خطة من ثلاثة محاور لمكافحة التطرف في السجون البريطانية

أبرزها عزل المتشددين في زنزانات خاصة ومنع «الأدبيات» المنافية لقيم الجزر

صورة أرشيفية لأنجم تشودري وهو يلقي خطابا خارج مسجد «ريجنتس بارك» وسط لندن في 3 أبريل 2015 (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية لأنجم تشودري وهو يلقي خطابا خارج مسجد «ريجنتس بارك» وسط لندن في 3 أبريل 2015 (إ.ب.أ)
TT

خطة من ثلاثة محاور لمكافحة التطرف في السجون البريطانية

صورة أرشيفية لأنجم تشودري وهو يلقي خطابا خارج مسجد «ريجنتس بارك» وسط لندن في 3 أبريل 2015 (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية لأنجم تشودري وهو يلقي خطابا خارج مسجد «ريجنتس بارك» وسط لندن في 3 أبريل 2015 (إ.ب.أ)

بعد أيام من إدانة أنجم تشودري، الذراع اليمنى لعمر بكري محمد مؤسس جماعة «مهاجرون» الإرهابية، بدعم «داعش»، أعلنت الحكومة البريطانية اليوم حزمة إجراءات جديدة تنص على عزل «أخطر المتطرفين» عن باقي نزلاء سجون البلاد، في إطار إصلاح عام لمنظومة السجون.
وأثارت إدانة القضاء البريطاني تشودري بالإرهاب، ما يعرضه لعقوبة سجن تصل إلى 10 سنوات، مخاوف من ضلوعه في نشر الفكر المتطرف وتجنيد متشددين بين السجناء. وارتفعت أصوات في الأوساط السياسية والأمنية بضرورة عزل تشودري في سجن انفرادي لمنعه من الترويج لفكره المتطرف.
وأكد مصدر في وزارة العدل أمس أن وزيرة العدل في حكومة تيريزا ماي، إليزابيث تروس، أعلنت تعليمات جديدة لمسؤولي السجون تهدف إلى مكافحة الإرهاب وانتشار التطرف. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الوزارة تؤسس لخطة من ثلاثة محاور لردع التطرف من سجونها؛ الأول يهدف إلى تأهيل موظفي السجون لاتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة انتشار التطرف. وكشفت المتحدثة باسم الوزارة في حديث هاتفي أمس أنه سيتم إنشاء «وحدة للأمن والنظام ومكافحة الإرهاب» تشرف على هذه العملية بالتعاون مع قيادات السجون.
وينص المحور الثاني على منع تداول الأدبيات ذات المحتوى المتطرف ومنع أي سجين يروج «لمعتقدات تتعارض (مع المبادئ) البريطانية وآراء أخرى خطيرة» من صلاة الجمعة. كما دعت الوزارة إلى تعزيز التدقيق في رجال الدين الذين يقدمون خدمات داخل السجون، والتأكد من «وضع الشخص الصحيح في المنصب الصحيح» لوقف انتشار الفكر المتشدد ومحاربته.
أما المحور الثالث والأهم من الخطة الحكومية، فيؤسس لعزل «أخطر المتطرفين» في وحدات متخصصة لمنع انتشار الفكر الإرهابي بين السجناء. ويأتي هذا الإجراء استجابة لتوصيات حكومية أصدرها المسؤول السابق في وزارة الداخلية إيان أكيسون بعد أن وجهت الحكومة بطلب من وزير العدل آنذاك مايكل غوف بإعداد تقرير مفصل حول انتشار التطرف في السجون البريطانية في سبتمبر (أيلول) 2015.
بهذا الصدد، قالت الوزيرة تروس في تصريحاتها اليوم إنها ملتزمة باقتلاع جذور التطرف من سجون المملكة المتحدة، وضمان أمن هذه المؤسسات ونزلائها والأمن العام.
وهذه الإجراءات ليست هي الأولى التي تستهدف النزلاء المسلمين في بريطانيا، حيث كان مدير سجن «بارليني»٬ أكبر سجون اسكوتلندا٬ قد أصدر قرارا العام الماضي بوضع نزلاء السجون المسلمين في زنزانات خاصة بهم٬ لكن لسبب مختلف تماما؛ وهو تفادي إزعاج السجناء الآخرين بصلاة الفجر المبكرة.
وأوضح إيان وايتهيد٬ مدير السجن، في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 أن هذا الإجراء جاء استجابة لرغبة السجناء في تخصيص زنزانات يتشارك فيها المسلمون. وقال: «يبدو لي أن ذلك منطقي٬ لأنه يمكن لهؤلاء السجناء من أداء صلواتهم اليومية الخمس دون إيقاظ أحد». أما بالنسبة للذين لم تسنح لهم فرصة مشاركة مسلمين آخرين في زنزانتهم بحكم ضيق المكان٬ فأكد وايتهيد أنه سيسمح بوضع جميع السجناء في جناح واحد خلال المناسبات الخاصة٬ كشهر رمضان الكريم.
إلى ذلك٬ أقام سجن «بارليني» شراكة مع مسجد غلاسغو المركزي بهدف التقليل من نسب العودة للإجرام٬ من خلال تقديم الإرشاد الروحي للسجناء وفرص عمل لتسهيل انخراطهم في المجتمع من جديد. بهذا الصدد٬ أوضح نبيل الشيخ٬ الأمين العام لمسجد غلاسغو المركزي٬ لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المبادرة كانت هي الأولى من نوعها في اسكوتلندا وبريطانيا التي تهدف إلى استقبال السجناء الذي قضوا فترة عقوبتهم ضمن المجتمع والجالية المسلمة من جديد. ويقول: «الهدف الرئيسي من المبادرة هو التقليل من نسبة السجناء الذين يعودون إلى الإجرام بعد انتهاء فترة سجنهم. فهي عملية تسهل الاندماج في المجتمع٬ من خلال شغل مناصب داخل المسجد٬ وإن كانت تطوعية». ويتوقع الشيخ أن تنطلق المبادرة ابتداء من بداية السنة المقبلة.
وكانت الحكومة البريطانية قد رصدت في مطلع العام الحالي ارتفاع أعداد المسلمين في السجون البريطانية لأعلى مستوياتها على الإطلاق٬ إذ تضاعف عددهم تقريبا من ستة آلاف و600 سجين إلى ما يفوق 12 ألفا خلال الفترة الممتدة بين 2004 و2014، لتتراوح نسبتهم بين 12 و14 في المائة من إجمالي عدد نزلاء السجون البريطانية٬ حسب آخر الإحصاءات. كما أن الأرقام الصادرة عن وزارة العدل البريطانية تشير إلى أن واحدا من كل سبعة سجناء في إنجلترا وويلز مسلم٬ بعد أن ارتفع العدد بنسبة 4 في المائة خلال 2014، بينما يشكل المسلمون أكثر من ثلث السجناء في بعض السجون الأخرى٬ وفق ما ذكرته صحيفة «التايمز» البريطانية.
وفيما أرجع البعض هذا الارتفاع الملحوظ إلى ظاهرتي التطرف والإرهاب٬ إلا أن المعطيات تشير إلى أن الجرائم الرئيسية التي نسبت إلى عدد كبير من السجناء المسلمين تتعلق بالعنف والمخدرات. وتوضح إحصاءات وزارة العدل البريطانية أن هناك 130 سجينا متطرفا حاليا، كما أن آخرين متأثرون بخطاب الكراهية والتشدد.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».