القضية الفلسطينية.. الخيارات الجديدة

الفلسطينيون ملّوا «أكاذيب» إسرائيل و«حقن المورفين» الأميركية.. ويخاطرون بالجمل بما حمل

القضية الفلسطينية.. الخيارات الجديدة
TT

القضية الفلسطينية.. الخيارات الجديدة

القضية الفلسطينية.. الخيارات الجديدة

العالم كله منشغل.. نصفه بمحاربة الإرهاب.. ونصفه الآخر بالأزمات الاقتصادية.. فيما العرب غرقوا في حروب داخلية وطائفية.. ولا أحد متفرغ للفلسطينيين وقضيتهم ومشكلاتهم وانقساماتهم وأزماتهم
بعد أكثر من 22 عامًا من المفاوضات (غير المستمرة)، تعلم الفلسطينيون أمرين، الأول: أنه لا يمكن التفاهم مع إسرائيل، والثاني أنه لا يمكن رمي كل البيض في السلة الأميركية.
وأمام هذا الواقع المعقد، إذ لا يمكن عقد اتفاق دون إسرائيل (الطرف الرئيسي) ولا رعاية دولية من دون الولايات المتحدة (الدولة الأقوى)، تبدو خيارات الفلسطينيين محدودة ومحاصرة في هذا الوقت، لكنها كذلك ليست منعدمة تماما. وبعد آلاف الساعات من المفاوضات من أجل دولة صغيرة على 22 في المائة فقط من أرض فلسطين التاريخية كانت النتيجة صفرًا كبيرًا، إذ لم يغلق الطرفان ملفا واحدا قط على الرغم من أن القيادة الفلسطينية جربت كل شيء، مفاوضات واتفاقات وخارطة طريق وانتفاضات وعمليات واتفاقات أخرى ورباعية وأميركا واتحاد أوروبي ومجلس أمن وجنايات دولية ولقاءات أمنية وقرارات مركزية.
واليوم يبدو الواقع الفلسطيني أكثر تعقيدًا، فالعالم كله منشغل، نصفه بمحاربة الإرهاب ونصفه بالأزمات الاقتصادية، فيما العرب غرقوا في حروب داخلية وطائفية، ولا يتضح أن أحدا متفرغ للفلسطينيين وقضيتهم ومشكلاتهم وانقساماتهم وأزماتهم. لكن الأمر ليس مسألة تفاؤل ويأس وربح وخسارة. إنها معركة طويلة ومفتوحة من أجل «التحرر».

لا استسلام
وقال المسؤول الفلسطيني واصل أبو يوسف «نحن لن نستسلم». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الخيارات لم ولن تنضب». وتابع: «سنصل إلى هدفنا النهائي وهو إقامة الدولة المستقلة». ويقر أبو يوسف بتغير العالم والواقع وموازين القوى والفلسطينيين أنفسهم كذلك. لكنه يقول إن القيادة الفلسطينية تعمل الآن على استراتيجية «تستند إلى 3 ركائز، الأولى تفعيل وتسريع محاكمة الاحتلال على جرائمه، واستئناف فوري للمساعي المتعلقة بتقديم مشاريع قرارات ضد إسرائيل في مجلس الأمن والهيئات ذات العلاقة، والثانية، الإسراع بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية وإجراء انتخابات عامة، والثالثة عدم العودة مطلقا لمفاوضات ثنائية ورفض رعاية أميركية منفردة، وفرض مقاطعة شاملة على إسرائيل على المستوى الداخلي والخارجي».
ويرى أبو يوسف أن ذلك يستلزم تطبيقا فوريا لقرارات المجلس المركزي الفلسطيني التي نصت على تحمل إسرائيل لمسؤولياتها إذا لم تقم الدولة الفلسطينية.
ويعني كلام أبو يوسف بالضرورة تسليم المفاتيح لإسرائيل، ما قد يفسر كذلك على أنه دعوة لحل السلطة الفلسطينية، وهو خيار ليس قائمًا حتى اللحظة في حقيقة الأمر، لكنه قد يصبح الوحيد المتاح إذا شعر الفلسطينيون بأنهم دخلوا فعلا في نفق مظلم.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس هدد مرارًا بأنه سيسلم مفاتيح السلطة لإسرائيل إذا ما استمرت في التنكر للحقوق الفلسطينية. وعلى الرغم من ذلك لم يقم عباس بخطوات على هذا الطريق، ولم يغلق نهائيا باب العودة إلى المفاوضات.
ويقول مصدر كبير لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هذا خيارًا، السلطة باقية، لكن على الجميع أن يعرف أنها وجدت لفترة مؤقتة وهدف محدد وهو نقل الفلسطينيين من الحكم الذاتي إلى الاستقلال».
وأضاف: «لا يمكن أن تبقى للأبد وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته بما في ذلك إسرائيل».
وتابع: «القيادة بدأت عمليا في سلسلة إجراءات». في إشارة إلى قرارات المجلس المركزي صعبة التنفيذ.

