تركيا تنشئ أول صندوق سيادي للمشروعات الاستراتيجية

خفض سعر الفائدة على المساكن.. وجدولة ديون الفلاحين

خطوات واسعة تتخذها الحكومة التركية لتنشيط الاقتصاد وتحظى بقبول شعبي واسع (رويترز)
خطوات واسعة تتخذها الحكومة التركية لتنشيط الاقتصاد وتحظى بقبول شعبي واسع (رويترز)
TT

تركيا تنشئ أول صندوق سيادي للمشروعات الاستراتيجية

خطوات واسعة تتخذها الحكومة التركية لتنشيط الاقتصاد وتحظى بقبول شعبي واسع (رويترز)
خطوات واسعة تتخذها الحكومة التركية لتنشيط الاقتصاد وتحظى بقبول شعبي واسع (رويترز)

بدأت الحكومة التركية الإعداد لإنشاء أول صندوق سيادي في تاريخ تركيا لدعم مشاريعها الاستراتيجية والتنموية طويلة الأمد بتمويل منخفض التكاليف، على أن يتبع الصندوق الجديد مباشرة مكتب رئيس مجلس الوزراء.
وقدمت الحكومة إلى البرلمان التركي الأسبوع الماضي مشروع قانون أدرج على مناقشات البرلمان، ينص على إنشاء شركة مساهمة تدير صندوقا سياديا وتكون تابعة مباشرة لرئاسة الوزراء وتدار وفقًا لمبادئ الإدارة المهنية والأحكام القانونية الخاصة. وتضمن مشروع القانون إنشاء صناديق استثمارية أخرى تكون تابعة للصندوق السيادي، وفقًا لحاجة البلاد.
وارتفعت وتيرة التطور في الصناديق السيادية حول العالم، بقيام عشرات الدول بإنشاء صناديق سيادية منذ 2005. وأظهر تقرير صادر عن معهد صناديق الثروة السيادية، وهي منظمة دولية تدرس صناديق الثروة السيادية حول العالم، في أبريل (نيسان) الماضي، أن 4 صناديق سيادية توجد في منطقة الخليج العربي من ضمن أكبر 10 صناديق حول العالم، مقرها السعودية والكويت وقطر والإمارات.
والصناديق السيادية، هي كيانات استثمارية تقدر بتريليونات الدولارات، مهمتها إدارة الثروات والاحتياطيات المالية للدول، وتتكون من أصول متنوعة، مثل العقارات والأسهم والسندات وغيرها من الاستثمارات.
وتهدف الحكومة التركية من وراء مشروع القانون، إلى دخول تركيا نادي العمالقة المالكين لصناديق سيادية، وهي الدولة الوحيدة بين دول مجموعة العشرين (G20)، التي لم تكن تمتلك صندوقًا سياديا.
ويبلغ مجموع قيمة أصول أكبر 15 صندوقًا سياديا في العالم، 10 تريليونات و793.5 مليار دولار، استنادا إلى معطيات معهد صناديق الثروات السيادية.
وتتصدر الولايات المتحدة عبر صناديقها السيادية الدولية لائتمان الضمان الاجتماعي (Social Security Trust Funds)، بقيمة أصول تبلغ تريليونين و813 مليار دولار، تليها اليابان بصندوق المعاشات الحكومية الاستثماري (Government Pension Invesment Fund) بقيمة تريليون و918 مليار دولار. ويأتي الصندوق السيادي النرويجي الحكومي للتقاعد (Government Pension Fund Global) ثالثًا، بقيمة 846.7 مليار دولار، والصين بقيمة 813.8 مليار دولار، والإمارات العربية المتحدة 792 مليار دولار، والكويت 592 مليار دولار، والسعودية 582.4 مليار دولار.
وتوقع وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي أن تبلغ قيمة أصول الصندوق السيادي التركي المقترح مائتي مليار دولار، وإن طبقت تقديرات الوزير زيبكجي، تكون تركيا قد امتلكت واحدًا من أكبر 20 صندوقا سياديا حول العالم.
