في معرض «بيتي أومو».. ديناميكية «نفش الريش» تتقوى وتزيد لحسابات كبيرة

ظاهرة نرجسية تتحول إلى تجارة ناجحة

مجموعة من حضور المعرض يلتقطون «سيلفي» - شاركت في المعرض ما لا يقل عن 1200 ماركة عالمية تخاطب كل الأذواق والأعمار - حتى زوار المعرض يمتثلون للأناقة التي يفرضها على الكل - من زوار المعرض
مجموعة من حضور المعرض يلتقطون «سيلفي» - شاركت في المعرض ما لا يقل عن 1200 ماركة عالمية تخاطب كل الأذواق والأعمار - حتى زوار المعرض يمتثلون للأناقة التي يفرضها على الكل - من زوار المعرض
TT

في معرض «بيتي أومو».. ديناميكية «نفش الريش» تتقوى وتزيد لحسابات كبيرة

مجموعة من حضور المعرض يلتقطون «سيلفي» - شاركت في المعرض ما لا يقل عن 1200 ماركة عالمية تخاطب كل الأذواق والأعمار - حتى زوار المعرض يمتثلون للأناقة التي يفرضها على الكل - من زوار المعرض
مجموعة من حضور المعرض يلتقطون «سيلفي» - شاركت في المعرض ما لا يقل عن 1200 ماركة عالمية تخاطب كل الأذواق والأعمار - حتى زوار المعرض يمتثلون للأناقة التي يفرضها على الكل - من زوار المعرض