البوصلة والمخاطر
وكان المركزي وهو أعلى سلطة تشريعية للفلسطينيين في حالة انعقاده قرر العام الماضي تحميل إسرائيل مسؤولياتها كافة تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة كسلطة احتلال وفقًا للقانون الدولي لمسؤولية ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل بكل أشكاله، والتأكيد على أن أي قرار جديد في مجلس الأمن يجب أن يضمن تجديد الالتزام بقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبما يضمن تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال، وتمكين دولة فلسطين من ممارسة سيادتها على أرضها المحتلة عام 1967 بما فيها العاصمة القدس، وحل قضية اللاجئين وفقًا للقرار 194، على أن يتم ذلك تحت مظلة مؤتمر دولي تشارك فيه الدول دائمة العضوية ودول «البركس» ودول عربية، وتتولى اللجنة التنفيذية بالعمل مع اللجنة العربية لتحقيق ذلك.
كما أكد رفضه فكرة الدولة اليهودية والدولة ذات الحدود المؤقتة، وأي صيغ من شأنها إبقاء أي وجود عسكري أو استيطاني إسرائيلي على أي جزء من أراضي دولة فلسطين.
ودعا المركزي إلى «تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية. وأبدى دعمه للمقاومة الشعبية».
لكن قرارات المركزي ظلت حبرا على ورق. مثل بوصلة لم يقدم الفلسطينيون على اتباع الطريق الذي تؤشر إليه، بانتظار نتائج تجربة جديدة (المؤتمر الدولي الذي دعت إليه فرنسا).
أما لماذا لم يقدم الفلسطينيون على تنفيذ قرارات المركزي، فليس ذلك من باب حب التجريب وحسب.
ويقول المحلل السياسي هاني المصري، لأن ذلك «سينشأ سياق جديد يؤدي إلى حل السلطة أو انهيارها أو تغيير وظائفها. فلا يمكن أن تقبل إسرائيل ببقاء السلطة من دون وفائها بالتزاماتها».
ولتجنب انهيار غير مطلوب في هذا الوقت يجد الفلسطينيون أنفسهم مرة أخرى مضطرين لانتظار عقد المؤتمر الدولي للسلام الذي تسعى إليه فرنسا.
ويعد مؤتمر السلام المرتقب آخر فرصة يمكن أن تمنحها السلطة لإسرائيل بعد فشل المفاوضات الثنائية والمفاوضات الأمنية في خلق واقع جديد للفلسطينيين، وحمل إسرائيل على تطبيق الاتفاقات أو جزء منها.