ويقول أرجون جودك الإداري في مصرف «دنيز بانك» في تركيا، الذي تمتلك روسيا غالبية أسهمه، إن مبادرة أنقرة لإنشاء صندوق سيادي «تأخرت»، وذلك بحكم موقعها كعضو في مجموعة العشرين. لافتا إلى تسابق الدول في إنشاء صناديق سيادية.
وأضاف أن «قيمة أصول الصناديق السيادية ارتفعت بأكثر من 3 تريليونات دولار في الفترة بين 2008 و2015.. والنفط والغاز الطبيعي يشكلان أكثر من 4 تريليونات دولار من مجموع أصول الصناديق السيادية في العالم».
* إجراءات لتعزيز الاستثمار:
وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، الثلاثاء، أن البنك المركزي سيضخ 90 مليون دولار في الأسواق «قريبا» لتعزيز الاستثمارات، كما سيتم وضع قواعد جديدة لتعزيز نظام التضامن الاجتماعي وضمانات للقروض في القطاع الزراعي.
وأضاف أن الحكومة ستعيد جدولة ديون الفلاحين، البالغة 215 مليون دولار، وتمديد فترة السماح بالسداد إلى خمس سنوات مع إعفائهم من بعض أعباء هذه الديون.
وأشار يلدريم، في كلمة أمام الاجتماع الأسبوعي للكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان التركي، إلى أنه سيتم تعيين 15 ألف معلم جديد بدلا عن المعلمين الذين ألغيت تراخيص عملهم بعد محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو (تموز) الماضي، كما سيتم تعيين 10 آلاف شرطي داعيا الشباب للتقدم إلى هذه الوظائف.
على صعيد آخر، أعلن البنك الزراعي التركي وبنك الاقتصاد التركي أمس الأربعاء خفض سعر الفائدة الشهري على قروض الإسكان، بعد أن دعا الرئيس رجب طيب إردوغان البنوك في الأسبوع الماضي لخفض تكاليف الإقراض من أجل دعم مبيعات المساكن.
وذكر البنك الزراعي في بيان أن العمل بأسعار الفائدة الجديدة، التي لم يذكرها البيان، يبدأ اعتبارا من أمس. وكان سعر الفائدة الشهري على قروض المساكن يبلغ 1.2 في المائة، وأصبح بعد التخفيض الجديد 0.9 في المائة.
* نمو صناعي:
في الوقت نفسه، كشف وزير العلوم والصناعة والتكنولوجيا التركي فاروق أوزلو، أن قطاع الصناعة في البلاد سجل نموًا بنسبة 4.3 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي.
وقال الوزير التركي في بيان حول مؤشرات الإنتاج الصناعي لشهر يونيو (حزيران) الماضي، المعلنة من قبل هيئة الإحصاء التركية، إن الإنتاج الصناعي ارتفع في يونيو بنسبة 1.1 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأشار إلى أن الإنتاج الصناعي واصل ارتفاعه حتى وإن كان تحت التوقعات بفارق ضئيل.
وأكد أوزلو أن الإنتاج الصناعي يعد مؤشرًا لنمو البلد، والقوة المحركة له، معتبرًا أن نموه في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي؛ رغم الغموض في الأسواق الخارجية، والاضطرابات في محيط تركيا، مؤشر على نمو البلد السريع.
وشدد الوزير على أن الحكومة اتخذت خطوات جديدة من أجل فتح الطريق أمام الصناعيين، وزيادة الإنتاج رغم التطورات الاستثنائية التي شهدتها البلاد جراء محاولة الانقلاب الفاشلة.