عندما قال الفنان أندي وورهول في الستينات، إنه سيأتي يوم يصبح فيه أي واحد منا مشهورا ولو لـ15 دقيقة، لم يكن يتصور أحد أن هذه الجملة ستتحول إلى حقيقة وثقافة يجري العمل بها في عصرنا.
فإضافة إلى برامج الواقع التي غزت التلفزيونات وحولت كثيرا من الناس إلى نجوم يحققون الملايين من الأرباح، فإن الموضة أيضا أصبحت مسرحا لكل من يحلم بالشهرة ولو لدقائق، وهو أمر يؤكده معرض «بيتي أومو» الفلورنسي، إلى حد القول إنه من يُروج لهذه الثقافة التي خرجت من أصبحوا يعرفون بـ«الطواويس».
ما لا يختلف عليه اثنان أن فلورنسا واحدة من أجمل المدن في العالم. فكل شارع فيها يعبق بالفن، وفي كل ركن من أركانها تكتشف منحوتات أو رسمات يعود بعضها إلى القرون الوسطى، ولا تستغرب أيضًا أن تصادفك حفلة أوبرا في الهواء الطلق لم تكن في الحسبان. لهذا لا تخف من أن تضيع بين أزقتها وحواريها القديمة، لأنك ستكتشف بالصدفة، ساحات مخفية تكتنز تحفا ومفاجآت لم تكن تخطر على بالك.
لكن فلورنسا برهنت على مدى عقود، أنها ليست فنا فحسب، بل أيضا موضة، إلى حد أن سكانها يفخرون بأن الموضة الرجالية، بمفهومها الحالي، انطلقت من عندهم في الخمسينات من القرن الماضي ومهدت الطريق لتنظيم معرض «بيتي أومو» الذي يحتفل بدورته الـ90 هذا العام. صحيح أن غريمتهم، ميلانو دخلت على الخط بتخصيصها أسبوع موضة رجالي لا يستهان به، لا سيما وأن معظم المصممين المشاركين فيه معلنون كبار يفرضون وجودهم كما يفرضون على وسائل الإعلام حضوره، إلا أنها لم تنجح في سحب البساط من معرض «بيتي أومو». فهذا الأخير يتمتع باستقلالية أكبر، ما أكسبه مكانة لم تهتز طوال سنواته. ولا شك أنه في هذه الدورة يعرف انتعاشا ملموسا تعززه التغييرات التي تشهدها أسابيع الموضة عموما، والموضة الرجالية خصوصا. فالقرار الذي اتخذته بيوت الأزياء، مثل «بيربري» و«غوتشي» وغيرهما بدمج عروضها النسائية والرجالية، يصب في صالحه. ويرى المنظمون أنه يختلف في ثقافته وشخصيته عما تقدمه ميلانو ولندن وباريس للرجل، كونه عبارة عن معرض مفتوح يضم ما لا يقل عن 1200 ماركة عالمية تُعنى بكل ما يحتاجه الرجل من أساسيات وتفاصيل. وهذا ما يجعله مهما بالنسبة لصناع الموضة، من مبدعين ومصممين إلى تجار وأصحاب محلات وغيرهم. لكن شاء المنظمون أم أبوا، فهو يدين بشهرته العالمية أساسا لعشاق الموضة من الذين وجدوا فيه مسرحا مفتوحا يستعرضون فيه عشقهم هذا على الملأ، من دون قيد أو رقيب.
من هنا ولد مفهوم «الطواويس» و«نفش الريش» الذي يعني في لغة الموضة، رجالا يعانقون ألوان قوس قزح، وتصاميم محددة على الجسم، من دون أن يُقصروا في استعمال الإكسسوارات التي تُكمل مظهرهم وتزيد من جاذبيتهم، سواء تعلق الأمر بمنديل الجيب أو القبعات أو الأحذية المبتكرة التي تظهر بوضوح، نظرا لأن البنطلونات تكون في الغالب قصيرة أو مثنية. للوهلة الأولى، يعطون الانطباع، بأنهم مجرد طواويس ينفشون ريشهم في ساحة المعرض، حيث يتموضعون بشكل لافت وهم على أتم الاستعداد لالتقاط صور لهم، بيد أنهم في الحقيقة أفضل من يُترجم ما نراه على منصات العروض من جنون على أرض الواقع. يأخذون ما يناسبهم ويطوعونه بأسلوب لا يخلو من الجرأة ليصبح على أيديهم مقبولا، بل ويمكن للرجل العادي أن يقتدي به إلى حد ما. لهذا ليس غريبا أن تتحول فلورنسا في شهري يناير (كانون الثاني) ويونيو (حزيران) من كل عام، إلى وجهة كل من يعشق الألوان ولفت الانتباه. فالموضة الرجالية تحديدا، باتت تحتاج إلى نظرة قادرة على التمييز بين الجنون والفنون، بعد أن أصبح الخيط بينهما رفيعا للغاية.
في الماضي كان عشاقها يحضرون أسابيعها ومعارضها لمتابعة ما سيجود به المصممون من إبداعات، أما الآن فقد أصبح كثير منهم يحضرونها للتسويق لأنفسهم واستعراض ما يلبسونه، سواء كان ما يلبسونه أنيقا يعطي ترجمة أوضح عن كيف يمكن تطويع ما نراه على منصات العرض، أو مجرد تقليعات غريبة تستجدي جلب الأنظار وحسب.
يدافع البعض بأن هذه الظاهرة، التي بتنا نراها سافرة في السنوات الأخيرة، ليست وليدة اليوم، وبأن جذورها مغروسة في ثمانينات القرن الماضي، حيث تزامنت مع صدور مجلات مثل «آي دي» التي تأسست على فكرة نشر صور أشخاص عاديين في الشوارع. ظاهرة شجعها مصورون فوتوغرافيون لأنها خلقت لهم فرص عمل جديدة، لا سيما أن كثيرا منهم اكتشفوا أن التقاط صورة لأشخاص عاديين بأزياء، سواء كانت أنيقة أو غريبة، مُربحة أكثر من التقاط صور كائنات حية أو صور حرب وغيرها.