7+2 بدل «حق المورفين» الأميركية
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه الأخير أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل قبل أسبوعين، إنه مع حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطين وفق حدود الرابع من 1967، على أن تكون عاصمتها القدس الشرقية، بما يشمل تبادلية طفيفة ومحدودة بالقيمة والمثل، ومعالجة قضية اللاجئين وفق القرار 194، كما نصت على ذلك المبادرة العربية للسلام.
وخاطب عباس البرلمان الأوروبي قائلا: «إننا نتطلع لرؤيته يتمخض عن انعقاد مؤتمر دولي للسلام، وفقا للقانون الدولي والشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة، ومبادرة السلام العربية، كما اعتمدت في قمة بيروت عام 2002، وخارطة الطريق والاتفاقات الموقعة، وتحديد سقوف زمنية للمفاوضات والتنفيذ، إضافة إلى تشكيل آلية وإطار للمتابعة، مثلا (7+2)، على غرار ما تم مع إيران».
وفي توجه يكشف يأس عباس إلى حد ما من الإدارة الأميركية وتأييده دورا أوروبيا أكبر على حساب واشنطن، «إننا نتطلع إلى الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء وبرلمانه العريق، من أجل استمرار بذل الجهود ولعب دور سياسي ودبلوماسي فاعل، وصولا لحل سلمي عادل ودائم في منطقتنا، وفق حل الدولتين على أساس 1967 وقرارات الشرعية الدولية، فكل من إسرائيل وفلسطين تربطهما مع الاتحاد الأوروبي اتفاقيات شراكة وجوار وعضوية مشتركة في الاتحاد من أجل المتوسط، الأمر الذي يؤهل الاتحاد الأوروبي لكي يلعب هذا الدور، وعلى نحو يحقق الأمن والاستقرار للجميع».
وأثنى عباس على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، موضحًا استمرار العمل لاستكمال بناء المؤسسات، وصولا لتجسيد الاستقلال على الأراضي الفلسطينية، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وموقف عباس هذا من المبادرة الفرنسية جاء على الرغم من أن إسرائيل أعلنت على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو رفضها لها بقوله إن «السبيل الوحيد لإحراز تقدم من أجل سلام حقيقي بيننا وبين الفلسطينيين هو من خلال محادثات مباشرة بيننا وبينهم دون شروط مسبقة»، مضيفا: «لقد أثبتت تجربتنا على مر التاريخ أن من خلال هذه الطريقة فقط حققنا السلام مع مصر والأردن، وأي محاولة أخرى فإنها فقط تبعد السلام أكثر عنّا وتعطي الفلسطينيين فرصة للتملص من التعامل مع لب الصراع وهو عدم الاعتراف بدولة إسرائيل».
وقال أبو يوسف معقبا على موقف الفلسطينيين من المؤتمر المنتظر: «نحن مع مؤتمر دولي قبل نهاية العام بشرط تحقق مسألتين، الأولى تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن والجمعية العامة والثاني فتح أفق سياسي لإنهاء الاحتلال بسقف زمني محدد».
وأضاف: «يجب أن يفهم الجميع أن العهد الماضي ولى. عهد المفاوضات الثنائية والرعاية الأميركية».
ويتهم الفلسطينيون الولايات المتحدة باستخدام سياسة «حقن المورفين» معهم.
وقال القيادي في حركة نبيل شعث: «لن نقبل إبر مورفين على الإطلاق، فالمطلوب هو إنهاء الاحتلال، وأن تكون هناك إجراءات عملية بهذا الاتجاه».
وشرح شعث كيف يريد الفلسطينيون تدخل دولي لكسر الاحتكار الأميركي للوساطة على المسار الفلسطيني - الإسرائيلي. على اعتبار أنه لا يوجد أمل بالأميركيين».
ويتضح من تصريحات عباس مع أول يوم في عيد الفطر أنه ماض ضد الولايات المتحدة وإن بشكل غير مباشر.
ودعا عباس مجلس الأمن الدولي إلى رفض تقرير اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، واصفا إياه بأنه لا يخدم السلام.
وقال عباس في تصريح مقتضب بمناسبة عيد الفطر: «نحن أصدرنا موقفا عن اللجنة الرباعية، وقلنا إنه لا يصلح لأن يكون تقريرا يؤدي مهمة السلام المطلوبة، ولذلك نأسف جدا أن يكون هذا هو الموقف، ونتمنى على مجلس الأمن ألا يؤيد هذا التقرير».
وجاء موقف عباس بعد يومين من تهديد القيادة الفلسطينية بمقاطعة اللجنة الرباعية عقب صدور تقرير عده الفلسطينيون بـ«غير المتوازن».
وموقف عباس هذا بالضرورة يحمل رسائل مهمة لواشنطن التي تتسيد هذه اللجنة بل كانت رسالته أكثر حدة عندما سئل عن بيان جريء للخارجية الأميركية اتهم إسرائيل بإدارة عملية ممنهجة للسيطرة على الأراضي الفلسطينية عبر البناء الاستيطاني، قائلا: «نحن نريد أن يقال على الاستيطان أنه غير شرعي وغير قانوني، ويجب أن ينتهي، وهذا ما نطالب به، وإذا حصل هذا من أي دولة، فأهلا وسهلا به».

لكن ماذا إذا فشل الرهان مجددا على الأوروبيين؟
يتحدث المسؤولون الفلسطينيون عن أفكار مختلفة من بينها حل السلطة، وتبني دولة واحدة ثنائية القومية، وإلغاء الاتفاقات مع إسرائيل بما فيها الأمنية والاقتصادية، وإلغاء اتفاق أوسلو برمته، ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، والبعض يتحدث عن حل الأجهزة الأمنية وتحويل المسؤولية لإسرائيل بهذا الشأن مع بقاء سلطة مدنية، والبعض يدعو إلى مقاومة، وكلها مجرد أفكار إلى جانب أخرى لم يتخذ فيها قرار بعد.
لكن كبير المفاوضين الفلسطينيين وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات وضع دراسة حديثة يمكن القول إنها تشكل «خارطة طريق» القيادة الحالية.

