75 ألف اختفوا قسريًا في سوريا خلال 6 سنوات

الشبكة السورية لحقوق الإنسان: الاختفاء القسري في هذا البلد هو الأسوأ في العصر الحديث

75 ألف اختفوا قسريًا في سوريا خلال 6 سنوات
TT

75 ألف اختفوا قسريًا في سوريا خلال 6 سنوات

75 ألف اختفوا قسريًا في سوريا خلال 6 سنوات

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تقريرًا بعنوان «الألم الممتد» وثقت فيه حصيلة الاختفاء القسري في سوريا من قبل الجهات الفاعلة.
واعتبر التقرير النظام السوري أسوأ الأنظمة الممارسة لمنهجية الإخفاء القسري في العصر الحديث، منذ أحداث الثمانينات في عهد الأسد الأب، إذ قاربت حصيلة المختفين قسريًا في ذلك الوقت 17 ألفا، معظمهم من أهالي مدينة حماه، أما في السنوات الست الماضية فقد بلغت حصيلة المختفين قسريًا قرابة 75 ألفا، توزعت على جميع المحافظات السورية.
وعرض التقرير تعريف الاختفاء القسري في المصطلح الحقوقي وهو أن تكون الجهة المرتكبة له هي الحكومة أو تتبع الحكومة (كحال الميليشيات المحلية أو الشيعية الأجنبية في سوريا)، أو منظمة سياسية.
وذكر التقرير أنه في الحالة السورية هناك قوات أصبحت بحكم الأمر الواقع تقوم مقام سلطات حاكمة، كما هو الحال في تنظيم داعش وجبهة فتح الشام (النصرة سابقًا)، وقوات الإدارة الذاتية التي تتبع بشكل رئيسي لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وأيضًا مناطق سيطرة فصائل تتبع للمعارضة المسلحة. وقد مارس هؤلاء جميعًا عمليات اعتقال متفاوتة، ارتقى البعض منها بعد ذلك إلى مرتبة الاختفاء القسري، إلا أن النظام السوري ما زال متفوقًا على بقية الأطراف بنسبة تصل إلى 96 في المائة من مجمل المختفين قسريًا في سوريا.
وقال فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنه «في سوريا من السهولة أن يتحول المعتقل إلى مختفٍ قسريًا، لأن عمليات الاعتقال جميعها لا تتم بمذكرة قضائية، بل هي أشبه بعمليات خطف، أو اعتقال لدى المرور عبر الحواجز، دون معرفة الجهة التي قامت بالاعتقال، ودون معرفة سبب الاعتقال، كما تُنكر وترفض السلطات بشكل مطلق الاعتراف بأنها من قامت باعتقال الأشخاص أو تعذيبهم أو إبلاغ أحد بمكان وجودهم، ويخشى الأهالي السؤال عنهم، ويدخل الضحايا في ثقب أسود يزداد توسعًا مع الزمن».
وأشار التقرير إلى أن النظام السوري استخدم سلاح الإخفاء القسري لبثِّ الإرهاب والخوف بين جميع قطاعات المجتمع، ولم تقتصر عمليات الاعتقال والإخفاء القسري على النشطاء السياسيين أو المعارضين بل كانت هناك حملات عشوائية كثيرة، طالت كبار السن والأطفال، ضمن عملية نزيف وتحطيم لركائز المجتمع السوري، وتزداد المعاناة عند الزوجات والأمهات والأطفال الذين يتحملون العبء الأكبر من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تقوم الحكومة السورية بتجريد المختفي من وظيفته، وبإيقاف راتبه وجميع مستحقاته، وتمنع عائلته من حق التصرف في ممتلكاته كالميراث والمسكن وتُجمَّدُ أمواله.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.