الفرق بين العملية في الماضي والحاضر، أنها كانت أكثر عفوية وغير تجارية. كان المصورون حينذاك يتصيدون وصول ضيفات أنيقات لا رغبة عندهن في جذب الأضواء، إلى حد أن بعضهن كن يتفاجأن ولا يفهمن سبب اهتمام المصورين بهن وبما يلبسنه، فيما كانت بعضهن تستنكرنه. أما الآن، فأغلبية الضيوف، رجالا ونساء، يسعون إلى هذا الاهتمام بكل الوسائل. وحتى يعطوا الانطباع أن الصورة عفوية ولا يد لهم فيها، يتظاهرون إما بأنهم على هواتفهم النقالة، أو أنهم مشغولون بإرسال رسائل إلكترونية، بينما عيونهم تدور في كل الجوانب باحثة عن مواقع «الباباراتزي»، وكل جوارحهم تتمنى أن يستوقفهم أحدهم لالتقاط صورة يمكن أن تظهر على صفحات مجلة يقومون بنشرها على حسابهم في الـ«إنستغرام» مباشرة. والدليل أنه بعد أن يلتقط المصور الصورة يتم تبادل بطاقات التعارف للتأكد من صحة الاسم عند نشره، والعنوان الذي سترسل إليه صفحة المجلة. تطور الأمر بالنسبة لمن لم يعد لهم صبر في البقاء تحت رحمة المصورين، فصاروا يتعاقدون مع مصورين خاصين يرافقونهم في هذه المناسبات لالتقاط صور احترافية ينشرونها في مواقعهم الخاصة أو يوزعونها على مواقع أخرى.
إذا كنت من الجيل القديم، فربما سينتابك شعور بالشفقة نحوهم وأنت تتابع هذا المنظر، لكن الحقيقة أنهم لا يحتاجون إلى هذه الشفقة، لأن الكثير منهم حولوا الاستعراض، أو بالأحرى هذه الاستماتة إلى لفت الأنظار، إلى مهنة يحصلون من ورائها على مبالغ طائلة. فهم الآن يحضرون هذه المناسبات في سيارات فخمة كما لو كانوا نجوما من الدرجة الأولى. الحديث هنا طبعا عمن أصبحوا يُعرفون بنجوم موضة الـ«ستريت ستايل» أو «الإنفلونسرز»، الذين تتسابق بيوت الأزياء على التعاون معهم لقاء مبالغ يحددونها. لكن ليس كل المصممين لديهم القدرة على دفع مبالغ كبيرة لهم، وبالتالي فإن العملية تقتصر على هدايا تتمثل في أزياء يظهرون بها في هذه المناسبات، وينشروها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبالفعل، أكدت التجارب أن ظهورهم بقطعة مثيرة أو أنيقة، يمكن أن يكون له مفعول السحر، وأكثر تأثيرا من إعلان يصوره مخرج سينمائي محترف ويكلف الآلاف. لهذا من الطبيعي أن تتغير ديناميكية العملية وتفقد عفويتها لتخضع لحسابات تتطلبها السوق عموما والثقافة الحالية. ثقافة تهلل للصورة وتشجع الكل على أن يصبح نجما ولو لدقائق، وهكذا تحول ما بدأ في الثمانينات كحركة ديناميكية وعفوية، تهتم بأشخاص عاديين يطوعون الموضة حسب أسلوبهم وحياتهم بغض النظر عن الماركة أو الأسعار، إلى حركة تجارية وتسويقية محضة، من خلال صور تكون أحيانا مفبركة أو مصورة باحترافية عن سابق قصد وترصد. ولم لا؟ فحتى أندي وورهول كان يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، والغاية هنا تعني عقود تجميل أو تعاونات مع بيوت أزياء عالمية بمبالغ خيالية، مثل كارولاين إيسا، التي ظهرت في حملة إعلانية لشركة «جي كرو» الأميركية في عام 2012 إلى جانب أخريات.
المدرسة القديمة، والمقصود هنا وسائل الإعلام الرصين وزبونات الجيل القديم، لا تزال تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها مجرد سيرك تحركه الفوضى، ولا بد من تقنينه وترتيبه. لكن نجوم هذه الظاهرة يرون أن الزمن زمنهم، وعليهم اقتناص الفرص المتاحة أمامهم، وإلا فاتهم القطار وتركوا حصتهم لغيرهم. ما يشجعهم أن مجلات براقة كثيرة تقبلتهم، وباتت تخصص لهم عددا من صفحاتها، كما لم تعد تُطلق عليهم لقب «مدونين»، بل لقب «إنفلونسرز» Influencers، أي مؤثرين، وتطلب ودهم بتخصيص إما زوايا يدلون بدلوهم فيها عن الموضة، أو جلسات تصور أسلوبهم مع مقابلات عن حياتهم و«إنجازاتهم». وهي بالفعل إنجازات بالنسبة لبعض المدونين المتخصصين، مثل سوزي لو، صاحبة مدونة «ستايل بابل»، التي تنال كثيرا من الاحترام لمهنيتها الصحافية، إلى حد أنها لم تعد تحتاج لالتقاط صور للتعريف بنفسها. الجميل فيها أنها استغلت شهرتها للتعريف بالمصممين الصاعدين، الذين تفضل أن تلبس تصاميمهم في المناسبات المهمة. نجاحها حفز كثيرات من بنات جيلها على تقليدها. وعلى الرغم من أنها لا تخاف من مزج ألوان صارخة ونقشات متضاربة، فإن قوتها تكمن في كتابتها. مثلها باندورا سايكس، وهي مدونة ومتعاونة مع مجلة «ستايل» التابعة لـ«صنداي تايمز». فهي تتقن فن استعراض ما تلبسه بأناقة، كما أن لها أسلوبا صحافيا يفتقده كثير من هؤلاء «الإنفلونسرز» الذين يعتمدون على الصورة وحدها.
الآن قد تصل تغريدة واحدة إلى ملايين المتابعين، الأمر الذي يفسر أن سعرها قد يصل إلى 10 آلاف جنيه إسترليني، ويؤكد أن «نفش الريش» لم يعد عملا نرجسيا فحسب، بل مشروعا تجاريا ناجحا. لهذا يمكن القول إن وجود طواويس «بيتي أومو» في فلورنسا، وتموضعهم الاستراتيجي لجذب أنظار المصورين، ليس اعتباطا، بل وراءه أهداف وآمال كبيرة.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.