الميزان التجاري
وفي سياق ذي صلة، شهدت صادرات تركيا إلى بريطانيا خلال النصف الأول من العام الحالي ارتفاعا بنسبة 17 في المائة، مقارنة مع النصف الأول من العام الماضي، لتصبح 6 مليارات و302 مليون و514 ألف دولار أميركي.
ووفقا لبيانات هيئة الإحصاء التركية، شهدت صادرات تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، خلال النصف الأول من العام الحالي، ارتفاعا بنسبة 10.4 في المائة، لتصبح 34 مليارا و369 مليونا و32 ألف دولار، في حين أن الواردات انخفضت بنسبة 2.8 في المائة خلال الفترة المذكورة، لتصبح 38 مليارا و876 مليونا و129 ألف دولار.
وانخفضت واردات تركيا من الاتحاد الأوروبي، خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة 9.4 في المائة لتصبح 38 مليارا و876 مليونا و129 ألف دولار، بعد أن كانت 42 مليارا و930 مليونا و622 ألف دولار.
واحتلت ألمانيا المركز الأول بين بلدان الاتحاد الأوروبي من حيث الصادرات والواردات التركية، إذ بلغ حجم الصادرات التركية إليها، نحو 6 مليارات و994 مليونا و425 ألف دولار، بينما الواردات بلغت 10 مليارات و899 مليونا و25 ألف دولار.
وشهدت صادرات تركيا إلى بريطانيا ارتفاعا بنسبة 53 في المائة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، بعد أن كان حجم الصادرات التركية إلى بريطانيا خلال النصف الأول من عام 2012. نحو 4 مليارات و124 مليونا و778 ألف دولار.
وأظهرت البيانات أن واردات تركيا من بريطانيا، خلال النصف الأول من العام الحالي، انخفضت بنسبة 4.6 في المائة لتصبح مليارين و629 مليون دولار، بينما انخفضت الواردات بنسبة 2.85 في المائة، خلال السنوات الخمس الأخيرة.
* عثرات لنمو طموح:
واستهلت تركيا العام الحالي بتوقعات تشير إلى أن الأداء الاقتصادي للبلاد سيتحسن متأثرا بخطط مالية تعزز الاعتماد على السوق المحلية وتخفض من مستوى الاستيراد، إضافة للتفاؤل بتجاوز الأزمات الداخلية والخارجية التي واجهتها تركيا العام الماضي.
وأعلنت تركيا أن معدل النمو المتوقع خلال العام الحالي يبلغ 5 في المائة، بعد معدل العام الماضي الذي كان في حدود 3.4 في المائة في ظل عقبات واجهها الاقتصاد التركي، مع توقعات بتراجع البطالة إلى 10 في المائة.
لكن الحوادث الإرهابية المتعاقبة ومحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في منتصف يوليو الماضي، دعت إلى نوع من الحذر في التقديرات.
وبعد أسبوع واحد من محاولة الانقلاب، خفضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لتركيا إلى دون الدرجة الاستثمارية، موضحة أن محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد أضعفت البيئة الاقتصادية والاستثمارية.
وأشارت إلى أن الانقسام السياسي الحاد والمتزايد في تركيا، إضافة إلى تآكل الضوابط والتوازنات المؤسسية، أثرّا سلبا على البيئة الاستثمارية في البلاد.
كما رفعت الوكالة في مطلع أغسطس (آب) الحالي تقييمها لمخاطر تركيا إلى «عالي المخاطر» من «عالي المخاطر باعتدال» وذلك إثر المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وتأتي الخطوة بعـد أن خفضـت الوكالـة في الشهـر المـاضي تصنيفهـا للـديـون السيـادية لتركيا إلى نطاق «عديمـة القيمة» وغيـرت نظرتها المستقبلية لها إلى «سلبية»، قائلة إن الانقسام السياسي تفاقم منذ المحاولة الانقلابية التي قام بها فصيل داخل الجيش.
وكانت أوساط اقتصادية عالمية كثيرة قد حذرت من مخاطر حملة التطهير والاجتثاث الواسعة في مؤسسات الدولة التركية منذ الانقلاب، وقالت إنه سيكون لها تداعيات على العلاقات الاقتصادية وحركة الاستثمارات. وقد ظهر تأثيرها بشكل كبير على حركة السياحة في البلاد.
وأظهرت بيانات وزارة السياحة التركية حدوث انهيار كبير في عدد السياح، قبل الانقلاب الفاشل وما تبعه من عمليات تطهير في مؤسسات الدولة، أدت إلى زعزعة ثقة السياح والمستثمرين في مستقبل البلاد.
وأعلنت وزارة السياحة التركية بيانات أظهرت تراجع عدد السياح الأجانب بنسبة تقارب 41 في المائة في شهر يونيو مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، ما يشكل أدنى مستوى له لهذا العام بسبب تزايد الاعتداءات الإرهابية والخلاف مع روسيا، الذي أدى إلى عزوف سياحها عن زيارة البلاد.
ويرجح المراقبون أن تظهر البيانات في المستقبل انهيارا أوسع في النشاط السياحي تغطي فترة ما بعد الانقلاب.
وتسعى الخطط الحكومية متوسطة المدى إلى خفض نسبة التضخم من 8.8 في المائة العام الماضي إلى 7 في المائة مع نهاية العام الحالي، وإلى 6 في المائة العام المقبل، و5 في المائة في عام 2018.
وكان الاقتصاد التركي قد سجل نموا بلغ 2.9 في المائة عام 2014. في حين بلغت القيمة الإجمالية للناتج المحلي 798 مليارا و400 مليون دولار.



