صالح يستدعي البرلمان لشرعنة مجلس الانقلابيين السياسي

باحث يمني يدعو لخروج سلمي في صنعاء لرفض تحركات الميليشيات

صالح يستدعي البرلمان لشرعنة مجلس الانقلابيين السياسي
TT

صالح يستدعي البرلمان لشرعنة مجلس الانقلابيين السياسي

صالح يستدعي البرلمان لشرعنة مجلس الانقلابيين السياسي

يسعى الانقلابيون إلى شرعنة المجلس السياسي الذي أعلنوا تشكيلته، قبل 3 أيام، وذكرت مصادر في صنعاء أن هيئة رئاسة مجلس النواب (البرلمان)، أقرت، أمس، باستئناف جلسات المجلس يوم السبت المقبل، وذكرت مصادر خاصة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن إعادة إحياء البرلمان، الذي لم يعقد جلسة واحدة منذ الانقلاب وسيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، تجري بإيعاز من المخلوع علي عبد الله صالح وبالاتفاق مع الحوثيين، وذلك بهدف التصويت على تشكيلة المجلس السياسي الأعلى، الذي أنشأه الانقلابيون «بمن حضر» من قوام مجلس النواب، البالغ قوامه 301 من الأعضاء.
وتشير المعلومات إلى أن صالح دعا أعضاء المجلس المنتمين إلى حزبه والأحزاب الصغيرة «المفرخة»، بهدف تمرير التصويت على تشكيلة المجلس السياسي، وكذا تمرير عدد من الإجراءات الانقلابية وإعطائها صبغة قانونية عبر البرلمان، في الوقت الذي انشق عدد من أعضاء البرلمان الذين يمثلون حزب المؤتمر عن صالح، بعد تواطئه وتسهيل القوات الموالية له لاحتلال العاصمة صنعاء.
ويحتل حزب المؤتمر الشعبي العام المرتبة الأولى في عدد الأعضاء داخل البرلمان (238)، يليه حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي (46)، وبقية الأعضاء يتوزعون على الحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وحزب البعث، والمستقلين، وكل أعضاء هذا الحزب من الموالين للشرعية. وتنص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية (المعترف بها دوليًا) لحل الأزمة في اليمن، والتي تنحى بموجبها المخلوع صالح عن الحكم عام 2012، على اتخاذ القرارات في مجلس النواب «بالتوافق». وكان البرلمان اليمني عقد آخر جلساته في 22 ديسمبر (كانون الأول) 2014، أي بعد شهرين من احتلال العاصمة صنعاء، بمشاركة أقل من 60 نائبًا.
ويقول الدكتور نجيب غلاب، الباحث اليمني ورئيس «مركز الجزيرة للدراسات» في صنعاء، إن «صالح يحاول شرعنة الانقلاب من خلال الدستور الحالي وتكبيل المؤسسات الدستورية ومجلس النواب، وتوظيف هذا المجلس لإعادة بناء الانقلاب الجديد، وتجاوز المرحلة السابقة التي شكلتها الحركة الحوثية ولجانها المنتشرة، وفشلت على أثرها في إنجاح الانقلاب الأول»، مضيفًا أنه «يسعى صالح إلى إعادة بناء تحالفات داخلية تسانده في إظهار الانقلاب وكأنه يمتلك شرعية دستورية، فضلاً عن محاولته إعادة ضبط المؤسسات التي (بعثرتها) الحركة الحوثية»، ويقول غلاب إن الهدف الأساسي من تحركاته «يتمثل في إضعاف الشرعية ومرجعيات الحوار الوطني وإعادة لحمة التناقضات (الانقلابية) الموجودة داخل صنعاء، بهدف إدارة معركة بأبعاد سياسية وعسكرية وفق عناصر متكاملة، إذ يرنو إلى أن يظهر وكأنه تعبير حقيقي، ويحاول ترويج أن الشرعية تشكو من فراغ، وهذا يعطي انطباعًا داخليًا وخارجيًا بأنه باقٍ، وأن السلطة معتمدة على تفعيل المؤسسات والقوانين والأنظمة. كل هذه أفكار تلوح الآن في مخيلة الرجل الذي يقود اليمن إلى أبعد من المجهول، بدعم الحوثيين في استمرار الحرب». ويضيف رئيس «مركز الجزيرة للدراسات» أنه يهدف أيضًا إلى جانب اقتصادي، يتمثل في السيطرة على موارد الدولة من خلال البنك المركزي، والتحيز ضد مناطق معينة بتكتيكات سياسية مختلفة.
يقول غلاب: «بالتالي، يفترض أن تمتلك الشرعية رؤية متماسكة لمواجهة هذا المخطط الجديد للانقلاب، بمخطط موازٍ يعري ويكشف نياته».
ويضيف الباحث اليمني: «إن الشرعية تمر في مرحلة مفصلية وخطيرة، وهذا يحتاج من أطرافها (الحكومة والرئاسة) إلى مخططات واضحة ومتكاملة في الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية لمواجهة المحاولات اليائسة لشرعنة الانقلاب»، مستطردًا: «لا بد من تكثيف العمل بشكل كبير، ووجود رؤية متماسكة ومتكاملة تركز على تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة، وتعيد بناء لحمة الأطراف الشرعية في كتلة قوية، إلى جانب تطعيم معالجة التكتيكات والمخططات الانقلابية، من خلال المواجهة بالصدمة عبر الأعمال العسكرية».
وهناك استراتيجيات مقترحة يرى باحثون وجوب أن تتخذها الشرعية. يقول غلاب: «إن تبني أدوات تواصل داخلي بحيث تتمكن الكتلة الشعبية المؤيدة للشرعية من أن تصبح قوة أكبر رافضة ومعارضة للانقلاب، وتصر على إسقاط الانقلاب في الفترة المقبلة، مسألة ضرورية».
ويذهب الباحث إلى أبعد من ذلك، قائلاً: «إن تفعيل المقاومة لا يقتصر على الجانب العسكري، بل يجب أن يكون سياسيًا وحقوقيًا، وبتحريك الكتل الشعبية ميدانيًا بشكل سلمي في المناطق التي تقع تحت سيطرة الانقلاب بالذات، في العاصمة صنعاء».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».