التي تم إنقاذها. وذكر أن مبادرة «حلم أخضر» قامت برفع مستوى الوعي بهذه القضية من خلال الحملات، ونشر الأفلام والتحذيرات عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية؛ لأنه من دون ذلك «لن تعرف المجتمعات بذلك التهديد».

ونبهت المبادرة إلى أنه وعلى الرغم من الأولويات المتنافسة في أوقات الصراع، فإن من المهم إعطاء الأولوية لإعداد التقارير البيئية، لأن الإبلاغ عن القضايا البيئية أثناء الأزمات أمر بالغ الأهمية، حيث يؤدي الصراع إلى تفاقم التدهور البيئي، مما يؤثر بشكل مباشر على سبل العيش.

وقالت المبادرة إنها أعطت الأولوية لنهج يوازن بين الإلحاح والتأثير، وحاجة الجمهور إلى المعرفة، والإبلاغ عن الأزمات التي تُشكّل تهديدات مباشرة على صحة الإنسان وسُبل عيشه، مثل ندرة المياه أو النفايات السامة أو الانسكابات النفطية. من خلال ربط القضايا البيئية بالقصص الإنسانية المستمرة، وربط تغير المناخ بالفشل الزراعي وانعدام الأمن الغذائي.

ووفق المبادرة التي تنشط في مجال البيئة والتغير المناخي، فإن الصراع في اليمن استنزف الموارد، بما في ذلك الوقود والكهرباء والاتصال بالإنترنت، ما جعل الصحافيين يواجهون صعوبات في جمع البيانات وإجراء المقابلات ونقل التقارير.

وقالت: يعيق انقطاع التيار الكهربائي، ومحدودية الوصول إلى التكنولوجيا إعداد التقارير في الوقت المناسب، في حين يؤدي الصراع إلى زيادة انتشار المعلومات الخاطئة، مما يجعل التحقق من المعلومات ضرورياً ومكافحة المعلومات المضللة.

عقبات كبيرة

أكدت «يونيسكو» في تقريرها أن الصحافيين اليمنيين يواجهون عقبات كبيرة في البحث عن المعلومات حول مختلف القضايا ونشرها، خاصة في بلد مزقته الحرب، واستشهدت بالتقرير الربع سنوي الأول لنقابة الصحافيين اليمنيين لعام 2024، الذي وثق 17 حالة انتهاك ضد الحريات الإعلامية في البلاد.

وشملت تلك الانتهاكات التضييق على الحريات، والاعتداء على الصحافيين والمؤسسات الصحافية، ومصادرة الممتلكات.

وقالت المنظمة الأممية إنه وبالإضافة إلى التعامل مع التهديدات الجسدية والاقتصادية والسياسية والنفسية والرقمية والقانونية، قد يكون الوصول إلى معلومات موثوقة في أوقات الأزمات أمراً صعباً.

ووفق مرصد الحريات الإعلامية وصل إجمالي الانتهاكات التي مورست ضد الصحافة والصحافيين في اليمن، وتحديداً منذ بداية عام 2015 وحتى أبريل (نيسان) الماضي 2024، إلى 2,536 انتهاكاً، من بينها 54 حالة قتل لصحافيين وصحافيات.


«أسبيدس» تعزز وجودها في البحر الأحمر بفرقاطة بلجيكية

انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)
انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)
TT

«أسبيدس» تعزز وجودها في البحر الأحمر بفرقاطة بلجيكية

انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)
انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)

غداة تهديد الحوثيين بتوسيع هجماتهم ضد السفن إلى البحر الأبيض المتوسط، أعلنت مهمة «أسبيدس» التابعة للاتحاد الأوروبي تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر بفرقاطة بلجيكية للمساهمة في حماية الملاحة إلى جانب القوات الأميركية والبريطانية.

وتهاجم الجماعة الحوثية المدعومة من إيران السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومحاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وأبدت المهمة الأوروبية في تغريدة على منصة «إكس» حماسها للترحيب بالفرقاطة البلجيكية «لويز ماري»، وقالت إن انضمامها بخبراتها ومهاراتها «لا تقدر بثمن حيث سنتعامل مع التحديات التشغيلية معاً».

وتشارك في مهمة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر دول فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليونان، وبلجيكا، إلى جانب فرقاطة دنماركية عادت من المهمة إلى قاعدتها؛ إثر تعرضها لعطل في نظام الأسلحة إثر هجوم حوثي. كما عادت فرقاطة ألمانية إلى قواعدها في انتظار إرسال أخرى بديلة.

وبحسب بيانات جيوش الاتحاد الأوروبي، شاركت هذه السفن العسكرية في التصدي لكثير من الهجمات الحوثية، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والقوارب المفخخة غير المأهولة، لكنها لا تقوم بتوجيه ضربات مباشرة على الأرض ضد الحوثيين، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

وكانت الجماعة الحوثية أعلنت الجمعة، أنَّها ستبدأ استهداف السفن في البحر الأبيض المتوسط، ضمن ما سمَّته المرحلة الرابعة من التصعيد، تنفيذاً لتوجيهات زعيمها عبد الملك الحوثي.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، في بيان، إنَّ الحوثيين سيستهدفون كل السفن المرتبطة بإسرائيل والمتجهة إلى الموانئ في البحر الأبيض المتوسط.

مهمة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر تقتصر على الدور الدفاعي لحماية السفن (إكس)

وتعني الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، بالمرحلة الرابعة من التصعيد مهاجمة السفن في البحر المتوسط، بعد مهاجمتها في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن والمحيط الهندي.

وهدَّد المتحدث الحوثي بأنَّ قوات جماعته ستقوم، في حال اقتحام إسرائيل مدينة رفح، بمهاجمة جميع السفن التي لها علاقة بالإمدادات للدولة العبرية، وتلك التي تحاول الدخول إلى موانئ تل أبيب، من أي جنسية كانت، في تلويح واضح بتصعيد ما يوصف بـ«حرب السفن».

452 غارة

كان زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي أقر في خطبة الخميس الماضي، بتلقي 452 غارة أميركية وبريطانية منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، كما أقر بمقتل 40 من مسلحيه وإصابة 35 آخرين في هذه الضربات.

وتبنَّى الحوثي مهاجمة 107 سفن منذ بدء التصعيد البحري، وزعم أنَّ هناك 10 قطع بحرية حربية أميركية وأوروبية انسحبت من البحر الأحمر في ظل «الشعور باليأس والإخفاق» في منع عمليات جماعته أو الحد منها، على حد وصفه.

وتقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام، وتتخذ من غزة ذريعة للمزايدة السياسية، كما ترى الحكومة اليمنية أن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

وأثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

عناصر من الحوثيين خلال حشد في صنعاء دعا له زعيم الجماعة لتأييد الهجمات البحرية (أ.ف.ب)

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، بغرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، حيث شاركتها بريطانيا في 4 مناسبات.

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.