الأكبر له منذ أكثر 10 سنوات... البنك الوطني السويسري يخفّض الفائدة بـ50 نقطة أساس

صورة لعلم على مبنى البنك الوطني السويسري في برن (رويترز)
صورة لعلم على مبنى البنك الوطني السويسري في برن (رويترز)
TT

الأكبر له منذ أكثر 10 سنوات... البنك الوطني السويسري يخفّض الفائدة بـ50 نقطة أساس

صورة لعلم على مبنى البنك الوطني السويسري في برن (رويترز)
صورة لعلم على مبنى البنك الوطني السويسري في برن (رويترز)

خفّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، يوم الخميس، وهو أكبر تخفيض له منذ ما يقرب من 10 سنوات، حيث سعى إلى البقاء متقدماً على التخفيضات المتوقَّعة من قِبَل البنوك المركزية الأخرى، والحد من ارتفاع الفرنك السويسري.

وخفض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة من 1.0 في المائة إلى 0.5 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

وكان أكثر من 85 في المائة من الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا خفضاً أقل بمقدار 25 نقطة أساس، على الرغم من أن الأسواق كانت تتوقَّع خفضاً بمقدار 50 نقطة.

كان هذا الخفض أكبر انخفاض في تكاليف الاقتراض منذ الخفض الطارئ لسعر الفائدة الذي أجراه البنك المركزي السويسري في يناير (كانون الثاني) 2015، عندما تخلى فجأة عن الحد الأدنى لسعر الصرف مع اليورو.

وقال البنك: «انخفض الضغط التضخمي الأساسي مرة أخرى خلال هذا الربع. ويأخذ تيسير البنك الوطني السويسري للسياسة النقدية اليوم هذا التطور في الاعتبار... وسيستمر البنك الوطني السويسري في مراقبة الوضع عن كثب، وسيقوم بتعديل سياسته النقدية، إذا لزم الأمر، لضمان بقاء التضخم ضمن النطاق الذي يتماشى مع استقرار الأسعار على المدى المتوسط».

كان قرار يوم الخميس هو الأول من نوعه في عهد رئيس البنك المركزي السويسري الجديد، مارتن شليغل، وشهد تسريعاً من سياسة سلفه توماس جوردان، الذي أشرف على 3 تخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس هذا العام.

وكان ذلك ممكناً بسبب ضعف التضخم السويسري، الذي بلغ 0.7 في المائة في نوفمبر، وكان ضمن النطاق المستهدَف للبنك الوطني السويسري الذي يتراوح بين 0 و2 في المائة، الذي يسميه استقرار الأسعار، منذ مايو (أيار) 2023.