بعد 12 عاما على رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات (أبو عمار)، افتتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس «متحف عرفات» الذي يسرد التاريخ المعاصر للشعب الفلسطيني، ممثلا بعرفات نفسه، الذي قال عنه الشاعر الكبير محمود درويش إنه كان الفصل الأطول في حياة الفلسطينيين.
وقال عباس: «إن ما يبعث على البهجة أن نرى هذا الإنجاز الكبير، الذي أصبح حقيقة مجسدة، يحافظ على إرث نضالي كفاحي لرجل عظيم».
وأقيم المتحف على الأرض التي شهدت حصار أبو عمار في سنواته الأخيرة، وضم مبنى جديدا من طابقين على مساحة 2600 متر مربع، يربطه جسر بالمبنى القديم للمقر الذي حوصر فيه عرفات. وصمم المتحف المهندس المعماري الفلسطيني الراحل جعفر طوقان.
واحتفظ المتحف بغرفة عرفات كما هي من دون أي تعديلات. وتشهد الغرفة الصغيرة على الزهد الكبير لعرفات، مع سرير متواضع وخزانة صغيرة وبضع بدلات عسكرية فقط.
ويوجد في المتحف 10 آلاف صورة متنوعة لـ«أبو عمار»، في كل مكان، البر والبحر والجو، مقاتلا وقائدا ورئيسا، إلى جانب 3500 تسجيل تتراوح بين مدة ثوانٍ إلى أفلام وتسجيلات وثائقية طويلة المدة.
وقال عباس: «في هذا المكان الذي شهد صرخته المدوية، التي أطلقها من قلب الحصار في وجه المحتلين: (يريدوني إما أسيرًا أو طريدًا أو قتيلاً، لا، أنا أقول لهم: شهيدًا شهيدًا شهيدًا) هكذا كان أبو عمار دائمًا شجاعًا مقدامًا وأبيًا، وهكذا مضى إلى جنات الخلد».
ويتيح المتحف لزواره الاطلاع على الحياة الشخصية المثيرة، التي عاشها عرفات طيلة حياته وفي سنواته الأخيرة محاصرا.
واستعرض عباس أمس مع أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الذي جاء خصيصا للمشاركة في افتتاح المتحف، إلى جانب عمرو موسى رئيس مجلس أمناء مؤسسة عرفات، مقتنيات شخصية لعرفات، بينها غرفة نومه، وخزانته، ونظارته الشمسية الشهيرة التي ارتداها خلال خطاب ألقاه في الأمم المتحدة عام 1974. وكوفيته البيضاء والسوداء، وجواز سفره، ووثائق طبية، وبزاته العسكرية، وأقلامه الخاصة، والهدايا التي تلقاها، ومراسلات متعددة مهمة، إضافة إلى ميدالية نوبل للسلام، والتي تمكن المتحف من استعادتها من حركة حماس التي وضعت يدها على بيت عرفات في غزة، بعد السيطرة على القطاع منتصف 2007.
وقال أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط: «ليس بعيدا عن هنا عاش الرئيس عرفات، محاصرا في غرفته لمدة ثلاث سنوات، قضاها هذا المقاتل النبيل رافضا أن يستسلم، عارفا أن القهر لا يرتب شرعية، مؤمنا بأن التاريخ سيقول كلمته يوما ما».
وأضاف: «مررت على الغرفة التي شهدت هذا الصمود الأسطوري، الجدران لم يبق فيها موضع إلا وشهد على الرصاص، التفاصيل التي تروي سيرة بطل عربي نادر المثال، هذه التفاصيل والمقتنيات التي نجح المتحف في جمعها لا تروي قصة رجل فقط، وإنما تاريخ بلد، نتتبع تاريخ الوطن في مسيرة الرجل، الوطن الذي عاش ومات من أجله».
ويحيي الفلسطينيون غدا الجمعة، الذكرى 12 لوفاة عرفات، الذي رحل في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، في مستشفى بباريس بعد تدهور فجائي لصحته. وتعرض شاشات تلفزيونية لقطات من حياة عرفات ومرضه، وكذلك لحظات تأبينه ووداعه في فرنسا ومصر ورام الله.
ولا يزال عرفات يحظى بحب كبير في الأراضي الفلسطينية، وينظر إليه الفلسطينيون باعتباره رمزًا وأبًا لهم.
وكلف متحف عرفات سبعة ملايين دولار أميركي، بحسب «مؤسسة ياسر عرفات»، دفعتها الحكومات الفلسطينية المتعاقبة منذ بدء العمل بالمتحف قبل 6 سنوات.
متحف «عرفات».. نافذة تطل على الفصل الأطول في حياة الفلسطينيين
غرفة نوم «أبو عمار» المطرزة بالرصاص تأسر انتباه الزوار
متحف «عرفات».. نافذة تطل على الفصل الأطول في حياة الفلسطينيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة