تداعيات سلبية لخروج بريطانيا في الولايات المتحدة.. وأوباما: علاقتنا مع لندن لن تتأثر

نتائج «الاستفتاء» تعطي دفعة لحملة دونالد ترامب للوصول إلى البيت الأبيض

دونالد ترامب يهنئ البريطانيين على تصويتهم لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي أمس في اسكتلندا (أ.ف.ب)
دونالد ترامب يهنئ البريطانيين على تصويتهم لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي أمس في اسكتلندا (أ.ف.ب)
TT

تداعيات سلبية لخروج بريطانيا في الولايات المتحدة.. وأوباما: علاقتنا مع لندن لن تتأثر

دونالد ترامب يهنئ البريطانيين على تصويتهم لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي أمس في اسكتلندا (أ.ف.ب)
دونالد ترامب يهنئ البريطانيين على تصويتهم لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي أمس في اسكتلندا (أ.ف.ب)

أثارت نتائج الاستفتاء الذي أجري في بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي اضطرابات سياسية واقتصادية في جميع أنحاء العالم، وأطلقت الكثير من الجدل والتساؤلات حول التداعيات ومستقبل الاتحاد الأوروبي كما أطلقت عاصفة من التقلب في الأسواق المالية.
وتوقع جميع المحللين حدوث هزة في الاقتصاد الأميركي واضطرابات في أسواق الأسهم إضافة إلى تراجع النفوذ الدبلوماسي الأميركي في أوروبا وتأثير أكبر على الشركات الأميركية التي تعمل في أوروبا وفي بريطانيا بشكل خاص. وثارت تساؤلات ومخاوف حول احتمال أن يؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى عدم استقرار داخله، واحتمالات اتجاه دول أوروبية أخرى إلى إجراء استفتاء مشابه، واحتمالات أن ينهار المشروع الأوروبي بالكامل.
وشدد الرئيس الأميركي باراك أوباما على أن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي لن يؤثر على العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وبريطانيا، وقال أوباما في بيان أصدره البيت الأبيض: «لقد تحدث الشعب البريطاني وعلينا أن نحترم قرارهم، والعلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هي علاقة دائمة، وستبقى عضوية المملكة المتحدة في حلف شمال الأطلسي حجر زاوية حيويا للسياسات الخارجية للولايات المتحدة والأمن والسياسة الاقتصادية».
وأشار أوباما إلى أن العلاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أدت إلى تعزيز الاستقرار وتحفيز النمو الاقتصادي وتشجيع نشر القيم والمبادئ الديمقراطية في جميع أنحاء القارة وخارجها. وقال: «المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي سيبقيان شريكا لا غنى عنه للولايات المتحدة لضمان الاستقرار والأمن والازدهار لأوروبا وبريطانيا العظمي وآيرلندا الشمالية والعالم». وعلى نفس المسار أكد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن على متانة العلاقة بين البلدين وعلى احترام قرار الشعب البريطاني. ووصفت بعض وسائل الإعلام الأميركية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بـ«تسونامي أوروبي»، وأشارت إلى تجاهل البريطانيين لخطابات الرئيس الأميركي باراك أوباما المشجعة للبقاء في الاتحاد، كما ألقت على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون عبئا اقتصاديا محتملا سيكون له تأثير سلبي على حملتها الانتخابية.
وقد أعربت كلينتون خلال حملاتها الانتخابية عن أنها تأمل أن تبقي بريطانيا في الاتحاد الأوروبي فيما اتخذ المرشح الجمهوري دونالد ترامب موقفا معاكسا، قائلا إنه يريد مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي من الجانب السياسي، ستكون احتمالات دخول الاقتصادي الأميركي في حالة ركود خطرا على حظوظ المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي تعول على تحسن الاقتصاد خلال بقية العام الحالي لمساعدتها على الوصول للبيت الأبيض. وسيكون دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود بمثابة الهدية السياسية لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي سيمارس مزيدا من الضغط والانتقادات لسياسات أوباما وكلينتون.
ووصف المرشح الجمهوري دونالد ترامب صباح الجمعة نتائج التصويت بأنه «شيء عظيم»، مشيرا للصحافيين - في افتتاح منتجع للغولف يملكه في اسكتلندا – إلى أن البريطانيين استعادوا السيطرة على بلادهم بعد تصويتهم لمغادرة الاتحاد الأوروبي، وأضاف: «ما حدث كان لا بد له أن يحدث لتكون بريطانيا أقوى». وأشار ترامب إلى أن هناك تشابها بين ما حدث في بريطانيا وبين حملته الانتخابية. وقال: «الناس يريدون أن يروا الحدود آمنة ولا يريدون أن يروا الناس تتدفق على بلادهم ولا يعرفون من هم ومن أين أتوا»، وأشار ترامب إلى أن دعوات أوباما للبريطانيين بالبقاء في الاتحاد الأوروبي جاءت بنتائج معاكسة نكاية من البريطانيين فيه، وقال: «أوباما مسؤول جزئيا عن النتيجة، فهو يملي باستمرار للناس ما ينبغي أن يفعله العالم والعالم لا يستمع له»، كما انتقد هيلاري كلينتون واتهمها بقراءة خاطئة للأوضاع، ووجه ترامب أيضا انتقادات لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قائلا إنه لم يفهم مزاج شعب بلاده بشكل جيد.
ويشير المحللون إلى أن تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي يحمل دلالات على احتمالات فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث يتشارك كل من أنصار ترامب والبريطانيين الذين صوتوا صالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في الإحساس بالغضب والاستياء إزاء الوضع الراهن والرغبة في حل جذري لتغييره ويتشاركان في المخاوف حول أمن الحدود والسيادة الوطنية والصفقات التجارية والرغبة في التغيير وهي الأوتار التي يعزف عليها ببراعة المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
من الجانب الأمني والمصالح الأمنية الاستراتيجية الأميركية، يقول المحللون إن قرار بريطانيا ترك الاتحاد الأوروبي سيكون له انعكاسات على حلف شمال الأطلسي وعلى العلاقات مع الولايات المتحدة التي طالما كانت في أقرب علاقة لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع المملكة المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية. وحين تكون العلاقات متوترة بين أوروبا والولايات المتحدة، كان صناع السياسة الأميركيون يتحدثون عن قدرة بريطانيا على لعب دور وسيط ونقل رسائل إلى مختلف العواصم الأوروبية. وتعني هذه «العلاقة الخاصة» أن هناك تبادلا غير مسبوق لمعلومات استخباراتية وتعاونا في مجال الدفاع. كما يوجد نحو 800 جندي بريطاني في أميركا يخدمون في جميع أفرع الجيش الأميركي. وقد حذر الأمين العام لحلف الناتو ينس شتولتنبرغ في بداية الأسبوع الماضي من أن دور بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أمر حاسم لمكافحة الإرهاب.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».