أزمة انفصال بريدنيستروفيا أمام فرصة حل بموجب «خطة دودون»

المرشح للرئاسة المولدافية يتعهد بالتقارب مع روسيا

أزمة انفصال بريدنيستروفيا أمام فرصة حل بموجب «خطة دودون»
TT

أزمة انفصال بريدنيستروفيا أمام فرصة حل بموجب «خطة دودون»

أزمة انفصال بريدنيستروفيا أمام فرصة حل بموجب «خطة دودون»

تلوح في الأفق فرصة لحل واحد من النزاعات المجمدة التي خلفها سقوط الاتحاد السوفياتي، وتحديدا النزاع بين جمهورية مولدافيا وإقليم بريدنيستروفيا، إذ ينوي أحد أبرز المرشحين للرئاسة المولدافية العمل على تغيير نظام الدولة إلى فيدرالي وإيجاد تسوية لتلك الأزمة. ويُذكر أن النزاع في تلك المنطقة نشب في التسعينيات عندما بدأت الجمهوريات السوفياتية السابقة تعلن عن استقلالها الواحدة تلو الأخرى. وكانت السلطات المولدافية عام 1991 من الدول التي قررت الانفصال، الأمر الذي لم توافق عليه منطقة بريدنيستروفيا، التي يعيش فيها قرابة نصف مليون نسمة من الروس والأوكرانيين والمولدافيين. إثر ذلك أعلنت القيادات السياسية في بريدنيستروفيا عن تأسيس «جمهورية بريدنيستروفيا» وطالبوا بالانضمام إلى روسيا. على خلفية تلك المواقف نشب نزاع مسلح بين الطرفين واستمر لغاية عام 1992، حيث تم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار برعاية روسية، ومنذ ذلك الحين تحول الوضع هناك إلى «نزاع مجمد» مؤهل للانفجار من جديد في أي لحظة.
وقد بذلت الأطراف الدولية والمحلية جهودا طيلة السنوات الماضية لوضع نقطة في نهاية سطر النزاع حول إقليم بريدنيستروفيا، إلا أن كل تلك الجهود لم تأت بنتيجة، وذلك لعدة أسباب بينها طبيعة العلاقات بين كيشينيوف (العاصمة المولدافية) وموسكو، فضلا عن توقيع السلطات المولدافية اتفاقية شراكة انتسابية مع الاتحاد الأوروبي للتكامل مع مؤسساته السياسية والعسكرية، الأمر الذي لا يروق لممثلي بريدنيستروفيا، ومساعيهم للتكامل مع الجارة روسيا. ومع دخول مولدافيا مرحلة الانتخابات الرئاسية التي ستجري في الثلاثين من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، يرى مراقبون فرصة جديدة قد تؤدي لحل ذلك النزاع.
وما يدفع إلى التفاؤل تصريحات أدلى بها يوم أمس إيغر دودون، زعيم الحزب الاشتراكي المولدافي والمرشح الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية وفق ما تشير استطلاعات الرأي. في تلك التصريحات أكد دودون أنه بحال فوزه في الانتخابات الرئاسية فستكون روسيا أول محطة خارجية له بصفته رئيسا لمولدافيا، مؤكدًا على ضرورة استئناف علاقات الصداقة بين البلدين. وبالنسبة للنزاع في بريدنيستروفيا يرى دودون أن «النزاع هناك مستمر منذ وقت طويل جدا، ويمكن وضع نهاية له عبر تسوية سياسية» موضحا أنه «يمكن تشكيل فيدرالية في مولدافيا ودعوة بريدنيستروفيا لتكون عضوا في تلك الفيدرالية».
من جانبها لم تعلق بريدنيستروفيا على تصريحات دودون باعتبار أنها تأتي ضمن الحملات الانتخابية. مع ذلك قال ياكوف تشايكين المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في جمهورية بريدنيستروفيا غير المعترف بها أن «وزارة الخارجية لم تدع تلك التصريحات دون اهتمام، لا سيما تلك التي تتعلق بالتسوية بين بريدنيستروفيا وجمهورية مولدافيا»، إلا أن بريدنيستروفيا تفضل المضي على نهج «خطوة تلو الخطوة» وحل القضايا الاقتصادية الحادة بداية، وتحسين معيشة المواطنين، ومن ثم إثبات الجاهزية للمفاوضات، حسب قول تشايكين الذي اعتبر إنه من السابق لأوانه البحث الآن في صيغة التسوية السياسية بين طرفي النزاع «دون أخذ الخلافات العالقة مع كيشينيوف بشأن مستقبل الفضاء الأوراسي بالحسبان»، ويقصد بذلك الخلافات حول اختيار مولدافيا لنهج التكامل مع الاتحاد الأوروبي، بينما تأمل بريدنيستروفيا بالتكامل مع روسيا والمنظمات الإقليمية التي شكلتها في الفضاء السوفياتي سابقًا.
وبشكل عام فإن بريدنيستروفيا بانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية في مولدافيا، الأمر الذي أكده مصدر في المجلس الأعلى للجمهورية لصحيفة روسية، وقال ذلك المصدر: «نحن ننتظر لنرى من سيفوز وأي نهج سياسي سيعتمد»، داعيا إلى التريث، لأنه «من غير الواضح ما إذا كانت تلك التصريحات حقيقية أم مجرد وعود انتخابية»، معيدا إلى الأذهان أن طريقة الحل التي يقترحها المرشح لانتخابات الرئاسة المولدافية أيغر دودون تشبه إلى حد بعيد خطة للحل معروفة باسم «خطة كوزاك» نسبة لنائب رئيس الحكومة الروسية ديمتري كوزاك واضع تلك الخطة التي تنص على منح بريدنيستروفيا صفة قانونية خاصة في إطار جمهورية مولدافيا على أن تسمح السلطات المولدافية بنشر قوة روسية في بريدنيستروفيا لمدة 20 عاما كضمانة لتسوية النزاع. إلا أن الرئيس المولدافي فلاديمير فورونين الذي أبدى قبوله بداية لتلك الخطة، رفض توقيعها في اللحظة الأخيرة، وذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2003، مبررا قراره بأن الخطة تعطي لبريدنيستروفيا ميزات تفوق ما ستحصل عليه كيشينيوف. ومن غير الواضح ما إذا كانت خطة دودون تكرار لـ«خطة كوزاك» أم نسخة معدلة عنها، إلا أنه من الأكيد أن الأزمة في بريدنيستروفيا قد تعود إلى درب التسوية بحال التزم دودون بوعوده الانتخابية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».