خريطة طريق فلسطينية
ونقل عريقات عن الرئيس عباس طلبه من وزير الخارجية الأميركي الموافقة على عقد مؤتمر دولي للسلام لاستئناف المفاوضات على أساس جدول زمني محدد وبإشراف ومتابعة دوليين، ضمن إطار تشارك فيها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، عدد من الدول العربية، ودول مثل البرازيل، جنوب أفريقيا، الهند، وقوله له إنه إذا كان ذلك غير ممكن بالنسبة للإدارة الأميركية فإنني سأقوم بتنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني بتحديد العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
ورسم عريقات في الدراسة، خريطة طريق للفلسطينيين عبر سؤال، هل ستكون دولة فلسطين على حدود الرابع من عام 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية ضمن الخارطة الجديدة أم لا؟
وقال عريقات «إن أردنا ضمان أن تكون دولة فلسطين على حدود الرابع من عام 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية فعلينا أن نبدأ بتنفيذ برنامج تحديد العلاقات مع سلطة الاحتلال (إسرائيل) وبشكل فوري، وذلك إن أردنا لفلسطين على حدود 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية أن تكون جزءًا من الخريطة الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط. الكلفة قد تكون عالية وباهظة، ولكن مهما كانت كلفة تنفيذ قرارات المجلس المركزي، فإنها ستكون أقل كُلفة من إبقاء الأوضاع على ما هي عليه». وأضاف: «قد يكون من المناسب أن يطرح على جدول أعمال اجتماع المجلس الوطني المقبل دراسة إمكانية ربط اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل باعتراف إسرائيل بدولة فلسطين على حدود 1967».
وأورد عريقات توصيات اللجنة السياسية التي أقرتها اللجنة التنفيذية لمُنظمة التحرير الفلسطينية والمركزي وهي تحديد الحدود الجغرافية لدولة فلسطين بحدود 1967 (الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة)، وقال: «لتحقيق ذلك نبدأ بوقف التنسيق الأمني، إذا ما رفضت سلطة الاحتلال الإسرائيلي إعادة المكانة الأمنية في المنطقتين (أ، ب)، حسب الاتفاقات، ومنع قوات سلطة الاحتلال إسرائيل من دخول مناطق (أ) وطرح مسألة تعليق الاعتراف بإسرائيل لحين اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين، والبدء في التخلي عن اتفاق باريس الاقتصادي بإعادة تحديد العلاقة مع إسرائيل، وفك الارتباط الاقتصادي مع الاحتلال، والتخلي عن الشيقل (العملة الإسرائيلية)، وبناء اقتصاد وطني مستقل، وتبني المقاومة الشعبية الشاملة وحمايتها ودعمها وتعزيز قدراتها، ووضع استراتيجية متكاملة لها، ومواجهة المخططات الاستعمارية الإسرائيلية التي ترسخ مبدأ الدولة بنظامين (الأبرتهايد) لإبقاء السلطة بلا سلطة، وتفعيل المقاطعة الفلسطينية لإسرائيل ومنتجاتها وتعزيز الجبهة الداخلية الفلسطينية عبر استمرار العمل لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، بتشكيل حكومة وحدة وطنية، على أساس برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، تقوم بحل المشكلات المعلقة.

القرار ليس عباسيا وحسب
يتضح مما قاله أبو يوسف وعريقات وشعث أن الاستراتيجية الحالية تقوم على تغيير في آليات التعاطي مع العالم ومع إسرائيل ومع الداخل بعد تجربة طويلة ومريرة ومحبطة.
لكن الأمر ليس بيد عباس وحسب، إذ على الأوروبيين أن يظهروا قوة أكبر في وجه الولايات المتحدة وعلى مجلس الأمن أن يبدي القوة ذاتها في وجه إسرائيل، وعلى حماس أن تبدي الليونة اللازمة في وجه السلطة، وعلى السلطة أن تبدي تنازلات في وجه حماس، وعلى الفلسطينيين أن يدركوا أن العالم لا يقف على قدم واحدة من أجل حل قضيتهم التي تتراجع.
أيضا ثمة تدخل إلهي أحيانا، قد يقلب حسابات الكيانات التي تعتمد على الأشخاص وليس العمل المؤسساتي المنظم.

الدولة الفلسطينية
هي كيان سياسي غير مستقل حاليا، تطالب منظمة التحرير الفلسطينية بإنشائه على جزء من أرض فلسطين التاريخية، في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وهو ما يشكل فعليا 22 في المائة من أرض فلسطين التاريخية.
يمثل مشروع قيام دولة فلسطينية الأول من نوعه في العصر الحديث، وقد أعلنت الدولة مرتين خلال ستين عامًا.
الإعلان الأول:
كان عبر حكومة عموم فلسطين وهي حكومة تشكلت في غزة في 23 سبتمبر (أيلول) 1948، وذلك خلال حرب تقسيم فلسطين 1948 برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي. حيث قام جمال الحسيني بدورة عربية لتقديم إعلان الحكومة إلى كل الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية.
الإعلان الثاني:
كان في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 1988 خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر الذي أقيم في الجزائر على الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.