قافلة مساعدات إلى مناطق سيطرة الأكراد في حلب

المعارضة السورية تتهم الهيئات الإغاثية بالتواطؤ

قافلة مساعدات إلى مناطق سيطرة الأكراد في حلب
TT

قافلة مساعدات إلى مناطق سيطرة الأكراد في حلب

قافلة مساعدات إلى مناطق سيطرة الأكراد في حلب

اتهمت المعارضة السورية بعض الهيئات الإغاثية بـ«التواطؤ مع النظام، عبر حصر المساعدات الإنسانية بمناطق نفوذ قوات النظام وحلفائه، وحرمان المناطق المحاصرة منها، خصوصًا حليب الأطفال الأكثر ضرورة».
ولقد دخلت قافلة مساعدات إغاثية لأول مرّة، حي الشيخ مقصود في مدينة حلب، الخاضع لسيطرة الحزب الديمقراطي الكردي أمس، وهي تحمل مساعدات غذائية. وأفاد ناشطون أن القافلة دخلت الحي المذكور برعاية الأمم المتحدة، عبر مناطق سيطرة قوات النظام. وتابع ناشطون أن 25 سيارة محملة بالمساعدات الإغاثية «وصلت إلى حي الشيخ مقصود الخاضع لسيطرة ميليشيا (قوات سوريا الديمقراطية) ذات الغالبية الكردية عبر مناطق سيطرة قوات الأسد وصولا للحي وبرفقة وفد كبير من الأمم المتحدة». وأعلنوا أن «القافلة دخلت من معبر الجزيرة الواصل بين مناطق الحزب الكردي ونظام الأسد، وهي تحمل نحو 16 ألف حصة غذائية ومواد تنظيف، ليتم توزيعها على أهالي المنطقة البالغ عددهم قرابة الثلاثة آلاف عائلة».
الناشط المعارض في حلب عبد القادر علاف، اعتبر أن «المساعدات التي وصلت إلى حي الشيخ مقصود، دخلت برعاية وحماية النظام السوري، ما يعني أنها وصلت للنظام نفسه»، لافتًا إلى أن «المستفيد الوحيد منها قوات الأسد والميليشيات الكردية التي كانت أجبرت سكان الحي من العرب على مغادرته بعد المضايقات التي تعرضوا لها»، متهمًا هيئات الإغاثة الدولية بـ«التواطؤ مع الهلال الأحمر السوري التابع للنظام، عبر إيصال هذه المساعدات لمناطق نفوذ النظام، وحرمان المدن والبلدات المحاصرة منها».
وللدلالة على التعامل بمعايير مختلفة، قال علاف: «هذه السياسة متبعة في كل المناطق المحاصرة، حيث يستولي النظام على 90 في المائة من المواد الغذائية المخصصة أصلاً للأهالي المحاصرين، بينما لا يصل إلى محتاجيها سوى 10 في المائة منها»، لافتًا إلى أن «كثيرا من المواد التي تدخل مناطق المعارضة غير ضرورية، والمثال على ذلك، أن المساعدات الأخيرة التي أدخلت إلى مضايا، هي عبارة عن (ناموسيات) واقية من البعوض، وحبوب منع الحمل، في حين سُحب حليب الأطفال والمعلبات والأرز والسكر وغيره من المواد الأساسية».
الناشط في حلب كشف عن أن «أكثر من 50 مؤسسة دولية رفعت عريضة تحذر فيها من التعامل مع الهلال الأحمر، باعتباره ليس شريكًا محايدا بين الأطراف، إنما هو شريك فعلي للنظام». أضاف علاف: «أغلب الكراتين الموجودة في محلات البقالة موسومة بطابع هيئات الأمم المتحدة الإغاثية، حيث يستولي عليها عناصر النظام من القوافل المخصصة للمحاصرين، ويبيعونها في السوق السوداء، وبعضها يهرّب إلى مناطق المعارضة لبيعها بأسعار مرتفعة جدًا».
هذا، وتعتبر هذه الشحنة هي الأولى التي تدخل منذ سنوات كثيرة إلى حي الشيخ مقصود، الذي كان تحت سيطرة فصائل المعارضة، قبل أن تعمل «قوات سوريا الديمقراطية» على طرد الفصائل من الحي وفتح معبر رسمي مع مناطق سيطرة قوات الأسد بشكل دائم. وتتهم المعارضة قوات الحزب الديمقراطي الكردي (PYD) بالاتفاق مع النظام على «قصف طريق الكاستيلو وقطع الإمداد عن الأحياء المحررة في مدينة حلب بشكل كامل، بمساندة الطائرات الروسية واستهداف العابرين هذا الطريق من تلة الشيخ يوسف ومنطقة حندارت».
وقال عماد داود، رئيس المجلس المحلي المشترك في حي الشيخ مقصود، إن «قافلة مساعدات مقدمة من الأمم المتحدة، دخلت عصر أول من أمس إلى الحي، بحماية من ميليشيا (وحدات حماية الشعب الكردية) التي تسيطر على الحي، وبتنسيق بين مكتب المنظمة ومجلس الحي»، مشيرًا إلى أن «القافلة محمّلة بمواد غذائية وقرطاسية، ستوزع على جميع العائلات في الحي تحت إشراف لجنة الإغاثة المعتمدة من قبل المجلس». وأضاف: «تلقينا وعودًا بإدخال قافلة أخرى مؤلفة من 23 شاحنة خلال الأيام المقبلة»، مشيرا إلى أن «الحصار الذي تفرضه الفصائل العسكرية وقوات النظام كان السبب الرئيسي لدخول المساعدات، حيث تمنع هذه الجهات دخول المواد الغذائية والطبية إلى الحي». وعن الوضع المعيشي في حي الشيخ مقصود، أوضح داود أن «الحصار المفروض سبب نقصًا في المواد الطبية والغذائية، كما تراجعت الخدمات فيه إثر انقطاع المحروقات والتيار الكهربائي منذ أربع سنوات، إضافة إلى توقف عملية التعليم وإغلاق المدارس».
من ناحية ثانية، كانت الأمم المتحدة أعلنت أول من أمس (الخميس)، أنها «ستقيم جسرا جويا بين دمشق ومدينة القامشلي بشمال شرقي سوريا، التي يصعب حاليا الوصول إليها برا ويحتاج سكانها إلى مساعدات عاجلة». وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة لسوريا يعقوب الحلو في جنيف: «إننا على وشك إقامة جسر جوي بين المدينتين ما سيتيح إنقاذ حياة عدد كبير من الأشخاص». ومن جهتها، قالت بتينا لوشر، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الذي سيشرف على العملية، إنه «ليس من الممكن الوصول برا إلى مدينة القامشلي الواقعة قرب الحدود مع تركيا، وبذلك ستسمح كل رحلة من الرحلات المقررة في يوليو (تموز) وعددها 25 بنقل 40 طنًا من المساعدات على أن تبدأ العملية في الأيام المقبلة»، مشيرة إلى أن «70 في المائة منها مواد غذائية ستنقل إلى مطار يقع قرب القامشلي قبل توزيعها على سكان المدينة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.