هاجس الحصار الكامل يروّع الحلبيين عشية عيد الفطر

أجواء العيد غائبة تمامًا عن المدينة بعد قصفها بأكثر من 30 غارة أمس

هاجس الحصار الكامل يروّع الحلبيين عشية عيد الفطر
TT

هاجس الحصار الكامل يروّع الحلبيين عشية عيد الفطر

هاجس الحصار الكامل يروّع الحلبيين عشية عيد الفطر

تخشى وعد (25 عاما)، وهي ممرضة تعمل في مشفى «القدس» في مدينة حلب، ألا تتمكن وعائلتها المكونة من زوجها الطبيب زاهد قاطرجي مدير المشفى وطفلتها الرضيعة التي تبلغ من العمر 6 أشهر ألا يتمكنوا من العودة قريبا إلى منزلهم وعملهم بعدما خرجوا في الساعات الماضية إلى تركيا لإحياء عيد الفطر، فالعمليات الهجومية المستمرة للنظام السوري وحلفائه على منطقة الملاح، والقصف المستمر لطريق الكاستيلو، يهددان بسقوط المنفذ الأخير للمعارضة باتجاه الريف الشمالي، وبالتالي فرض حصار مطبق على سكان الأحياء الشرقية في المدينة.
وتشير وعد إلى أن رحلة الخروج من حلب باتجاه تركيا «لم تكن سهلة على الإطلاق بل محفوفة بالمخاطر، باعتبار أننا استعددنا للمغادرة قبل 4 أيام، ولم نتمكن من سلوك طريق الكاستيلو إلا في اليوم الرابع وكان فارغا بالكامل». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نسمع طوال الوقت أصوات الطائرات الحربية تحلق فوق رؤوسنا وكنا نخشى أن يتم قصفنا في أي لحظة».
وتدور منذ نحو عشرة أيام معارك عنيفة في منطقة مزارع الملاح، تهدف قوات النظام السوري من خلالها إلى التقدم وقطع طريق الكاستيلو، المنفذ الوحيد للفصائل المقاتلة في الأحياء الشرقية لمدينة حلب. وقد صدّت فصائل المعارضة في الساعات القليلة الماضية محاولة من قوات النظام ومسلحي «لواء القدس الفلسطيني» التقدم نحو مواقعها في المدخل الشمالي لمدينة حلب، وسط قصف جوي لقوات النظام على المنطقة.
وقال الناشط الإعلامي خالد القاسم، لوكالة «آرا نيوز»، إن «قوات النظام والميليشيات الموالية لها شنت هجومًا عنيفًا على مواقع المعارضة في محيط مخيم حندرات شمال مدينة حلب، إذ دارت معارك عنيفة بين الجانبين تم التصدي لها وسط أنباء عن تمكن مقاتلي المعارضة من محاصرة قسم من مسلحي لواء القدس الفلسطيني في أحد المباني عند أطراف مخيم حندرات بعد وقوعهم بكمين محكم».
وتصف المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في سوريا، إنجي صدقي، الوضع في حلب بـ«المقلق»، معتبرة أنّه «بالأساس، لا أحد في مأمن بسبب التبادل الكثيف والعشوائي المستمر لإطلاق النار». وتشير إلى أن «فرق اللجنة الدولية تواجه صعوبات متزايدة في الوصول وتقييم الاحتياجات على أرض الواقع بسبب الوضع الأمني القائم». وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن ندرة الوقود تزيد من معاناة أهالي المدينة باعتبار أن ذلك يُسهم في زيادة أسعار السلع الأساسية وانعدام الأمن وإمدادات المياه ونقص الكهرباء»، لافتة إلى أن «البنية التحتية للمياه والكهرباء على حد سواء تعانيان من الهجمات على كلا الجانبين من الخطوط الأمامية»، مؤكدة أنّ «الصليب الأحمر» يقوم بكل ما يقدر عليه للتخفيف من وطأة هذه المعاناة على المدنيين.
وأوضحت صدقي أن اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» «تقوم حاليا بدعم 8 مطابخ جماعية في مدينة حلب والمناطق الريفية بكميات كبيرة من المواد الغذائية والغاز وأدوات الطبخ، بما يكفي لإطعام أكثر من 7066 أسرة شهريا»، لافتة إلى أنّهم يقدمون كذلك الخبز بشكل يومي لـ15200 أسرة في مدينة حلب بشكل أساسي وفي المناطق الريفية.
وتخشى اللجنة الدولية من تمدد انتشار الأمراض في حلب، نظرا لعدم وجود إدارة جيدة للنفايات مع انقطاع المياه، وبحسب صدقي، فإن حلب الأكثر تضررا في سوريا بداء اللشمانيات بحيث تم تسجيل أكثر من 50000 حالة في المدينة.
ويتابع المدنيون العالقون في شبه حصار في الأحياء الشرقية للمدينة، بقلق، الأخبار الواردة عشية عيد الفطر عن احتدام المعارك في منطقة الملاح باعتبار أن سقوط المنطقة سيمهد لفرض حصار كامل عليهم. وتقول وعد في هذا الإطار: «لا أخشى الحصار لو كنت وعائلتي متواجدين داخل حلب، إنما أخشى أن نبقى عالقين خارجها»، لافتة إلى أن «أجواء العيد غائبة تماما عن المدينة التي لم يتمكن أهلها من القيام بالتجهيزات المطلوبة بعدما تم قصف الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة بأكثر من 20 غارة في وقفة العيد، وهو ما دفع السكان لملازمة منازلهم، علما بأن أسعار المواد الغذائية ارتفعت كثيرا أخيرا بسبب المخاطر المحيطة بطريق الكاستيلو وعدم القدرة على إدخال المواد الغذائية والإغاثية بسهولة».
وبحسب الناشط وعضو «مجلس محافظة حلب الحرة» منذر سلال، فطريق الكاستيلو «بات شبه مغلق نتيجة التغطية الجوية وعمليات القصف بالطيران والمدفعية»، لافتا إلى أن «مرور المدنيين كما التجار بات صعبا وخطرا للغاية، ما يؤثر تلقائيا على أسعار المواد الغذائية داخل المدينة»، متحدثا عن «محاولات حثيثة تبذلها المعارضة، سياسية وعسكرية، لفك الحصار وتأمين طريق الكاستيلو». وقال سلال لـ«الشرق الأوسط»: «عشية العيد يمكن الحديث عن انعدام الأمان وقلة المواد الغذائية والإغاثية وترقب من قبل المدنيين المفاجآت التي يعد لها بشار الأسد، باعتباره عودنا أن يبعث لنا بعيدية من البراميل المتفجرة والمجازر».
ولم تهدأ جبهات القتال في حلب قبل ساعات قليلة من آخر أيام عيد الفطر، إذ أفاد ناشطون بـ«شن طائرات النظام الحربية أكثر من ثلاثين غارة جوية}.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.