صفحات من حياة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كتبت هنا بين أركان وحوائط هذا المنزل العتيق الكائن برقم (8) شارع قنواتي، بحي باكوس الشعبي بالإسكندرية، ذلك المنزل الذي شهد طفولة واحد من أهم الرؤساء المصريين بل وأحد القادة المؤثرين في العالم.
وقريبًا سوف تصبح زيارة هذا المنزل متاحة بعد أن أعلنت د. نيفين الكيلاني، رئيسة صندوق التنمية الثقافية بمصر، تحويل المنزل لمكتبة عامة، بعد الانتهاء من عمليات ترميم استغرقت عامين. وقالت الكيلاني لـ«الشرق الأوسط»: «إن مشروع ترميم المنزل تكلف مليون و350 ألف جنيه مصري. ومن المنتظر الإعلان عن افتتاحه رسميا في وقت قريب. والمبنى مساحته نحو 160 مترًا مربعًا، ومقام على أرض مساحتها 380 مترًا مربعًا، وهو يضم 5 غرف وصالة استقبال، وسوف يتضمن مشروع إحياء المنزل وتحويله لمكتبة مسرحا مكشوفا، إلى جانب قاعة رئيسية للاطلاع. وتم تجهيز المنزل لكي يحتضن 3 قاعات: قاعة اطلاع للشباب، وقاعة للمالتي ميديا (سمع - بصرية) تضم كل الأعمال التي تناولت حياة الزعيم من أفلام وتسجيلات وثائقية لخطبه ولقاءاته الرئاسية، وصورًا نادرة وقاعة لتعليم الكومبيوتر، ومخزنًا للكتب ودورات مياه ومكاتب إدارية».
وقد ظل تحويل منزل عبد الناصر بالإسكندرية إلى متحف يخلد تاريخه حلما يراود أهل الإسكندرية، حيث كان للرئيس الراحل مواقف وأحداث تاريخيه بها سطرتها كتب التاريخ، إلا أن ذلك المنزل ظل مهملا ومغلقا لعشرات السنوات منذ أكثر من 46 عاما.
يعود تاريخ المنزل الذي شهد مولد الزعيم جمال عبد الناصر (1918 - 1970) إلى عام 1904، واشترى والده عبد الناصر حسين، الموظف بمصلحة البريد بالإسكندرية، المنزل ليشهد ولادة أحد رؤساء مصر، وظلت به الأسرة عدة سنوات شهدت المرحلة الأولى من حياة عبد الناصر وأشقائه. وحينما انتقل والدهم للعمل في القاهرة باع المنزل بمبلغ 3 آلاف جنيه إلى عائلة الصاوي التي قضت فيه عشرات السنين حتى أمر الرئيس أنور السادات بإخلائه لكي يكون متحفا يخلد ذكرى الزعيم جمال عبد الناصر، واشترت محافظة الإسكندرية المنزل بـ30 ألف جنيه.
وتكمن أهمية هذا المنزل أنه المكان الذي شب فيه عبد الناصر على مناضلة الاستعمار منذ التحاقه بمدرسة رأس التين الثانوية بحي بحري، وكان عبد الناصر قد ذكر في حديث صحافي شهير له مع ديفيد مورجان مندوب صحيفة الـ«صنداي تايمز»، بتاريخ 18 يونيو (حزيران) 1962: «ما زلت أذكر بوضوح أول صدام لي ضد السلطة، كان ذلك عام 33 وكنت يومئذ تلميذا في الإسكندرية لم أبلغ الخامسة عشرة من عمري.. وكنت أعبر ميدان المنشية في الإسكندرية حين وجدت اشتباكا بين مظاهرة لبعض التلاميذ وسلطات الاحتلال.. وقد دخلت السجن تلميذا متحمسا وخرجت منه مشحونا بطاقة من الغضب، وقد مضى بعد ذلك زمن طويل قبل أن تتبلور أفكاري ومعتقداتي وخططي ولكن حتى هذه اللحظة الباكرة كنت أعلم أن وطني يخوض صراعا متصلا من أجل حريته».
وقد دارت تلك الأحداث في عام 1930 حينما استصدر إسماعيل صدقي باشا، رئيس الحكومة آنذاك مرسومًا بإلغاء دستور 1923 فثار الطلاب وخرجوا يهتفون بسقوط الاستعمار وبعودة الدستور. وجدير بالذكر أن للرئيس جمال عبد الناصر عددًا من المنازل في مصر التي شهدت صفحات من حياته وتاريخ مصر أيضًا، أشهرها في القاهرة بمنشية البكري (شرق القاهرة) والذي تم تحويله لمتحف لمقتنياته إلا أنه لم يتم افتتاحه بعد، وهناك عدد من المنازل منها منزل بحلوان وآخر بأسيوط بصعيد مصر، وقد جمعت مكتبة الإسكندرية كل ما يتعلق بحياة ثاني الرؤساء المصريين وعددًا من الوثائق والخطب المصورة في موقع إلكتروني يخلد ذكراه.
منزل جمال عبد الناصر في الإسكندرية يتحول إلى مكتبة
بعد أكثر من 46 عامًا على رحيل الرئيس المصري الأسبق
منزل جمال عبد الناصر في الإسكندرية يتحول إلى مكتبة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة